عبد الرضا عباس: الصراعات السياسية أطاحت برياضة الكويت.. وماجد أسطورة لن تتكرر

الحارس التاريخي للمنتخب الأزرق اقترح إقامة البطولة بنظام الذهاب والإياب

TT

اعترف حارس مرمى المنتخب الكويتي السابق عبد الرضا عباس بأن الصراعات السياسية في البلاد أثرت سلبا على الرياضة وبالتالي تسببت في تراجع الكرة الزرقاء على الصعيد الدولي، مشيرا إلى أن الكويت باتت في مؤخرة الركب الخليجي على صعيد المقومات الرياضية.

وقال عباس في حوار لـ«الشرق الأوسط» إن بطولة «خليجي6» التي أقيمت في العاصمة الإماراتية أبوظبي عام 1982 تعتبر الأغلى والأهم في تاريخه الكروي على الصعيد الخليجي بعد أن كانت معظم التوقعات تشير إلى خروج الأزرق الكويتي من دائرة المنافسة على اللقب نظير وجود عناصر شابة لا تمتلك الخبرة الكافية لاقتناص البطولة، لكنه في الأخير فاجأ الجميع وأحرز اللقب عن جدارة. مشيرا إلى أن الكويت كانت متفوقة على سائر المنتخبات الخليجية على الصعيد الفكري والفنية والإعلامي، مما جعلها منارة تدفع جميع الخليجيين للاحتذاء بها والسير على خطاها، مبينا أن اهتمام المنتخبات الأخرى بتطور الرياضة خلق أجواء تنافسيّة، وقربت الفجوة بينها وبين المنتخب الكويتي على الرغم من أنه لا يزال يغرد وحيدا بـ10 بطولات خليجية وبفارق 7 بطولات عن أقرب منافسيه وهما المنتخبان السعودي والعراقي.

* تعد من اللاعبين الذين تركوا بصمة واضحة في بطولات الخليج، ما أبرز الذكريات التي لا تزال تحملها عن هذه البطولة؟

- بطولة الخليج من البطولات التي أعتز بها دائما وهي التي أحرص على الاهتمام بها، وشخصيا لي أجمل الذكريات مع هذه البطولة وألطفها، أتذكر في بطولة الخليج التي أقيمت في بغداد عام 1979 كنت حينها شابا وأمثل الحارس الثاني للمنتخب الكويتي وكنت أتابع عن قرب وأتمنى المشاركة، لتأتي لي الفرصة في خليجي 6 في أبوظبي بالإمارات عام 1982 وحققت كأس البطولة، ولذا فكؤوس الخليج تحمل ذكريات جميلة جدا بالنسبة لي وتحمل جزءا مهما من تاريخي كلاعب كرة قدم، وأنا الآن إعلامي ولاعب سابق أعيش أجواء بطولات الخليج وسأظل أتعايش مع هذه البطولة الجميلة ما أمدني الله بالصحة والعافية، وصعب جدا أن أسرد ذكريات بعينها، فالحديث عنها قد يحتاج إلى مجلدات كبيرة، وبالنسبة لي دائما ما تكون بطولة الخليج بوابة ليس لي فقط، بل لكل النجوم الذين انطلقوا من هذه البطولة ليقودوا منتخباتهم إلى العالمية.

* حققت مع المنتخب الكويتي عدة بطولات خليجية، ما هي أغلاها على قلبك؟

- خليجي 6 في أبوظبي هي الأغلى بالنسبة لي، فقد كنا في تلك البطولة مجموعة جديدة ولم يكن المتوقع للمنتخب الكويتي حينها أن يحقق اللقب، وأتذكر أننا قبل أن نتجه إلى أبوظبي، تحدثت لوسائل الإعلام، وسألت حينها عن المنتخب الذي سيحقق اللقب، وأعلنت التحدي بأن المنتخب الكويتي هو من سيحقق اللقب، وعلى الرغم من استغراب الجميع لكون المنتخب معظم لاعبيه من الشبان، وأتذكر أني أرجعت ذلك الأمر لسببين، السبب الأول أن المنتخب الكويتي يمتلك كوكبة جديدة من اللاعبين المميزين، والسبب الثاني وجود مدرب قدير اسمه شيرول كان مساعدا للمدرب البرازيلي الشهير ماريو زاغالو الذي كان يقود الجهاز الفني للمنتخب الكويتي، بالإضافة طبعا لرئاسة الشيخ الشهيد فهد الأحمد يرحمه الله الذي وضع ثقته الكبيرة بنا في تلك البطولة، وبهذه الأسباب تمكنا من تحقيق لقب الخليج في ذلك الموسم وفاجأنا الجميع من خلال المنتخب الكويتي الشاب، فقد قدمنا مستوى فنيا عاليا جدا ومن خلاله تمكنا من تحقيق الفوز وكنا الأفضل على الرغم من وجود فرق أكثر خبرة منا.

* سيطر المنتخب الكويتي على بطولات الخليج منذ بدايتها ولسنوات طويلة، البعض يعتبر أن سيطرة الكويت تعود لضعف المنافسين حينها، كيف ترد على ذلك؟

- الحقيقة أنه في ذلك الوقت كانت نجومية الكرة الكويتية في قمتها، وبالفعل كان المنتخب الكويتي يمتاز بالكثير عن دول الخليج، فنيا وفكريا وحتى إعلاميا، فلذلك كانت الكويت منارة رياضية لدول الخليج، مع التقدير والاحترام للبقية، وهذه حقيقة والكل يقر بها في ذلك الوقت، فكان للكويت الصوت الأقوى على مجالات كثيرة بما فيها الرياضة والإعلام، فكانت الفرق مستوياتها ضعيفة، وبعد بداية بطولات الخليج بدأت المنتخبات الخليجية في الاهتمام بشكل أكبر بالرياضة وكرة القدم وتنظر للكويت كنموذج تحذو حذوه، لذلك بدأ التنافس على أشده، وبعد تعدد البطولات، بدأت بقية الدول تعرف كيف تتعامل مع هذه المسابقة، وكيف تعد منتخباتها ومدربيها للبطولة، بل حتى تعد إعلامها ليكون مساندا قويا لها للاستفادة منه في الجانب النفسي للفرق، ولهذا بدأت هذه الدول بالتطور في الملاعب عن طريق سلكها لذات المسلك الذي انتهجته الكويت في البداية لتتمكن من تحقيق البطولات، والنتيجة الآن نشاهد تحقيق السعودية والعراق للبطولة ثلاث مرات وقطر مرتين، وعمان والإمارات مرة واحدة، وتبقى البحرين واليمن اللتين لم تتمكنا من تحقيقها، وشخصيا أجد البحرين ما زالت بعيدة عن طريق الانتصارات ليتمكنوا من تحقيق البطولة، ولم يعرفوا كيف يتعاملوا معها ليقتربوا من نيلها، لذلك الكويتيون تجاوزوا هذه المرحلة، ووصلوا لكأس العالم.

* المنتخب الكويتي كان مرعبا في السابق، لكنه حاليا لا يحظى بذات الهيبة، فما الأسباب التي تقف وراء ذلك؟

- السبب الرئيسي هو أن الصراعات السياسية دخلت على خط المجال الرياضي وتسببت في تخلف الرياضة الكويتية، وهذه الصراعات ليست موجودة في دول الخليج، بل هناك نجد تنمية رياضية حقيقية، من منشآت وملاعب ومدربين وحتى على صعيد تطوير اللاعبين، ولأجل ذلك غاب الفارق الذي كانت تمتلكه الكويت عن بقية دول الخليج، فانقلبت الطاولة وأصبحنا نجد السعودية وقطر وعمان والإمارات تملك المقومات، والكويت لا تملكها مع الأسف، لذلك منتخبنا الأزرق لكي يعود يجب أن يسلك مسلكا آخر ويضحي أبناؤها ويتنازلون عن بعض القضايا الرئيسة وأنا جزء من هذه القضايا، وذلك لنعود للواجهة ونتوج بسهولة ببطولات الخليج.

* لا يمكن إغفال غياب شخصية رياضية مؤثرة كالشيخ فهد الأحمد، فبعد غيابه لم يظهر رجل آخر يمتلك ذات الثقل الذي كان عليه، كيف ترى أثر ذلك على المنتخب الكويتي؟

- لكل زمان رجال، الشيخ فهد أدى الدور الذي عليه وانتهى، وكذلك الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله أدى ذات الأمر، ففي عهده تحققت بطولة خليجية واحدة فقط ولكن في عهد من جاء بعده الأمير سلطان بن فهد بطولتين، ولكن ما تحقق في عهد الأمير سلطان جاء بعد أن وضع الأمير فيصل بن فهد اللبنة الأساسية، وأتذكر أن الأمير فيصل بن فهد أحضر جيمي هيل سنة 1975 ليطبق فكره كخبير كرة قدم على الكرة السعودية، وهذا الأمر يمثل تواجد إدارة واعية للكرة السعودية حتى وإن لم تمتلك المقومات فحينها قامت بصناعة المقومات، فلذلك الأمير فيصل رحمه الله، أحضر جيمي هيل، وطلب منه صناعة استراتيجية لتطوير كرة القدم، وبالفعل طبقت الاستراتيجية لخمس سنوات، فبدأت الكرة السعودية بالتطور، وبعد سنوات قليلة حققت السعودية أول إنجازاتها بتحقيق كأس أمم آسيا، واستمر الأمير فيصل في بناء الاستراتيجية تلو الأخرى ليجني ثمارها من بعده، وذات الأمر على الكرة الكويتية الشيخ فهد الأحمد وضع الأسس ليجني ثمارها من بعده وهو كذلك عندما تسلم الكرة الكويتية جاء كامتداد لمن كان قبله ممن يحمل فكرا رياضيا هائلا في الكويت.

* تُعد ممن أدرك التنافس القوي بين المنتخبين السعودي والكويتي، وتصديت لمهاجمين كبار في المنتخب السعودي مثل ماجد عبد الله، حدثنا عن مبارياتك أمام المنتخب السعودي في كؤوس الخليج؟

- لا يمكن أن أنسى مواجهاتي لمهاجم المنتخب السعودي الأول ماجد عبد الله وليس فقط على مستوى المنتخب بل حتى على مستوى الأندية وماجد مع نادي النصر السعودي، وقابلته حينها ونادي النصر يمتلك نجوما كثر في كل المراكز، وكان لديهم ثنائي خطير هو ماجد عبد الله ومحيسن الجمعان، كانا يقلبان أي نتيجة في أي لحظة سواء مع المنتخب السعودي أو مع نادي النصر، وكنا دائما ما نعد خططا خاصة لمراقبتهما والحد من تحركاتهما، وبالمناسبة أذكر لك أن ماجد عبد الله لم يسجل في مرماي إلا في البطولة الآسيوية، أما خليجيا فلم يتمكن من التسجيل، وذلك لأننا في المنتخب الكويتي عرفنا كيف نتمكن من إيقافه في ظل امتلاك المنتخب حينها دفاعا صلبا باستطاعته إيقاف مهاجم خطير جدا كماجد، فكنا نحسب له ألف حساب، وشخصيا حتى النجم الآخر لبطولات الخليج جاسم يعقوب لم يتمكن من التسجيل في مرماي محليا، لأني عرفت كيف أتعامل معه في ظل لعبي في أقوى الأندية الكويتية في ذلك الوقت نادي العربي، ودعني أضيف لك بأنه في وجود ماجد عبد الله كان المنتخب السعودي أفضل بكثير من المنتخب الكويتي، وكان الأقرب دائما للفوز، إلا أننا كنا نحقق الانتصار.

* نظام بطولة الخليج تغيّر من اللعب على طريقة الدولي إلى تقسيم المنتخبات لمجموعتين، ما النظام الذي تفضل تطبيقه؟

- النظام السابق هو الأفضل، فبه كنا نشاهد اللقاءات القوية التي تجمع كل المنتخبات ببعضها، فالآن قد لا تلعب الكويت أمام عمان أو البحرين أو قطر أو الإمارات، وهذا الشيء أعتبره حرمانا للجماهير الخليجية، فنظام الدوري بمجموعة واحدة يصنع الإثارة، والأفضلية تكون لمن يحقق أكبر قدر من النقاط، لكن التنوع في الأنظمة أمر جميل، وشخصيا لدي اقتراح بأن نغير النظام لأن تقام البطولة بنظام الذهاب والإياب، بحيث تقام مباريات المجموعات على الأقل بنظام الذهاب والإياب بين المنتخبات، فتارة ألعب في السعودية ومرة أخرى في العراق ومرة ثالثة في البحرين وهكذا.

* البطولة الخليجية فقد تشخصيات لها ثقلها في الساحة الرياضية التي كان لها أثرها النفسي على اللاعبين والإعلامي، هل يؤثر ذلك على بريق المحفل الخليجي؟

- في الكويت نحن ديمقراطيون وسقف التصريحات لدينا عال جدا، ويتفاجأ بعض الخليجيين بالتصريحات التي يتم إطلاقها من الشيخين أحمد وطلال الفهد، فهذه طبيعتنا كشعب في الكويت، والبعض يتضايق منها وهو الأمر الذي تسبب في قلة التصريحات النارية من الجانب الكويتي خشية تضايق الإخوة والأحبة في دول الخليج، مما قد يتم ذكره بها، عكس ما كان يحدث سابقا بين الشيخ فهد الأحمد والأمير فيصل بن فهد والشيخ عيسى بن راشد فالتصريحات كانت قوية ونارية، فكان لها جوها النفسي وحتى الفكاهي.

* لو طلبنا منك ترشيح نجم تاريخي لبطولات الخليج، من ترشح؟

- الترشيح صعب في ظل وجود نجوم كماجد عبد الله وجاسم يعقوب ومنصور مفتاح وخالد سلمان والطلياني وغيرهم، ولكن هناك لاعب حقق جائزة أفضل لاعب في بطولة الخليج التي أقيمت في الكويت عام 1974 في أول مشاركة لقطر في دورات الخليج، وبرز خلالها اللاعب القطري محمد غانم الذي أعتبره أذكى لاعب خليجي رأيته.