قصة النصر والمحترفين الأجانب.. تخبط وملايين مهدرة.. و«مقالب»!

مانسو آخر الراحلين.. المطوع الأفضل.. ولي تشن سو «هرب ولم يعد»

TT

«الفكر يسبق المال»، شعار تثبت ميادين الحياة العملية مصداقيته، بعيدا عن الشعارات التي ترى أن المال هو أساس النجاح وإن كان الأخير يحمل مصداقية كبيرة إذا اقترن بالفكر، إلا أن التجارب على الأقل في المجال الرياضي أثبتت أن الفكر يتفوق وإن كان المال قليلا.

في النصر ما زالت تجارب الفشل تحيط بالنادي رغم ارتفاع ميزانيته كسائر الأندية السعودية التي لم تحسن استخدام هذه الموارد؛ بل ساهم هذا الارتفاع في زيادة المديونيات، فالنادي الأصفر والمحترفين الأجانب قصة لم تعرف النهاية، لأن البداية متجددة كل موسم، أو بالأحرى مع كل فترة انتقالات صيفا وشتاء، لنرى فصولا وأحداثا جديدة في ذات القصة، فمنذ تسلم الأمير فيصل بن تركي رئاسة النصر في منتصف موسم 2009 - 2010 وحتى الموسم الحالي 2012 - 2013 مضت أربعة مواسم لم يعرف معها النصر الإنجاز وتحقيق البطولات بسبب تخبطات فنية كثيرة، كان عنصر اللاعب الأجنبي حاضرا فيها وبقوة؛ حيث تعاقد النصر طيلة الفترة الماضية مع عشرين لاعبا أجنبيا لم يكتب لأي منهم النجاح مع الفريق العاصمي باستثناء المهاجم الكويتي بدر المطوع، أما بقية اللاعبين فمجرد أسماء ساهمت في عدم استقرار النصر وقتلت بعض المواهب السعودية التي تشارك في المركز ذاته الذي يلعب به المحترف الأجنبي.

«الشرق الأوسط» بدورها أجرت إحصائية لعدد اللاعبين الأجانب الحاضرين في عهد الأمير فيصل بن تركي رئيس النادي؛ حيث بلغ عددهم عشرين لاعبا، منهم أربعة مدافعين، و11 لاعبا في خط الوسط، وأخيرا خمسة مهاجمين.

وفي استعراض سريع لحال النصر مع اللاعبين الأجانب الذين بلغ عددهم 20 لاعبا منذ بداية موسم 2009 - 2010 وحتى الموسم الحالي، نجد أن الغريم التقليدي «الهلال» تعاقد طيلة هذه الفترة مع 11 لاعبا أجنبيا، مقابل 14 لاعبا للشباب، و15 لاعبا للاتحاد، في الفترة ذاتها التي تعاقد فيها النصراويون مع 20 لاعبا، في حين كانت المفاجأة التي تؤكد أن الفكر يسبق المال هو تعاقد إدارة الفتح مع ثمانية لاعبين أجانب فقط طيلة المواسم الأربعة، ليتمكن من خلالهم من تقديم مستويات مميزة، حتى بات وصيفا للدوري في هذا الموسم حتى الجولة الـ9.

* الموسم الأول..

* قرار غير صائب ولاعب هارب! في موسم 2009 - 2010 وهو الموسم الأول لإدارة الأمير فيصل بن تركي رئيسا مكلفا في بدايات الموسم ومن ثم رئيسا رسميا بعد أن تم تنصيبه لقيادة الفريق الأصفر الذي أراد أن يكون الرجل الأول في القرار وتحقق له ذلك في فبراير (شباط) 2010، تعاقدت الإدارة بقيادة الأمير فيصل بن تركي في بداية الموسم مع الرباعي الأجنبي الذي يأتي في مقدمتهم المدافع البرازيلي ايدير، في حين وجد في خط الوسط الثلاثي المصري حسام غالي والأرجنتيني فيغاروا والكوري الجنوبي لي تشن سو اللاعب الآسيوي، قدم ثنائي خط الوسط (فيغاروا وحسام غالي) مستويات نالت رضا مسيري الفريق الأصفر، في حين تم إلغاء عقد المدافع البرازيلي ايدير والتعاقد مع الغيني باسكال فيندنو بصورة أغضبت عشاق النصر بحجة الحاجة الفنية لترميم خط الدفاع أكثر من الحاجة الهجومية، أما لاعب خط الوسط الكوري الجنوبي لي تشن سو فلم يلبث طويلا بعد أن حزم حقائبه وغادر النصر برغبة منه دون علم مسيري الفريق حيث طالت القضية بينهما إلى أن اقتحمت أروقة الفيفا.

بعيدا عن مشكلة النصر مع محترفه الكوري الجنوبي لي تشن سو، نعود للحديث عما آلت إليه صورة اللاعبين الأجانب في الموسم الأول؛ حيث أكمل النصر موسمه بثلاثة لاعبين في فترة الانتقالات الشتوية وفي إجمالي بلغ خمسة لاعبين في الموسم الأول.

* مقالب زينغا!

* وفي الموسم الثاني الذي أعقب البداية المتعثرة على صعيد اللاعبين الأجانب قام النصر بتسريح كل عناصره الأجانب باستثناء لاعب خط الوسط الأرجنتيني فيكتور فيغاروا الذي قدم مستويات مميزة ساهمت في تعزيز فرص بقائه. تعاقدت إدارة النصر مع ثلاثة لاعبين أجانب بتوصية مباشرة من مدرب الفريق الإيطالي والتر زينغا الذي تم منحه كل الصلاحيات والحرية في التعاقد مع من يريد من اللاعبين الأجانب، فكانت خياراته التوقيع مع المدافع الأسترالي جوناثان ماكين وفي خط الوسط الثنائي الروماني أوفيديو بيتري ومواطنه رازفان كوشيس. انطلق الموسم وبدأت الجماهير الصفراء كما اعتادت في طرح الثقة الكبيرة بكل المحترفين الأجانب فمضت المباريات وتقدم الدوري، إلا أن الإحباط بدأ يدب في قلوب النصراويين بعد ظهور اللاعبين الأجانب بصورة دون المتوسطة، خاصة لاعبي خط الوسط الرومانيين بيتري ورازفان، ومع انطلاقة فترة الانتقالات الشتوية قام النصر بإنهاء ارتباطه مع الروماني رازفان وتعاقد مع المهاجم الكويتي بدر المطوع بديلا له، ونجح الأخير في تقديم نفسه بصورة أكثر من رائعة حتى بات الصفقة الأبرز والأفضل في ذلك الموسم إن لم يكن في المواسم الخمسة الماضية، ومع نهاية الموسم خرج النصر خالي الوفاض من البطولات وبلاعبين أجانب بلغ عددهم خمسة بمن فيهم الأرجنتيني فيغاروا الذي كان مستمرا منذ الموسم الذي سبقه.

* 7 محترفين.. لم ينجح أحد!

* فور نهاية موسم 2010 -2011 قامت إدارة النصر بتسريح كل اللاعبين الأجانب رغم محاولاتها الحثيثة والجادة لتمديد فترة التعاقد مع المهاجم الكويتي بدر المطوع الذي قدم مستويات نالت استحسان الجميع، وكانت له الفائدة الفنية الكبيرة للأصفر، إلا أن الظروف العملية حالت دون قدرة المطوع على الاستمرار مع النصر ليكون عقد اللاعبين الأجانب في موسم 2011 - 2012 ناقصا دون لاعب آسيوي؛ حيث اكتفى النصر بالتعاقد مع الثلاثي؛ المدافع الجزائري عنتر يحيى، ولاعب خط الوسط الأرجنتيني خوان مارسير، والكولومبي خوان بابلو بينو، إلا أن الثلاثي الأجنبي سرعان ما حزم حقائبه مغادرا النصر مع حلول فترة الانتقالات الشتوية في الموسم ذاته لتقوم الإدارة برئاسة الأمير فيصل بن تركي بالتعاقد مع أربعة لاعبين أجانب هم: الكوري الجنوبي كيم بيونغ سوك لاعبا آسيويا، إضافة للبرازيليين لاعب خط الوسط ريتشي ومواطنه في خط الهجوم داسيلفا فاغنر، علاوة على ضم المهاجم الجزائري الحاج بوقاش قادما من فريق القادسية السعودي.

مضت أيام قليلة وبدأت مقدمات فشل اللاعبين الأجانب تطفو على السطح بسبب ابتعادهم عن القائمة الأساسية باستثناء الجزائري الحاج بوقاش الذي ظل هو الأفضل في فترة الانتقالات الشتوية، في حين بدا الثلاثي الأجنبي (ريتشي ومواطنه فاغنر والكوري الجنوبي كيم بيونغ) بعيدا في أكثر المباريات عن القائمة الرئيسية للنصر واقتصرت مشاركتهم بدلاء، لتكون المحصلة النهائية لفريق النصر في ذلك الموسم حضور سبعة لاعبين أجانب لم يكتب لتجربتهم النجاح رغم المبالغ العالية التي دُفعت لبعضهم كما هي الحال مع الأرجنتيني مارسير.

* فشل مانسو!

* عقب الخسارة القاسية التي تعرض لها فريق النصر نهاية الموسم الماضي في نهائي «كأس الملك للأندية الأبطال» على يد نظيره الأهلي والتي جاءت بأربعة أهداف، قامت إدارة النادي بتسريح كل اللاعبين الأجانب بمن فيهم الجزائري الحاج بوقاش الذي كانت بعض الأصوات تطالب ببقائه مع الفريق.. بدأت خيارات النصر مبشرة للجماهير بالتعاقد مع المصري حسني عبد ربه الذي خاض تجربة احترافية ناجحة مع الاتحاد في الموسم الماضي، لتكمل الإدارة العقد الأجنبي بالثلاثي المدافع الأوزبكي شوكت مولاجانوف، ولاعب خط الوسط الأرجنتيني داميان مانسو، والمهاجم الإكوادوري خيمي أيوفي.

انطلق الموسم الحالي بطموحات بدأت مغايرة كما يقول مسيري الفريق الأصفر ونوايا صادقة وبحث جاد عن تحقيق بطولة تفرح المدرج الأصفر الذي طال انتظاره، مباراة أولى أخفق فيها النصر بالتعادل أمام الفتح، أعقبها انتصار عريض على فريق الرائد، ومن ثم خسارة بهدف دون رد من الاتحاد، أعقبها فوز في الجولة الرابعة على التعاون بهدفين دون رد، وفي الجولة الخامسة تعرض لخسارة على يد غريمه التقليدي الهلال بثلاثة أهداف مقابل هدف، هذه الخسارة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير لتبدأ قرارات الإصلاحات الفنية في النصر التي انطلقت بإقالة المدرب الكولومبي ماتورانا والتعاقد مع الأوروغوياني جوزيه كارينيو، وطالت الانتقادات لاعب خط الوسط الأرجنتيني مانسو الذي بدا غير جاهز لممارسة لعبة كرة القدم بسبب ارتفاع وزنه وعدم قدرته على الجري بالصورة التي يجب أن يكون عليها لاعب كرة القدم. لم يمتلك المدرب الجديد للنصر كثيرا من الوقت لينتظر فترة الانتقالات الشتوية حتى يعلن قراراته الفنية؛ حيث أعلنت إدارة النصر يوم الاثنين الماضي توقيعها مخالصة نهائية مع اللاعب الأرجنتيني الذي لم يقدم أي مردود فني للفريق، لتبدأ التساؤلات التي لن تنتهي حتى نهاية فترة الانتقالات الشتوية: هل سيقتصر التغيير على مانسو أم إن هناك مزيدا من التغييرات؟