تأهل مالي يرسم البسمة على شفاه جماهيره المطحونة في الحروب

غانا تتألق ومدربها يتطلع للمزيد في دور الثمانية للبطولة الأفريقية

TT

حجز منتخبا غانا ومالي بطاقتي التأهل لدور الثمانية لكأس أمم أفريقيا التي تستضيفها جنوب أفريقيا حاليا بعد انتصار الأول على النيجر 3- صفر، فيما تعادل الثاني مع الكونغو الديمقراطية في ختام الدور الأول للمجموعة الثالثة.

ووجه المنتخب الغاني إنذارا شديد اللهجة إلى باقي منافسيه في البطولة بعدما لقن منافسه درسا قاسيا واكتفى بثلاثة أهداف فقط في مباراة سيطر على مجريات اللعب في معظم فتراتها ليتصدر المجموعة رافعا رصيده إلى سبع نقاط من انتصارين وتعادل وحيد.

وهي المرة الخامسة عشرة التي تبلغ فيها غانا حاملة اللقب 4 مرات (1963 و1965 و1978 و1982) الدور ربع النهائي في 19 مشاركة، ولم تخرج من الدور الأول إلا 4 مرات أعوام 1980 و1984 و1998 و2006.

وكان منتخب غانا قد تعادل في الجولة الأولى مع الكونغو الديمقراطية 2 - 2 وفاز في الثانية على مالي 1 - صفر.

ويلتقي المنتخب الغاني في دور الثمانية مع منتخب الرأس الأخضر (كاب فيردي) صاحب المركز الثاني في المجموعة الثانية بينما ودع منتخب النيجر البطولة بعدما حصد نقطة واحدة فقط من المباريات الثلاث التي خاضها في المجموعة محتلا المركز الرابع والأخير.

وأكد كويسي أبياه مدرب منتخب غانا عقب التأهل إلى دور الثمانية أن فريقه ما زال يحتاج لرفع مستوى أدائه للمضي قدما في البطولة الأفريقية.

وقال أبياه الذي كان أحد نجوم منتخب غانا سابقا: «لقد طورنا بالفعل مستوى أدائنا وفزنا على منتخب النيجر الجيد. ولكننا نأمل في تقديم أداء أفضل مع تقدمنا بهذه البطولة».

من ناحية أخرى، أبدى الألماني جيرنوت رور مدرب منتخب النيجر شعوره بالفخر تجاه لاعبيه رغم هزيمتهم.

وقال رور: «لقد أظهروا شجاعة بالغة، والمستقبل مشرق أمامهم. كنا ندا حقيقيا لفريق أفضل وأسرع منا (غانا)».

ولم يجر مدرب غانا أبياه على تشكيلته إلا تعديلا واحد بسبب إيقاف مبارك واكاسو وحل محله كريستيان اتسو، فيما بقيت تشكيلة المدرب الألماني غيرنوت رور على حالها.

وحسم المنتخب الغاني المباراة في شوطها الأول بهدفين سجلهما أسامواه جيان وكريستيان أتسو في الدقيقتين السادسة و23 ثم عزز جون بوي فوز الفريق بالهدف الثالث في الدقيقة 49.

في المقابل لحق منتخب مالي بقافلة المتأهلين لدور الثمانية عبر تعادل ثمين 1-1 مع منتخب الكونغو الديمقراطية رفع به رصيده إلى أربع نقاط ضمنت له المركز الثاني بالمجموعة مقابل ثلاث نقاط للمنتخب الكونغولي الذي ودع البطولة مبكرا رغم العروض القوية التي قدمها بقيادة مديره الفني الخبير كلود لوروا.

وبعيدا عن ليلة شديدة الرطوبة بمدينة ديربان الجنوب أفريقية، وعلى مسافة 6280 مترا كان انتصار منتخب مالي هو سبب في إسعاد الجماهير التي تعاني من ويلات الحرب.

ولم تغب أزمة الوطن عن أذهان لاعبي مالي بعد المباراة فقال سيدو كيتا قائد المنتخب: «نحن متأثرون بما يجري في مالي لأنه يجعل حياة من يعيشون هناك بالغة الصعوبة والتعقيد». وأضاف: «ولكنه في نفس الوقت يعطينا حافزا إضافيا لإحضار بعض البهجة إلى مالي وتقديم بعض لحظات الفرح لدولة تسير عبر طريق وعر لا نهاية له».

وأكد مدرب مالي، اللاعب الفرنسي السابق باتريس كارتيرون الذي تولى تدريب النسور في يونيو (حزيران) الماضي، أن مهمته في جنوب أفريقيا تقتصر على الملعب.

وقال كارتيرون: «بالتأكيد، نحن ندرك أن نجاحنا سيسعد شعبا بأكمله، ولكن مهمتنا هي التركيز في اللعب».

وأوضح كيتا أنه رغم تيقن منتخب مالي من أن كرة القدم لا يمكنها أن تغير شيئا في الأزمة المسلحة، فإنه وزملاؤه بالفريق يريدون استخدام كرة القدم وسيلة لجلب بعض الشعور الإيجابي لأبناء وطنه.

وكان كيتا، 33 عاما، قد سبق وصرح عقب فوز مالي على النيجر 1- صفر في مباراتهما الافتتاحية بالبطولة: «نريد استخدام كرة القدم أداة لاستعادة السلام في مالي، ولا نستطيع أن نحقق ذلك إلا بالفوز في مبارياتنا».

وقبل توجه مالي إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في البطولة الحالية، كانت واحدة من الدول القليلة التي أقامت معسكرها التدريبي استعدادا للبطولة داخل أراضيها.

وقال كارتيرون: «بقينا في باماكو (العاصمة) خمسة أيام، وجاء آلاف الأشخاص لمشاهدة تدريباتنا يوميا.. كنت أريد أن يشعروا بشيء إيجابي، وقد سعدنا حقا لأنهم شعروا بالحماس».

وأثناء استعداد النسور لمواجهة غانا، أقوى فرق المجموعة الثانية، أكد كارتيرون، 42 عاما، أن استعدادات الفريق لم تتأثر بالأزمة الراهنة في البلاد رغم أن لاعبيه على اتصال دائم بذويهم في مالي.

وقال كارتيرون: «يتمتع اللاعبون بسلوك إيجابي حاليا. إنهم يتصلون بأسرهم يوميا، ولكني أعتقد أن كل ما يريدونه الآن هو أن يلعبوا كرة القدم وأن يقدموا كثيرا من الأشياء الجيدة لبلادهم».

ويتنافي الوضع المتأزم في مالي مع التقدم الثابت والممنهج لمنتخب البلاد في جنوب أفريقيا، وربما يكون من المناسب أن تواجه مالي البلد المضيف، في دور الثمانية السبت المقبل.

فلو كان هناك أي دولة تعرف معنى الانقسام جيدا، فستكون هذه الدولة هي جنوب أفريقيا. وسواء حدث ذلك بمعجزة إلهية أو ضربة حظ أو قيادة حكيمة، فقد نجحت جنوب أفريقيا في تجنب حمامات دم كانت مؤكدة عندما سقط نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) في البلاد أوائل تسعينيات القرن العشرين.

وربما تكون مالي على بعد سنوات من الوصول إلى حالة التصالح التي تعيشها جنوب أفريقيا الآن، ولكن ليس هناك شك في أن التغلب على منتخب البلد المضيف يوم السبت سيكون دلالة جيدة على إمكانية تسوية الأزمة في الوطن.

وقال كيتا: «إن ما يجري في مالي أكثر أهمية من مباراة لكرة القدم.. فالناس في الجنوب لن يحتفلوا عندما يعرفون أن الشمال يتعرض لضرب النار. عندما ترى حربا قريبة من منزلك، فإنك ترتعد خوفا. أمهاتنا وإخوتنا وأخواتنا جميعا موجودون هناك».