الجيل الذهبي لساحل العاج على أعتاب الاعتزال دون إنجاز دولي

النجوم الكبار بقيادة دروغبا واصلوا فشلهم الذريع بإحراز اللقب الأفريقي

TT

واصل الجيل الذهبي للمنتخب العاجي، وصيف بطل النسخة الأخيرة، فشله الذريع في الصعود إلى منصة التتويج في كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم للمرة الخامسة على التوالي بخروجه من الدور ربع النهائي على يد نظيره النيجيري 1 - 2. وبات معظم نجومه على مقربة من الاعتزال الدولي دون تحقيق أي إنجاز على المستوى الدولي.

وكما درجت العادة في النسخ الأخيرة لم يكن أشد المتشائمين يتوقع خروج المنتخب العاجي، بطل عام 1992 من ربع النهائي نظرا إلى تشكيلته المتكاملة والمتجانسة والتي تضم نجوما من أشهر لاعبي القارة السمراء من طينة القائد ديدييه دروغبا هداف تشيلسي الإنجليزي العام الماضي وزميله السابق في الفريق اللندني وليل الفرنسي حاليا سالومون كالو ولاعب وسط برشلونة الإسباني السابق ومانشستر سيتي الإنجليزي حاليا يايا توريه أفضل لاعب في القارة السمراء في العامين الأخيرين وشقيقه مدافع سيتي أيضا حبيب كولو توريه وزميله السابق في آرسنال الإنجليزي إيمانويل ايبويه الذي يدافع عن ألوان غلاطة سراي التركي حاليا ومهاجم ليل الفرنسي سابقا والمدفعجية حاليا ياو كواسي جيرفيه الملقب بجيرفينيو.

وعلقت ساحل العاج التي تلهث خلف اللقب القاري الثاني في تاريخها منذ عام 1992 عندما ظفرت بالكأس الغالية بتغلبها على غانا في المباراة النهائية بعد ركلات ترجيح ماراثونية، آمالا كبيرة على جيلها الذهبي للألفية الجديدة بيد أن كل هؤلاء النجوم لم يسعفوا الفيلة في فك العقدة التي لازمتهم في النهائيات القارية في النسخ الخمس الأخيرة حيث خسروا المباراة النهائية لعام 2006 أمام مصر المضيفة بركلات الترجيح، وخرجوا من نصف النهائي عام 2008 في غانا على يد مصر أيضا 1 - 4 قبل أن يحلوا في المركز الرابع! ومن الدور ربع النهائي في النسخة قبل الأخيرة في أنغولا على يد الجزائر 2 - 3 بعد التمديد! ثم خسروا نهائي النسخة الأخيرة في الغابون وغينيا الاستوائية على يد زامبيا بركلات الترجيح.

وهي المرة الثالثة التي تفشل فيها ساحل العاج في تخطي ربع النهائي بعد الأولى عام 1998 في بوركينا فاسو والثانية عام 2010 في أنغولا، وهي التي حلت ثالثة أعوام 1965 و1968 و1986 و1994 ورابعة عامي 1970 و2008.

وبدت خيبة الأمل كبيرة على لاعبي المنتخب العاجي بعد الخسارة لأنهم أهدروا فرصة ذهبية للمرة الخامسة على التوالي لإحراز اللقب الثاني في تاريخهم خصوصا أنهم كانوا مرشحين بقوة لبلوغ المباراة النهائية على الأقل بيد أن الرياح جرت بما لا يشتهي العاجيون فاصطدموا بإرادة قوية لنيجيريا ومدربها قائدها السابق ستيفن كيشي الذي أعاد النسور الممتازة إلى التألق قاريا بعدما غابوا عن النسخة الأخيرة لفشلهم في التأهل.

وقال جرفينيو: «كنا نرغب في الفوز بهذه المباراة وقدمنا كل ما لدينا من أجل ذلك، الفريق بأكمله كان لديه هدف واحد هو الفوز على نيجيريا، لكن ذلك لم يحصل، وليس لدينا أعذار لتقديمها، سجلت نيجيريا الهدف الثاني من هجمة مرتدة لم نكن فاقدين للتركيز بل كانت نيجيريا محظوظة لأن تسديدة (صنداي) مباه ارتطمت بقدم المدافع سليمان) بامبا وخدعت الحارس كوبا».

في المقابل، خرج دروغبا وتوريه وزوكورا دون الإدلاء بأي كلمة إلى وسائل الإعلام، فيما طرح سؤال وحيد بخصوص مستقبل دروغبا مع الفيلة خصوصا بعد أدائه الباهت في النسخة الحالية.

وبدا دروغبا بعيدا عن مستواه بسبب توقف الدوري الصيني منذ 3 أشهر حيث يدافع عن ألوان شينهوا، ما دفع المدرب صبري لموشي إلى الاحتفاظ به في دكة البدلاء في المباراة الثانية أمام تونس.

بيد أن بامبا أكد أن دروغبا سيواصل اللعب مع المنتخب، وقال: «إنها الرسالة التي وجهها دروغبا إلى زملائه عقب المباراة»، مضيفا: «لقد قال لنا بأنه يتحمل مسؤولياته وطالبنا بعدم الاستياء وبضرورة رفع الرأس مجددا وبأكثر قوة في المرة المقبلة».

وتابع: «لا أعتقد أنه سيعتزل اللعب ونحن لا نطرح هذا السؤال عليه. إنه لاعب مقاتل ونحت نعرف جيدا أنه في حال كان جاهزا سيكون معنا، ليس هناك أي سبب لاعتزاله».

ويعتبر دروغبا واحدا من أعظم اللاعبين الأفارقة الذين ظهروا في العصر الحديث، فهو ينتمي إلى مجموعة اللاعبين الأفارقة الكبار الذين أثروا الملاعب الأوروبية مثل صمويل إيتو وجورج واياه.

وحقق دروغبا نجاحا باهرا في أوروبا، ليصبح واحدا من أهم وأفضل المهاجمين في واحدة من أكبر وأشهر مسابقات الدوري في أوروبا لمدة تزيد عن العقد.

ولكن طوال مشوار دروغبا المذهل، افتقد لاعب منتخب ساحل العاج شيئا واحدا فقط وهو النجاح على المستوى الدولي أو القاري حيث فشل مرارا في إحراز لقب بطولة كأس الأمم الأفريقية مع منتخب بلاده.

واعترف دروغبا، الذي سيكمل عامه الـ35 قريبا، بأن الفرصة لن تتاح أمامه لإحراز لقب كأس أفريقيا في المستقبل، وقال وقد بدا عليه الحزن الشديد عقب الهزيمة: «لقد انتهى الأمر.. إننا نتطلع الآن لتصفيات كأس العالم سواء معي أو من دوني».

وأوضح لموشي مدرب الفريق العاجي إلى أن بطولة أفريقيا الحالية ربما كانت الفرصة الأخيرة بالنسبة لعدد من لاعبي فريقه مثل دروغبا لإحراز ميدالية ذهبية أفريقية.

وقال لموشي: «بالنسبة لبعض لاعبينا، أعتقد أن هذه البطولة كانت فرصتهم الأخيرة.. تعرفون أن اللاعبين يشعرون بحزن بالغ الآن».

ولم يتوان دروغبا، هداف المنتخب الإيفواري الأول على مر العصور برصيد 60 هدفا من 95 مباراة دولية، أبدا عن تمثيل بلاده. ولطالما كان سلوكه واحترافيته الشديد علامة مميزة لمشواره الرياضي المذهل.

وحتى بعد هزيمة نيجيريا الموجعة، كان يلف الملعب ويحاول تخفيف أحزان زملائه الذين واجهوا صعوبة في استيعاب أن مشوارهم بالبطولة قد انتهى.

وهي المرة الرابعة التي تعيش فيها ساحل العاج الإخفاق بقيادة مدرب فرنسي، فبعد هنري ميشال عام 2006 وجيرار جيلي عام 2008 كان الدور على البوسني الأصل وحيد خاليلودزيتش عام 2010 قبل أن تعهد المهمة إلى المحلي فرنسوا زاهوي العام الماضي دون أن يحقق الأماني، فعين صبري لموشي خلفا له في أول مهمة له في مسيرته التدريبية وكان الإخفاق مآلها.

وقال لموشي: «كان لدينا هدف واحد وهو الفوز باللقب، وبالنسبة إلى البعض منا، كانت النسخة الحالية الفرصة الأخيرة لتحقيق ذلك. بالنسبة إلي، كانت الكأس الأولى لي وكان لدي الهدف ذاته»، مضيفا: «هل بذلنا كل ما في وسعنا من أجل ذلك؟ أعتقد ذلك، لكننا لم ننجح وبالتأكيد هناك خيبة أمل كبيرة، وبإمكانكم تخيل حالة اللاعبين بعد هذه الخسارة. أنا حزين جدا كوني شاهدت اللاعبين يعملون لمدة شهر ويبذلون كل الجهود. اعتقدت أننا في الطريق الصحيح ولكن ذلك لم يكن كافيا للأسف، بيد أن الخسارة هي جزء من اللعبة».

وفي معرض رده عن سؤال حول تفكيره في تقديم الاستقالة، قال لموشي: «لا أعتقد ذلك وليس هناك مجال لتقديمها بعد 6 أشهر فقط من تعييني».

ويبقى التأهل إلى كأس العالم الهدف الغالي لدى لموشي والجيل الذهبي لتعويض خيبة الأمل القارية.

في المقابل، قال مدرب نيجيريا ستيفن كيشي: «أعرف جيدا عقلية لاعبي فريقي وتركيزهم وبالتالي كنت أعلم جيدا أن بإمكانهم تحقيق شيء رائع وهم أبانوا عن انضباط كبير وأكدوا للجميع أحقيتهم ببلوغ نصف النهائي رغم أننا لم نحظ بأي إشارة بكوننا مرشحين لتخطي الدور الأول».

وأضاف: «عندما تسلمت هذا المنتخب كنت أعرف بأننا سنقاتل من أجل تحقيق النجاحات». وضربت نيجيريا التي تحلم باللقب الثالث في تاريخها موعدا مع مالي الساعية إلى لقبها الأول بعدما أطاحت بجنوب أفريقيا المضيفة في ربع النهائي.

وهي المرة الثانية على التوالي التي تبلغ فيها مالي دور الأربعة بعدما خسرت العام الماضي أمام ساحل العاج.