خوان ماتا: إقالة دي ماتيو أثبتت أن كرة القدم قاسية وظالمة

نجم الفريق يؤكد أن الألقاب والبطولات لم تشفع للمدرب للبقاء مع تشيلسي

TT

رغم مرور أكثر من أسبوع على إقالة مالك نادي تشيلسي رومان أبراموفيتش للمدير الفني للفريق روبرتو دي ماتيو، فإن ردود الفعل ما زالت تتواصل على القرار الذي أثار الكثير من الجدل في الأوساط الرياضية الإنجليزية. ولعل آخر ردود الفعل هذه ما جاء على لسان جناح تشيلسي الإسباني المتألق خوان ماتا. لقد اعتبر ماتا أن إقالة دي ماتيو «الدراماتيكية» أثبتت كم هي قاسية وظالمة كرة القدم.

وأصر نجم الفريق اللندني على أن دي ماتيو، بعد فوز تشيلسي غير المتوقع الموسم الماضي بلقب دوري أبطال أوروبا إضافة إلى كأس إنجلترا، كان يستحق أقصى درجات الاحترام والتقدير. إلا أن الواقع يقول إن دي ماتيو انضم بالفعل إلى كلاوديو رانييري وجوزيه مورينهو وأفرام جرانت ولويس فيليبي سكولاري وجوس هيدينك وكارلو أنشيلوني وأندريه فيلاش - بواش في قائمة المدربين الذين رحلوا عن تشيلسي منذ انتقال ملكيته إلى أبراموفيتش. والواقع يقول أيضا إن رافاييل بنيتيز هو مدرب تشيلسي الحالي.

وقال ماتا الذي يلعب تحت قيادة المدرب الثالث في خلال فترة تقل عن 18 شهرا منذ انضمامه إلى تشيلسي: «روبرتو فاز ببطولتين في غضون 9 أشهر فقط. وهو شيء صعب أن تنجزه. لذلك عليك أن تقدر ما فعله»، ويصيف ماتا: «ولكن تمت إقالته، وذلك ببساطة يعني كم هي قاسية وظالمة كرة القدم. كنا نحتفل منذ 6 أشهر فقط بفوزنا بلقب دوري أبطال أوروبا. لن أنسى أبدا سعادة جماهيرنا بعد الفوز بكأس إنجلترا ثم بعد ذلك الفوز بدوري أبطال أوروبا»، ويعتقد ماتا أن دي ماتيو لن يبقى طويلا بعيدا عن الملاعب، مضيفا: «مدرب جيد جدا وهو بمثابة الأسطورة في تشيلسي. الناس يكنون له تقديرا عميقا وعرفانا بما فعله. إني على يقين أنه سيجد الفرصة للتدريب مرة أخرى في أسرع وقت».

فيل ماكانتب، الناقد الرياضي في «بي بي سي سبورت» يقول إنه دائما ما كان الملياردير الروسي أبراموفيتش يحلم بأن يحصل فريقه تشيلسي الإنجليزي على لقب دوري أبطال أوروبا، وجاء المدير الفني دي ماتيو ليحقق له هذا الحلم الذي طال انتظاره، ومع ذلك قام الملياردير الروسي بالإطاحة بدي ماتيو من القيادة الفنية للفريق اللندني. وبينما يفكر المدير الفني الإيطالي في قرار إقالته الآن، تبدو اللحظة الذهبية التي عاشها دي ماتيو في شهر مايو (أيار) الماضي، عندما احتضن أبراموفيتش بإحدى ذراعيه وهو يقبض على كأس دوري أبطال أوروبا بالذراع الأخرى بعدما اجتاز عقبة العملاق البافاري في ملعب «أليانز أرينا»، تبدو تلك اللحظة وكأنها منذ أمد بعيد للغاية.

وحتى في ضوء المعايير الفريدة من نوعها التي يطبقها أبراموفيتش، فإن قرار إقالة المدير الفني الذي قاد الفريق للحصول على كأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا قبل ستة أشهر فقط يبدو قرارا قاسيا للغاية. ومع ذلك، كان هناك بعض المؤشرات على احتمال تخلي الملياردير الروسي عن دي ماتيو، حتى بعدما نجح المدير الفني الإيطالي في قيادة تشيلسي إلى الحصول على اللقب الذي كان يصبو إليه أبراموفيتش بعدما تغلب على بايرن ميونيخ الألماني بضربات الترجيح في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز.

وبعد هذا الإنجاز التاريخي، كان يتعين على مالك النادي أن يتوسل إلى المدير الفني أن يجدد عقده مع الفريق، ولكن الشيء الغريب أن تشيلسي قد حصل على اللقب الأوروبي في التاسع عشر من مايو، وانتظر أبراموفيتش حتى الثالث عشر من يونيو (حزيران) حتى يكافأ دي ماتيو على هذا الإنجاز بتوقيع عقد جديد لموسمين، بعدما كان قد أطاح بضحية أخرى وهو المدير الفني البرتغالي الشاب أندريه فيلاس بواس. وكان هناك مؤشر آخر على احتمال إقالة دي ماتيو في أي وقت، على الرغم من النتائج الرائعة التي حققها مع تشيلسي بعد توليه قيادة الفريق خلفا لبواس الذي قضى فترة قصيرة في «ستامفورد بريدج»، حيث كان أبراموفيتش يتعامل مع دي ماتيو على أنه مجرد مدير فني مؤقت، حتى يمكنه التعاقد مع المدير الفني الذي يود التعاقد معه، وهو المدير الفني السابق لنادي برشلونة الإسباني بيب غوارديولا.

وبما أن أبراموفيتش كان مقتنعا للغاية بأنه لا يمكنه إغراء غوارديولا بقيادة الفريق في الوقت الحالي بعدما أعلن المدير الفني الإسباني أنه لن يعود إلى التدريب قبل عام كامل من الراحة، كان قرار الإبقاء على دي ماتيو يبدو خيارا جيدا بالنسبة له حتى يتم التعاقد مع المدير الفني السابق للعملاق الكتالوني. وقال البيان الذي أصدره النادي عقب الإطاحة بالمدير الفني الإيطالي، ويبدو أنه بيان جاهز ومعد مسبقا ولا يتغير به أي شيء باستثناء اسم الضحية الجديد التي سيطيح بها أبراموفيتش: «الفريق لم يكن جيدا في الآونة الأخيرة من حيث الأداء والنتائج». هذا صحيح بالتأكيد، ولكن لكي نكون منصفين في ما يتعلق بدي ماتيو، كان يجب أن يقول البيان: «خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة»، لأن الفريق كان يسير بخطى رائعة حتى العشرين من شهر أكتوبر (تشرين الأول) بعدما تمكن من هزيمة توتنهام هوتسبر بأربعة أهداف مقابل هدفين وقدم أداء مذهلا، وكان يحتل صدارة ترتيب فرق الدوري الإنجليزي الممتاز، وكان يبدو أن دي ماتيو قد نجح في تحقيق المعادلة الصعبة التي يبحث عنها أبراموفيتش وهي تحقيق البطولات وتقديم أداء ممتع في الوقت نفسه.

لقد نجح النادي اللندني في التعاقد مع النجم البلجيكي إدين هازارد والبرازيلي أوسكار، اللذين قدما كرة قدم جميلة مع الموهوب ماتا. ربما لم ينجح دي ماتيو في أن يحول تشيلسي إلى «برشلونة بقمصان زرقاء» كما يريد أبراموفيتش، ولكنه نجح في قيادة الفريق لتقديم أداء رائع يختلف تماما عن كرة القدم التقليدية التي كان يلعبها الفريق من قبل. ومع ذلك، اكتشف دي ماتيو أن رضا الملياردير الروسي عنه قد لا يدوم طويلا وأن سلسلة النتائج السيئة التي حققها الفريق، بداية من الهزيمة في دوري أبطال أوروبا أمام نادي شاختار دونسيك الأوكراني وحتى الهزيمة أمام مانشستر يونايتد في «ستامفورد بريدج»، قد تكون بداية النهاية.

من جهته، وجد أبراموفيتش أن الوقت قد حان للإطاحة بدي ماتيو بسبب الطريقة المذلة التي أصبح بها تشيلسي مهددا بالخروج من دوري أبطال أوروبا بعد هزيمته من نادي يوفنتوس الإيطالي بثلاثية نظيفة. وإذا كان دي ماتيو يريد الدفاع عن نفسه، فبإمكانه الإشارة إلى العديد من الظروف والعقبات التي واجهته، فهو لا يزال في مرحلة بناء الفريق ويلعب بشكل مختلف، كما فقد العديد من نجوم الفريق، سواء بداعي الإصابة أو بسبب الإيقافات، علاوة على غياب بعض الأعمدة الرئيسية للفريق لفترات طويلة، مثل القائد جون تيري، ونجم خط الوسط فرانك لامبارد وآشلي كول. ربما يكون هؤلاء النجوم قد أوشكوا على إنهاء مسيرتهم مع البلوز، ولكنهم ما زالوا يقومون بأدوار مهمة للغاية مع الفريق، وكان دي ماتيو في أشد الحاجة إلى مجهوداتهم وخبراتهم في تلك المرحلة.

وعلاوة على ذلك، لم يكن النجم الإسباني فيرناندو توريس في أفضل حالاته مع الفريق، على الرغم من أنه كلف خزينة النادي 50 مليون جنيه إسترليني. وفي الحقيقة، يتعامل أبراموفيتش مع المديرين الفنيين بمنتهي اللامبالاة ولا يلتفت لأي نقد أو شكاوى من جانبهم، ويطيح بهم واحدا تلو الآخر بمنتهي السهولة.

إن السؤال الذي ما زال يطرح نفسه الآن هو: ما الشيء الذي سيرضي أبراموفيتش؟ في الحقيقة، لا يوجد أي شخص خارج النادي اللندني يعرف الإجابة عن هذا السؤال، لأن مالك النادي نفسه لم يقل أي كلمة في هذا الخصوص. وإذا كان دي ماتيو قد رحل عن الفريق بعد ستة أشهر فقط من حصوله على دوري أبطال أوروبا، فما الإنجاز الذي سيحققه أي مدير فني قادم حتى يقنع أبراموفيتش بالصبر عليه؟ لقد تعاقد أبراموفيتش مع الإسباني بينيتيز ليقود تشيلسي بصفة مؤقتة حتى نهاية الموسم الحالي. ولكن من الواضح للغاية أن غوارديولا هو الرجل الذي يريد أبراموفيتش التعاقد معه ليقود تشيلسي على المدى الطويل، ولكن ماذا سيحدث لو فشل غوارديولا في قيادة الفريق للحصول على دوري أبطال أوروبا أو لم ينجح في قيادة الفريق لتقديم الكرة الجميلة التي يبحث عنها الملياردير الروسي؟ وهل سيلقى غوارديولا، الذي يعد أفضل مدير فني في تاريخ العملاق الكتالوني وواحدا من أكثر المديرين الفنيين الذين يحظون باحترام كبير في عالم الساحرة المستديرة، المصير نفسه للمديرين الفنيين لتشيلسي؟ الإجابة هي بالطبع: نعم، لأن هذه هي طبيعة الحياة في تشيلسي وهذه هي طريقة تفكير الملياردير الروسي.