أحمد عيد.. بلاتيني الكرة السعودية

الرئيس المنتخب بقوة الأصوات مهمته الرئيسية النهوض باللعبة «الأولى» من «كبوتها»

TT

«أنا على غرار بلاتر وبلاتيني في الكرة السعودية».. جملة موجزة الكلمات كبيرة المعاني صدح بها أحمد عيد بثقة متناهية، وطموح مكنوز في دواخله، قبل ساعات قليلة من تنصيبه رئيسا للاتحاد السعودي لكرة القدم، وأمام منافسه الشرس على الرئاسة خالد المعمر، في المناظرة التي جمعت الطرفين على منصة «القناة السعودية الرياضية»، قبل أن يتوج الخبير الطموح أحمد عيد فعليا برئاسة اتحاد كرة القدم عن طريق صناديق الاقتراع لأول مرة في تاريخ كرة القدم السعودية.

تشبيه أحمد عيد لنفسه بالسويسري جوزيف بلاتر رئيس أعلى سلطة رياضية على صعيد كرة القدم في العالم «فيفا»، والفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لم يكن من باب الإثارة الإعلامية المفتعلة، بل كان يقصد بها الطريق ذاته الذي وصل به الثنائي لهذا المنصب، فالأول (بلاتر) لم يحضر مباشرة لرئاسة الفيفا قبل أن يتدرج في العمل الرياضي داخل أروقة الفيفا حتى وصل لكرسي الرئاسة، وهو الأمر ذاته الذي سار عليه أحمد عيد في العمل داخل الاتحاد السعودي لكرة القدم، والذي بدأ مع مطلع الألفية الجديدة، ناهيك عن إدارته للعمل الرياضي قبل ذلك، ولكن على صعيد الأندية والمنتخبات الوطنية، أما ربط نفسه بنجم الكرة الفرنسية السابق بلاتيني، فالمقصد أنه لاعب كرة القدم الأول الذي يتبوأ منصب رئاسة اتحاد كرة القدم.

حديث أحمد عيد عن مسيرته التي قال عنها إنها مشابهة لبلاتر وبلاتيني أشعلت الطموح داخل كل رياضي بات ينتظر أن يتطور العمل والفكر داخل الاتحاد السعودي، كما يحدث حاليا داخل أروقة الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم، عقب تولي الثنائي بلاتر وبلاتيني سدة الرئاسة، وخاصة الأخير الذي أحدث عدة تغييرات نافعة للأندية الصغيرة في أوروبا، وغيرها من التغييرات التي أسهمت في استمرار عملية التطوير في كرة القدم الأوروبية.

أحمد بن عيد الحربي، المولود في العاشر من مايو (أيار) 1948 بالساحل الغربي من السعودية، وتحديدا مدينة جدة عروس البحر الأحمر، بدأ بمداعبة كرة القدم عن طريق نادي التسامي لمدة ثلاثة مواسم، قبل أن يحط رحاله عبر النادي الذي قدمه للساحة الرياضية «الأهلي»، وذلك ابتداء من موسم 1966 ولمدة تزيد على أربعة عشر عاما استمر فيها حارس مرمى في النادي الأهلي.أحمد عيد الحارس العملاق والمتميز بالبنية الجسمانية الجيدة لحارس المرمى كان الاسم الأبرز على الساحة الخليجية، وشارك مع منتخب بلاده في ثلاث دورات خليجية «الأولى والثانية والثالثة»، نال في مشاركاته الثلاث لقب أفضل حارس في البطولة مرتين، وذلك في النسخة الأولى التي أقيمت 1970 في البحرين، والدورة الثانية التي أقيمت في الرياض 1972. ودع قائد الأهلي ونجم الحراسة الملاعب الرياضية موسم 1980 بعدما عاش العصر الذهبي لقلعة الكؤوس الأهلاوية، حين رمى بقفزاته كحارس مرمى ظلت الرياضة تسري في دمه، فلم يبتعد عنها منذ ذلك التاريخ بعدما بدأ في ساحة العمل الإداري عن طريق ناديه الأهلي مديرا للفريق، ثم سكرتيرا في النادي، واستمر في التدرج بالعمل حتى وصل لمنصب نائب الرئيس، ثم رئيسا للنادي لمدة موسم واحد، قبل أن يوسع نطاق عمله على صعيد إدارته لبطولة الصداقة لمدة سبعة مواسم، وهي البطولة الأبرز في فترة استعدادات الأندية خلال فترة الصيف، قبل أن يتجه للمنتخب السعودي ويشغل منصب مدير الكرة لمدة ثلاثة مواسم انتهت مع نهاية عام 1998، خلد عيد للراحة فترة قليلة بعيدا عن العمل الرياضي الرسمي، متفرغا لأعماله الخاصة؛ كونه رجل أعمال في القطاع الخاص، حيث يشغل منصب مدير «شركة التكامل الدولية للاستثمار التجاري»، قبل أن يعود للوسط الرياضي، ولكن عن طريق الاتحاد السعودي لكرة القدم ابتداء من موسم 2000، وشغل عدة مناصب وعضويات، منها عضويته لمجلس الإدارة التي استمرت حتى 2011، وعضو للجنة المسابقات من 2000-2007، ونائب رئيس لجنة الاحتراف لدورتين، وذلك حتى ابتعاد رئيس اللجنة الدكتور صالح بن ناصر 2012 ليتسلم عيد رئاسة اللجنة حتى الآن، وفي مارس (آذار) الماضي بدأت نقطة التحول في تاريخ عيد الرياضي على صعيد العمل الإداري، بعدما أسندت له مهام تسيير أعمال الاتحاد السعودي لكرة القدم عقب استقالة الأمير نواف بن فيصل، نظير إخفاق المنتخب السعودي في الوصول لمونديال 2014 في البرازيل، الفترة التي قضاها عيد رئيسا للجنة المؤقتة لإدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم زادت من شعلة الطموح في داخله، ليبدأ جديا في التفكير بترشيح نفسه للرئاسة التي وصل فعليا لها.

واستمرارا في مسيرة رجل المرحلة القادمة في رياضة كرة القدم السعودية أحمد عيد، الذي لم يشغله شغفه وطموحه في المجال الرياضي عن تطوير نفسه في الجانب الأكاديمي، حيث يحمل شهادة بكالوريوس آداب قسم الجغرافيا من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، إضافة لشهادة عليا في المجال ذاته؛ ماجستير تخصص خرائط بدرجة امتياز من جامعة واشنطن في مدينة سياتل بالولايات المتحدة الأميركية، عمل عيد في قطاع وزارة البترول والثروة المعدنية قبل أن يتجه للقطاع الخاص كرجل أعمال يدير «شركة التكامل الدولية للاستثمار التجاري».

أحمد عيد، قائد مسيرة الكرة السعودية لأربع سنوات قادمة، قال عقب فوزه مساء أول من أمس: «رغم سعادتي بالثقة التي حظيت بها من أعضاء الجمعية العمومية، وفوزي بمنصب رئاسة اتحاد كرة القدم، فإنني حقيقة أقولها.. لا مجال للفرح؛ فقد حان وقت العمل لتحقيق تطلعات الرياضيين».

برنامج أحمد عيد الذي قدمه في ملفه الانتخابي أطلق عليه «خبرة تستهدف المستقبل»، حيث قال بأن الهدف هو اعتلاء كرة القدم السعودية مكانة مرموقة تضمن لها المنافسة الفاعلة لتحقيق البطولات على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي، وذلك من خلال تكثيف الجهد في العمل لضمان وصول المنتخبات السعودية والأندية إلى مصاف المنتخبات والأندية العالمية. وأطلق عيد وعدا بالعمل الجاد لوصول المنتخب السعودي ضمن قائمة أفضل 40 منتخبا حول العالم، وفقا لتصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الذي وصل فيه الأخضر حاليا لأسوأ المراكز وفقا لتصنيف الشهر الحالي ديسمبر (كانون الأول)، حيث يحتل المركز 126. لم يقتصر برنامج عيد على جانب دون الآخر، حيث كان برنامجا ثقيلا يحمل في طياته الكثير من عناصر التغيير في المرحلة القادمة، حيث شمل في البداية عناصر العمل وأصحاب الشأن والبداية مع اللاعبين، ووعد أحمد عيد بزيادة عدد اللاعبين المسجلين رياضيا تحت مظلة اتحاد كرة القدم من خلال إنشاء أكاديميات وتوسيع مشاركات الجامعات والمدارس والقطاعات الخاصة، إضافة للمدربين الوطنيين، حيث وعد أحمد عيد بوصولهم إلى 1000 مدرب، والعمل على تطويرهم على أعلى مستوى، وتشجيع الأندية على استقطابهم للعمل، الحال ذاتها للحكام الذين أشار عيد إلى أنه سيعمل جديا على الارتقاء بمستوى الحكم السعودي من خلال توفير البيئة المناسبة له، وأخيرا في جانب عناصر العمل (الإداريين)، حيث وعد أحمد عيد بتوسيع دائرة تبادل الخبرات مع الاتحادات الرياضية حول العالم، والعمل على ابتعاث الشباب السعودي للدراسة المتخصصة في الجانب الرياضي، كما شمل برنامج عيد الأندية من حيث الزيادة وتفعيل الأدوار، والمسابقات الرياضية من حيث الجدولة الجيدة وضمان الاستمرارية دون التوقفات المفاجئة، والمنشآت الرياضية التي لا يملك عيد، كرئيس للاتحاد السعودي لكرة القدم، القرار الكامل فيها، لكنه وعد بالتواصل مع الجهات المسؤولة ذات العلاقة لضمان توفير وتطوير المنشآت التي من شأنها المساهمة في عملية التطوير القادمة، إضافة للتنظيم المالي من حيث الشفافية في الميزانية والعمل على تنمية مصادر الدخل للأندية والمنتخبات والمسابقات التي يشرف على تنظيمها اتحاد كرة القدم، كما وعد أحمد عيد بإعادة هيكلة العمل الإداري داخل الاتحاد السعودي من جوانب متعددة، من شأنها اختصار الوقت في إنهاء الأمور المتعلقة بالأندية والرياضيين، إضافة للمساهمة في إنشاء هيئة للتحكيم الرياضي، والعمل على إيجاد محكمة رياضية، وتفعيل لجنة فض المنازعات، والعمل على إيجاد فروع للاتحاد السعودي لكرة القدم بكافة مناطق المملكة، إضافة لخلق شراكة حقيقة مع الإعلام الرياضي، والشفافية في التعامل معه من خلال عقد لقاءات دورية مستمرة.

الحال ذاتها مع الجماهير الرياضية التي وعد أحمد عيد بفتح قنوات التواصل معها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وعقد لقاءات للحوار وتبادل وجهات النظر، إضافة للتعاون مع رابطة دوري المحترفين لتنظيم بيئة رياضية ملائمة للجماهير في الملاعب الرياضية، ولم يغفل برنامج أحمد عيد المسؤولية الاجتماعية، حيث وعد بتفعيل دور الاتحاد السعودي لكرة القدم بهذا الجانب من خلال زيادة عدد الأنشطة وتوسيع دائرة التعامل مع الجهات الحكومية الأخرى.

هموم كرة القدم السعودية، وتطلعات الجماهير، وثقة المسؤولين، على طاولة الخبير الطموح أحمد عيد، فهل يجيد القراءة لواقع متعثر بالإخفاق والفشل ويعيد صياغة مخطط النجاح والعمل الجاد ليعيد كرة القدم السعودية للزعامة الآسيوية والواجهة العالمية مجددا خلال أربع سنوات قادمة..؟