دعوة في بريطانيا للتمثل بأخلاقيات أغويرو داخل منطقة الجزاء

الانتقادات تتواصل ضد ادعاء سواريز السقوط.. وكوسيلني يصفه بـ«الغشاش»

TT

شن الفرنسي لوران كوسيلني مدافع آرسنال الإنجليزي هجوما على الأوروغواياني لويس سواريز مهاجم ليفربول واتهمه بأنه «غشاش».

وتركزت الأنظار على سواريز (25 عاما) في الفترة الأخيرة بعد انتقاده من قبل مدرب ستوك طوني بوليس ونائب رئيس الاتحاد الدولي جيم بويس لكثرة تمثيله داخل المنطقة لنيل ركلات الجزاء.

وانضم كوسيلني (27 عاما) إلى لائحة المنتقدين معتبرا أنه لا يحب أن يواجه المهاجم الدولي الأوروغواياني: «من هو المهاجم الذي أكره مواجهته؟ سواريز. الدفاع ضده متعب جدا. يغش كثيرا. يمسك قميصك ويقوم بضربك. ترغب دوما بركله لكن عليك الانتباه كي لا تحصل على بطاقة حمراء ويتم طردك».

وتابع كوسيلني لصحيفة «ليكيب» الفرنسية: «يحب أن يرمي نفسه لحظة وقوع أي لمس».

وكان بويس شن أيضا هجوما عنيفا على سواريز قائلا بأنه غشاش وكالسرطان وأن ما يفعله لا يمت لكرة القدم بصلة، فكثرة تمثيله تؤدي إلى كثير من المشكلات ومن المفترض أن يحال إلى لجنة الأخلاقيات بالفيفا بسبب ما يفعله. ورد سواريز على بويس قائلا: «أنا لا أعرف من هو بويس ولا أدري كيف يتحدث عني هكذا»، وأضاف سواريز أن تصريحات بويس تأتي من قبل العروض الإعلامية والدعاية الشخصية له.

ويرى هنري وينتر الناقد الرياضي في صحيفة «دايلي تليغراف» البريطانية أنه على الرغم من مزاعم الخداع والتمثيل التي يتردد صداها بقوة في الدوري الإنجليزي في الوقت الراهن تحجب الحقيقة المتمثلة في أن أكثر اللحظات الخالدة في عقول عشاق الساحرة المستديرة على مدار تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد الذي يمتد لعشرين عاما كان عنوانها الأمانة والصدق وعدم الادعاء، وتتمثل هذه اللحظات في الهدف القاتل الذي أحرزه النجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو لفريقه مانشستر سيتي في مرمى نادي كوينز بارك رينجرز في الثالث عشر من شهر مايو (أيار) 2012 في المباراة الختامية للنسخة الماضية من الدوري الإنجليزي الممتاز، ونجح هذا الهدف في إعادة لقب الدوري الإنجليزي إلى مانشستر سيتي بعد غياب دام لـ44 عاما.

وترتبط هذه اللحظة التاريخية بأذهان عشاق الساحرة المستديرة في جميع أنحاء المعمورة، ليس فقط لأنها كانت السبب في حصول مانشستر سيتي على اللقب، ولكن لأن النجم الأرجنتيني واصل اللعب بعدما تعرض للإعاقة من المدافع النيجيري تاي تايو ولم يسقط للحصول على ركلة جزاء واستمر في المحاولة إلى أن أحرز هذا الهدف القاتل، وهو ما يظهر أن أغويرو لاعب رائع من الناحية الأخلاقية.

ويضيف هنري وينتر: «كان يمكن لنجم التانغو الأرجنتيني أن يسقط للحصول على ركلة جزاء عقب التدخل القوي من جانب تاي تايو الذي مد قدمه اليسرى ليضرب القدم اليمنى لأغويرو، ولكن نجم مانشستر سيتي واصل اللعب لأنه كان يعرف ما ينتظره».

ويستطرد هنري وينتر: «على الجانب الآخر، هناك بعض اللاعبين الذين يسقطون على الأرض مع أول لمسة من مدافعي الفرق المنافسة لخداع الحكم والحصول على ركلة جزاء، وهو الاتهام الذي دائما ما يلاحق سواريز». وتشير الإحصائيات الصادرة عن شركة «أوبتا» العالمية إلى أن أغويرو لا يسقط بسهولة داخل منطقة الجزاء، فمنذ بداية الموسم الماضي لم يحصل أغويرو على أي «ركلة جزاء» من أصل 48 «لعبة مشتركة داخل المنطقة»، في حين حصل سواريز على أربع «ركلات جزاء» من أصل 95 «لعبة مشتركة داخل المنطقة».

وفي الحقيقة، لا يعد أغويرو من نوعية اللاعبين الذين يعتمدون على التمثيل للحصول على ركلات الجزاء. وعندما تم إجراء حوار معه في نادي مانشستر سيتي، قال النجم الأرجنتيني: «ركلة جزاء؟ نعم لقد خطر ذلك ببالي وفكرت فيه، فعندما اقتربت من المدافع كنت أعرف أنه سيقوم بذلك وشعرت بوجود احتكاك بقدمي، ولكني قلت لنفسي (لا تسقط)، ربما لأنني لم أكن متأكدا من أن حكم المباراة سيحتسبها ركلة جزاء، ولذا بقيت واقفا على قدميّ وواصلت اللعب وسددت الكرة ودخلت المرمى لحسن الحظ».

ويعد أغويرو مثالا ونموذجا رائعا للاعبين الذين لا يدعون السقوط لخداع الحكام، وكان هذا واضحا للغاية خلال أول مباراة له مع مانشستر سيتي في الخامس عشر من أغسطس (آب) 2011، عندما تعرض للعرقلة من مدافع نادي سوانزي سيتي آشلي ويليامز على ملعب «الاتحاد»، ولكنه لم يسقط وواصل اللعب على الرغم من أنه فقد توازنه وكاد يسقط على الأرض، وهو ما جذب أنظار كل المتابعين للمباراة، للدرجة التي جعلت أحد المسؤولين التنفيذيين في مانشستر سيتي يصف النجم الأرجنتيني بأنه «اللاعب المرن» الذي قد يفقد توازنه ولكنه لا يسقط.

ويرى هنري وينتر أنه إذا ما تحدثت مع حكام الدوري الإنجليزي بصورة شخصية سوف يخبرونك أن أغويرو يعد مثالا للاعب المحترف الحقيقي الذي يتعرض للضغط من قبل لاعبي الفرق المنافسة ولكنه يواصل اللعب من دون سقوط، على العكس من سواريز تماما. «في الحقيقة، لا يصب هذا الاحترام الشديد في مصلحة أغويرو دائما، وهو ما ظهر جليا خلال مباراة مانشستر سيتي وآرسنال على ملعب الاتحاد في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر الماضي، عندما تعرض أغويرو للعرقلة من جانب مدافع المدفعجية لوران كوسيلني وهو في طريقه لإحراز هدف محقق، ولكن أغويرو تحدى عاملي العنف والجاذبية معا ولم يسقط على الأرض وواصل اللعب وسدد الكرة ولم يحرز منها هدفا، ولم يحتسب له حكم المباراة مايك دين ركلة جزاء لأنه قد أخذ الفرصة ومر بعض الوقت على ارتكاب الخطأ».

ويضيف هنري وينتر: «الشيء الغريب في الأمر هو أن أغويرو قد صرح في الآونة الأخيرة بأن الحكام ينحازون للاعبين الإنجليز على حساب اللاعبين الأجانب في الدوري الإنجليزي الممتاز.، وهو ما دعا المدير الفني لنادي مانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون للتأكيد على أن اللاعبين الأجانب أكثر براعة في التمثيل والخداع للحصول على ركلات جزاء». وللأسف، أخذتنا هذه التصريحات إلى حالة من الجدل الكبير والمقارنة بين اللاعبين الأجانب واللاعبين المحليين في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على المنتخب الإنجليزي. وفي الحقيقة، يجب أن تركز المناقشات التي تدور حول التمثيل وادعاء السقوط على المبدأ نفسه، لا على جنسية اللاعب الذي يقوم بذلك وهل هو أجنبي أم إنجليزي! وقد اعترف السير أليكس فيرغسون نفسه بأن لاعبه الإنجليزي آشلي يونغ قد «بالغ» في السقوط وردة الفعل عندما تعرض للمسة خفيفة من لاعب كوينز بارك رينجرز شوان ديري على ملعب «أولد ترافورد» في الثامن من شهر أبريل (حصل ديري على بطاقة حمراء وسجل روني هدفا من ركلة الجزاء).

وعلى هذا الأساس، يتعين علينا أن ننسى أو نتجاهل هذا الجدل الدائر بين أغويرو وفيرغسون وأن ندين التمثيل وادعاء السقوط بغض النظر عن جنسية اللاعب الذي يقوم بذلك، كما يتعين على الحكام أن يكونوا أكثر مهارة في التعامل مع تلك الحالات وفهم عقلية المهاجمين داخل منطقة الجزاء، وقد يساعدهم في ذلك الاستماع لتصريحات المهاجم السابق للمنتخب الاسكوتلندي أندي غراي الذي قال إن ذلك يكون واضحا من الفرصة نفسها وشكل جسم المهاجم أثناء السقوط وشكل الإعاقة.

وفي الحقيقة، يتعين على المديرين الفنيين من أمثال فيرغسون والمدير الفني لليفربول بريندان رودجرز أن يتحدثا مع اللاعبين ويحذروهم من التمثيل وادعاء السقوط حتى لا يأخذ الحكام والجمهور انطباعا سيئا عنهم مثل سواريز، الذي سقط بشكل «مسرحي» عقب مروره من مدافع ستوك سيتي مارك ويلسون، بشكل سبب كثيرا من الحرج لرودجرز وليفربول على حد سواء. وعلى الرغم من أن النجم الأورغواني قد تعرض لتدخل قوي من جانب روبرت هوث الذي وقف عليه بحذائه دون أن يراه حكم اللقاء لي ماسون، فإنه لن يحظى بقدر كبير من التعاطف من جانب الحكام إذا ما استمر في التمثيل بهذا الشكل. وعقب مباراة ليفربول وستوك سيتي، عبر المدير الفني لستوك سيتي توني بوليس عن استيائه الشديد من مبالغة سواريز في السقوط للحصول على ركلة جزاء غير مستحقة. وفي الواقع، تؤثر هذه السمعة السيئة لسواريز على نتائج ليفربول، وخير مثال على ذلك ما حدث في مباراة ليفربول أمام مانشستر يونايتد على ملعب «أنفيلد» في الثالث والعشرين من سبتمبر الماضي، حيث تجاوز سواريز جوني إيفانز بسرعته الرهيبة، وقام إيفانز بجذبه من القميص وسقط سواريز بشكل مبالغ فيه للغاية، مما جعل حكم اللقاء يتخيل أن سواريز يمثل كعادته ولم يحتسب أي خطأ وأشار إلى استمرار اللعب، وقام سواريز بعدها يرفع يده إلى السماء ويحتج على ما حدث وهو لا يصدق أن الحكم لم يحتسب هذا الخطأ الجسيم.

ويختتم هنري وينتر: وبسبب سمعته السيئة أيضا في التمثيل وادعاء السقوط، لم يحصل سواريز على ركلة جزاء مستحقة أمام نوريتش سيتي في الثلاثين من سبتمبر الماضي بعدما تعرض للعرقلة من اللاعب ليون بارنيت. وعقب اللقاء، قال رودجرز «إنها ركلة جزاء مع سبق الإصرار والترصد»، ولكنها لم تحتسب. وكانت لجنة الحكام قد حذرت سواريز مرتين الموسم الماضي بسبب التمثيل وتعمده السقوط. وفي تعليقه على ما يقوم به سواريز، أشار رودجرز إلى ما حدث بعد دقيقتين من انطلاق شوط المباراة الثاني أمام نوريتش سيتي، عندما أحرز الدولي التركي نوري شاهين هدفا من تمريرة رائعة لسواريز الذي واصل اللاعب بعدما تعرض للإعاقة من مايكل تيرنر ولم يسقط للحصول على خطأ. وقال رودجرز: «لو كان سواريز من نوعية اللاعبين الذين يدعون السقوط لكان سقط في شوط المباراة الثاني بعدما تعرض للعرقلة ولكنه واصل اللعب ونجحنا في تسجيل هدف». وخلاصة القول، يتعين على سواريز وغيره من اللاعبين أن يتعلموا من النجم الأرجنتيني أغويرو ومن أدائه الرجولي وعدم تعمده السقوط للحصول على ركلات جزاء.