جوكيكا لـ «الشرق الأوسط»: اللاعب السعودي «مغيب» عن الحقيقة.. ولا يعرف إلا «السهر»

مدرب التعاون «المقال» كشف أنه لم يتسلم رواتب 4 أشهر.. واعتبر رحيل بوقاش مفاجئا

TT

* سأعود بك إلى قرابة 7 أشهر ماضية وأسألك عن قضية الإقامة الشهيرة بينك وبين نادي نجران، كيف حدث كل ذلك؟

- حضرت إلى نجران في صيف عام 2011. واستطعت صناعة فريق متميز وقدمنا نتائج مقرونة بالمستويات التي أبهرت الجميع، وجعلت كل من في إدارة النادي راضيا تمام الرضا عن فريق كرة القدم، وفي ديسمبر (كانون الأول) من ذات العام عرضوا علي تجديد العقد لـ3 أعوام، ووضعنا شهر فبراير (شباط) من العام الفائت موعدا لتسديد مقدم العقد المتفق عليه في العقد بيننا، وإذا لم يتم الدفع بذلك الوقت فإن العقد يعتبر ملغى، وفي كل يوم أسألهم عن المبلغ المستحق كانوا يقولون لي بأنهم سيوفرونه غدا، وانتظرت أكثر من 3 أشهر بعد ذلك الموعد للحصول على مستحقاتي، وبعد انتهاء الموسم انتظرت 3 أسابيع في نجران للحصول على رواتب 4 أشهر متأخرة من العقد السابق، وكذلك العقد الجديد، لكن تفاجأنا بأنهم أحضروا لي تذاكر طيران ومبلغ العقد الجديد دون أي اهتمام للرواتب الأربعة المتأخرة، ولم يلتفتوا إلى الحل الذي طرحته بأن أتسلم راتب شهرين ويبقى لي راتب شهرين، وعندما ذهبت إلى مقدونيا لم يصلني أي خطاب منهم أو اتصال بخصوص الموسم الجديد، وعلمت بأنهم بدؤوا بالتفاوض مع المدرب ميودراج، وعندما انتهى عقدي معهم كان هناك اهتمام من قبل التعاون، ووقعت معهم عقدا بعد أن أنهيت العقد الذي يربطني بنجران في يوم 28 من شهر يونيو (حزيران) العام الفائت.

* وماذا حدث بعد ذلك؟

- رفضت إدارة نجران تسليمي إقاماتي الخاصة بسبب توقيعي مع التعاون، ورغم محاولاتي المتكررة للتواصل معهم وإقناعهم بأن لدي الحق بتوقيع أي عقد مع أي ناد طالما أنني احترمت العقد السابق الذي ربطني بنجران، لكنهم لم يتجاوبوا، وقالوا: إنهم كفلائي في السعودية وسيقومون بشكواي لدى المديرية العامة للجوازات.

* عندما سمعت ذلك التهديد، ما أول شيء خطر في بالك؟

- لم آخذ ذلك التهديد بشكل جاد، فأنا حر بتوقيع أي عقد، كما أنني ارتبطت بناد سعودي وليس بناد أجنبي، ونادي التعاون يعرف الأنظمة في البلد جيدا ولن يقدم على أي عمل مخالف، لكن الضريبة التي دفعتها جراء ذلك هي بقائي داخل السعودية لمدة 5 أشهر وعدم مقدرتي على الخروج من حدودها، ولم يتسن لي مشاركة الفريق في المعسكر الإعدادي قبل بداية الموسم بسبب تعنت مسؤولي نجران السابقين، وعندما كنا نتجهز للذهاب إلى نجران قالت بعض الصحف إن شرطة نجران ستقبض علي لحظة وصولي إلى المطار، وكنت أقول لماذا يقبضون علي فأنا مدرب كرة قدم ولست مجرما، وهل من يتعرض للمماطلة بحقوقه المالية يسجن؟! عندما أتذكر بأنهم كانوا سببا بمنعي من لقاء أطفالي وزوجتي لخمسة أشهر، أشعر بالألم لكل ما قدمته لهم والنكران الذي واجهوني به.

* تعتقد أن الخلاف الشهير الذي حدث بينك وبين رئيس النادي أمام الكاميرات في مباراة الاتحاد الموسم الفائت، كان الشرارة التي أشعلت ما تلاها من أحداث؟

- لا أعتقد أن تلك اللقطة كانت السبب، لأنه لم يفعل ذلك من قبل، لكنه ربما كان يبحث عن سبب لإجراء اتخذته، ورد فعلي كان طبيعيا؛ لأنني لا أريد أن أخسر شخصيتي أمام لاعبي فريقي. وحقيقة كل الأشخاص الذين شاهدوا اللقطة كانوا بصفي بما فيهم اللاعبون أنفسهم الذين لم يعجبهم ما فعل.

* وكيف كانت حالتك النفسية.. وكيف تلقت عائلتك خبر احتجازك هنا وعدم مقدرتك على زيارتهم؟

- كنت أشعر بالخذلان بشكل لا تتخيله، لم أستطع أن أفهم لماذا يعاملونني بهذا الشكل؟ فأنا قدمت عملا ممتازا مع فريق نجران وأستحق القليل من التقدير، لكنهم لم يعطوني أموالي وهددوني بتقديم شكوى ضدي. صدقني لم يمر علي موقف كهذا على امتداد حياتي الرياضية لأكثر من ربع قرن، لكن الأمر الجيد وصول الرئيس الجديد لنجران هذيل آل شرمة الذي تربطني به علاقة جيدة، حيث استطاع حل الأمر مع مسؤولي التعاون واستطعنا الحصول على الإقامة أواخر ديسمبر الماضي وذهبت مسرعا للاطمئنان على عائلتي الذين بقيت وقتا طويلا بعيدا عنهم.

* وماذا كان تعامل إدارة التعاون قبل حضور الرئيس النجراني الجديد مع قضيتك؟

- كانوا يرفضون التدخل في الأمر لأنهم اعتبروه قضية شخصية وتدخلهم بالأمر ليس من مصلحتهم، فهم لا يريدون كسب عداوات، وأعتقد أنهم كانوا مخطئين أيضا، فهم كان عليهم توضيح هذا الأمر لي قبل أن يوقعوا معي العقد التدريبي حتى أكون على علم تام وليس تركي جاهلا حقيقة الأمر مثلما حدث.

* هل تظن أن العمل الإداري داخل الأندية السعودية يفتقد الاحترافية؟

- هناك احترافية ولا أستطيع أن أنكرها، لكن يجب أن يتعلم الإداريون أكثر وبالتحديد من نظرائهم في الأندية الأوروبية؛ لأن أمثلة القارة الأوروبية هي الأفضل بالاتباع حاليا. كما أن هناك أمرا آخر وهو اتجاه اللاعبين لهم في حالة البحث عن استئذان لأمر أو لآخر، فاللاعبون يتوجهون لمدير الفريق أو الرئيس أو حتى الإداريين للحصول على إذن ولا يودون الاقتراب منا كمدربين؛ لأنهم يعرفون بأننا لن نتساهل مع اللاعب غير الملتزم.

* ماذا عن اللاعبين السعوديين بما أنك خضت تجربتين مع فريقين مختلفين؟

- اللاعبون السعوديون جيدون إلى حد ما، لكن يجب عليهم العمل أكثر فأكثر لتطوير قدراتهم. قابلت الكثير من اللاعبين الذين يملكون طموح الاحتراف الخارجي أو الوصول إلى النجومية محليا، لكنهم لا يتدربون جيدا أو يفتقدون الانضباطية، بعض اللاعبين هنا يسهرون لوقت متأخر ولا يحضرون إلى التدريبات الصباحية، ويحاولون التهرب من التدريبات بادعاء الإصابة أو الإصابة بالصداع.. والانضباطية لدى اللاعب السعودي تحتاج إلى حديث مطول.

* ماذا تود أن تقول بهذا الخصوص؟

- المشكلة الحقيقية في اللاعبين السعوديين أنهم لا يمكن أن يكونوا جميعا منضبطين، فدائما تجد مجموعة ملتزمة ومنضبطة ومجموعة أخرى تفتقد ذلك، وعندما تضغط على المجموعة الأخرى ويصبح الانضباط سمتهم، ستجد أن المجموعة التي كانت منضبطة حلت محل نظيرتها غير المنضبطة، ولهذا لن تجد في أي ناد مجموعة منضبطة، إنما هي مجموعتان تتداور فيما بينها.

* هل تعتقد أن المبالغ المالية العالية التي يحصل عليها اللاعبون المحترفون سبب رئيسي في عدم الانضباط الذي ذكرته؟

- لا أعلم عن ارتباط ذلك بعدم الانضباطية، لكن ما أعرفه هو أن اللاعبين السعوديين يحبون كرة القدم وقد يفعلون كل ما بوسعهم ليكونوا لاعبين محترفين بما تعنيه الكلمة، لكن مشكلتهم الحقيقية أنهم مغيبون عن العالم الحقيقي للاحتراف، فهم لا يرون إلا طريقا واحدا فقط ولا يعلمون أن هناك أكثر من الطريق الوحيد الذي يعرفونه، وهو الاحتراف الحقيقي في أوروبا.

* هل يفتقد اللاعب السعودي الكثير من المهارات الأساسية لكرة القدم؟

- نعم، عندما حضرت للتعاون تفاجأت بأن عددا من اللاعبين لا يستطيعون تمرير كرتين صحيحتين بشكل متتابع، ولهذا كثفت لهم تدريبات التمريرات. كما أن اللاعب السعودي يفتقد الجانب التكتيكي وعليهم تعلم هذا الجانب الذي يعرفه الطفل ذو 10 أعوام في مدارس كرة القدم الأوروبية. ولاحظت أن التواصل بين اللاعبين وسط الملعب معدوم، ولهذا تجدهم لا يعرفون تحركات بعضهم البعض ويخونهم التوقيت في اختيار القرار المناسب، سواء كان ذلك القرار تمريرة أو تسديدا أو مراوغة.

* ماذا عن دور قائد الفريق في الملاعب السعودية، هل تجد قادة الفرق السعودية يمتلكون نفس الميزات التي يمتاز بها نظراؤهم الأوروبيون؟

- القائد يجب أن يكون أفضل اللاعبين من ناحية فنية، وأكثر لاعب منضبط بين زملائه ويتمتع بصفات شخصية مميزة ومحبوب من الجميع، أما في الأندية السعودية فقائد الفريق مجرد شخص يشعر الآخرون في النادي بالتعاطف معه من فترة سابقة أو في الفترة الحالية، وربما لا يمتلك تلك الصفات التي ذكرت؛ لأن قائد الفريق دوره مهم جدا، فهو كالمدرب داخل الملعب وقد يطلب من المدرب سحب لاعب أو تقريع آخر بسبب أنهما يلعبان بشكل غير جاد ولا يخدم الفريق. وأنا كنت مدربا لمنتخبين وطنيين قبل حضوري للسعودية، وكنت عندما أختار قائد المنتخب أشعر بأنني تخلصت من عبء كبير، لأنه سيريحني كثيرا بالتعامل مع زملائه والصحافة وكذلك يكون أفضل مثالا لزملائه عندما نخوض المباريات.

* ماذا عن تجربتك التي انتهت مؤخرا مع التعاون، ماذا حدث رغم تجديد الثقة بك أكثر من مرة؟

- بدأنا بشكل سيئ، لكننا بدأنا بالوصول إلى المستوى المطلوب بشكل تصاعدي، ومع انتهاء الدور الأول كنا قد قدمنا مباريات جيدة مع فرق كبيرة مثل الأهلي والاتفاق، وبعدها استدعيت نحو 6 لاعبين جدد إلى الفريق مثل العماني عبد العزيز المقبالي وسند شراحيلي وأوسيني وداريو، وكان من الصعب علينا أن ندمج هذا العدد الكبير من اللاعبين في التشكيلة، وعندما حاولنا فعل ذلك تعرض الفريق لهزة وضرب انسجامه، ونحن في التعاون ليس لدينا ثقافة الفريق الذي يفوز مقارنة بالفرق الأخرى.

* هل اخترت هؤلاء اللاعبين قبل حضورهم؟

- اخترت بعض اللاعبين مثل أوسيني وداريو جيرتيك، أما عبد العزيز المقبالي فلم أعرفه من قبل وإدارة النادي هي من اختارته، وعندما قالوا لي إنه يلعب مع عماد الحوسني في المنتخب العماني الوطني ورأيت له بعض الأشرطة، وافقت على ضمه؛ لأنني لا أعرف أي لاعب آسيوي جيد.

* ماذا عن الحاج بوقاش الذي قدم أداء جيدا مع الفريق قبل أن يرحل في فترة الانتقالات فجأة، لماذا جعلته يرحل؟

- رحيل الحاج بوقاش لم يكن قراري، وكنت متفاجئا بعد عودتي من الإجازة عندما علمت أنه رحل بعيدا عن النادي، رغم أنه لاعب مهم وأحد أفضل اللاعبين المحترفين الذين رأيتهم، لكن قرار إبعاده عن الفريق اتخذته إدارة النادي. وأنا أعتقد أنهم أبعدوه لأسباب مالية لأنه حضر إلى النادي بمبلغ مرتفع نسبيا.

* ما الذي دعا إدارة نادي التعاون لإقالتك رغم أنك تقول إن الفريق بات يقدم كرة قدم جيدة ومستوى تصاعديا؟

- لاحظت أن الدعم الذي تقدمه الإدارة اختفى بعد خسارتنا من النصر في الرياض، رغم أننا خسرنا بضربة جزاء ظالمة، فسند شراحيلي لم يلمس الكرة، لكن الحكم لم يكن منصفا. أعتقد أن الوقت ليس مناسبا لإقالتي في هذا الوقت بالتحديد، فلم يبق سوى عدد بسيط من المباريات وبإمكاننا النجاة من الهبوط، ولك أن تلاحظ أنني أقلت وأنا لم أتسلم رواتبي الشهرية منذ 4 أشهر. إدارة التعاون استمعت لرأي الجماهير القليلة التي جعلت التعاون أقل الفرق من ناحية الجماهير في الدوري وأقالتني وهم - الجماهير - الذين لا يفقهون بكرة القدم شيئا.

* بما أنك أصبحت تعرف كرة القدم السعودية جيدا الآن، ما أبرز المشاكل التي تعانيها حسب وجهة نظرك؟

- المشكلة الحقيقية أن الكرة السعودية لا تهتم كثيرا بالفئات السنية، وعلى المسؤولين عنها معرفة أن كرة القدم في الفئات السنية لا تعتمد فقط على المنافسة والنتائج، إنما يجب عليك صناعة لاعب حقيقي من خلال إحضار أفضل المدربين المتخصصين بتدريب تلك الفئات، لكن هنا تحضر الأندية مدربا من جنسية عربية ولا يمتلك أي خبرة فنية حقيقية ويعامل اللاعبين وكأنه مدرس في فصل مدرسي وليس كمدرب!

على المدرب أن يدرب اللاعب على كيفية لعب الكرة بشكل أفضل، وهو ما سيجعله لاعبا متميزا خاليا من العيوب التي نجدها الآن في اللاعبين المحليين. كما أنكم بحاجة لوضع الأهداف المطلوبة عند اختيار المدربين، إما مدرب بناء ويصنع لاعبين جيدين، وإما مدرب يحقق نتائج وقتية فقط. على الرؤساء والمسؤولين تحديد ذلك بدلا من الضياع الحاصل الآن وأن يعطوا المدربين حقهم والفرصة كاملة، لأن كرة القدم ليست مجرد أموال تدفع وستحقق لك النجاح بين يوم وليلة.

* كيف تعلق على إقالات المدربين العالميين هذا العام في الكرة السعودية، حيث تمت إقالة الكولومبي فرانشيسكو ماتورانا من تدريب النصر، والهولندي فرانك ريكارد من تدريب المنتخب السعودي، والفرنسي أنطوان كومبواريه من تدريب الهلال، و8 مدربين آخرين؟

- أنتم في السعودية بحاجة إلى مدرب يحمل فكرا تطويريا وليس اسما كبيرا. دعني أسألك سؤالا: هل تعتقد أن الأسماء التي ذكرت ستأتي للتدريب في قارة آسيا لو تلقى أحدهم عروضا أوروبية؟ الإجابة المنطقية لا، هم حضروا إلى هنا للحصول على مبالغ مالية مجزية، وإن فشلوا فذلك لن يؤثر فيهم مستقبلا. المدرب العالمي لن يعمل بجد مع اللاعبين وسيرى نفسه أعلى منهم دائما ولن ينزل إلى مستواهم.

* من أكثر مدرب حاز إعجابك في الدوري السعودي؟

- كارل غاروليم صنع من الأهلي أفضل فريق يلعب كرة قدم في السعودية، لكن النهائي الآسيوي أنهى ذلك، وعاش اللاعبون فترة سيئة، لكنهم الآن أفضل وسيعودون بشكل أفضل مستقبلا. كما أعتقد أن برودوم مدرب رائع لكنه كان أفضل العام الفائت من العام الحالي، وزلاتكو سيقدم مجموعة من اللاعبين الشباب للهلال، لكنه بحاجة إلى أن يصبروا عليه، وكارينيو صنع من النصر فريقا جميلا يلعب كرة قدم على أفضل مستوى خلال الشهرين الفائتين.