شخصية مورينهو «الجدلية» تورث السم لخليفته في الريال

مخاوف من أضرار اقتصادية على النادي الأغنى في العالم عند رحيله

TT

أعاد البرتغالي جوزيه مورينهو ريال مدريد إلى القمة في عالم كرة القدم، لكن شخصيته ومواقفه المثيرة للجدل ربما تترك إرثا مضرا للنادي الملكي حال رحيله قبل انتهاء مدته.

وراهن فلورنتينو بيريز، عملاق صناعة التشييد في إسبانيا ورئيس النادي، الذي أغرى مورينهو بالانضمام للفريق قادما من إنترناسيونالي الإيطالي في صفقة كبيرة جرت عام 2010، بكل شيء على مدرب بورتو وتشيلسي الأسبق في ظل سعيه المحموم لتحقيق النجاح الرياضي ونيل اللقب العاشر على صعيد بطولة أوروبا والذي يراوغ ريال منذ عام 2002.

ومع ذلك فإن البداية المضطربة للموسم الحالي ترجح أن النادي الذي ينافس في دوري الدرجة الأولى الإسباني ربما يخفق في البناء على النجاح الذي تحقق الموسم الماضي عندما أنهى ريال سيطرة غريمه برشلونة على اللقب والتي دامت لثلاث سنوات. كما كان ريال قاب قوسين أو أدنى من بلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا.

ويبتعد ريال مدريد حاليا بفارق 13 نقطة خلف برشلونة في ترتيب الدوري الإسباني، ويتأخر بنتيجة 2/1 عقب خسارة الفريق أمام سيلتا فيغو في ذهاب دور الستة عشر لكأس ملك إسبانيا. وسيواجه مانشستر يونايتد الفائز باللقب الأوروبي 2008 في دور الستة عشر لدوري الأبطال بعد أن احتل المركز الثاني في المجموعة خلف بروسيا دورتموند الألماني المتصدر.

وبعد أن عين مديرا للكرة إلى جانب كونه مدربا للفريق، وهي خطوة غير معتادة بالنسبة لفريق في إسبانيا، بات مورينهو يتحمل مسؤولية غير محدودة في تطوير المنتج الخاص بريال وفقا لخبراء التسويق. وتتطلب أي استراتيجية تسويق ناجحة في الأساس النجاح في الملعب، لكن يتعين عليها أيضا الترويج لصورة النادي الذي يجب أن يحظى بقبول لدى الجماهير الحالية مع تشجيع المزيد منهم على استثمار الوقت والمال في متابعته. وقال الخبراء إن مورينهو الذي سيتم عامه الـ50 الشهر المقبل نجح جزئيا في أول اختبار، وسيعني الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا اكتمال النجاح بالنسبة له، إلا أنه فشل في اختبار آخر.

وأدى مورينهو إلى نفور جانب من مشجعي ريال مدريد التقليديين الذين أطلقوا صفارات الاستهجان ضده في ملعب برنابيو العملاق التابع للنادي، بينما بات بطلا لدى مجموعة «ألتراس سور»، وهي مجموعة معروفة بآرائها شديدة التطرف. وإذا ما قرر مورينهو أن يقفز من السفينة قبل انتهاء عقده في عام 2016 من دون الفوز بالمزيد من الألقاب فإن خليفته سيتناول كأس السم، كما أن فترة مورينهو في ريال سيتم تذكرها بكل ما هو سيئ. وستشمل تلك الذكريات مشهد تسلل مورينهو من خلف تيتو فيلانوفا مساعد مدرب برشلونة في ذلك الوقت خلال شجار بين لاعبي ومدربي الفريقين، وتوجيهه إصبعه على عين فيلانوفا مباشرة، إضافة للشكاوى المتواصلة منه إزاء تحامل الحكام على الفريق والاشتباكات المقيتة بينه وبين الصحافيين ومسؤولي ريال، والتلميحات السيئة إلى أن برشلونة يحصل على معاملة تفضيلية من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

وقال كارلوس غارسيا دي كاسترو، وهو عضو مجلس إدارة في الاتحاد الإسباني للتسويق، لـ«رويترز»: «من وجهة نظر النجاحات الرياضية فإن الأهداف تبدو متحققة إلى الآن». وأضاف غارسيا دي كاسترو الذي يعمل أيضا كمدير عام لمجموعة «هافاس سبورتس آند إنترتينمنت» والتي تندرج شركة أديداس الراعية لريال ضمن عملائها «لقد كان هو والشخص الذي عينه من صاغا عملية التحدي والفوز بالألقاب في مواجهة أفضل فريق عرفه برشلونة على مدار تاريخه». وتابع «يبدو هذا حقيقة الآن، إلا أنه عندما وصل (مورينهو) كان الأمر أشبه بمهمة مستحيلة. إضافة إلى ذلك فقد تواصلت أرباح النادي في الزيادة بمعدل أكثر من تسعة في المائة على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة». واستطرد قائلا «القول بهذا يوضح أن شخصيته القوية وادعاءاته المبالغ فيها ومسلسل تصرفاته غير الرياضية العديدة قد أبعدت النادي عن الصورة التقليدية المنطبعة عنه باعتباره نادي النبلاء ليصبح ناديا للجميع». وقال غارسيا دي كاسترو «هذه القيم تكمن في جينات العلامة التجارية، ومن الخطورة دوما أن تتلاعب بالحمض النووي للعلامة التجارية».

ويعد ريال أغنى ناد في العالم من حيث الإيرادات، وتجري مقارنته دوما بما يحققه برشلونة - ثاني أغنى ناد - والذي عمل فيه مورينهو كمدرب مساعد لبوبي روبسون ولويس فان غال في أواخر التسعينات من القرن الماضي. وقال دومينيغو أوليفو دي ميغيل، وهو مدير تطوير الأعمال في هافاس بإسبانيا، إن المؤشرات الأولى ترجح أن فيلانوفا الذي تولى المهمة بديلا لبيب غوارديولا في نهاية الموسم الماضي كان له تأثير إيجابي على صورة النادي الكتالوني. وتنحى فيلانوفا - صاحب الطباع الهادئة الميال للتفكير والمهتم بخصوصياته بشكل كبير على النقيض من مورينهو - عن المشهد الأسبوع الماضي عقب الأنباء التي تواردت عن حاجته لجراحة وعلاج كيماوي بسبب إصابته بورم في الغدد اللعابية.

وينظر إلى فيلانوفا، وهو نتاج لأكاديمية الشباب في برشلونة، والذي شغل العديد من المناصب، في النادي باعتباره من أشد المدافعين عن سياسة الدفع بلاعبين شبان من خريجي الأكاديمية بدلا من شراء لاعبين من الخارج، وهو ما يتناقض بشدة مع مورينهو الذي يلاحظ مدى تركيزه الشديد على تحقيق نتائج سريعة. وقال أوليفو دي ميغيل في إشارة لنجاح غوارديولا خلال فترته التي دامت أربع سنوات في قيادة الفريق والأداء الخاص بهذا الجيل من اللاعبين الموهوبين أمثال ليونيل ميسي وتشابي وأندرياس إنييستا «من الصحيح أيضا أن معظم الإيرادات المترتبة على استراتيجية الإدارة الخاصة في برشلونة موروثة». وأضاف «مهما يكن الأمر فإن بوسع برشلونة أن يعول على استراتيجية أكثر توازنا ونجاحا واستمرارية في تطوير منتجه». ولم يخف مورينهو سرا بشأن رغبته في العودة للتدريب في إنجلترا، كما ارتبط اسمه بتدريب فريق باريس سان جيرمان الفرنسي صاحب الإنفاق الكبير.

وإذا ما ترك مورينهو منصبه بسبب أي خلافات فإن التأثير الفوري على الريال سيكون اقتصاديا مؤلما، وسيعادل إنفاق عشرات الملايين من اليورو لضم لاعب كبير على حسب ما يعتقد أوليفو دي ميغيل. وأضاف دي ميغيل «على صعيد الاستقرار المشروع الرياضي والمؤسسي فإنه لن يكون في مصلحة الفريق أن يرحل مورينهو في المدى القريب». وتابع «على المدى الطويل فإنه سيجري إسداء النصح للنادي بتحجيم الجوانب السلبية لإدارة مورينهو للفريق مع السماح له بإنهاء مشروعه والبدء في وضع استراتيجيات بديلة للمستقبل إذا لم تلب إدارة مورينهو التوقعات».

وخلص غارسيا دي كاسترو إلى أن «رحيل مورينهو الافتراضي سيلحق ضررا شديدا باستقرار المشروع الرياضي أكثر من أي شيء آخر، وهو المشروع الذي يشكل أساس كل شيء». وأضاف «سيكون من الأسهل تعديل بعض أكثر الأوجه المثيرة للجدل في الصورة الخارجية للمدرب بدلا من البحث عن مدرب جديد والبدء من الصفر. كل العلامات التجارية بحاجة لاستقرار واستمرارية، والتغييرات المفاجئة تكون مدمرة دوما».