مورينهو «يغازل» أبراموفيتش ويعرض عليه العودة «لإنقاذ» تشيلسي

بعد تجاهل غوارديولا لأموال مالك النادي الطائلة وكشفه عن الخلل في إدارة تشيلسي

TT

في الوقت الذي يمر فيه المدير الفني المؤقت لفريق تشيلسي الإنجليزي رافائيل بينيتيز بفترة حرجة مع فريقه بعد استمرار نتائج تشيلسي المتواضعة في البطولات الإنجليزية، واستمرار الهتافات العدائية ضده من قبل جماهير الفريق اللندني، تصدرت أنباء عن عودة المدير الفني لريال مدريد جوزيه مورينهو إلى نادي تشيلسي وسائل الإعلام الإسبانية، وأن مورينهو عرض على مسؤولي نادي تشيلسي تدريب الفريق الإنجليزي في الموسم المقبل. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي استمر فيه الجدل داخل أروقة النادي وخارجه عن الأسباب الفعلية التي أدت بمدرب برشلونة السابق بيب غوارديولا للتعاقد مع نادي بايرن ميونيخ بعد أن اعتقد الجميع أنه قادم إلى «ستامفورد بريدج» لا محالة.

وقالت صحيفة «الباييس» الإسبانية أمس، إن «جوزيه مورينهو عرض خدماته على تشيلسي للموسم المقبل. خلال الشهر الماضي، ضاعف جورجي مينديش وكيل أعمال المدرب البرتغالي اتصالاته مع مالك النادي اللندني رومان أبراموفيتش».

وأضافت الصحيفة أن مينديش طلب من مورينهو أن يقوم بنفسه بالاتصالات مع أبراموفيتش إزاء الشكوك القائمة لدى الملياردير الروسي. وأضافت «الباييس»: «بحسب مصادر قريبة من مينديش، اقترح وكيل الأعمال على المدرب أن يتحرك بنفسه لكسر الجليد، حيث يبدو أبراموفيتش مستعدا للبحث عن خيارات جديدة في السوق».

ونشرت صحيفة «التايمز» البريطانية السبت الماضي أن مورينهو يبعث برسائل نصية «يغازل» فيها أبراموفيتش. ونشرت صحيفة «الصن» البريطانية السبت الماضي أيضا أن مورينهو مستعد للعودة إلى استاد ستامفورد بريدج و«إنقاذ» تشيلسي. ويمتد عقد مورينهو مع ريال مدريد إلى 2016، لكن هناك شكوكا كبيرة تدور حول استكماله مدة العقد، وقد سبق له قيادة تشيلسي في فترة ناجحة حقق فيها النادي اللندني لقب الدوري الإنجليزي مرتين.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يحتدم فيه الجدال داخل أسوار النادي اللندني وخارجها حول موقف المدير الفني السابق لنادي برشلونة غوارديولا من تدريب تشيلسي، فخلال احتفال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بمرور 150 عاما على إنشائه، امتدح غوارديولا كرة القدم الإنجليزية وظن الجميع أن وجهته المقبلة ستكون إلى «ستامفورد بريدج» لقيادة «البلوز»، ولكنه فاجأ الجميع بالتعاقد مع نادي بايرن ميونيخ الألماني. لقد رقصت القلوب الإنجليزية طربا عندما كشف غوارديولا عن حبه وعشقه لكرة القدم الإنجليزية، ولكن سرعان ما انكسرت هذه القلوب عندما فضل الماتادور الإسباني التعاقد مع العملاق البافاري، رافضا كل العروض الإنجليزية.

في الحقيقة، لم يكن قرار غوارديولا بالانتقال إلى الدوري الإسباني يمثل أي مفاجأة لجمهور وعشاق البلوز، الذين اعتادوا على حدوث أي شيء في هذا النادي المتقلب، بعدما رأوا مالك النادي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش وهو يطلق رصاصه على مديرين فنيين بارزين في عالم الساحرة المستديرة مثل «الاستثنائي» مورينهو والإيطالي كارلو أنشيلوتي ومواطنه روبرتو دي ماتيو، ولذا لم يعد عشاق تشيلسي يرهقون أنفسهم في التفكير فيما سيحدث في المستقبل، على الرغم من أن أوهامهم قد تكون صورت لهم أن المدير الفني السابق للعملاق الكتالوني قد يستسلم للإغراءات المالية ويأتي إلى «ستامفورد بريدج».

وكان هناك أمل، ولو بسيط، لدى عشاق «البلوز» في أن تنجح أموال أبراموفيتش في إقناع غوارديولا بقيادة النادي اللندني، كما نجحت من قبل في إقناع الماتادور الإسباني فرناندو توريس. لقد دفع الملياردير الروسي 50 مليون دولار لتوريس، ولذا كان بإمكانه دفع ملايين أخرى للتعاقد مع غوارديولا، ولذلك سافر إلى نيويورك ليقدم عرضا ماليا لغوارديولا لا يمكن رفضه. ومع ذلك، اتضح جليا أن قدرة المال لها حدود أيضا، وأن هناك بعض الرجال الذين لا يمكن شراؤهم، لأنهم يرون الأمور من منظور مختلف ويرون جوانب أخرى في عالم الساحرة المستديرة تستحق التضحية بالأموال، مثل الاستقرار والنظام والانضباط، ولذا قرر المدير الفني السابق لبرشلونة ألا يبيع نفسه لصاحب أعلى عرض وفضل التعاقد مع العملاق البافاري الذي يتمتع بالاستقرار الذي سيمكنه من المنافسة على أقوى البطولات، كما كان يفعل في «كامب نو».

لقد رفض غوارديولا كل العناصر التي أشاد بها خلال احتفال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم - الجمهور الإنجليزي وروح البطولة ووسائل الإعلام – وقال: «لا» بملء فيه لكل ذلك، على الأقل في الوقت الراهن، وفضل، بعد عام من الراحة، العمل في بايرن ميونيخ الذي تتسم إدارته بالحكمة والتعقل، على حساب تشيلسي الذي تتسم أجواؤه بالتوتر الشديد، والمطالب الإعجازية من جانب أبراموفيتش الغامض. في الحقيقة، أصبح «ستامفورد بريدج» معقلا للمؤامرات والمكائد، كما توترت العلاقة بين مالك النادي وبين الجمهور. ربما كان بإمكان غوارديولا إيجاد حل لتلك المشكلة من خلال ابتسامته الساحرة وكرة القدم الجميلة التي يقدمها، ولكن الشيء المؤكد هو أن الأجواء في النادي قد باتت غير مريحة للغاية، كما ظهر جليا خلال لقاءات الفريق الأخيرة، حيث قام الجمهور بالهجوم على المدير الفني المؤقت للفريق الإسباني رفائيل بينيتيز ورئيس النادي بروس باك والمدير التنفيذي رون غورلاي.

لقد انهارت العلاقة بين الملياردير الروسي وجمهور النادي خلال الأسابيع الأخيرة، ولم يعد عشاق النادي يبالون بهوية الشخصية التي سينتقدونها لأنهم يرون مالك النادي لا يبالي برغباتهم من الأساس. وعلى مدار الأشهر الأخيرة، رأى الجمهور أن كل رغباته لا تتحقق، بدءا من رغبته في الإبقاء على المدير الفني الإيطالي روبرتو دي ماتيو وحتى رغبته في عدم إسناد مهمة قيادة الفريق لبينيتيز، ولكن أبراموفيتش سار في اتجاه آخر عكس رغباته وأقال دي ماتيو وأسند مهمة الفريق لبينيتيز. في الحقيقة، يشعر الجمهور (وهو محق في ذلك بالتأكيد) بأنه محروم من حقوقه، ولذا يعبر عن غضبه بصافرات الاستهجان.

وكان المفروض أن يكون الشيء المؤكد الآن هو أن تعاقد غوارديولا مع بايرن ميونيخ قد يصب في مصلحة بينيتيز، وأنه قد يبقى في منصبه بعد انتهاء عقده المؤقت مع الفريق، وهو ما يزيد من غضب جمهور النادي. وعلى الرغم من ذلك، هناك بصيص من الأمل لجمهور تشيلسي لرحيل بينيتيز بعد انتهاء عقده الحالي، ويتمثل هذا الأمل فيما أعلنته وسائل الإعلام الإسبانية والبريطانية حول عودة مورينهو مرة أخرى لقيادة الفريق، في ظل العلاقة المتوترة بينه وبين إدارة نادي ريال مدريد.

وخلاصة القول، قد يعود بينيتيز إلى ريال مدريد إذا ما تلقى عرضا من إدارة النادي الملكي (بدأ بينيتيز مشواره التدريبي في ريال مدريد مدرا للناشئين)، كما سيعود أبراموفيتش إلى عادته الأصلية للبحث عن مدير فني جديد للفريق في شهر مايو (أيار) المقبل، ويعود الحديث مرة أخرى عن جوزيه مورينهو، ولكن هناك بعض القلق بين عشاق النادي من التوتر الذي ساد العلاقة بين أبراموفيتش ومورينهو خلال آخر 12 شهرا للمدير الفني البرتغالي في «ستامفورد بريدج»، وهو ما يعني أن أحد الطرفين ينبغي أن يتنازل بعض الشيء.

في الواقع، كان مورينهو مناسبا تماما لتشيلسي قبل ثماني سنوات عندما كان النادي بحاجة للحصول على بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد 50 عاما عجافا ولكي يعرف النادي ثقافة الفوز والانتصارات. وبعد ذلك، لجأ أبراموفيتش إلى الكثير من المديرين الفنيين ولكن دون تحقيق النجاح الذي يصبو إليه، فتعاقد مع المدير الفني البرازيلي لويس فيليبو سكولاري لأنه يريد أن يلعب الفريق كرة قدم جميلة كتلك التي يلعبها برشلونة الإسباني، ثم تعاقد مع المدير الفني الإيطالي أنشيلوتي لخبرته الهائلة بدوري أبطال أوروبا، إلا أن جاء الإيطالي روبرتو دي ماتيو ليقود الفريق للحصول على دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، ثم تعاقد مع المدير الفني السابق لليفربول رفائيل بينيتيز، على الرغم من عدم رغبة الجمهور في التعاقد معه.

كان الجميع يؤمن بأن غوارديولا سيعيد النادي إلى الهدوء وسيكون لديه رؤية ثاقبة على المدى البعيد وستكون علاقته باللاعبين رائعة للغاية وسيكون رمزا للنادي، ولكنه أعطى لأبراموفيتش أصعب درس في حياته الكروية وقال له: «لا»، وهي الكلمة التي لم يستطع أي مدير فني آخر النطق بها في وجه الملياردير الروسي وأمواله الطائلة.

لم يقل غوارديولا «لا» للراتب والحياة في لندن وحسب، ولكنه قال «لا» لأموال أبراموفيتش التي دائما ما كان ينظر إليها أي مدير فني يأتي إلى «ستامفورد بريدج». صحيح أن بعض اللاعبين ظهروا بمستوى جيد خلال لقاء تشيلسي الأخيرة مثل خوان ماتا وراميرس وهازارد وديفيد لويز وأوسكار وسيزار، وهم اللاعبون الذين سيشكلون القوام الأساسي للبلوز في المرحة المقبلة، ولكن غوارديولا رأى أن بايرن أفضل من تشيلسي لأن العملاق البافاري سوف يمنحه شيئا لن يجده في «ستامفورد بريدج» وهو الإدارة.

جدير بالذكر، أن مورينهو كان قد أعرب عن استعداده للعودة إلى الدوري الإنجليزي. وتحدث مورينهو في الذكرى 150 لتأسيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، حيث نوه بأن إنجلترا ستكون الجهة المفضلة بالنسبة له خلال خطوته التالية في عالم التدريب.