إبراهيم الصيني: أهزوجة «العالمية صعبة قوية» كلمة السر لإحراز اللقب الآسيوي

خبير التنمية البشرية قال إن البدايات الجيدة تقود إلى النهايات السعيدة في البطولة

TT

أشباه لاعبين، مجرد قمصان في الملعب، هذا ليس فريقنا.. جمل ترددها الجماهير الرياضية في مشهد يعيد نفسه أمام الشارع الرياضي السعودي في كل موسم، وتحديدا في المراحل الحاسمة والقوية من بطولة دوري أبطال آسيا، التي تشهد توديع الفرق السعودية المشاركة في البطولة وهي خالية الوفاض.

ويفتح الغياب السعودي عن معانقة اللقب الآسيوي للموسم السابع على التوالي منذ 2005، باب التساؤلات حول أسباب هذا الفشل، والطرق المثلى لتجاوز هذه المشكلة.

«الشرق الأوسط» اتجهت لاختصاصي تطوير القدرات والتنمية البشرية الدكتور إبراهيم الصيني الذي يملك تجربة ناجحة مع الكثير من الأندية السعودية، لدراسة أبرز المسببات التي تساهم في حرمان الأندية السعودية من تحقيق لقب البطولة الآسيوية، وتظهر فيها الفرق خلال الأدوار النهائية بصورة هزيلة، وذلك لمواكبة النتائج قرعة النسخة الجديدة من البطولة التي أجريت قبل أيام.

«الفواتح عنوان الخواتم» في البداية قال الدكتور إبراهيم الصيني: «دائما لدينا مشكلة كبشر في كيف نختم الأمور بطريقة صحيحة، وينقصنا ثقافة إنهائها، ولذلك حتى الإسلام جاء يهتم بهذا الجانب (الأعمال بالخواتيم)، ومن صحت بدايته صحت نهايته، والعبرة في كمال النهاية لا نقص البداية، وأيضا لا ننسى أن (الفواتح عنوان الخواتم)، وأنت عندما تحتاج إلى ختام المسألة يجب أن تكون البداية سهلة وصحيحة».

واستشهد الدكتور الصيني بأن الأعمال تبدأ بالنية، هذا الشيء البسيط الصغير لكن إذا صحت النية صح العمل، فكما هي البداية «النية» بسيطة، فيجب أن تكون البداية بسيطة؛ لتكون النهاية ناجحة.

وأشار الصيني إلى أن «البدايات الخاطئة تكون أحيانا عبر تصريحات مسؤولي الأندية بأن (الآسيوية) بطولة صعبة وتحتاج إلى أموال ضخمة، أو التصريح بالتحدي بأننا نحتاج (الآسيوية)، ودائما نشاهد بعض الفرق السعودية في دوري أبطال آسيا تكون بدايتها سيئة، ثم تتألق في المنتصف، ولكنها تعود وتكون خاتمتها سيئة».

«ثلاثية العالمية.. التبسيط والشمولية والتركيز» وعما يجب فعله كبرنامج إعدادي لهذه البطولة قال إبراهيم الصيني: «هي ثلاثة أمور: الشمولية والبساطة والتبسيط والتركيز، فالتبسيط في الأنظمة والتكتيك والمعاملة، والطريق الثاني الشمولية، ولذلك ينبغي أن لا نقول نترك الدوري لأجل آسيا، أو أركز على آسيا لأجل الدوري، فاللاعب البطل لا يهمه أي الأصعدة يخوضها، والشمولية أيضا تتضمن الإعداد الفني والبدني والنفسي والروحي، بمعنى أن لا تكون مباراة الاتحاد هي مباراة العمر ونترك مباراة أولسان، وبالتالي نخسر البطولة، الشمولية تعني نجاحي يشمل الجميع، ونجاحي لا يشمل مباراة أو اثنتين، حتى في الاستراتيجية والتخطيط يكون عندك شمولية»، مضيفا: «الشمولية هي أن العملية التي تقوم بها تكون متكاملة لا تنفك جهة عن أخرى، فالبطل هو لجميع اللحظات والأمكنة والأزمنة، عندما تعد بطلا لجميع البطولات وليس لبطولة واحدة، فنحن نسمع عن فرق عالمية حققت بطولات متعددة: ثلاثا أو أربع بطولات، والسبب أنهم عملوا على إعداد البطل وليس البطولة»، موضحا: «هناك فارق عندما تركز على البطل والبطولة، فالقاعدة تقول (نمِّ البطل وتأتيك البطولات)، لكن عندما تركز على بطولة معينة تضع نفسك في مأزق».

واستشهد الدكتور إبراهيم الصيني بفريق الأهلي المصري الذي حقق لقب دوري أبطال أفريقيا في الشهر الماضي رغم توقف الدوري في بلاده والأوضاع الأمنية هناك، والسبب يعود لأن العمل كان على البطل وليس على البطولة، فالبطل لا تخاف عليه عند التركيز عليه وتنميته وتطويره، وقال: «عندما تأتي لقائد فريق مثلا وتسأله هل تريد أن تحمل أربع بطولات في موسم واحد؟ تجده يقول أتمنى ذلك، ولكن ما هو الطريق ويبدأ بالعمل على ذلك، ولكن عندما تقول له لدينا البطولة الآسيوية مثلا نريدها فهنا ستختلف المسألة، إذا حققها نجح، وإذا لم يحققها قال حاولنا ولكن لم نوفق، وهنا نحن ساعدناه على خلق مساحة الاعتذار»، مضيفا: «النقطة الثالثة التركيز، فيجب أن يكون لديك تركيز، فالوصول للعالمية أو تحقيق آسيا لا يأتي إلا بالتركيز».

وأوضح إبراهيم الصيني: «ثلاثية العالمية (البساطة والتبسيط والشمولية والتركيز) تغلفها الرحمة التي ترتب لك الفوضى الموجودة، والرحمة هي الموجودة في التركيز والتعامل والرؤيا والتكنيك والتخطيط والمادة التي تصرفها وتعامل اللاعبين مع بعضهم».

«البعد الزمني يقتل الإنسان» وعن التضارب في التصارح من مسؤولي الأندية تجاه هذه البطولة بكونها سهلة ونحن أبطالها السابقون، وبين كونها صعبة، وأن نظامها يخدم فرق شرق القارة الآسيوية، قال إبراهيم الصيني: «دائما وأبدا إذا أردت الإنسان أن لا يصل للعالمية فأدخله في البعد الزمني، فإذا عاش الإنسان الماضي يضيع ويبدأ يفكر نحن الأبطال وأخذناها موسم كذا وكذا، وهذا العيش في الماضي، أو أننا نأتي ونفكر في المستقبل.. البطولة صعبة ونظامها لا يخدمنا، فهذه جميعها أساليب خاطئة، والمطلوب أن نعيش الحاضر الحالي ونعمل على قوة اللاعبين ومستوياتهم»، مختتما حديثه في هذا الجانب بالقول: «من يعيش بين المستقبل والماضي ينسى حاضره ويفشل».

«نظام البطولة الجديد.. زاد احتمالات الوصول لها» وعن تغيير نظام البطولة في مباراتي دور الـ16 والمباراة النهائية التي أصبحت بنظام الذهاب والإياب هذا الموسم، والتي كانت بعض الأندية تتعذر بها، وأن فرصة المنافسة فيها محدودة، قال إبراهيم الصيني: «بهذا الوضع أصبحت البطولة الآسيوية قريبة المنال، والاحتمالات للوصول للعالمية زادت، وهنا يجب أن لا نقول للاعبين لا يوجد لديكم عذر، بل يفترض أن نقول الفرصة أصبحت أكثر أمامكم».

«العالمية بالترفيه.. فكرة يجب أن تتحول لواقع» وطرح الدكتور إبراهيم الصيني فكرة تساهم بتحقيق اللقب الآسيوي، وقال: «كما أننا تطورنا ووصلنا لمرحلة التعليم بالترفيه والتدريب بالترفيه، وأثبتت نجاحها، فالوصول للعالمية أيضا بالترفيه، والمثال الكلمات التي كانت تصدر من الجماهير المنافسة أصبحت في النهاية ألفاظا يتلفظ بها اللاعبون، فعبارة (العالمية صعبة قوية) كانت مزحة، ولكنها تحولت مع الوقت لحقيقة، وأصبح اللاعبون يرددونها مع مرور الوقت وهي في البداية طرفة، ولاعبو الهلال عقب مباراة أولسان قالوا (يبدو أن العالمية صعبة قوية)، فكيف نصل لاستراتيجية التعليم بالترفيه.. هذا سر المهنة وبحاجة لمختص».

وأشار الصيني إلى أن زيادة الضغوط والأفكار والأحمال لن تنجح؛ لأنك كإدارة تتعامل مع فريق وليس مع عقول أفراد، فعقل المجموعة يتحمل العمل البسيط الذي يتناسب مع الجميع.

«لا تقاوم.. وتفاءل» وقدم الدكتور إبراهيم الصيني نصيحته للأندية ولاعبيها بعدم مقاومة البطولة الآسيوية، وقال: «أنت تصبح ما تقاومه، واستشهد بما حدث مع نجم برشلونة الإسباني ليونيل ميسي الذي فشل في إهداء ابنه الأول (تياغو) هدفا احتفالا بقدومه للحياة، والسبب أن ميسي قاوم هذا الشيء فوقع فيه، وفشل في تسجيل الهدف الذي ينتظره لإهدائه لطفله لأكثر من مباراة».

وأشار إبراهيم الصيني إلى أن العالمية هي في النهاية فكرة، متى ما وجدت في ذهن اللاعب بطريقة صحيحة نجح في تحقيقها بعد توفيق الله، والفكرة هي خيال لا حدود له، مطالبا في ختام حديثه الأندية ولاعبيها بالتفاؤل؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «تفاءلوا بالخير تجدوه».