بطولة الخليج.. سفينة صامدة رغم أمواج «النقد والتشكيك»

بن همام أول من أشعل القضية بتصريح «شيوخ الخليج»

TT

بين أمواج متلاطمة وصراعات دائمة تشتد تارة وتهدأ تارة، تسير سفينة بطولة الخليج بهدوء وثقة رغم ارتفاع وتيرة النقد في الفترة الأخيرة.

بطولة الخليج، بين عراقة الماضي وتاريخ مجيد لنجوم من المدربين والإداريين واللاعبين تسطر أسماؤهم بماء الذهب وبين المطالبات بالإلغاء والتوقف عند هذا التاريخ الماضي أو التوقف مع العمل على تطوير المنافسة بصورة مغايرة تواكب الزمن الحديث وتعود بالنفع على الجانب الفني للمنتخبات الخليجية.

باتت الأحاديث تكرر نفسها عند إقامة كل بطولة خليجية في الفترة الأخيرة وتطفو على السطح بشكل واضح وصريح من الجانب الإعلامي يشاطرهم بذلك لاعبون سابقون لهم صولات في ملاعب البطولة لكنهم اليوم باتوا قادة لتيار المطالبين بإلغاء البطولة التي أصبحت عائقا لاستمرارية الدوريات المحلية دون الخروج بنتيجة إيجابية على الصعيد الفني كما هي أقوال أصحاب هذا الرأي، في المقابل يعتبر مسؤولون سابقون أن الحديث أو مجرد التفكير في إلغاء البطولة يعتبر بمثابة الخط الأحمر لأنها بطولة ذات فضل على الكرة الخليجية ويعزون إليها أنها أخرجت الأجيال الذهبية لكافة المنتخبات الخليجية التي عانقت الذهب الخليجي وانطلقت بعده لفضاء العالمية.

البطولة الخليجية التي تدخل عامها الـ«42» اليوم السبت بإقامة النسخة الـ«21» على أرض البحرين وفي عاصمتها المنامة التي شهدت ميلاد أول بطولة في عام «1970» بمشاركة 4 منتخبات، تعود اليوم لتقام من جديد للمرة الرابعة على أراضيها دون اكتراث بما يجري من أحاديث تطالب بإيقاف البطولة وبمشاركة كافة المنتخبات الثمانية بالصف الأول دون أي اعتذارات سجلتها البطولة.

وتعود شرارة الخلافات حول البطولة منذ عام «2009» عقب خليجي «19» الذي أقيم في العاصمة العمانية مسقط بعدما بدأت المطالبات بإلغاء البطولة تطفو على السطح بين المسؤولين عقب التصريح الشهير لرئيس الاتحاد الآسيوي السابق القطري محمد بن همام الذي أطلق على هذه البطولة لقب «بطولة الشيوخ» في إشارة إلى انعدام الفائدة الفنية منها، وجاء في سياق التصريحات الفضائية التي أطلقها بن همام مطالبته بإدخال منتخبات عربية لتحتدم المنافسة وتعود الفائدة الفنية على اللاعبين والمنتخبات.

وليستمر الجدل ويدور حول رأي محمد بن همام الذي أعلنه تجاه البطولة كان آخرها تصريحات للكويتي الشيخ أحمد الفهد الصباح رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي ورئيس اللجنة الأولمبية الكويتية، مؤكدا خلالها أن الحديث عن موت بطولة كأس الخليج بعد مرور نحو «42» عاما على انطلاقتها فيه غبن كبير لها، مشيرا في تصريحات نشرتها إحدى الصحف الخليجية أن من يطالب بإلغائها لا يقرأون الواقع ولا يعرفون قيمة البطولة التي يتابعها الخليجيون أكثر من غيرها، حيث رفض الحديث عن إلغائها مؤكدا أن هذا الكلام غير مقبول ويكذبه الواقع وأن كأس الخليج هي السلم الذي صعدت عليه رياضتنا الخليجية إلى آفاق العالمية والتطور، رافضا تسميتها ببطولة «الشيوخ» على اعتبار أنهم إذا حضروا توهجت وإذا غابوا انحسرت، وقال: ذهب الشيوخ ولم يبق إلا واحد (في إشارة إلى الشيخ عيسى بن راشد رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية السابق) فيما ذهب الآخرون إلى مسؤوليات أخرى بعيدة عن اللعبة وظلت البطولة قائمة بمكانتها وحجمها الكبير، مقترحا إعادة النظر مستقبلا في نظام الاستضافة بحيث تكون المنافسة بين المدن وليس الدول، موضحا أن البطولة بنظامها الحالي تحتاج إلى ملعبين فقط وإلى فنادق، ولذا قد يكون من المناسب أن تتاح الاستضافة لمن يرغب في الاستفادة من المدن وفق شروط معينة، مؤكدا أنه بهذا المقترح من الممكن تجاوز مأزق التبديل والتغيير الذي يحدث من وقت لآخر. وسبق تصريح أحمد الفهد تصريحا آخرا للشيخ عيسى بن راشد النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة البحريني والرئيس الفخري الدائم للجنة الأولمبية البحرينية الذي استغرب فيه موقف رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم السابق محمد بن همام من بطولة الخليج، لافتا إلى أن إطلاق مسمى «بطولة الشيوخ» عليها لن يقلل من نجاحاتها، وقال في حواره الموسع مع إحدى الصحف: لولا الشيوخ لما كانت هذه البطولة لأنها تحتاج إلى دعم مادي كبير.

أما التيار الآخر المطالب بإلغاء البطولة أو العمل على تطويرها لتعود بالفائدة الفنية على المنتخبات المشاركة واللاعبين فيتقدمهم القطري بن همام الذي أشعل فتيل المطالبة بإطلاق مسمى بطولة الشيوخ قبل أن يعود قبل عدة أيام عبر إحدى الإذاعات ليؤكد أنه مع البطولة ولكن شريطة الاستفادة منها بصورة كاملة وعدم الركون لتصريحات إعلامية من مسؤولين يبحثون عن الأضواء ويطاردون الإعلام والفلاشات ويسرقون بالنهاية الجهد من اللاعبين صناع الفرحة، ويأتي في صفه قائد المنتخب السعودي السابق صالح النعيمة الذي قال في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية قبل أيام: بطولة الخليج استنفدت حاجتها الفنية ولم تعد قادرة على تقديم المزيد من الإبداع والإثارة في الملاعب، مطالبا بضرورة إلغائها واستبدالها بكأس عربية كبرى تشارك فيها المنتخبات العربية بصفوفها الأولى وبمحترفيها في أوروبا لتكون أشمل وأقوى وأكثر فائدة على الصعيد الفني، مبررا وجهة نظره بأن البطولة لم يعد لديها ما يكفي من المكاسب على المستوى الفني وبالتالي فإنها حققت غرضها حيث أقيمت بناء على أمر ملحّ لزيادة أواصر التلاحم والمحبة والمودة بين دول الخليج عام «1970» وحينها لم تكن كرة القدم الخليجية في المنطقة شيئا يذكر إذ كانت في بدايتها، ولكن الوضع الآن اختلف عن سابقه ويجب أن نعمل على إلغائها أو تطويرها بضرورة أن تتوسع لتشمل كل المنتخبات العربية هذا ما يجب علينا أن نفعله، مضيفا: حينما تحتك منتخبات الخليج الحالية بمنتخبات عرب أفريقيا ستكون الفائدة أكبر، فمواجهة منتخبات مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب فيها فائدة كبرى على الصعيد الفني وستكون تجارب ثرية مع هذه المنتخبات، أما حصر البطولة على المستوى الخليجي فلم يعد مهما بالنسبة لين، ولن تكون ذات فائدة أبدا، ولتأكيد ما أقوله وما أراه انظروا إلى منتخبات الخليج الآن لا شيء في مكانها ولم تتقدم ولم تتغير لأنها لا تحتك مع منتخبات أقوى منها، مشيرا إلى أن الرياضة طموح مستقبلي، والماضي أصبح ذكريات ويجب أن لا تتوقف عنده المنتخبات الخليجية، وعليها أن تعمل لمصلحة الأجيال المقبلة من حيث تقديم شيء حقيقي لمتابعيها ومشجعيها، وهذا لن يكون ببطولة محصورة في منطقة محددة استنفدت حاجتها وحققت أهدافها المرجوة، وأضم صوتي إلى كل من يطالب بإيقاف كأس الخليج وتحويلها إلى بطولة عربية تلفت الأنظار بقوتها وإثارتها الحقيقية لا الإعلامية فقط.

الأمير خالد الفيصل كان يطرح فكرته (إقامة دورة الخليج) في أكثر من مناسبة للمقربين منه، وفي إحدى المناسبات قام بالتصريح بهذه الفكرة التي لاقت استحسان جميع الحاضرين ليقوم بعد ذلك بعرضها على الملك فيصل بن عبد العزيز الذي وافق على ذلك، وقام الوفد البحريني المشارك في أولمبياد مكسيكو «1968» بعرض الفكرة على رئيس الاتحاد الدولي (فيفا) الإنجليزي ستانلي روس حيث نالت إعجابه ورحب بالفكرة وأبدى دعمه تجاهها، وبعد عودة الوفد البحريني عقد اجتماع تم من خلاله وضع الخطوط العريضة للبطولة ولم تمض سوى فترة قصيرة حتى رأت هذه الفكرة النور بمشاركة 4 منتخبات خليجية هي (السعودية والبحرين والكويت وقطر) وفي 1970 أقيمت أول بطولة خليجية للمنتخبات في البحرين لتتحول الأمنية لواقع والحلم لحقيقة.

البطولة الخليجية وإن اختفت متعتها وإثارتها بصورة نسبية في النسخة الأخيرة التي أقيمت في اليمن عقب مشاركة بعض المنتخبات الخليجية بالصف الثاني يتقدمها السعودية والإمارات كونها جاءت بوقت مقارب لانطلاقة البطولة الآسيوية التي أقيمت في الدوحة «2011»، تعود اليوم من البحرين وسط مشاركة كافة المنتخبات بالصف الأول يواكبها حشود إعلامية كبيرة تسعي لتغطية الحدث الخليجي الذي تتجه الأنظار العربية والخليجية على وجه الخصوص لمتابعته كونها البطولة المفضلة لنسبة كبيرة من أبناء الخليج رغم مطالب الإلغاء والتوقف.