واين روني.. هل حقق كل ما يصبو إليه.. وما تتطلع إليه جماهير الكرة الإنجليزية؟

10 سنوات مرت على مولد فتى إنجلترا المدلل كرويا

TT

عندما سجل النجم الإنجليزي واين روني هدف الفوز لإيفرتون في مرمى آرسنال في التاسع عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2002، كانت أهمية الهدف تكمن على ما يبدو في أنه وضع حدا لمسيرة المدفعجية من دون هزيمة على مدار 30 مباراة متتالية في الدوري الإنجليزي الممتاز. وأصبح الفتى الذهبي الإنجليزي أصغر لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي يسجل بالبطولة، ولكن الشيء الأهم في حقيقة الأمر كان تلك التصريحات التي أدلى بها المدير الفني للمدفعجية آرسين فينغر عقب انتهاء المباراة وحديثه عن النجم الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره والهدف القاتل الذي أحرزه من مسافة 25 ياردة، حيث قال المدير الفني الفرنسي القدير: «روني هو أكبر موهبة أنجبتها ملاعب كرة القدم الإنجليزية منذ قدومي إلى هنا. لقد خسرنا المباراة بهدف استثنائي من موهبة استثنائية للغاية».

ويقول ستيفان شيملت، الناقد الرياضي في «بي بي سي»، بعد مرور خمسة أشهر فقط، أصبح روني أصغر لاعب يمثل المنتخب الإنجليزي في تاريخه، قبل أن ينجح نجم آرسنال ثيو والكوت في كسر ذلك الرقم. وقال المدير الفني للمنتخب الإنجليزي آنذاك سفين غوران أريكسون: «لم يكن المدير الفني لإيفرتون ديفيد مويس متأكدا من انضمام روني للمنتخب الإنجليزي بهذه السرعة، ولكن انضم روني للمنتخب ولعب جيدا، ونحن نعرف الباقي». وبدأ روني ينطلق بسرعة الصاروخ بداية من بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 2004، حيث أحرز أربعة أهداف، وقدم أداء ساحرا يسبق عمره الصغير، ليصبح ثاني هداف للبطولة ويجبر المدير الفني للمنتخب الإنجليزي على أن يقارنه بالأسطورة البرازيلية بيليه.

وكانت هذه البطولة بمثابة مفترق طرق في مسيرة روني مع الساحرة المستديرة، حيث انتقل بعدها لنادي مانشستر يونايتد واعتلى منصات التتويج مرات كثيرة، لم يكن ليراها لو استمر يدافع عن قميص إيفرتون. ومع ذلك، يكافح الفتى الذهبي للقيام بنفس الدور مع المنتخب الإنجليزي منذ ذلك الحين، ولا سيما في البطولات والمناسبات الكبرى. ومنذ كأس الأمم الأوروبية عام 2004، حصل روني مع مانشستر يونايتد على أربعة ألقاب للدوري الإنجليزي الممتاز وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرتين، ودوري أبطال أوروبا. وأحرز روني 181 هدفا في 371 مشاركة بقميص مانشستر يونايتد، وحصل ثلاثة من هذه الأهداف على لقب هدف الموسم. ومن الصعب للغاية ألا نعترف بأن روني قد رد الجميل لمانشستر يونايتد الذي دفع 27 مليون جنيه إسترليني للحصول على خدماته.

أما على المستوى الدولي، فلم يسجل روني سوى هدف وحيد مع المنتخب الإنجليزي في ثلاث مسابقات كبرى منذ كأس الأمم الأوروبية 2004. ورغم ذلك، يأتي روني في المركز الخامس ضمن أفضل هدافي المنتخب الإنجليزي في تاريخه، مسجلا 32 هدفا. وعبر روني نفسه عن إحباطه من مستواه مع المنتخب الإنجليزي الأسبوع الماضي، قائلا: «لا أظهر بأفضل مستوياتي مع المنتخب الإنجليزي، وأود علاج تلك المشكلة».

ومع ذلك، هناك بعض النقاط التي يجب أن نضعها في الاعتبار ونحن نقيم مستوى روني في البطولات الكبرى، فعلى سبيل المثال كان الفتى الذهبي مصابا في بطولتي كأس العالم 2006 و2010. كما كان موقوفا عن أول مباراتين في كأس الأمم الأوروبية 2012، رغم أنه قد نال تلك العقوبة بسبب سلوكه السيئ في مباراة المنتخب الإنجليزي أمام الجبل الأسود.

ومن جهته، يرى مدافع المنتخب الإنجليزي السابق داني ميلز أن مشكلة روني أكبر من ذلك بكثير، لأن كل الآمال تتجه نحوه في البطولات الكبرى بسبب نقص المواهب الفذة في الملاعب الإنجليزية، مضيفا: «دائما ما نعقد كل الآمال على روني منذ أن كان في الثامنة عشرة من عمره». وأضاف ميلز، الذي كان يلعب في صفوف المنتخب الإنجليزي خلال أول مباراة دولية لروني ضد منتخب أستراليا عام 2003: «عندما لا يكون روني في صفوف المنتخب نعتقد جميعا أن المنتخب لن يحقق الفوز، وهو ما يضع ضغوطا هائلة على عاتقه ويزيد الأمور صعوبة بالنسبة له، مثله في ذلك مثل أي لاعب كبير، أما في مانشستر يونايتد فيلعب بجواره لاعبون كبار، وهو ما يساعده بكل تأكيد. وعلى المستوى الدولي، لا يمكن لأي منتخب أن يعقد كل آماله على لاعب واحد فقط، وهو ما لا نراه في منتخبات مثل ألمانيا وإسبانيا والبرازيل التي تعتمد على 11 نجما داخل مستطيل الأخضر، وهو ما يعمل على توزيع الضغوط على جميع اللاعبين، وليس لاعبا واحدا فقط».

ولا تقتصر هذه المشكلة على روني وحده، ولكنها تواجه أيضا أفضل لاعبين في العالم في الوقت الحالي، وهما الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، فرغم الإنجازات التاريخية التي حققها كل منهما مع أنديتهما، فإنهما لم يحققا إنجازات كبيرة على المستوى الدولي. ولم يحصل الثلاثة لاعبين على بطولات كبرى مع منتخبات بلادهم، ربما باستثناء ميسي الذي حصل على ذهبية أولمبياد بكين 2008 مع التانغو الأرجنتيني.

ربما تكون هذه هي المقارنة الوحيدة التي يمكن أن نعقدها بين روني والنجمين المتألقين في الليجا الإسبانية، ولكن نجم مانشستر يونايتد السابق الجنوب أفريقي كوينتون فورتشن يرى أنه بإمكان روني، (26 عاما)، أن يصل لمستوى ميسي ورونالدو، مضيفا: «يمكن أن يصبح روني ضمن أفضل ثلاثة لاعبين في العالم، جنبا إلى جنب مع ميسي ورونالدو، فما زال لديه الكثير وأعرف أنه قادر على القيام بذلك». ومع ذلك، يرى ميلز أن تاريخ روني مع الساحرة المستديرة سوف يتوقف على ما سيقدمه مع المنتخب الإنجليزي، وليس مع نادي مانشستر يونايتد، ولا سيما أن نسبة كبيرة من عشاق كرة القدم في إنجلترا لا يشجعون مانشستر يونايتد. وأضاف ميلز: «حقيقة، إنه يلعب مع مانشستر يونايتد ويقدم أداء رائعا معه قد يكون في غير صالحه في نظر البعض، والشيء الوحيد الذي سيجعل روني لاعبا كبيرا في أعين الجمهور الإنجليزي ككل هو حصوله على بطولة كبرى مع المنتخب الإنجليزي».

وبالنسبة للبعض، وحتى بالنسبة لروني نفسه، لن يكون كافيا أن يصبح روني أكثر اللاعبين مشاركة في المباريات الدولية أو أفضل هداف في تاريخ المنتخب الإنجليزي، ولكن يتعين عليه أن يصعد لمنصات التتويج ليحتفل بحصول منتخب بلاده على بطولة كبرى، ولا سيما أن الإنجليز لم يحصلوا على بطولة كبرى منذ صيف عام 1966. وندرك جيدا أنه من الصعب للغاية على أي لاعب بمفرده، مهما كانت إمكاناته، تحقيق هذا الإنجاز.

وتوقع إريكسون حجم الضغوط التي ستلقى على عاتق روني، ولذا أدلى بتصريح شهير للمشجعين ووسائل الإعلام عقب استقالته من قيادة المنتخب الإنجليزي عام 2006، حيث قال: «لا تقتلوه». والآن، عاد إريكسون ليؤكد أهمية روني للمنتخب الإنجليزي قائلا: «إنه لاعب رائع ومتكامل، وينتمي إلى طائفة اللاعبين الكبار للغاية، وواحد من أفضل اللاعبين في العالم. إنه لا يزال صغيرا في السن ويمكن أن يتحسن أداؤه أكثر، وسوف يحافظ على هذا المستوى خلال الخمس أو الست أو السبع سنوات المقبلة».

لقد حقق روني الكثير من الإنجازات وهو لا يزال في السادسة والعشرين من عمره، وهو ما يعني أن أمامه الكثير والكثير ليقدمه لعشاق الساحرة المستديرة في كل مكان.