أشار المدير الفني لنادي ليفربول الإنجليزي بريندان رودجرز إلى أنه لا يتعين على فريقه النظر إلى الماضي والاعتماد على تاريخه العريق فحسب، معترفا في الوقت ذاته بأن الطريق ما زال طويلا حتى يتمكن هذا النادي الكبير من استعادة المكانة التي تليق به كأحد أكبر الأندية الإنجليزية والعالمية. وكان رودجرز قد أدلى بهذه التصريحات عقب عودة فريقه بنقطة ثمينة من ملعب ستامفورد بريدج بعد تعادله مع البلوز بهدف لكل فريق.
وأضاف المدير الفني الآيرلندي الذي تولى قيادة الفريق خلفا للمدير الفني المخضرم كيني دالغليش: «أنهى الفريق الموسم الماضي في المركز الثامن، وسيكون شيئا رائعا لو تمكنا من احتلال مركز أفضل. هذا هو واقع ليفربول، وأخشى أنه لن يكون من السهل على أنصار الفريق قبول ذلك». هذا هو توقع الإدارة لما يمكن أن يحققه الفريق خلال الموسم الحالي. وفي الحقيقة، لم يحدث منذ وقت قصير أن كان الوصول للمركز السابع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز شيئا «رائعا» بالنسبة لنادي ليفربول! ويقول فيل ماكنالتي المحلل الرياضي لـ«BBC سبورت»: «لقد أمضى رودجرز معظم وقته في الثناء على لاعبيه بسبب المجهود الكبير الذي بذلوه خلال الموسم الحالي، ولم يخصص وقتا كبيرا للحديث عن الانتصارات التي حققها الفريق، ربما لأنه وجد صعوبة كبيرة في أن يرسم صورة جميلة لفريقه في بداية الدوري هذا العام والذي لم يحقق فيه الفوز سوى في مناسبتين فقط أمام كل من نوريتش سيتي وريدينغ. ولو نظر رودجرز إلى الماضي قليلا لوجد أن المركز الـ13 الذي يحتله الفريق الآن بـ12 نقطة من 11 مباراة أسوأ من المركز الذي كان يحتله الفريق تحت قيادة روي هودجسون في موسم 2010 - 2011 بفارق 3 نقاط، قبل أن يرحل هودجسون عن الفريق بسبب استياء الجمهور منه. ولا يتوقع أحد أن يلقي رودجرز نفس المصير، لأنه يحظى بدعم حقيقي من أنصار النادي».
ولكن يجب ألا يؤدي هذا إلى إخفاء حقيقة أخرى وهي أن هذا المركز لا يتناسب إطلاقا مع ناد كبير بحجم ليفربول، على الرغم من تصريحات رودجرز عقب تعادله مع تشيلسي في ستامفورد بريدج، ولذا أصبح على ليفربول أن يبدأ في تحقيق الانتصارات من الآن. تحدث كثيرون عن «فلسفة» التمرير القصير والكرة الجميلة التي يعتمد عليها رودجرز على الرغم من أنه من المعروف جيدا أن هذه الفلسفة موجودة في النادي منذ قديم الأزل ومنذ وصول النجم بيل شانكلي إلى النادي في شهر ديسمبر (كانون الأول) 1959، ولم يكن شيئا جديدا جاء به رودجرز من نادي سوانزي سيتي والفلسفة الوحيدة التي يجب على رودجرز أن يعتمد عليها هي سياسة الانتصارات ولا شيء غيرها.
ويصر رودجرز على أن علامات التطوير قد بدأت تظهر في الفريق، وهو محق في هذه النقطة، حيث يعمل في ظروف صعبة للغاية، ومع ذلك أثبت الفريق أنه من الصعوبة بمكان أن يخسر مهما كان المنافس. وقد قدم الفريق مستوى يستحق الثناء خلال آخر مواجهتين له خارج ملعبه أمام كل من إيفرتون وتشيلسي، وهما المباراتان اللتان انتهتا بالتعادل. ومن الأشياء الجيدة أيضا أن رودجرز قد أعاد للفريق «شخصيته القوية ومرونته وقدرته على البقاء» في أصعب الظروف، ولكن في النهاية يجب أن يكون هناك ما هو أكثر من مجرد الاعتماد على الاحتفاظ بالكرة والاعتماد على دهاء وخبرة لاعب واحد فقط هو النجم الأوروغوياني لويس سواريز، ويجب أن يعطي رودجرز أولوية لعلاج تلك المشكلة.
يمكن لرودجرز أن يشعر بالسعادة من النتيجة النهائية التي حققها أمام تشيلسي بفضل سواريز ومن غير سواريز في الفريق يمكنه أن يصنع الفارق الذي أحرز هدف فريقه الوحيد وساعده على الحصول على نقطة ثمينة بعدما كان ذلك يبدو صعبا للغاية بعد مرور أكثر من ساعة من عمر اللقاء. لقد قدم ليفربول أداء ضعيفا للغاية في شوط المباراة الأول، قبل أن ينهي اللقاء بصورة أفضل ويبحث عن تحقيق الفوز الرابع على التوالي على تشيلسي.
وعقب انتهاء اللقاء، قال رودجرز: «الحقيقة هي أننا بعيدون كل البعد عن المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي، ولا يمكنني القول إننا سننافس على اللقب. لقد منحني النادي دعما هائلا منذ قدومي إلى هنا، ومنحني ملاك النادي صلاحية كبيرة لكي أقوم بتنفيذ الخطة التي تهدف إلى تطوير شكل الفريق». وتتمثل مهمة رودجرز الآن في الانتقال بالفريق من مرحلة التعادلات إلى مرحلة الانتصارات ومع ذلك يعد رودجرز محظوظا للغاية لأنه يملك لاعبا بحجم سواريز فهو قادر على الانتقال بالفريق من مرحلة الهزائم إلى مرحلة التعادلات كما فعل خلال مباراتي ليفربول أمام كل من نيوكاسل يونايتد وتشيلسي.
لقد أبدى رودجرز رغبة قوية في ضخ دماء جديدة في الفريق، ولا شك أنه قد تلقى ضربة قوية في شهر أغسطس (آب) الماضي عندما رفض مجلس إدارة ليفربول التعاقد مع اللاعب كلينت ديمبسي من نادي فولهام وتركه يعاني من نقص حاد في صفوف المهاجمين عقب رحيل النجم أندي كارول إلى نادي ويستهام على سبيل الإعارة. وحتى الصفقة الوحيدة التي عقدها رودجرز وهي الإيطالي فابيو بورينو الذي تعاقد معه النادي مقابل 11 مليون جنيه إسترليني لم يقدم شيئا للفريق بعدما تعرض للإصابة، وهو ما يعني أن رودجرز يتعين عليه أن ينفق بحكمة خلال فترة الانتقالات الشتوية القادمة. وعن ذلك يقول رودجرز: «إننا بحاجة إلى لاعبين جدد، ونتمنى أن نتعاقد مع لاعب أو اثنين في يناير (كانون الثاني) المقبل بهدف دعم الخط الأمامي للفريق وتحويل تلك التعادلات إلى انتصارات».
إن نجاح رودجرز في تلك الفترة الحرجة يعني الكثير والكثير بالنسبة للفريق، ولكن عليه الآن أن يشعر بالارتياح لقدرته على خطف نقطة ثمينة من بين أنياب البلوز في معقلهم بستامفورد بريدج، على الرغم من أنه يجب عليه أن يدرك تماما أن المباراة كان من الممكن أن تنتهي تماما خلال أول 60 دقيقة، لو كان النجم البرازيلي أوسكار والماتادور الإسباني خوان ماتا في حالتهما المعهودة وتمكنا من إنهاء الهجمات بشكل مناسب. وتمكن المدافع المخضرم جون تيري من إحراز هدف التقدم للبلوز من ضربة رأس قد أن يخرج مصابا إثر لعبة مشتركة مع سواريز، الذي ارتدى مرة أخرى عباءة البطولة وأصبح يمثل تميمة الحظ لفريقه ويسجل هدف التعادل، بعدما قام بدفع لاعب تشيلسي راميريز في مشهد لم يشهده حكم اللقاء هاورد ويب.
قدم ليفربول أداء رائعا في الناحية الدفاعية، وأخص بالذكر المدافع جوزيه إنريكي وحارس المرمى براد جونز، ولكني أكرر مرة أخرى أن سواريز هو من جلب هذه النقطة الثمينة لفريقه. لا يزال رودجرز في بداياته مع ليفربول، ولا يستطيع أي شخص أن يقلل من أهمية حصول فريقه على نقطة من تشيلسي في ملعبهم ووسط جمهورهم، ولكن الشيء المؤكد هو أنه يتعين عليه أن ينقل الفريق إلى مرحلة الفوز والحصول على النقاط الثلاث وعدم الاكتفاء بالنقطة الواحدة التي لا تتناسب مع فريق كبير بحجم ليفربول.
يشار إلى أن رودجرز صرح في وقت سابق بأن النادي سيحصل على أموال لتدعيم تشكيلته في يناير بعد أن أنفق القليل في فترة الانتقالات الأخيرة.
وعانى رودجرز مدرب سوانزي سيتي السابق الذي حل محل دالغليش بعد نهاية الموسم الماضي من بداية سيئة لمسيرته في استاد إنفيلد وحقق انتصارين فقط في أول تسع مباريات بالدوري ضد فريقين متعثرين هما نوريتش سيتي وريدينغ.
كما خرج ليفربول من كأس رابطة الأندية الإنجليزية على يد سوانزي يوم الأربعاء وهي نتيجة ألقت الضوء على افتقار تشكيلة الفريق للعمق خاصة في الهجوم.
وأصبح سواريز المهاجم الصريح الوحيد في ليفربول عقب إصابة بوريني المنضم قبل بداية الموسم بالإضافة لإعارة كارول الذي ضمه النادي الموسم الماضي في صفقة قياسية إلى ويست هام يونايتد.
وقال رودجرز: «أجري محادثات مع ملاك النادي حاليا. نحن الآن في حاجة لتدعيم الفريق.. وهذا أمر مستمر».
وأضاف: «سنحصل على الأموال. الأولوية هي ضم لاعبين. قائمة الفريق صغيرة للغاية وقدم اللاعبون عروضا تثير الإعجاب حتى الآن».
وتابع: «كانت عقليتهم رائعة بالنظر للمباريات التي لعبناها. في هذه اللحظة يتعلق الأمر حقا بتدعيم المجموعة بدلا من إهدار الوقت مع آخرين يذهبون في الاتجاه الآخر».