كانيدا.. وصية غوارديولا الذهبية للاتحاديين

المدرب الإسباني انتشل الفريق السعودي من الأزمة في أحلك الظروف

TT

لا يتحدث كثيرا أثناء سير المباريات، يفضل الصمت ويدع الحديث للاعبي فريقه. يضع المدرب الإسباني لفريق الاتحاد راؤول كانيدا يدا فوق الأخرى ويمسك بذقنه ليفكر بصمت دون إزعاج لمن هم حوله تماما كعمالقة التدريب في العالم.

المدرب الإسباني المغمور، الذي جاء في وقت يمر النادي خلاله بظروف صعبة، نجح في انتشال فريقه من الضياع الفني بشكل نسبي، وهو يتقدم للأفضل مع مرور الوقت لينجح في إبعاده عن الخسارة طيلة هذه الفترة التي قاد الاتحاد فيها والتي بدأت منذ منتصف الموسم الماضي، حيث اعتاد الاتحاديون على الفوز والتعادل، متناسين مسمى الخسارة مع كانيدا، الأمر الذي جعل صناع القرار يسارعون إلى التجديد للمدرب الذي برز اسمه، وبدأت قصة العشق بينه وبين جماهير الاتحاد تنمو أكثر عن السابق لتعلن الإدارة بشكل رسمي خلال الأيام الماضية تجديد عقد الإسباني لثلاثة مواسم مقبلة.

ولد راؤول كانيدا في 21 يناير (كانون الثاني) 1969 بإسبانيا، لم يكن عملاقا في عالم التدريب ولا صاحب مسيرة طويلة، بل هي بضع سنوات وأندية لا تتجاوز عدد إصبع اليد الواحدة أشرف عليها، لكنه يعشق التدريب ويعمل بإخلاص. انطلاقة كانيدا في عالم التدريب مغايرة لبداية معظم المدربين، حيث كانت التجربة الأولى خارج محيط بلاده (إسبانيا)، وذلك عبر بوابة نادي دي سينالوا المكسيكي في موسم 2005 / 2006 ليعود بعدها إلى وطنه، وأشرف على فريق ريال سوسيداد في موسم 2008 / 2009 قبل أن ينتقل لتدريب فريق ألميريا الإسباني في موسم 2009 / 2010، وبعد أن تم إلغاء عقده مع ألميريا ظل كانيدا لموسم دون عقد تدريبي، قبل أن يتجه إلى منطقة الخليج عبر بوابة الاتحاد بتوصية من مدرب برشلونة السابق الإسباني غوارديولا الذي يرى فيه مدربا لم يظهر إمكانياته بعد.

حضر كانيدا للاتحاد عقب سلسة مدربين تعاقبوا على تدريبه، وعاش خلال هذه الفترة وضعا مغايرا لما كان عليه الاتحاد منذ بداية الألفية الجديدة التي فرض فيها سيطرته على البطولات المحلية إلى جوار فريق الهلال، إضافة إلى تحقيقه لقب دوري أبطال آسيا مرتين في تلك الفترة. وفي موسم 2009 / 2010 تعاقب على تدريب الاتحاد ثلاثة مدربين، كانت الفترة الأطول للأرجنتيني كالديرون الذي تمت إقالته عقب مشوار سيئ للفريق، ليكون البديل في ذاك الموسم المدرب الوطني حسن خليفة، قبل أن يحضر الأرجنتيني إنزو هيكتور الذي لم يلبث طويلا ليودع الفريق مع نهاية الموسم، ويحضر بديله البرتغالي الشهير على مستوى الكرة العربية مانويل جوزيه، وذلك مع انطلاقة موسم 2010 / 2011، لكنه لم يمكث طويلا بعد أن قدم استقالته احتجاجا على تجاوزات لم يرضَها من لاعبي فريقه بحسب أحاديثه حينها، ليكون البديل مواطنه توني أوليفيرا قبل أن تتم إقالته ليخلفه العجوز البلجيكي ديمتري الخبير بالشأن الاتحادي الذي استمر حتى بداية الموسم الماضي 2011 / 2012 قبل أن يتم إلغاء عقده، لتعلن الإدارة عن بديل مؤقت هو السعودي عبد الله غراب، قبل أن يتم التعاقد السلوفيني ماتياس كيك الذي لم يستمر بعد أن قدم مستويات غير مرضية لطموحات الاتحاد، ليتم إعادة غراب قبل أن تحضر الإدارة المدرب الإسباني راؤول كانيدا ليكون رجل المرحلة المقبلة في الاتحاد. ونجح الإسباني في قيادة فريقه بهدوء للتأهل بجدارة إلى دور الثمانية في مسابقة دوري أبطال آسيا، بعدما تجاوز دور المجموعات محتلا صدارة مجموعته الثانية التي ضمت إلى جواره بني ياس الإماراتي وباختكور الأوزبكي والعربي القطري، وذلك بخمسة انتصارات وتعادل وحيد، ليطير إلى دور الستة عشر لملاقاة بيروزي الإيراني على أرضه وبين جماهيره، وينجح في تجاوزه بثلاثية نظيفة ليذهب إلى دور الثمانية في البطولة، وتقوده القرعة لملاقاة غوانزو الصيني ذهابا في جدة وإيابا في الصين، لينجح في تجاوز الاختبار الأول الذي أقيم الأسبوع قبل الماضي في جدة، حيث انتهت المباراة بأربعة أهداف اتحادية مقابل هدفين للفريق الصيني.

كانيدا والاتحاد قصة طموح وإثبات للذات بالنسبة لمدرب حديث عهد في عالم التدريب، ويسعى لكتابة اسمه بماء الذهب وإرضاء طموحاته الكبيرة، وذلك على غرار الكثير من المدربين العالميين الذين كانت بدايتهم عبر بوابة الخليج، كالبرازيلي لويس فيليب سكولاري الذي بدأ مشواره عبر أندية برازيلية قبل أن يأتي إلى السعودية لتدريب فريق الشباب موسم 1985، ليضع بعدها بصمته في منطقة الخليج مع منتخب الكويت، ثم فريق الأهلي، قبل أن ينطلق لعالم الشهرة العالمية عبر بوابة البرازيل والبرتغال، ثم فريق تشيلسي الإنجليزي، إضافة إلى المدرب البرازيلي كارلوس ألبريتو بيريرا الذي كانت له صولات وجولات في الثمانيات الميلادية عبر منتخبات الخليج، منها المنتخب السعودي، قبل أن يقود منتخب بلاده البرازيل عامي 1994 و2006، وعددا من الفرق العالمية.

ولكانيدا فلسفة خاصة مشابهة في مضمونها لفلسفة المدرب الإسباني غوارديولا الذي قاد برشلونة لثورة كروية غيرت المفاهيم الاعتيادية التي نشأنا عليها، وذلك من حيث اللعب الجماعي الذي يجعل كل لاعبي الفريق قادرين على هز شباك المنافس، حيث يقول كانيدا ردا على الانتقادات التي طالته من بعض الجماهير، كونه يلعب بخطة 4 / 5 / 1 عقب أن كان الاتحاد يلعب بطريقة 4 / 4 / 2: «لا أعتقد أن هناك كرة قدم هجومية أو دفاعية، فهناك لاعبون يجب أن تلعب وفق مستوياتهم، ونتائجنا جيدة وفق هذه الخطة، فمنتخب إسبانيا حصل على بطولة كأس العالم دون أي مهاجم صريح».

وتحدث كانيدا عن الاتحاد في تصريح فضائي لصالح برنامج «صدى الملاعب» الذي يعرض على قناة «إم بي سي»، قائلا: «هو بالنسبة للسعودية كفريق برشلونة أو ريال مدريد، وأنا أسعى معه لتحقيق كبرى البطولات والألقاب».

والسؤال الافتراضي الذي لا يبحث عن إجابة حالية، بل ستجيب عنها الأيام المقبلة، هو: هل يكون كانيدا بالنسبة للاتحاد كمدرب برشلونة غوارديولا أو مدرب ريال مدريد مورينيو، ويصنع اتحادا قويا منافسا على كل الألقاب والبطولات التي يشارك فيها؟ هذا ما تنتظره الجماهير الاتحادية من مدربها الحالي.