انتقال بيكام لباريس سان جيرمان.. صفقة دعائية أم كروية؟

لماذا وافق النجم الإنجليزي المخضرم على التوقيع.. ولماذا ضمه النادي من الأساس

TT

كان النجم الإنجليزي المخضرم ديفيد بيكام يوزع ابتساماته الساحرة على الحاضرين في المؤتمر الصحافي الذي شهد تقديمه لوسائل الإعلام في معقل النادي الفرنسي العريق باريس سان جيرمان «بارك دي برينس» يوم الخميس الماضي، ولكن المؤتمر الصحافي الذي تم إعداده على عجل قد أثار أسئلة أكثر من تلك التي أجاب عليها في واقع الأمر.

ويتساءل مات سبيرو الناقد الكروي الفرنسي عن السبب الذي قرر من أجله القائد السابق للمنتخب الإنجليزي الانضمام لنادي باريس سان جيرمان؟ ولماذا قرر هذا النادي الثري التعاقد مع لاعب في السابعة والثلاثين من عمره؟ وما الدور الذي سيلعبه النجم الإنجليزي في باريس سان جيرمان خلال الخمسة أشهر المقبلة، والتي قد تمتد إلى أكثر من ذلك؟

يعود اهتمام النادي الفرنسي العريق ببيكام إلى شهر سبتمبر (أيلول) عام 2011، عندما صرح النجم البرازيلي السابق ليوناردو، الذي يشغل منصب مدير الرياضة بالنادي، لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» بأنه مهتم بإغراء النجم السابق لمانشستر يونايتد وريال مدريد باللعب في العاصمة الفرنسية، بعدما عمل معه من قبل عندما كان بيكام يدافع عن قميص ميلان الإيطالي. ولا يوجد أدنى شك في أن العلاقة الوثيقة بين ليوناردو وبيكام كان لها دور محوري في هذه الصفقة، ولا سيما بعدما أعلن البرازيلي مرارا وتكرارا عن إعجابه الشديد باحترافية بيكام خلال الفترة التي قضاها في «سان سيرو» عامي 2009 و2010، ومعربا عن رغبته في أن يعمل معه مرة أخرى في مرحلة ما.

وفي نفس الوقت، يحظى المدير الفني الحالي لباريس سان جيرمان الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي كان يشغل منصب المدير الفني لميلان خلال فترة الإعارة الأولى لبيكام في ميلان، بإعجاب كبير من جانب النجم الإنجليزي، الذي قال في المؤتمر الصحافي الخميس الماضي: «يعد كارلو واحدا من أفضل المديرين الفنيين الذين عملت معهم طيلة مسيرتي الكروية».

وعلى الرغم من رغبة بيكام في اللعب تحت قيادة أنشيلوتي مرة أخرى، فإن رؤية أنشيلوتي لضم بيكام ليست واضحة بالقدر الكافي. وبعدما أنفق النادي أكثر من 200 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع الكثير من الأسماء اللامعة على مدار الـ18 شهرا الماضية، فإن هناك مهمة صعبة تنتظر أنشيلوتي وهي اختيار 11 لاعبا من بين قائمة اللاعبين الممتلئة لديه.

وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نفى المدير الفني السابق للبلوز الشائعات حول اهتمامه بالتعاقد مع بيكام، وقال إنه يتمنى «حظا موفقا» لنجم لوس أنجليس غالاكسي في النادي الذي سيلعب له خلال الفترة المقبلة، كما أكد المدير الفني الإيطالي خلال الشهر الجاري على أن النادي الفرنسي لن يتعاقد مع لاعبين جدد، بعدما أنفق بالفعل 34 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع النجم البرازيلي لوكاس مورا.

وعندما كشفت «هيئة الإذاعة البريطانية» عن تعاقد النادي الفرنسي مع بيكام، كان لهذا الخبر وقع الصدمة والدهشة على معظم الفرنسيين، وربما على أنشيلوتي نفسه. ويعتقد مراسل صحيفة «ليكيب» الفرنسية واسعة الانتشار داميان ديجوري أن تعاقد النادي الفرنسي مع بيكام لن يساعد أنشيلوتي، مضيفا: «الصفقة لا تعدو كونها دعاية إعلامية للنادي. ما الذي سيقدمه بيكام لنادي باريس سان جيرمان من الناحية الفنية في هذه المرحلة من مسيرته الكروية؟».

وقد شكك كثيرون في فرنسا من جدوى هذه الصفقة للنادي الفرنسي، حيث قال النجم السابق لنادي باريس سان جيرمان والنجم الحالي لنادي ليون ميلان بيسيفاتش: «إنها صفقة جيدة لإدارة التسويق بالنادي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل هي صفقة جيدة فيما يتعلق بكرة القدم؟ في الحقيقة، أنا أشفق على باريس سان جيرمان».

وفي ظل المنافسة الشرسة بين رباعي خط وسط الفريق لوكاس وإيزيكيل لافيتزي وجيريمي مينيز وخافيير باستوري على القيام بدور لاعبي خط الوسط المهاجم خلف النجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش، فإن بيكام سيحاول إيجاد مكان له في مركز محور الارتكاز، ولكن هذا المركز أيضا يجد منافسة حادة من كل من بليز ماتودي وتياغو موتا وماركو فيراتي.

في الحقيقة، يمكن لبيكام أن يكون له دور أكبر على زملائه خارج المعلب، ولا سيما أن هذا النادي المدجج بالمواهب يعاني من الفردية ومحاولة كل لاعب التفوق على الأخر وإثبات أنه الأفضل، ولذا فإن بيكام سيكون بمثابة المثال الذي يحتذي به اللاعبون الصغار، وهو ما سيجعل لاعبين مثل باستوري ومينيز يفكروا كثيرا قبل أن يلعبوا بصورة فردية أو أن ينتهكوا القواعد واللوائح المتبعة داخل النادي.

وعلاوة على ذلك، يمكن أن يساعد بيكام، من خلال الاحترافية الشديدة التي يتميز بها وخبرته الهائلة وقدراته الجيدة، في حصول النادي على لقبي الدوري والكأس في فرنسا، بالإضافة إلى وصول النادي لمراحل متقدمة في دوري أبطال أوروبا. يذكر أن باريس سان جيرمان سيلعب مباراته المقبلة في دوري أبطال أوروبا أمام فالنسيا الإسباني في دور الستة عشر.

لقد تعاقد النادي الفرنسي مع اللاعب الأول في العالم من حيث التسويق الرياضي، ولذا تأمل «شركة قطر للاستثمارات» المالكة للنادي أن تحصد ثمار تلك الصفقة حتى إلى ما هو أبعد من انتهاء الموسم الحالي.

وتستضيف قطر كأس العالم 2022، ولذا تحاول تحسين صورتها العالمية من خلال كرة القدم. وعلى هذا الأساس، فإن «شركة قطر للاستثمارات» تعلم جيدا أن التعاقد مع واحد من أكثر لاعبي كرة القدم جماهيرية وشعبية في العالم سوف يجعل باريس سان جيرمان حديث الصحافة في جميع أنحاء العالم، علاوة على أن النادي الفرنسي يضمن نجاح هذه التغطية الإعلامية، ولا سيما في ضوء إعلان النجم الإنجليزي بأنه سيتبرع بقيمة الصفقة لإحدى الجمعيات الخيرية للأطفال في فرنسا.

ويجب الإشارة أيضا إلى أن رئيس نادي باريس سان جيرمان ناصر الخليفي يشغل الكثير من المناصب، بما في ذلك منصب مدير عام قنوات «الجزيرة الرياضية». وقد أنفقت الشبكة التلفزيونية في منطقة الشرق الأوسط بسخاء من أجل الحصول على حق نقل مباريات الدوري الفرنسي لكرة القدم، سواء للبث المحلي أو الدولي، وهو ما يعزز العلاقة الوثيقة بالفعل بين قطر وفرنسا. ويدرك الخليفي جيدا أنه كلما ازدادت قوة وجاذبية الدوري الفرنسي لكرة القدم، زادت قيمة المنتج الذي تسوقه قنوات «الجزيرة الرياضية».

ولا يستبعد ليوناردو أو الخليفي إمكانية توقيع عقد جديد مع بيكام بعد انتهاء الموسم الحالي، ولكن النجم الإنجليزي لم يعلن عن التزامه بالقيام بدور تسويقي لباريس سان جيرمان بعد انتهاء عقده الحالي مع النادي بنهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل.

وقال النجم السابق لمانشستر يونايتد: «لا أرى أن هذا يمثل مشروعا لي في المستقبل القريب. أنا أعتبر نفسي جزءا من مستقبل هذا النادي. أنا جزء من هذا المشروع الذي يهدف إلى أن يضع النادي في مصاف كبرى الأندية العالمية».