الفوز على البرازيل يثبت أن إنجلترا تشهد مولد جيل جديد

على المنتخب الإنجليزي أن يثبت أن نيمار كان مخطئا عندما استهان بقدراته

TT

دائما ما يتسم الجمهور الإنجليزي بالحذر الشديد وهو يتحدث عن البدايات الكبرى للمنتخب الإنجليزي، لا سيما بعدما عانى في السابق من أسطورة «الجيل الذهبي»، ولذا كان الجمهور يتفق إلى حد كبير - قبل فوز إنجلترا بهدفين مقابل هدف على المنتخب البرازيلي في استاد ويمبلي الشهير - مع تصريحات النجم البرازيلي نيمار الذي قال «إنجلترا فريق جيد ولديه لاعبون جيدون للغاية، لكني لا أرى أن المنتخب الإنجليزي يعد أحد المنافسين الرئيسيين لنا في كأس العالم».

كان هذا هو رأي الساحر البرازيلي الجديد قبل هزيمة منتخب بلاده أمام إنجلترا، وأعتقد أنه لن يتغير بعد المباراة أيضا، نظرا للفارق الشاسع بين المباريات الودية والبطولات الكبرى. وكان نجم سانتوس البرازيلي قد استطرد في حديثه قائلا «يعتمد المنتخب الإنجليزي كثيرا على واين روني. وباستثناء روني، لا يملك المنتخب الإنجليزي اللاعب القادر على تغيير نتيجة المباريات، على عكس المنتخب البرازيلي الذي يملك العديد من اللاعبين الذين يمكنهم القيام بذلك. صحيح أن المنتخب الإنجليزي لديه لاعبون كبار، لكن لو سألتني عما إذا كان المنتخب الإنجليزي يتمتع بنفس قوة المنتخب الإسباني أو الأرجنتيني، فستكون الإجابة بالطبع لا».

وكما يؤكد بول هيوارد، الناقد الرياضي في صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، فإنه في الحقيقة لم يشعر عشاق المنتخب الإنجليزي بالغضب من تصريحات نيمار، لأنه لا يتحدث من فراغ وإنما يقرأ التاريخ الذي يراه الجميع في مختلف أنحاء العالم. ومع ذلك، لا يتعين على المنتخب الإنجليزي، تحت قيادة المدير الفني القدير هودجسون، أن يستسلم لذلك، حيث أثبت نجوم المنتخب الإنجليزي أنهم قادرون على تحقيق الانتصارات، في ظل هذا الجيل من اللاعبين الشباب. وعلاوة على ذلك، يتعين على هودجسون أن يكون تشكيلة سحرية من اللاعبين الإنجليز الذين يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز، والذين يشكلون 34 في المائة من إجمالي عدد لاعبي الدوري الإنجليزي، والقتال بهذه التشكيلة في كل البطولات الكبرى لإعادة أمجاد الكرة الإنجليزية مرة أخرى.

وكان قائد المنتخب الإنجليزي ستيفن جيرارد قد أكد على أن بطولة كأس الأمم الأوروبية كانت بمثابة نقطة تحول في كرة القدم الإنجليزية، لأنها كانت بمثابة فرصة للاعبين الجدد والشباب الذين لم يعانوا من الفشل في البطولات الكبرى من قبل. وأكد جيرارد وأشلي كول على أنهما يريان في الأفق مولد جيل جديد من اللاعبين الإنجليز القادرين على إعادة الكرة الإنجليزية إلى طريق الانتصارات.

من حق اللاعبين الإنجليز أن يحلموا بالطبع بالتألق في البطولات الدولية الكبرى، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يمكن القيام بذلك أم لا؟ هل يمكن لتوم كليفرلي أن يمتلك الرؤية التي تتناسب مع الطاقة الهائلة التي يتميز بها، وهل يمكن لثيو والكوت أن يقدم نفس الأداء القوي الذي يقدمه مع نادي آرسنال مع المنتخب الإنجليزي، وهل يمكن لداني ويلبيك أن يصل لمستوى النجوم الإنجليز الكبار مثل غاري لينكر أو آلان شيرار، أو حتى مايكل أوين؟

الشيء الوحيد الذي نعرفه هو أن هناك مقدارا أقل من الشك في قدرة جاك ويلشير على أن يمتلك الرؤية الثاقبة والحركة الدائمة والتمرير الصحيح الذي يساعد المنتخب الإنجليزي، الذي وإن كان يتمتع بالقوة البدنية، فإنه يعجز عن الاستحواذ على الكرة بشكل كبير، مثل المنتخب الإسباني على سبيل المثال. ويقول بول هيوارد إنه يؤكد للمرة المليون على أن ويلشير هو اللاعب الشاب الوحيد في خط وسط المنتخب الإنجليزي القادر على أن يقوم بدور النجم تشابي مع الماتادور الإسباني. وكانت المرة الأولى التي يدافع فيها نجم خط وسط آرسنال عن قميص المنتخب الإنجليزي أمام منتخب سويسرا عام 2011، عندما شارك كبديل والنتيجة تشير إلى التعادل بهدفين لكل فريق، ولم يلعب ويلشير بجوار جيرارد إلا ثلاث عشرة دقيقة فقط، لكن على الرغم من ذلك كان هودجسون محقا عندما قال إن ويلشير وجيرارد هو الثنائي الذي يمكنه قيادة المنتخب الإنجليزي «على أعلى المستويات»، بعدما رأى الأداء الراقي والقوي للنجم الشاب في تدريبات المنتخب الإنجليزي.

ولو كانت تصريحات كول عن وجود «فرصة عظيمة» لهذا الجيل من اللاعبين الإنجليز للحصول على بطولة كبرى تعطي الأمل للجمهور الإنجليزي وتدفعه للتخلي عن حذره المعهود، فإن الأداء الهجومي القوي الذي قدمه الإنجليز أمام راقصي السامبا يعد مدعاة للفخر في حقيقة الأمر، حتى ولو كان السبب وراء الظهور القوي لواين روني وويلشير وويلبيك ووالكوت هو عدم ترابط الخطوط البرازيلية في تلك المباراة.

وقال المدير الفني للمنتخب الإنجليزي «لدينا فريق شاب الآن، ويصل متوسط أعمار اللاعبين إلى 22 عاما أو أقل، وحتى اللاعب الذي اختير أفضل لاعب في المباراة وهو ويلشير لم يتعد الحادية والعشرين، علاوة على أن ثيو والكوت يقاتل داخل المستطيل الأخضر وهو أيضا في الثالثة والعشرين من عمره. في الواقع، يجمع المنتخب الإنجليزي بين الخبرة والشباب في الوقت الحالي. إنه لشيء جيد أن يلعب اللاعبون الشباب مثل كليفرلي وويلبيك وسمولينغ إلى جوار اللاعبين الكبار حتى يكتسبوا منهم الخبرات ويتمكنوا من قيادة الفريق إلى الانتصارات».

حصل المنتخب البرازيلي على كأس العالم خمس مرات، في مقابل مرة وحيدة للمنتخب الإنجليزي، علاوة على أن راقصي السامبا قد وصلوا إلى نهائي المونديال أربع مرات منذ عام 1966، ولذا كانت أصداء هذا الفارق الكبير واضحة في ملعب ويمبلي في الذكرى العشرين لوفاة الأسطورة بوبي مور. وقد دخل المنتخب الإنجليزي هذه المباراة وهو لم يحقق الفوز سوى مرة واحدة فقط في آخر أربع مباريات، حيث تغلب على سان مارينو بخماسية نظيفة، في حين تعادل مع كل من أوكرانيا وبولندا، فيما تجرع كأس الهزيمة أمام السويد بأربعة أهداف مقابل هدفين.

ومع ذلك، تماسك المنتخب الإنجليزي أمام راقصي السامبا، وافتتح التسجيل عن طريق نجمه واين روني، بعد تمريرة رائعة من ويلشير إلى والكوت. ونجح الأخطبوط الإنجليزي جو هارت في التصدي لركلة جزاء من النجم البرازيلي العائد رونالدينهو، قبل أن ينقذ الكرة مرة أخرى من المتابعة. وفشل نيمار في استغلال فرصة سهلة للغاية لإحراز هدف التعادل، على الرغم من موهبته الفذة التي لا ينكرها إلا جاحد. وجاء هدف التعادل البرازيلي من خطأ فادح من غاري كاهيل، الذي حاول أن يحتفظ بالكرة بكل هدوء مثل البرازيليين، قبل أن يفقدها وتذهب للبديل البرازيلي فريد، الذي وضعها في المرمى.

ولا تمر مباراة في الآونة الأخيرة من دون أن يعلن النجم الإنجليزي المخضرم فرانك لامبارد عن قدراته الهائلة، ليسجل هدف الفوز في مرمى المنتخب البرازيلي. وقد حقق المنتخب الإنجليزي العديد من المكاسب الأخرى من هذه المباراة، التي رفعت رصيد كول من المشاركات الدولية إلى 100 مباراة. وبعيدا عن الأداء الراقي للاعبي الخبرة مثل جيرارد وكول، لا بد من الإشادة باللاعبين الشباب مثل كريس سمولينغ، الذي شارك في مباراته الدولية رقم أربعة، وكليفرلي في مباراته السابعة، وويلبيك في مباراته الخامسة عشرة.

ويجب الإشادة أيضا بوالكوت الذي بات يمتلك خبرة هائلة وهو في الحادية والثلاثين من عمره، علاوة على أن أليكس أوكسليد تشامبرلين ودانييل ستوريدج وكايل ووكر سيكون لهم تأثير كبير على المنتخب الإنجليزي خلال الفترة القادمة. وقال جيرارد عن ويلشير «لا يستطيع لاعب واحد أن يقود الفريق بفرده»، وهو محق في ذلك بكل تأكيد. وفي النهاية، لم يخطئ نيمار عندما استبعد إنجلترا من المنافسة على البطولات الكبرى، لأنه أصدر هذا الحكم بناء على أداء المنتخب الإنجليزي في الآونة الأخيرة، ولكن يتعين على المنتخب الإنجليزي أن يثبت أن النجم البرازيلي كان مخطئا، على الأقل في كأس العالم القادمة.

على الجانب الآخر، استبعد المدرب لويز فيليبي سكولاري المدير الفني للمنتخب فكرة إجراء تغييرات جذرية في صفوف الفريق بعد الهزيمة 2/1 في المباراة الودية التي خاضها أمام نظيره الإنجليزي. وأكد سكولاري «هناك بعض التفاصيل التي يمكن أن تختلف في تشكيلة الفريق. سنضم إلى الفريق لاعبان أو ثلاثة لاعبين إضافيين». وكانت المباراة أمام إنجلترا هي الاختبار الأول لسكولاري مع الفريق بعد أسابيع قليلة من ولايته الثانية مع راقصي السامبا حيث شهدت ولايته الأولى الفوز مع الفريق بلقبه العالمي الخامس عبر كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان ويطمح إلى تتويج ولايته الثانية بإحراز اللقب العالمي السادس من خلال مونديال 2014 بالبرازيل. ويخوض سكولاري اختباره التالي مع الفريق عندما يلتقي نظيره الإيطالي وديا في 21 مارس (آذار) المقبل في سويسرا، ثم يلتقي المنتخب الروسي في 25 من الشهر نفسه في لندن. وأكد سكولاري مجددا أن المنتخب البرازيلي الذي خسر أمام مضيفه الإنجليزي لم يكن في أفضل حالاته البدنية لأن بعض اللاعبين ما زالوا في بداية الموسم وشاركوا في عدد قليل من المباريات.