ميسي يتأهب لتحطيم الرقم القياسي للأسطوري مولر اليوم

أكثر اللاعبين تسجيلا في عام واحد ظل صامدا على مدار 4 عقود كاملة

TT

بينما يعيش أسطورة كرة القدم الألماني جيرد مولر حاليا في عزلة تامة بعيدا عن الحياة العامة حيث يصارع المرض، ينتظر العالم أجمع اللحظة التي يتحطم فيها الرقم القياسي الأسطوري لمولر، الذي ظل صامدا على مدار أربعة عقود كاملة.

ونجح مولر قبل 40 عاما في تحقيق رقم قياسي أسطوري في عدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب في عام ميلادي واحد، حيث أحرز 85 هدفا لبايرن ميونيخ والمنتخب الألماني في عام 1972.

وبعد كل هذه السنوات الطويلة، جاء النجم الأرجنتيني الفذ ليونيل ميسي ليهدد عرش مولر ورقمه الأسطوري، حيث سجل ميسي 84 هدفا حتى الآن في العام الحالي وأصبح على بعد هدف واحد فقط من معادلة رقم مولر.

وربما لا يهتم مولر، بظروفه الصحية الحالية، باقتراب ميسي من انتزاع عرشه التاريخي. ويستطيع ميسي نجم برشلونة الإسباني التربع على هذا العرش إذا نجح في هز شباك بنفيكا البرتغالي في مباراة الفريقين اليوم بالجولة السادسة الأخيرة من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا.

واحتفل مولر «المدفعجي» بعيد ميلاده السابع والستين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك بعيدا عن الأضواء وفي حضور أقرب المقربين إليه فقط.

وقال متحدث بنادي بايرن، الذي ينتمي مولر حتى الآن إلى مدربي قطاع الشباب فيه: «اصطف الناس مجددا لتهنئته، ولكن جيرد مولر، مثلما فعل في السنوات القليلة الماضية، فضل الاحتفال بعيد ميلاده في نطاق عائلي».

وظلت الحالة الصحية لمولر أمرا محظورا على وسائل الإعلام حتى العام الماضي، حيث كشف حادث تعرض له في إيطاليا حقيقة حالته الصحية أمام الرأي العام.

ورافق مولر فريق بايرن في معسكر إعداد قبل بداية الموسم بمدينة ترينتو الإيطالية ولكنه اختفى فجأة. وأعلن النادي البافاري عن اختفائه بالفعل قبل أن تجده الشرطة الإيطالية بعد 14 ساعة من الاختفاء، حيث بدا عليه «الارتباك والذهول». وعلى ما يبدو أن مولر حاول العودة من إيطاليا إلى ميونيخ بسيارة أجرة.

وحرص بايرن مجددا على حماية نجمه الأسطوري من الملاحقات الإعلامية والإزعاج، فأعلن النادي أن مولر «ذهب ليسير قليلا»، ولكن حالة مولر أثارت اهتمام ألمانيا كلها. وذكرت صحيفة «دي فيلت» الألمانية في هذا الوقت: «الأمة تئن مع المدفعجي». وكانت مسيرة مولر تأريخا للمشاعر الفياضة التي انتقلت من أمجاد كرة القدم العالمية إلى إحباطات الاعتزال وإدمان الكحوليات.

وولد مولر بمدينة نوردلينجن بولاية بافاريا في الثالث من نوفمبر 1945 بعد شهور قليلة من هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. وصنعت أهداف مولر تاريخا مرموقا في عالم كرة القدم وساهمت بشكل كبير في فوز منتخب ألمانيا الغربية بلقبي كأس أوروبا 1972 وكأس العالم 1974. كما قاد مولر فريق بايرن للفوز بلقب الدوري الألماني (بوندسليغا) أربع مرات، إضافة إلى أربعة ألقاب أوروبية ولقب واحد في كأس إنتركونتيننتال.

وبعد سنوات قليلة قضاها في الولايات المتحدة، عاد مولر إلى ميونيخ في 1985 ووجد نفسه بلا وظيفة وبلا هدف في الحياة. ولذلك هرب مولر إلى عالم الكحوليات مما دفع زوجته إلى محاولة الانفصال عنه.

وصرح مولر لوكالة الأنباء الألمانية قبل سنوات قائلا: «عانيت، عانيت كثيرا.. لا أود الخروج من هذا دون أصدقائي». والحقيقة أن أصدقاءه في بايرن ميونيخ وقفوا إلى جواره وحرصوا على مساعدته. وحرص أسطورة كرة القدم الألماني فرانز بيكنباور وأولي هونيس الرئيس الحالي لنادي بايرن على علاجه، كما قدموا إليه وظيفة في 1992.

وقال مولر عن فترة العلاج والنقاهة: «الأيام الأولى كانت في غاية الصعوبة ولا أتمناها حتى لألد أعدائي.. كانت جحيما، حيث كنت أتعرض للتقييد في السرير». ورغم ذلك نجح بايرن ميونيخ وعائلته في مساعدة هذا الأسطورة.

ولم يسجل مولر الكثير من الأهداف التي لا تزال بين أجمل الأهداف في تاريخ اللعبة، ولكن مسيرته، مثل مسيرة بعض المهاجمين الألمان الآخرين، جسدت الطبيعة المهيمنة لكرة القدم الألمانية ومواهب التهديف واقتناص الأهداف داخل منطقة الجزاء.

وقال مولر: «إنه شيء لا يمكن تعلمه. لا يمكنك أيضا تعليمه للشبان. يتعين أن تكون لديك هذه الموهبة وأن يكون رد فعلك سريعا وأن تستطيع تسديد الكرة بالقدمين. اعتدنا أن تكون كرة القدم هي كل ما نملكه. تركنا المدرسة وكنا نلعب كرة القدم حتى يحل الليل».

ورأى مولر أن بعض أرقامه القياسية ستظل «صامدة للأبد» مثل رقمه القياسي في عدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب بالبوندسليغا، حيث أحرز 40 هدفا لبايرن في موسم 1971 / 1972. وظل رقمه القياسي في عدد الأهداف خلال عام ميلادي واحد (85 هدفا في 1972) صامدا لأربعة عقود كاملة شهدت أجيالا كثيرة من اللاعبين والنجوم الرائعين، ولكن ميسي نجح في تهديده أخيرا.

وسجل ميسي 72 هدفا لبرشلونة و12 للمنتخب الأرجنتيني، وما زالت أمامه أربع مباريات باقية في العام الحالي ليحطم هذا الرقم من خلال تسجيل الهدف رقم 86.

وسبق لميسي، 25 عاما، أن حطم أرقاما قياسية أخرى لمولر عندما أنهى الموسم الماضي برصيد 72 هدفا لبرشلونة في مختلف البطولات بفارق خمسة أهداف عن الرقم القياسي لمولر الذي سجله مع بايرن ميونيخ في موسم 1972 / 1973. وصرح مولر، لصحيفة «موندو ديبورتيفو» الإسبانية الرياضية في ذلك الوقت، قائلا: «إنه فخر لي»، في إشارة إلى أن ميسي هو من حطم رقمه القياسي. وقال مولر، الذي تعلم الكثير من الدروس على مدار حياته الحافلة بالانتصارات والإخفاقات: «الأرقام القياسية تصنع لتتحطم، لا لتبقى خالدة.. لا يمكنك إيقاف الزمن».