29 مدربا تعاقبوا على أندية الدوري السعودي هذا الموسم.. والفتح والشباب الأكثر استقرارا

الوحدة ونجران أكثر الأندية تغييرا لأجهزتها الفنية.. وغاروليم آخر المبعدين

كانيدا
TT

يبدو أن فرق أندية دوري زين السعودي للمحترفين تعيش سباقا محموما غير معلن على صعيد إقالة المدربين في الموسم الحالي الذي تمتد منافساته حتى شهر مايو (أيار) المقبل، وذلك من خلال آخر البطولات المحلية، وهي مسابقة كأس الملك للأبطال.

هذا الرقم الكبير لعدد المدربين لهذه الفرق التي لا تتجاوز الأربعة عشر فريقا، يقودنا إلى الطريق الصحيح أو العلة الأساسية في مشكلة انخفاض مستوى الدوري السعودي في السنوات الأخيرة، وانعكاس ذلك على المنتخب السعودي الذي بات صديقا للفشل حتى بطولة «خليجي 21» التي أقيمت في البحرين مطلع العام الحالي.

أرقام المدربين الفلكية قابلة للزيادة في الأيام المقبلة، فالاتحاد وهجر ونجران في مهمة البحث عن مدرب يقود فرقهم عقب إقالة أو استقالة مدربيهم في الأيام الماضية.

29 مدربا منهم خمسة فقط كانوا لفترات مؤقتة، أما البقية فكانوا مدربين رئيسيين لهذه الفرق، ويتصدر فريق الوحدة قائمة أكثر الفرق تغييرا للمدربين هذا الموسم، وذلك بواقع أربعة مدربين حتى الآن، في حين تأتي فرق الفتح والشباب والفيصلي في قائمة الفرق التي نجحت في الحفاظ على مدربيها حتى الجولة الماضية.

«الشرق الأوسط» تقدم قراءة مفصلة لواقع فرق دوري زين السعودي للمحترفين مع مدربيها هذا الموسم، فرغم هذه الأرقام الكبيرة للمدربين التي حضرت هذا الموسم، فإن المدرب الوطني ظل غائبا عن الواجهة واقتصر حضوره على مدربين فقط بصورة مؤقتة، وهم بدر هوساوي للوحدة والحسن اليامي لنجران.

ويبدو أن متصدر الدوري فريق الفتح واصل إبقاءه على مدربه التونسي فتحي الجبال بعدما قاده الأخير لتقديم مستويات متميزة الموسم الماضي في دوري زين، حيث احتل المركز السادس بفارق الأهداف عن صاحب المركز الخامس الاتحاد، ومعها طار الفتح للمشاركة الخارجية الأولى في تاريخ النادي حديث العهد بدوري زين، ذات الحال الفنية المتميزة ظهر الفتح عليها في مسابقة كأس الملك التي ودعها الفتح بصعوبة من نصف نهائي البطولة أمام نظيره النصر، ونقاط التحول التي حدثت في تاريخه هذا الموسم الماضي قادته للتطور والمضي بصورة أفضل تحت قيادة مدربه التونسي فتحي الجبال الذي بات قريبا من ملامسة درع دوري زين السعودي للمحترفين للمرة الأولى في تاريخه، حيث يتصدر الفتح سلم ترتيب الدوري وبفارق سبع نقاط عن أقرب منافسيه الهلال، مع تبقي خمس جولات فقط على نهاية الدوري. التونسي الجبال وإدارة فريقه نموذج يجب أن تحتذي به إدارات الأندية السعودية التي لا تملك أسهل من اتخاذ قرار إقالة المدرب عند كل إخفاق.

«ويعتبر تغيير المدربين في منتصف الموسم من أكبر الأخطاء التي ترتكب في حق الأندية، فهي تمنح اللاعبين مساحة كافية للاعتذار في حال حدوث إخفاق، إضافة لعدم توفر البديل، فالمدرب الجيد مرتبط مع ناديه بعقد». كانت هذه كلمات الأمير عبد الرحمن بن مساعد، رئيس نادي الهلال، عقب إقالته الألماني توماس دول والتعاقد مع التشيكي إيفان هاسيك في الموسم الماضي، إلا أن ابن مساعد لم يلبث فترة طويلة حتى رمى بقناعاته التي وصل إليها عن تجربة في الموسم الماضي خلف ظهره وأعلن مجلس إدارته إقالته المدرب الفرنسي أنطوان كومبواريه الذي قاد الهلال منذ مطلع الموسم الحالي بعد آخر محطة تدريبية كانت له في فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، وجاءت إقالة كومبواريه عقب خسارة الفريق من أمام غريمه التقليدي النصر بهدف دون رد في الجولة الـ18 لدوري زين والتي أعقبت منافسات بطولة الخليج، لتسند المهمة الطارئة للمدرب الكرواتي زلاتكو الذي كان يدير الفريق الأولمبي للهلال منذ مطلع الموسم الحالي، بعدما كان في الموسم الماضي مدربا لفريق الفيصلي، ونجح زلاتكو في تحقيق البطولة الأولى له في مشواره التدريبي بعدما توج مع الأزرق بطلا لكأس ولي العهد الشهر الماضي.

ويعتبر فريق الشباب ومدربه الحالي البلجيكي ميشال برودوم الفريق الثاني من أصل أربعة عشر فريقا يحافظ على مدربه، ولم يقرر إقالته بعد، فعلاقة الشباب والبلجيكي بدأت أكثر تماسكا وترابطا رغم بعض الهزات التي اعترت طريقه هذا الموسم، فإن الليث ما زال في صراع المنافسة رغم اقترابه من توديع احتفاظه بلقب الدوري الذي حققه الموسم الماضي دون أي خسارة مع برودوم، وذلك بعدما اتسع الفارق النقطي بينه وبين المتصدر الفتح إلى تسع نقاط، ويمتد عقد الشباب مع مدربه إلى أربعة مواسم انقضى منها الموسم الأول، لترسم لنا ملامح نيات شبابية إدارية بالاستقرار الفني ومنح المدرب كامل الصلاحيات والحرية لإعداد فريق صعب المراس.

وبعدما كانت الأنظار تتجه إلى التشيكي الأصلع كارل غاروليم وأنه المدرب الثالث الذي سيستمر حتى نهاية الموسم بعد التونسي الجبال مدرب الفتح ونظيره ميشال برودوم مدرب الشباب، إلا أن المفاجأة غير المتوقعة كانت في إعلان إدارة نادي الأهلي برئاسة الأمير فهد بن خالد إقالة غاروليم عقب ساعات قليلة من تحقيقه الانتصار الأول في مشواره الآسيوي أمام ضيفه الغرافة القطري بهدفين دون رد. تبريرات إدارة الأهلي التي ساقتها للجماهير عقب قرار الإقالة كانت تقول إن الطرفين وصلا إلى طريق مسدود عقب رفض التشيكي تغيير قناعاته وتعرض الفريق لهزات متعددة، ورغم ذلك يتم تجديد الثقة بالمدرب لأكثر من مرة فإنه لم يأت بجديد بحسب ما تقوله الإدارة الأهلاوية.

وعقب إقالة غاروليم أسندت الإدارة المهمة للمدرب الصربي أليكس إليتش الذي سبق له قيادة الفريق لتحقيق كأس الملك في موسم 2010 - 2011، وكانت أولى مبارياته التي قاد فيها الفريق أمام الاتفاق يوم أول من أمس وانتهت لصالحه برباعية مقابل هدف لفارس الدهناء.

من جهتها، لم تكترث إدارة النصر برئاسة الأمير فيصل بن تركي لخسارة الفريق المباراة النهائية لمسابقة كأس ولي العهد أمام غريمه التقليدي الهلال، حيث لم تمض إلا ساعات قليلة حتى بث النادي خبر تجديد عقد الأوروغوياني كارينيو موسما إضافيا.

كارينيو جاء للنصر خلفا للكولومبي ماتورانا الذي استمر مع الفريق منذ الموسم الماضي، لكن لم تمض إلا خمس جولات على انطلاقة منافسات الدوري هذا العام حتى تمت إقالته وتكليف المدرب الأوروغوياني أليخاندرو دوترا بتدريب الفريق في لقاء هجر الذي انتهى نصراويا بهدف دون رد حتى حضور مواطنه كارينيو الذي تسلم المهمة، وقدم الأوروغوياني مع النصر مستويات لافتة ونجح في الوصول للخلطة السرية للنجاح وتمكن من الوصول للمواجهة النهائية لكأس ولي العهد قبل أن يخسرها على يد غريمه التقليدي الهلال، ورغم ذلك تم تجديد الثقة إيمانا من الإدارة بما يملكه هذا المدرب المشاكس، وبعدها بأيام قليلة ودع النصر بطولة العرب على يد العربي الكويتي، ومن هاتين الخسارتين إلى تعادل هزيل يوم أول من أمس أمام الوحدة يتساءل أنصار الأصفر هل يسير كارينيو على خطى ماتورانا الذي كسب ثقة الإدارة، لكنه في النهاية رحل بقرار إداري؟ أم ينجح في قيادة فريقه للمنافسة بقوة على لقب بطولة مسابقة كأس الملك وهي الأمل الوحيد للجماهير هذا الموسم؟

ولم يكن قرار إقالة مدرب الاتحاد الإسباني راؤول كانيدا أمرا مستغربا للشارع الرياضي، وذلك لأمرين أحدهما التراجع الفني لمستوى الفريق الذي بات يعاني كثيرا من أجل الظفر بمقعد يؤهله للمشاركة في دوري أبطال آسيا الموسم المقبل، حيث يحتل حاليا المركز السابع في سلم ترتيب الدوري برصيد 27 نقطة، ناهيك بالسبب الثاني وهو الأبرز وهي تلك الصراعات التي بدأت تطفو على السطح بين قائد الاتحاد محمد نور والمدرب الإسباني، حيث لم يشارك نور مع كانيدا إلا في تسع مباريات كاملة من أصل عشرين مواجهة قادها الإسباني في دوري زين السعودي للمحترفين.

إقالة كانيدا من تدريب الاتحاد جاءت عقب خسارته مباراة الوحدة في منافسات الدوري، حيث تعتبر تلك النقاط الثلاث هي الأولى للوحدة في مسيرته هذا الموسم، الأمر الذي قاد صناع القرار لاتخاذ قرار الإقالة بعد أن صفق له الاتحاديون كثيرا في فترات سابقة.

ما أعقب إقالة كانيدا وظهور لقطة تلفزيونية يرفض فيها السلام على محمد نور تترجم الواقع الاتحادي المرير والفراغ الإداري الكبير وإيمان كانيدا بدور القائد نور في إبعاده من تدريب الاتحاد، وعقب رحيله تولى مساعده الإسباني بينات مهمة التدريب حتى التوقيع مع مدرب آخر لقيادة الفريق فيما تبقى من منافسات الموسم الحالي.

وكانت ست مباريات على صعيد الدوري كفيلة باتخاذ إدارة الاتفاق قرار إقالة مدرب الفريق السويسري ألين جيجر والبحث سريعا عن مدرب يسد هذا الفراغ الفني الذي حدث مبكرا لفارس الدهناء، ووقعت الأنظار الاتفاقية على المدرب البولندي ماتشي سكوزا وحضر الأخير مبكرا منذ الجولة السابعة، وما زال يجلس على رأس الجهاز الفني للفريق الاتفاقي الذي يحتل المركز السادس في سلم ترتيب الدوري.

أما الفيصلي فقد نجح في الانضمام لركب الفرق المستقرة فنيا بعدما نجح في الإبقاء على المدرب البلجيكي مارك بريس الذي يعيش تحديا قويا هذه الأيام في تمكنه من قيادة الفيصلي نحو البقاء في مصاف أندية دوري زين أولا ومن ثم التأهل لمنافسات كأس الملك للأندية الأبطال، علاوة على تجاوزه بالفريق نحو الدور الربع النهائي لبطولة الخليج التي يشارك فيها، إضافة لقيادة فريقه نحو الدور النصف النهائي لمسابقة كأس ولي العهد التي ودعها على يد الهلال بهدف دون رد.

من جهته، خرج التونسي عمار السويح في المؤتمر الصحافي الذي أعقب مواجهة الرائد بالتعاون في الجولة الـ18 من منافسات الدوري ليعلن تقديم استقالته واستعداده لدفع الشرط الجزائي عقب خلافات بينه وبين إدارة الرائد برئاسة فهد المطوع، والتي كشف عنها الأخير في أحاديثه التي أعقبت مواجهة التعاون، وهي ذات المباراة التي رمى فيها السويح ورقة الاستقالة، وعقب رحيل السويح من الرائد تعاقدت إدارته مع المقدوني فلاتكو كوستوف، وما زال الأخير على رأس الجهاز الفني بالفريق.

وليس ببعيد عن الرائد، خرج مدرب هجر المصري طارق يحيى في المؤتمر الصحافي الذي أعقب مباراة فريقه يوم الجمعة الماضي أمام الفيصلي والتي انتهت بفوز الأخير بثلاثة أهداف دون رد ليعلن استقالته ورحيله عن الفريق عقب لقاء الاتفاق، ملمحا إلى أمور خفية داخل أسوار هجر تمعنه من تقديم مستويات جيدة مع الفريق.

وتراجع المصري طارق يحيى عن الاستقالة من منصبه بعد محاولات جادة اقنع من خلالها مسؤولون النادي المدرب بالبقاء بعد أن كان يرغب في الرحيل بحجة أن النتائج تسيء لسمعته في بلاده، علما بأنه جاء بعد إقالة البرازيلي باتريسيو الذي قاد الفريق في ثماني مواجهات قبل أن تتم إقالته وإسناد المهمة لمواطنه لويز نيتو في مباراة واحدة، وأخيرا طارق يحيى الذي قاد الفريق في 12 لقاء.

وتعيش بقية أندية دوري زين في صراع دائم مع عملية الاستقرار الفني الذي لا تعرف له طريقا في غالب المواسم، ففريق نجران الذي يحتل المركز التاسع في سلم ترتيب الدوري أقال مؤخرا مدربه التونسي خميس العبيدي بعدما قاد الفريق في أربعة لقاءات على صعيد الدوري، إضافة لبطولة الخليج وكأس ولي العهد، قبل أن تتم إقالته وإسناد المهمة للوطني الحسن اليامي الذي يعتبر المدرب الثالث للفريق هذا الموسم، وسبق اليامي والعبيدي المدرب الصربي ياشيش الذي قاد الفريق منذ بداية الموسم حتى الجولة الـ16.

وعلى ذات الطريق سار فريق الشعلة الذي قاده حتى الآن مدربان، أولهما المصري محمد صلاح الذي كان يدير الشعلة فنيا منذ الموسم الماضي إبان مشاركته في دوري «ركاء» للدرجة الأولى قبل أن تتم إقالته عقب الجولة الـ16 لمنافسات دوري زين وإسناد المهمة للمدرب التونسي أحمد العجلاني حتى الآن. أما فريق التعاون فلم ينجح في إكمال الموسم مع مدربه الذي استمر معه منذ بداية الموسم حتى الجولة الماضية وهو المقدوني جوكيكا الذي تمت إقالته عقب مواجهة الشعلة في الجولة الـ20 من منافسات الدوري، لتتم إسناد المهمة للمدرب الجزائري توفيق روابح.

ويعد فريق الوحدة أكثر فرق دوري زين السعودي للمحترفين تغييرا للمدربين، وذلك بواقع أربعة مدربين، ورغم ذلك ما زال الفريق قابعا في مؤخرة ترتيب الدوري برصيد 7 نقاط وبفارق ثماني نقاط عن أقرب فريق له، الوحدة بدأ الموسم الحالي مع مدربه المصري بشير عبد الصمد الذي لم يلبث سوى أربعة لقاءات حتى قدم استقالته ورحل عن تدريب الفريق ليتم تكليف المدرب الوطني بدر هوساوي بقيادة الفريق في مباراتين، حتى تعاقدت الإدارة الوحداوية مع المدرب التونسي وجدي الصيد الذي قاد فرسان مكة في 11 مواجهة قبل أن تتم إقالته ويحزم حقائبه تاركا المكان لمواطنه خليل عبيد الذي ما زال على رأس الجهاز الفني في الفريق الذي يحتاج إلى مهمة شبه مستحيلة حتى يتمكن من البقاء في دوري زين السعودي للمحترفين الموسم المقبل.