قصة «عرب أوروبا» مع الأندية السعودية.. الفشل حليف السواد الأعظم

«الشرق الأوسط» فتحت الملف المغلق للبحث عن أسباب الإخفاقات الذريعة

TT

أعطى رحيل المغربي عادل هرماش «معارا» إلى تولوز الفرنسي بعد فترة لم يحالفها النجاح قضاها في نادي الهلال، وقبله مواطنه يوسف العربي والمصري حسام غالي والمغربي فوزي عبد الغني, المجال لاستحضار مسيرة اللاعبين العرب المقبلين من الملاعب الأوروبية إلى الدوري السعودي, التي وصف معظمها بالفاشلة من قبل عدد كبير من النقاد ومتابعي الدوري السعودي.

«الشرق الأوسط» بدورها تجولت في أروقة هذا الملف الشائك, وتبين تكرار الأندية لمثل هذه التجارب التي يبدو أنها لا تخضع لآراء فنية بحتة، وإنما بناء على المتوفر في السوق، وأحيانا كثيرة يكون للتأخر في إنهاء قضية اللاعبين الأجانب واقتراب فترة الانتقالات من إغلاق أبوابها دور في ذلك، وبالتأكيد نأخذ في عين الاعتبار أن عدم تأقلم اللاعبين الذين يعتبرون ناجحين في أوروبا يكون أحد هذه الأسباب، ولكنه بكل تأكيد لن يكون هو العُذر الدائم للاعب العربي الذي اعتاد أجواء الملاعب العربية.

الفشل لا يعني الارتباط باللاعب العربي بصورة مطلقة؛ فالحديث هنا فقط عن اللاعبين العرب المقبلين من الملاعب الأوروبية، فالجماهير الرياضية لا تزال ذاكرتها تستحضر إبداعات التونسي طارق ذياب وزير الرياضة والشباب في بلاده، الذي سبق له خوض تجربة احترافية مع فريق الأهلي إضافة لمواطنه عبد المحسن الجندوبي أحد أفضل من مثلوا خط الدفاع في تاريخ النادي الأهلي إضافة لخالد بدره الذي حضر إلى الأهلي لفترتين احترافيتين كانتا ناجحتين، إضافة لمواطنهم نبيل معلول الذي خاض تجربة احترافية مع الأهلي مطلع التسعينات الميلادية وكذلك ماهر الكنزاري الذي قدم تجربة احترافية متميزة مع النادي الأهلي قبل أن يتحول لعالم التدريب حاليا حيث يتولى الإشراف على فريق السيلية القطري.

وللخوض أكثر في مسيرة اللاعبين العرب الناجحين، نجد التونسي حماد العقربي في النصر ومواطنه رؤوف بن عزيزة الذي احترف أيضا في النصر، إضافة لمحمد علي عقيد الذي وافته المنية في الرياض أثناء تدريبات فريقه النصر، إضافة للاعب المصري عماد النحاس الذي خاض تجربة احترافية متميزة مع النصر، وفي الهلال أيضا يتذكر الشارع الرياضي السعودي المغربي صلاح الدين بصير الذي قدم للزعيم السعودي في عام 96، لينتقل عن طريقه للملاعب الأوروبية حيث انتقل بعدها لفريق ديبورتيفو لاكارونا الإسباني، إضافة لذلك التونسي نجيب الإمام أحد أبرز اللاعبين الأجانب في تاريخ الرياضة السعودية، والمصري أشرف قاسم الذي قدمه الهلال للملاعب السعودية واللاعب المغربي عبد الكريم حدا، الذي احترف مع الاتحاد 1997 قبل أن ينطلق منه نحو أوروبا بعد تجربة احترافية ناجحة.

وحتى لا يعمم الفشل على مسيرة اللاعبين العرب المقبلين من أوروبا فالذاكرة الرياضية تستحضر أسماء عدد من الذين قدموا تجربة ناجحة في الملاعب السعودية، لكن ذلك كان قبل الألفية الجديدة، أو في بدايتها، ويتقدم هؤلاء اللاعبين التونسي تميم الحزامي الذي خاض تجربة احترافية ناجحة مع الاتحاد في الثمانينات الميلادية، بعدما قدم إليه من صفوف مارسيليا الفرنسي، إضافة للحزامي، فقد تعاقد النصر مع التونسي المهدي بن سليمان في مطلع الألفية الحالية مقبلا من صفوف بروسيا دورتموند الألماني ويظل الأبرز الجزائري موسى صايب الذي قدم فترة احترافية ناجحة عبر فريق النصر بعدما قدم إليه من نظيره توتنهام الإنجليزي.

وخوضا في تفاصيل أبرز اللاعبين العرب المقبلين من أوروبا في السنوات الأخيرة، ولم يكتب لمسيرتهم النجاح, فإن أسماء كثيرة مرت من هنا ولم تضع لها بصمة فنية بقدر ما كانت الخسائر المالية بصمتها الأكبر على تلك الأندية.

آخر المغادرين المغربي عادل هرماش الذي تعاقد معه الهلال في يوليو (تموز) 2011 مقبلا من صفوف لانس المغربي، نجاحات هرماش في الدوري الفرنسي ومنتخب بلاده (المغرب) لم تحضر معه في الملاعب السعودية إلا في فترات قليلة، حيث كان في الغالب لاعبا لم يصنع الفارق كمحترف أجنبي تم التعاقد معه لأجل ذلك، قبل أن ينتهي به المطاف بالإعارة لصفوف تولوز الفرنسي حتى نهاية الموسم الحالي.

ومن هرماش إلى مواطنه يوسف العربي الذي قدم للهلال في يوليو 2011 بمبلغ مالي كبير، بعدما حل في المركز الثالث لقائمة هدافي الدوري الفرنسي حيث كان يلعب في صفوف كان الفرنسي، شارك الهداف المغربي مع صفوف فريقه الجديد الهلال بصفة دورية ونجح في تسجيل 12 هدفا في مسيرته في الدوري إلا أنه في الغالب لم يكن مقنعا لأصحاب القرار الفني في البيت الأزرق، ليتم بيع عقده مطلع الموسم الحالي لفريق غرناطة الإسباني بعد تجربة احترافية لم يكتب لها النجاح.

ومن الهلال إلى غريمه التقليدي النصر الذي نجح في خطف قائد المنتخب الجزائري عنتر يحيى في أغسطس (آب) 2011 المحترف في صفوف بوخوم الألماني باحثا عن تعزيز خط دفاعه المتفكك حينها، وشارك عنتر بصفة مستمرة مع فريقه الجديد إلا أنه سرعان ما عاد نحو البلاد التي قدم منها (ألمانيا) عقب 6 أشهر أمضاها داخل صفوف النادي العاصمي برغبة كانت مشتركة من الطرفين لإنهاء مسيرته الاحترافية مع النصر ليعود عنتر يحيى مجددا للاحتراف في صفوف كايزرسلاوترن الألماني.

النصر أيضا كانت له تجربة فاشلة مع العرب الأوروبيين سبقت تجربة عنتر يحيى حيث تعاقد مع لاعب توتنهام الإنجليزي المحترف المصري حسام غالي الذي كان مبتعدا عن أجواء المباريات في منافسات البريميرليغ عقب رميه لقميص النادي اللندني، الأمر الذي أثار حفيظة الجماهير هناك وبعدها أبعد عن المباريات بقرار تأديبي، وحضر غالي للنصر في يناير (كانون الثاني) 2009، وشارك ولم يظهر بالصورة التي رسمها له مسيرو النادي العاصمي، إلا أنه استمر في صفوفه في الموسم الذي يليه، آملا في عودة الفرعون المصري لمستواه المعهود، إلا أن ذلك لم يحدث وجاء قرار لجنة الرقابة على المنشطات بإيقاف غالي عقب اكتشاف مادة منشطة في عينته ليغلق النصر صفحته مع غالي الذي عاد لبلاده للاحتراف مع النادي الأهلي المصري بعدما نجح في كسب قضيته أمام لجنة المنشطات، عقب فتح العينة الثانية الأمر الذي أدى لإغلاق المعمل الماليزي الذي كانت تتعامل معه اللجنة السعودية.

نادي الشباب أيضا كانت له تجربة مع العرب المحترفين في أوروبا، حيث أحضر المصري أمير عزمي في 2007 مقبلا من فريق باوك سالونيكا اليوناني قبل أن يتجه لفريق فاماغوستا القبرصي بعد تجربة فاشلة، إلا أن عزمي عاد مجددا للتعاون ولم يقدم معه مستويات تمكنه من البقاء ليعود مؤخرا لبلاده مصر ويحترف في أحد الأندية هناك.

أما أكثر الفرق استقطابا للعرب المقبلين من أوروبا هو فريق الاتحاد حيث لا يغيب عن الذاكرة اللاعب المغربي نور الدين بخاري الذي قدم للاتحاد قبل بداية موسم 2008/ 2009 من صفوف فريق سبارتا روتردام الهولندي بمبلغ كبير جدا، وفور انضمام اللاعب المغربي الذي أحدث ضجيجا كبيرا في الصحافة السعودية، رفضه مدرب الفريق الأرجنتيني كالديرون، بعدما شارك معه في الفترة الإعدادية للفريق، ولعب معه أكثر من مباراة نجح في تسجيل هدفين، أحدهما أمام فريق حطين، والآخر كان من ضربة جزاء أمام فريق الرائد ضمن إطار منافسات بطولة النخبة، ليتم إلغاء عقده ويتورط الاتحاد بشرط جزائي كبير نظير التعاقد مع لاعب لم يقتنع المدرب بمستوياته الفنية، إضافة لنور الدين يحضر مواطنه المهاجم فوزي عبد الغني الذي قدم للاتحاد في يناير 2012 من فريق فيتوريا غيماريش البرتغالي، إلا أنه لم يقدم نفسه بصورة جيدة حيث لم يحظَ بثقة مدرب الفريق الإسباني كانيدا، ولم يكن يحضر معه كلاعب أساسي في غالبية مباريات الاتحاد إلا أنه استمر مع الفريق في الموسم الحالي، وشارك في مباراتين فقط قبل أن يتعرض لإصابة في تدريبات فريقه أثبت الفحوصات أنها «قطع في الرباط الصليبي» لينتهي مشواره عند هذه الإصابة.

الحال ذاتها للاعب التونسي أمين الشرميطي الذي حضر لاتحاد جدة في صيف 2009 مقبلا بنظام الإعارة من فريق هيرتا برلين الألماني، شارك أمين في أوقات كبيرة من إجمالي عدد المباريات في الموسم وسجل 10 أهدف مع الاتحاد في كل المسابقات التي شارك فيها خلال موسمه الذي قضاه داخل أروقة عميد جدة إضافة لـ6 أهداف كانت أثناء فترة الإعداد للموسم قبل أن ينتهي به المطاف لعدم التجديد معه.

وينضم لقائمة اللاعبين العرب الذين كانوا للفشل أقرب من النجاح في المهاجم الجزائري جواد الزايري الذي تنافس الهلال والاتحاد على ضمه في موسم 2006/ 2007، وذلك عندما كان الصراع محتدما بين رئيس الهلال الأمير محمد بن فيصل ورئيس الاتحاد منصور البلوي لينجح الأخير في ضم الزايري لفريقه الاتحاد مقبلا من فرنسا حيث كان يحترف في صفوف سوشو إلا أنه عاد سريعا لفريقه الفرنسي عقب تجربة فاشلة لم يكتب لها النجاح مع الاتحاد.