الإعلام الرياضي.. شريك أم رقيب في المشهد الرياضي؟!

«الشرق الأوسط» تستطلع آراء نخبة من الإعلاميين السعوديين حول القضية «الجدلية»

TT

يرى الكثير من المهتمين بالرياضة السعودية وفي مقدمتهم مسؤولون كبار على رأس الهرم الرياضي، أن الإعلام الرياضي شريك حقيقي في كل إنجاز أو إخفاق يطرأ على المنظومة الرياضية، فيما يظل هناك اعتقاد سائد، وربما منطقي بأن الإعلام يظل رقيبا على العمل لا مشاركا فيه. ما يقود «الشرق الأوسط» لطرح عدة تساؤلات بهذا الشأن، ومنها «هل فعلا بات الإعلام شريكا في الأحداث التي طرأت على الساحة الرياضية في الآونة الأخيرة؟».

عادل عصام الدين: صحافيونا يعملون ضد بعضهم البداية كانت مع الناقد الرياضي عادل عصام الدين والذي قال في مستهل حديثه لـ«الشرق الأوسط » إن الاثنين معا واقع لا بد أن نُقره، فالإعلام له دور في الإخفاق، والمسؤول أحيانا يبالغ في اتهامه للإعلام من أجل إخلاء ساحته، ثم يضيف، عادل عصام: «السؤال هل إعلامنا يختلف عن أي إعلام رياضي آخر؟ قبل أن أجيب: أنا شخصيا على الرغم من أني إعلامي وأكاد أكون من أقدم الإعلاميين الرياضيين في الساحة أقول: نعم الإعلام مؤثر جدا فهو (أي الإعلام) إذا كان يرى نفسه شريكا في الانتصارات هنا يجب عليه أن يتقبل هذه التهمة، التي تقول إنه شريك في الإخفاق أو الانتكاسة، أنا أعتقد أن له دورا في ذلك، ولكن يجب ألا ننسى الأطراف الأخرى والتي تمثل الجانب الرئيسي لمشكلة الإخفاق».

مضيفا: «مشاركة الإعلام في الإخفاق تصل إلى نسبة كبيرة 30 أو 40 في المائة، فالإعلام يتحمل جزءا كبيرا، وأضيف هُنا بالدلائل حتى لا يكون كلامي مجرد إلقاء للتهم جزافا، أو مجرد كلام مرسل، فنحن نتحدث عن الضغوط على اللاعبين، وخاصة داخل معسكر المنتخب السعودي، وأنا هنا أسأل، من يصنع هذه الضغوط؟ بالتأكيد الإعلام السعودي؛ فنشاهد اللاعب السعودي الدولي دائما متشنجا ومتوترا وخائفا، وهذا يعود للإعلام بجزء كبير»، ثم يختم عادل عصام الدين حديثه عن السؤال الأول: «أعتقد أن مساحة الحرية كبيرة جدا على مستوى الإعلام الرياضي السعودي، بل أكاد أجزم أنها تفوق كثيرا من البلدان في العالم، ومع الأسف لم نحسن التعامل معها، وهي بدورها تؤثر على أي طرف من أطراف الوسط الرياضي، وخاصة من يمثلنا في استحقاقات خارجية كالأندية ومن قبلها المنتخب».

وعن وجود المشكلات في الاتحادات الرياضية الأخرى على الرغم من غياب الإعلام عنها مما يبرئ ساحته أمام الاتهامات التي تطالبه في لعبة كرة القدم، قال الإعلامي المخضرم عادل عصام الدين: «هذا صحيح، وهنا أعود للموضوع الكبير (القيم الإخبارية) فدائما الصحافة الرياضية تبحث عن التسويق في تركيزها على القيم الجذابة ومعروف أنها سلبية، فالصحافة لا تبحث عن الأمر الإيجابي بقدر ما تبحث عن السلبي وهو ما يوتر العلاقة بين جميع أطراف اللعبة»، مضيفا: «أنديتنا متوترة العلاقة على خلاف الأندية بالعالم، الإداريون ضد بعضهم، اللاعبون ضد بعضهم البعض، الصحافيون مختلفون، وأنا لم أشهد في كل الأوساط الرياضية الإعلامية حول العالم المشكلات كما تحدث لدينا والتي تصل لدرجة الحقد بين صحافيين يعملون ضد بعضهم البعض على الرغم من أنهم أبناء الوسط الواحد»، وأضاف: «صحيح أن هناك مقولة بأن ابن المهنة هو عدوك، ولكن لدينا زادت العداوة عن إطارها المعقول بسبب التعصب والذي يتولد ببحث الإعلاميين عن القيم الإخبارية السلبية، فالصحافي يريد أن يصبح البطل أمام ناديه وجماهيره، والجريدة كذلك وهنا أنا لا أعمم بقدر ما أقصد بعض الصحف المتخصصة في هذا الشأن».

وعن نظرة مدير القنوات الرياضية السعودي (السابق) الذي تمتد حياته الإعلامية لأكثر من 35 عاما من الخبرة والعمل في هذا المجال، وهل تطور إعلامنا للإيجاب أم تراجع للسلب، قال: «نعم تطور كثيرا وقفز قفزات واسعة جدا فيما يتعلق بالمعلومة لأن الإعلام الجديد ساهم في هذه المسألة، فالآن نجري المكالمة سويا وأنا قضيت ما يقارب ثماني سنوات أتعامل فيها مع الإعلام الجديد، فسرعة وصول الخبر ونشر المعلومات أصبحت في زمن قياسي ولكن من الأسف استفاد جانب الكم لا الكيف، فالمعلومة تقدم منذ وقوع الخبر ولكن فيما يتعلق بالجانب الكيفي أو الرأي يظل غائبا، وأعتقد أنه تراجع بشكل كبير بعدما زاد التعصب عن حده، وذلك بسبب سيطرة صغار السن وتراجع الفكر الرياضي إلى الوراء»، وأردف قائلا: «هذا الموضوع يجب النظر له من زاويتين، الأولى الفكر والثانية المعلومة، والتي مع الأسف الشديد تطورنا في نقلها عن وضعنا السابق أكثر بكثير، وأصبح الوسط الإعلامي يعرف خبايا اللعبة خارجيا وليس داخليا، ولكن الفكر الرياضي تراجع للوراء فلم يعد إعلامنا قياديا أو له رأي إيجابي، بل أصبح بعضهم بمثابة المشجع الذي يدافع عن ألوان ناديه في كل الأحوال، وهنا لا أعمم ولكن المتميزين قلة على أصابع يدك الواحدة، ولكن في الغالب الساحة باتت مفتوحة لكل من هب ودب، فالقيادات الرياضية والمسؤولون ينتظرون التوجيه الجيد ولكن فاقد الشيء لا يعطيه».

وأخيرا، هل لغياب الشفافية في كشف خبايا اللعبة دور في ذلك؟ قال عادل عصام: «أعتقد أن المسؤول يعاني في المؤسسات الرياضية، فعدم وجود محاسبة تولد معه مشكلات، وأنا سعيد في الفترة الأخيرة لتفعيل الجمعية العمومية لأول مرة، ومنها يجب أن يبدأ التغيير وإعداد اللوائح ومحاسبة اتحاد الكرة نفسه حتى لو وصل الأمر إلى سحب الثقة من الرئيس أو حتى رابطة المحترفين التي يرأسها محمد النويصر ولا نعلم من يحاسبها»، واختتم حديثه قائلا: «طالما أن الرياضة السعودية تفتقد للمتفرغين والمحترفين وتعتمد على الهواة والمتطوعين فالمشكلات قائمة».

محمد البكر: شلة متعصبين خطفوا إعلامنا الرياضي! من جهته، قال محمد البكر نائب رئيس تحرير صحيفة «اليوم» وأحد من عاصروا الإعلام الرياضي معلقا وإعلاميا لفترات طويلة: «من وجهة نظري أرى أن الإعلام الرياضي السعودي في السنوات الأخيرة مختطف من شلّة من المتعصبين الذين جرّوا الشارع الرياضي معهم إلى مزيد من التعصب مما شكل ضغطا على اللاعبين والمسؤولين وأنا أتفق مع من يذهب ليشركه في عملية الإخفاق الذي لازم كرتنا في الفترات الأخيرة».

وفي حال النظر للألعاب المختلفة في بقية الاتحادات الرياضية ووجود المشكلات والإخفاقات على الرغم من غياب الإعلام عن متابعتها، وهل ذلك يبرئ ساحة الإعلام في لعبة كرة القدم، قال البكر: «الألعاب الأخرى مشكلاتها واضحة وهي انعدام الدعم المالي وهي تعمل بميزانيات لا تكفي لفتح دكان في (عاير) وليس للإعلام دخل في ضياعها».

وعن المآخذ التي تسجل ضد الإعلام في قضية أنه شريك في عملية الإخفاق، قال نائب رئيس تحرير صحيفة «اليوم»: «تحول إعلامنا الرياضي لتحزبات خاصة تدار من قبل رؤساء أندية أو أعضاء شرف أو تحت تأثير التعصب لنادٍ معين أو لاعب دون غيره، يعني أبعد ما يكون عن الإعلام الوطني المسؤول».

وكرجل خبير استمر في الإعلام الرياضي لسنوات طويلة، هل يعتقد أنه تطور للأفضل أم تراجع للأسوأ في سنواته الأخيرة، قال المعلق الرياضي السابق: «للأسوأ بالطبع، لقد غابت المهنية واختفت أسماء الخبرة وظهرت لنا أقلام لا تملك الخبر ولا المهنية وتحولت بعض الصفحات الرياضية لتصفية الحسابات».

وفيما إذا كان لغياب الحقيقة وتواري الشفافية دور في خلق مشكلة بين الإعلامي والمسؤول كما يحدث مثلا في عقد الهولندي فرانك رايكارد الذي يرفض المسؤول السعودي الكشف عنه فيما وسائل الإعلام الأوروبية تضعه في قائمة أغنى 15 مدربا كونه يتقاضى مبلغا كبيرا نظير تدريبه للمنتخب السعودي، قال البكر: «لا أفهم حقيقة ما الذي نعنيه بالشفافية، نعم قد تكون مهمة كمعلومة لكنها غير مؤثرة في مسيرة الرياضة، أقصد أن الشفافية في المفهوم الذي طرحته أنت غير مؤثرة أبدا».

تركي العجمة: الإعلام دوره رقابي فقط من جانبه، رفض تركي العجمة مقدم برنامج «كورة» على قناة «روتانا خليجية» أن يكون الإعلامي شريكا في الإخفاق أو الإنجاز، وقال: «الإعلام ليس مفترضا أن يكون شريكا لأحد، فدوره رقابي فقط لا أكثر ولا أقل، ولكن يؤثر سلبا نعم هذا صحيح ويتحمل مسؤولياته كما يتحملها المسؤول في الإخفاق».

وعن المآخذ التي تؤخذ ضد الإعلام في هذه القضية، قال العجمة: «أنت تشكل رأيا عاما وتقوده، وبالتالي عندما نضغط سلبيا على المسؤول ونكسر مجاديفه طيلة الوقت أو في المقابل نزيد من المدح والتطبيل فهنا نؤثر، ولكن يجب علينا كإعلام أن تكون الواقعية شعارنا فعندما ننتقد نقدم حلولا، وعندما نثني نطالب بالمزيد، فلا نثني على شخص بطريقة توحي له بأن ما وصل إليه قمة المجد».

وعن وجهة نظره في الإعلام الرياضي هل تطور للأفضل أم تراجع للأسوأ في السنوات الأخيرة، قال مقدم برنامج «كورة»: «لا أحد يمكنه الحكم في ذلك، فكل شخص لديه معايير في التعامل فهناك من يجد الإسفاف مادة مطلوبة للفت الانتباه والأخيرة عند بعض الناس يرى أنها حق مشروع، في المقابل هناك من لديه حد أدنى مقبول عند ذائقة المشاهد والمشكلة أعود وأقول إن كل شخص لديه معايير خاصة يرى من خلالها ويتعامل فيها مع الإعلام»، ويضيف العجمة: «أنا من وجهة نظري يجب على كل إعلامي أن يبدأ التغيير بنفسه ومحيطه، فليس من المنطق أن أطالب الناس بالتغيير والتحسن وأنا أسوؤهم، وحالة الإعلام لدينا متفاوتة فهناك الجيد وهناك من هو سيئ جدا».

وفيما إذا كان لغياب الشفافية دور في خلق مشكلة بين الإعلامي والمسؤول، أردف قائلا تركي العجمة: «لم يعد هناك ما يخفى عن عيون الإعلاميين وكل شيء مكشوف، في الغالب وسائل الإعلام لا تبحث عن الخبر بقدر ما تحلل الخبر، أحيانا تكون ببرنامجك في بث مباشر وتجد متابعا يرسل لك رسالة مثلا بأن عبد الله عطيف وقع للهلال، وبالتالي وصل له الخبر قبلك، أعتقد أن الخبر قيمته ضعفت في وسائل الإعلام وليس جديدا للناس، لكن الجديد أن تفند هذا الخبر وتحلله، وأعود بالقول إنه سواء كان المسؤول شفّافا أم لا، فالخبر سيخرج لوسائل الإعلام بمائة طريقة، إذا كانت بعض الاجتماعات تصلنا الأخبار ونحن في المكاتب وأثناء سير هذه الاجتماعات، وهذا ما يؤكد أنه لا مجال لإخفاء المعلومة الحقيقية».