بطولة أمم أفريقيا تستعد للانطلاق السبت وسط انزعاج أوروبي

أكثر من 100 محترف غادروا أنديتهم للانضمام إلى منتخبات بلادهم في العرس الأفريقي

TT

تستعد جنوب أفريقيا لاستضافة كأس الأمم الأفريقية 2013 بداية من السبت المقبل، وتقام البطولة هذه المرة للعام الثاني على التوالي (حيث أقيمت آخر نسخة عام 2012) من أجل السماح بتغيير موعدها من السنوات الزوجية إلى السنوات الفردية مستقبلا لتفادي الصدام مع منافسات كأس العالم وتصفياتها أو بطولة أمم أوروبا.

وأنقذت جنوب أفريقيا في اللحظة الأخيرة إقامة البطولة التاسعة والعشرين التي كان من المقرر أن تستضيفها ليبيا لكن أحداث الثورة وما تلاها من اضطرابات بالبلاد دفع الاتحاد الأفريقي إلى اتخاذ قرار عاجل بسحبها وكانت جنوب أفريقيا هي الدولة الوحيدة في القارة السمراء القادرة على استضافتها مستندة على البنية التحية الجاهزة منذ استضافتها مونديال 2010.

وأقر رئيس اللجنة المنظمة للبطولة مفوزو مبيبي بأن بلاده لم تكن لتستطيع القيام بهذا لو لم تمتلك البنى التحتية التي أقيمت من أجل المونديال».

وستقام المنافسات على 5 من 6 ملاعب تم تحديثها أو بناؤها لاستضافة مباريات كأس العالم. وأضاف: «لم يكن لدينا عمل كبير هذه المرة. كان يكفي الذهاب إلى الملاعب ووضع بعض اللمسات»، مشيرا إلى أن الخبرة التي تم اكتسابها في المونديال ذات قيمة.

لكن اختيار الملاعب وضع مشكلة بسيطة وتطلب مفاوضات طويلة تمحورت بشكل خاص حول قلة ارتياد الجماهير خلال أمم أفريقيا والتكلفة الباهظة للتنظيم مما أدى إلى تراجع بعض المدن. فمدينة كيب تاون بملعبها الرائع الذي يتسع لـ64 ألف متفرج، رفضت استضافة منافسات أي مجموعة، وملعب سوكر سيتي (94 ألف متفرج) في سويتو- جوهانسبورغ اكتفى باحتضان المباراتين الافتتاحيتين والمباراة النهائية.

وبشكل عام، تناضل بعض الهيئات والإدارات المكلفة إدارة الملاعب تأمين الإيرادات بصعوبة حتى تتمكن من تمويل الصيانة لأن إقامة الحفلات وإقامة مباريات الدوري لا تكفي لذلك.

ومع اقتراب موعد البطولة عادت الأندية الأوروبية لتشن حملاتها على الاتحاد الأفريقي لإصراره علي إقامة بطولة كأس الأمم الأفريقية كل عامين، وارتفعت حدة الانتقاد هذا العام لأنها البطولة الثانية خلال عامين.

ويمثل اللاعبون الأفارقة نسبة كبيرة في الأندية الأوروبية حيث يزيد عدد المحترفين المشاركين في البطولة الأفريقية عن مائة لاعب، نصفهم من الأندية الفرنسية.

وتكشف الإحصائيات، أن أعداد اللاعبين الأفارقة في أوروبا يتزايد عاما بعد عام، ففي إسبانيا على سبيل المثال يغادر 11 لاعبا إلى بطولة الأمم الأفريقية، بينما ستفتقد الفرق الفرنسية جهود 57 لاعبا دفعة واحدة، كما سيخسر الدوري الإنجليزي أكثر من 25 لاعبا، ومن ألمانيا 21 لاعبا، مقابل 9 في الدوري الإيطالي.

وكان رئيس نادي مارسيليا الفرنسي بابا ضيوف، قد أشار إلى أن البطولة تلحق الضرر باللاعبين الأفارقة المحترفين بفريقه، مثلما تنزل الضرر بأنديتهم الأوروبية لأن منافساتها تقام وسط الموسم وفي أوقات تحتاج فيها الفرق لكل لاعبيها.

وتساءل ضيوف: «من يضمن للاعب الأفريقي المحترف عندما يعود إلى ناديه أن يجد من جديد مكانه في تشكيلة الفريق الأساسية؟ وكم من الوقت مطلوبا ليتمكن هذا اللاعب من التأقلم من جديد مع زملائه الذين يتركهم لمدة قد تزيد في بعض الأحيان علي يوما، وماذا سيحدث إذا أصيب؟».

وبدورة انتقد أرسين فينغر المدير الفني للآرسنال الإنجليزي البطولة وطالب بضرورة إقامتها كل أربعة أعوام علي غرار بطولة كأس الأمم الأوروبية وفي نفس توقيتها حتى لا تحرم الفرق الأوروبية من نجومها الأفارقة.

ووجه فينغر كلامه بحدة للكاف قائلا: «يجب أن يدرك المسؤولون عن الاتحاد الأفريقي أن الأندية الأوروبية لن تتحمل رواتب لاعبين يلعبون في بطولات خارجية» في دعوة واضحة للاعبين الأفارقة المحترفين للمطالبة بحقوقهم من الاتحادات الأفريقية المحلية التي تعاني كثيرا من المشاكل المالية.

ويرفض رئيس الكاف عيسي حياتو إدخال أي تعديلات علي بطولة الأمم الأفريقية بمشاركة المحترفين لكونها توفر % من عائدات «الكاف» الذي ينمي من جانبه موارد الاتحادات الأفريقية التي لا يجد بعضها تمويلا كافيا، لخوض البطولات القارية والدولية، بل إن بعضها لا يجد تمويل شراء الملابس الرياضية. وأشار حياتو إلى أن بطولة كأس الأمم الأفريقية أسهمت بقوة في العشرين عاما الأخيرة في النهوض بالكرة الأفريقية، وهي البوابة التي جعلت أندية أوروبا تأتي لتقطف أبرز نجومها الصاعدين فلماذا الشكوى الان؟.

وستشهد كأس الأمم الأفريقية التاسعة والعشرون غياب عدد من المنتخبات البارزة وعودة أخرى كانت غائبة وقدوم منتخبات تشارك لأول مرة.

وكان المصري، حامل الرقم القياسي بعدد الألقاب (7 آخرها عام 2010)، الضحية الأبرز على الإطلاق حيث فشل في التأهل إلى النهائيات للمرة الثانية على التوالي بخروجه على يد جمهورية أفريقيا الوسطى. وتأهل إلى الدور الثاني الأخير 14 منتخبا انضمت إلى المنتخبات الـ16 التي شاركت في نهائيات أمم أفريقيا 2012.

وهذه المرة الأولى منذ 1968 التي تغيب فيها مصر عن نسختين متتاليتين بعد أن توجت 3 مرات متتالية (2006 و2008 و2010) بقيادة المدرب حسن شحاتة الذي ترك مكانه للأميركي بوب برادلي، وأقر الأخير بمسؤولية الجهاز الفني عن خروج منتخب الفراعنة من الدور الأول بخسارته 2 - 3 ذهابا في الإسكندرية وتعادله إيابا 1 - 1.

أما الغائب الأكبر الثاني عن هذه النهائيات وللمرة الثانية على التوالي أيضا فهي الكاميرون (4 ألقاب)، التي خرجت بقيادة نجمها صامويل إيتو على يد الرأس الأخضر المغمورة بعد خسارتها في ذهاب الدور الثاني صفر - 2 في برايا وفوزها إيابا 2 - 1.

وتجدر الإشارة إلى أن الرأس الأخضر، الوافد الجديد الوحيد إلى النهائيات، حصلت على استقلالها عن البرتغال عام 1975 وكانت مباراتها الأولى كدولة مستقلة عام 1979 ضد غينيا بيساو (صفر - 3 وديا)، وهي لم تنضم إلى الاتحاد الدولي (فيفا) قبل عام 1986 ولم تشارك في تصفيات كأس العالم قبل نسخة 2002 وفي تصفيات كأس أمم أفريقيا قبل 1994 علما بأن هناك كثيرا من اللاعبين المنحدرين منها دافعوا أو يدافعون عن ألوان منتخبات أوروبية مثل لويس ناني (البرتغال) وهنريك لارسون (السويد).

وتغيب أيضا ليبيا والسودان وبوتسوانا وغينيا إضافة إلى صاحبي الضيافة للنسخة السابقة الغابون وغينيا الاستوائية.

وعادت إلى المشهد القاري كل من نيجيريا وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية والجزائر وتوغو وإثيوبيا، والأخيرة بعد غياب 30 عاما.

ووزعت المنتخبات الـ16 المتأهلة إلى النهائيات على أربعة مستويات فجاءت جنوب أفريقيا وغانا وزامبيا وساحل العاج في الأول! ومالي وتونس وأنغولا ونيجيريا في الثاني، والجزائر وبوركينا فاسو والمغرب والنيجر في الثالث، وتوغو والرأس الأخضر وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا في المستوى الرابع.

وتضم المجموعة الأولى جنوب أفريقيا المضيفة وأنغولا والمغرب والرأس الأخضر، والثانية غانا ومالي والنيجر والكونغو الديمقراطية، والثالثة زامبيا حاملة اللقب ونيجيريا وبوركينا فاسو وإثيوبيا، والرابعة التي وصفت بـ«الحديدية»، ساحل العاج وتونس والجزائر وتوغو.

ولن تكون مهمة المنتخبين التونسي والجزائري سهلة في سعيهما إلى الظفر باللقب القاري الثاني في تاريخهما، لأنهما سيصطدمان بقوة مع ساحل العاج المدججة بالنجوم في مقدمتها ديدييه دروغبا، ويايا توريه، وجيرفينيو، وسالومون كالو، وسياكا تيينيه، وديدييه زوكورا، والذين ستكون الكأس القارية الحالية فرصتهم الأخيرة لفك النحس الذي لازمهم في النسخ الأخيرة وإحراز اللقب الثاني.

وأحرزت ساحل العاج اللقب مرة واحدة في تاريخها وذلك عندما استضافت البطولة على أرضها عام 1992 بركلات الترجيح، لكن منتخب بلادها يحظى باحترام كبير على الدوام.

وكان المنتخب العاجي قاب قوسين أو أدنى من إحراز اللقب لكنه خسر النهائي مرتين عام 2006 أمام مصر، ومطلع العام الماضي أمام زامبيا، وبالتالي فهو يسعى إلى التتويج باللقب القاري مطلع العام الحالي.

يذكر أنها المرة الثانية على التوالي التي تقع فيها تونس في مواجهة منتخب عربي في النهائيات، بعدما وقعت في مجموعة المغرب والغابون والنيجر في نسخة 2012 ونجحت في بلوغ ربع النهائي قبل أن تخرج على يد غانا.

من جهته، لن تكون مهمة المنتخب المغربي سهلة أمام أصحاب الأرض الذين يسعون إلى استغلال استضافتهم للكأس القارية للمرة الثانية في تاريخهم والأولى منذ 17 عاما، للتتويج بها للمرة الثانية أيضا وعلى أرضهم بعد الأولى عام 1996.

وسيسعى أسود الأطلس بقيادة مدربهم المحلي رشيد الطاوسي إلى محو خيبة أمل نسخة الغابون وغينيا الاستوائية بقيادة البلجيكي إريك غريتس عندما خرجوا من الدور الأول.

ولن تكون جنوب أفريقيا العقبة الوحيدة أمام المغرب، حيث سيصطدم بالرأس الأخضر، فيما تشتد المنافسة في المجموعة الثالثة مع عودة نيجيريا بعد غيابها عن النسخة الأخيرة، كما في الثانية، حيث أوقعت القرعة غانا في مواجهة مالي للمرة الثانية على التوالي.