علي بادغيش: الاحتراف السعودي «ناقص».. وأملك خططا لحل الأزمات المالية لأنديتنا

رئيس لجنة الاحتراف كشف لـ «الشرق الأوسط» عن أسباب رفض بدل تدريب شافي للهلال

TT

كشف رئيس لجنة الاحتراف التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم علي بادغيش عن فكرة هدفها الرئيسي التقليل من الأزمات المالية التي تعانيها الأندية السعودية في السنوات الأخيرة، من خلال تحديد وإعلان ميزانيات الأندية التي تقوم على أساسها إدارات الأندية التي تأخذ من خلالها عقود اللاعبين النصيب الأكبر من النسبة المالية للميزانية، واصفا الاحتراف السعودي الكروي بالناقص؛ كونه فاقدا الخصخصة التي تسير عليها أندية أوروبا.

وبين بادغيش لـ«الشرق الأوسط» العديد من الأمور التي تهم الشارع الرياضي خلال ثنايا هذا الحوار الصريح:

* سمعنا كثيرا عن امتعاض لجنة الاحتراف تجاه ما يتداوله الإعلام الرياضي لبعض ما يناقش في اللجنة.. ما صحة ذلك؟

- بالتأكيد وسائل الإعلام الرياضية حين تتناول بعض القضايا ينقصها الكثير من المعلومات عن حيثية القضية نفسها، فأحيانا تكون هناك مقارنات غير صحيحة بين حالة وأخرى، وعلى الرغم من ذلك، فإنني أصف ما تقوم به بالاجتهاد؛ لأنه ليس معقولا أن يكون هدف الإعلام الرياضي التشكيك في عمل اللجنة أو نزاهتها.

* ولماذا لا يكون لكم حضور دائم في وسائل الإعلام من أجل توضيح اللغط الذي يحصل في العديد من القضايا، حيث إن الوصول إلى اللجنة ممثلة في شخصك أو في آخر تعد صعبة لدى العديد من الإعلاميين؟

- أنا حريص على الظهور في وسائل الإعلام عند النقاش حول قضية تتعلق باللجنة؛ ولكن ليس من المنطق أن أستقبل عشرات الاتصالات يوميا للحديث عن بعض القضايا، خصوصا أن هناك أرقاما تردني لا أعرف أصحابها ولا ترسل لي من قِبَلهم رسائل نصية عبر الهاتف الجوال تكون تعريفية بهم، والمؤكد أنني أحرص على الرد على كل وسيلة إعلامية في أي قضية، ولا أحابي وسيلة إعلامية على أخرى، فأنا من طبعي التوازن مع الجميع والتعامل مع الآخرين سواسية.

* هل تسبب خروجك في وسيلة إعلامية، خصوصا فضائية، في تعكير علاقتك مع وسيلة إعلامية منافسة مثلا؟

- يحصل ذلك، ولست أنا السبب في ذلك؛ بل إن مواعيد البرامج متفاوتة، فبعضها يبدأ بعد نهاية البرنامج الرياضي الآخر في الفضائية المنافسة، وحينما أظهر في الفضائية الأولى يستاء مقدم البرنامج في الفضائية الأخرى، وهذا حصل لي فعلا مع أحد الزملاء الإعلاميين الكبار الذين أعتز بهم كثيرا، فحينما ظهرت في البرنامج الذي يسبق برنامجه بقرابة الساعة لم يتصل بي للمشاركة في برنامجه مع أنه كان «ملحا» علي للمشاركة، وليته استفسر مني - على الأقل – في ما يخص ظهوري في برنامج آخر قبل انطلاقة برنامجه للحديث عن القضية نفسها؛ ولكن أود عبر «الشرق الأوسط» التي أثق أنه حريص على قراءتها أن أوصل له هذه الرسالة، أنه وغيره من الزملاء الإعلاميين وكل المنتمين للوسط الرياضي لهم مني كل التقدير والاحترام.

* كثير من القضايا شغلت الرأي العام مؤخرا، أبرزها رفض بدل تدريب شافي الدوسري المنتقل من الهلال إلى الاتحاد، وكذلك تسجيل اليوناني خاريستياس في صفوف النصر قبل نهائي كأس ولي العهد، فالهلاليون اعتبروها استهدافا لهم، ما التوضيحات القانونية؟

- لنبدأ في موضوع اللاعب شافي الدوسري، فاللائحة تقول إن النادي الذي يوقع مع اللاعب العقد الاحترافي الأول في مسيرته يلزم بدفع بدل تدريب لناديه الأصلي الذي احتواه في بداية حياته الكروية، واللاعب شافي كان عقده الاحترافي الأول مع الهلال، وبعد أن انتهى عقده رحل بشكل احترافي إلى الاتحاد، وهنا يوجد اختلاف في تفسير اللائحة الخاصة بهذه الحالة..

ففي حال انتقال اللاعب إلى ناد آخر داخل البلد الواحد، فلا يحق لناديه الأول الحصول على بدل تدريب؛ كون اللاعب وقع عقدا احترافيا وتمت الاستفادة من خدماته، وحينما انتهى عقده ولم يجدد له ذهب إلى النادي الآخر، وهذا طبيعي؛ كون اللاعب يبحث عن مصلحته؛ لذا، النادي المحلي الآخر لا يحق له الحصول على بدل تدريب، أما في حال انتقال اللاعب المحلي إلى ناد خارجي في أية دولة كانت تطبق الاحتراف، فهنا يحق للنادي الأول للاعب أن يحصل على بدل تدريب، وشافي انتقل من الهلال إلى الاتحاد بعد نهاية عقده الاحترافي الأول مع الهلال.

* وماذا عن حالة تسجيل خاريستياس في النصر بدلا من أيوفي لأن هناك حالة حصلت قبل موسمين مع القادسية ورفض طلب النادي، بتسجيل بديل للأردني مهند محارمة مع أنه أصيب قبل بداية الموسم؟

- اللاعب خاريستياس لم يسجل للنصر إلا بعد التأكد من انطباق الشروط الخاصة بتسجيله بعد نهاية فترة التسجيل للاعبين المحترفين، وفي مقدمتها أنه يكون عاطلا عن العمل قبل بدء فترة آخر تسجيل محلي للاعبين المحترفين، وكان خاريستياس متوقفا عن اللعب محترفا في أي ناد منذ قرابة 5 أشهر، وانطبقت عليه الاشتراطات الخاصة كافة. والجميع يعلم بأن النصر طلب من لجنة الاحتراف في بداية الأمر الاستفسار من الاتحاد الدولي عن موضوع تسجيل لاعب بديل للمصاب أيوفي، وقدم النصر لاعبا بديلا؛ لكنه رفض من قبلنا؛ لأنه لا تنطبق عليه الشروط الخاصة، وبعدها تم تقديم اسم اللاعب اليوناني. وفي ما يخص موضوع القادسية، فلا أتذكر الحالة تماما؛ ولكن قد يكون السبب في ذلك عدم تقديم إدارة القادسية لاعبا بديلا تنطبق عليه الشروط ليكون بديلا للاعب محارمة.

* أنت موجود في لجنة الاحتراف منذ عام 2007 وكنت من المشاركين في صياغة اللائحة الجديدة، حيث كنت ضمن اللجنة التي يرأسها الدكتور صالح بن ناصر.. هل اللائحة الحالية فيها مواد غامضة تستدعي الاجتماع والتصويت لاتخاذ قرار في بعض القضايا؟

- حقيقة أنا في اللجنة منذ عام 2007، وهي التي شهدت التشكيل النهائي للجنة الاحتراف بطلب من الأمير نواف بن فيصل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم في تلك الفترة، وحينما بدأنا الخطوات الأولى لصياغة اللائحة كان الأمير نواف بن فيصل موجودا في إندونيسيا مع المنتخب السعودي الأول المشارك في نهائيات كأس آسيا، وسافرنا بصفتنا أعضاء في اللجنة برئاسة الدكتور صالح بن ناصر إلى إندونيسيا، وبقينا هناك أسبوعين لصياغة لائحة الاحتراف، وقد يكون خافيا على كثيرين أنني ضمن اللجنة منذ ذلك العام.

وبعد وفاة الفقيد الصديق عبد الله الدبل رئيس لجنة الاحتراف عاد صالح بن ناصر مجددا إلى رئاسة اللجنة، وتم تشكيل اللجنة ولائحتها بطلب من الأمير نواف بن فيصل، وأنا من المحظوظين حقيقة؛ كوني كنت ضمن اللجنة، وساعدنا الدكتور صالح بن ناصر في صياغة اللائحة كليا بعد أن كان ذلك الدور منوطا بالراحل الرمز عبد الله الدبل؛ ولكن القدر كان أسرع من تنفيذ الدبل - رحمه الله - برنامجه في هذا الشأن.

* بعد إلغاء نسبة الـ70% للنادي الذي ينتقل منه لاعب إلى ناد آخر، بات طريق انتقال اللاعب من ناد إلى آخر أسهل بكثير، خصوصا أن النادي الجديد الذي يضم اللاعب لن يلتزم بدفع أي مبلغ مادي، هل تعتقد أنكم ظلمتم الأندية الفقيرة ماديا بإلغاء المادة «18»، في المقابل عززتم تمرد اللاعب على ناديه الأصلي بعد دخوله فترة 6 أشهر من عقده الاحترافي؟

- اللاعب يبحث عن مصلحته؛ كون كرة القدم مصدر دخله الوحيد غالبا؛ لذا لا يمكن أن نقف في وجهه ما دامت لديه فرصة أفضل في المردود المالي من النادي الآخر، وحينما كانت نسبة 70% مطبقة، كان الهدف منها مساندة النادي الذي انتقل منه اللاعب، ولكن - دائما - الاحتراف يكون في صف اللاعب ومصلحته، على أن لا تتعارض مع الأنظمة واللوائح المعمول بها، فاللاعب نال من ناديه مبالغ مادية مقابل الفترة التي خدم فيها النادي.

* هل الوقت كان مواتيا لإلغاء المادة «18» في ظل عجز بعض الأندية عن دفع مبالغ مالية باهظة للتجديد مع لاعبيها، وإن ظفرت بعض الأندية بعقود رعاية ضخمة من شركات كبرى خصوصا في مجال الاتصالات؟

- كما قلت؛ كان الهدف من تطبيق المادة «18» هو مساعدة الأندية ماديا بعوائد انتقال من لاعبيها بعد دخول فترة 6 أشهر؛ ولكن باتت الأندية لديها مداخيل مفترضة من شركات الرعاية والنقل التلفزيوني وغيرها؛ لذا كان لزاما أن نلغي هذه المادة لصالح اللاعب، وهذا ما يشجع عليه الاتحاد الدولي، على اعتبار أن اللاعب موظف يجب أن يعمل في المكان الذي يمنحه المميزات الأفضل.

* لماذا حصلت بعض الاستثناءات في تسجيل لاعبين لبعض الأندية، مع أن هناك شروطا وضعتها اللجنة في وقت سابق تتعلق بعدم تسجيل أي لاعب في أي ناد ضده شكوى احترافية من لاعب سابق أو حالي، خصوصا في ما يتعلق بتسديد مستحقات مالية ورواتب وغيرها، وأثير الجدل في هذا الموضوع تحديدا في تسجيل نادي الاتحاد للاعبين على الرغم من وجود شكوى ضده من اللاعب سوزا والتعاون ورغم وجود شكوى من اللاعب حسين النجعي، وهذه أمثلة، وليست حصرا للحالات؟

- لا توجد أي استثناءات غير مبررة، فاللاعب سوزا لم يتقدم للجنة الاحتراف بشكوى ولم تصلنا في هذا الشأن أي معلومة رسمية من الاتحاد الدولي، والقضية من الممكن أن تكون منظورة، وقد يكون نادي الاتحاد هو الطرف المنتصر على اللاعب؛ لذا لا يمكننا عقاب نادي الاتحاد على قضية لم تصلنا تفاصيلها بشكل رسمي، ولم تقدم بها شكوى. أما موضوع اللاعب حسين النجعي، فما وردنا من نادي التعاون أن اللاعب موقع للمخالصة، ونال على أثر ذلك شيكا مصرفيا وليس من صلاحياتنا ومسؤوليتنا أن نعاقب النادي على إصدار شيك بنكي برصيد غير كاف إن كان ذلك صحيحا.. المهم لدينا العمل وفق الأوراق الرسمية التي تصلنا في أية قضية.

* وماذا عن تسجيل لاعبين في أندية لم تسدد رواتب لاعبيها بانتظام؟

- يجب أن نكون واقعيين ونتحدث بصراحة، هناك مستحقات متأخرة للأندية لدى بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة في ما يتعلق بحقوق النقل التلفزيوني وغيرها من الحقوق؛ لذا سمحنا للأندية التي لديها متأخرات بأن لا تتجاوز الشهرين بتسجيل لاعبين جدد في فترة التسجيل الأخيرة.

* لنعد إلى موضوع الاحتراف.. لماذا يكون هناك تصويت على بعض القرارات ما دامت اللائحة واضحة؟ وكم عدد الأعضاء الحاليين للجنة؟

- لا يوجد تصويت على بعض القرارات؛ بل هناك خلاف على تفسير بعض المواد؛ لذا هناك الأخذ برأي الأغلبية، فنحن في اللجنة 3 أشخاص بعد استقالات بعض الأعضاء لأسباب مختلفة من بينهم الدكتور أحمد عيد بعد أن تولى رئاسة الاتحاد.

* كيف يمكن حل المشكلات المالية في الأندية في رأيك كونك رجلا خبيرا ولك إنجازات كرئيس تعرف بـ«الذهبي» لنادي القادسية، كما عملت في الاتحاد الآسيوي قبل أن تقود - حاليا - واحدة من أهم لجان الاتحاد السعودي؟

- يمكن أن نحل المشكلات المالية بشكل جذري، من خلال اعتماد ميزانيات للأندية قبل بداية كل موسم رياضي، بحيث لا يسمح لأي ناد بالتعاقدات بأكثر من ميزانيته، ففي حال كانت الميزانية المرصودة 15 مليونا مثلا، فإنه يسمح بتحديد رواتب اللاعبين المحليين ورصد مبلغ للمحترفين، ويكون المبلغ على أرض الواقع وليس بالوعود.

* هل هذا سينفذ على أرض الواقع في الموسم المقبل؟ وماذا عن الأندية التي تتوقع وصول دعم شرفي يصل إليها خلال الموسم، وبالتالي تطالب بالتعاقد مع لاعبين تفوق قيمتهم الميزانية المرصودة؟

- هي فكرة، ولم يتم حتى اتخاذ قرار بتنفيذها، ولن يؤخذ بموضوع الوعود الشرفية بالدعم على أنه دعم مؤكد ما لم يكن موثقا من خلال شيكات مصدقة، على أن يكون هذا الدعم ضمن الميزانية.

* بعد كل هذه السنوات من الاحتراف التي شارفت على العقدين من الزمن، هل نجح الاحتراف لدينا؟

- ما زال احترافنا منقوصا، فهناك مصروفات تفوق المداخيل بأضعاف، ويمكن أن يكون الاحتراف مكتملا إذا طبق نظام الخصخصة في الأندية، بحيث يكون هناك ميزان للربح والخسارة، والمستثمر يضع أمواله اليوم لينال مكاسب بعد سنوات معدودة، أما الآن، فما زالت هناك اجتهادات في الأندية تحت عنوان «تطبيق الاحتراف».

* هل تؤيد فكرة تحديد سقف أعلى لعقود اللاعبين الذي يطالب به العديد من الشخصيات الرياضية، التي لديها نجاحات استثمارية مثل عبد الرحمن الراشد الذي عبر عن ذلك صراحة في حوار عبر «الشرق الأوسط» مؤخرا؟

- هو رجل خبير،؟ ورأيه يؤخذ به؛ كونه هامة معروفة وناجحا في المجال الذي يعمل فيه؛ ولكن موضوع تحديد سقف الرواتب لا يمكن تطبيقه في السعودية؛ لأن هناك أندية ترى أنها قادرة على جلب اللاعب الذي تريده بالمبلغ الذي يريد، وإن فاق السقف الأعلى، الذي أعتقد أنه طبق في الإمارات؛ ولكن الحل الأمثل لموضوع عقود اللاعبين هو فكرة تحديد ميزانيات الأندية وإجبارها على العمل وفق إمكاناتها؛ تلافيا للمشكلات المالية.

* لنعرج سريعا على موضوع القادسية، وهو النادي الذي حقق في عهدك العديد من الإنجازات؛ في مقدمتها بطولة آسيا بوصفه أول فريق سعودي يحقق ذلك.. لماذا يعاني منذ سنوات، وحاليا هو في دوري الأولى؟

- النادي يحتاج إلى وقفة صادقة من كل محبيه، ونبذ الخلافات والصراعات، وصراحة؛ النادي يعاني هذه الصراعات منذ سنوات ويجب وضع حد لها.

* وأين أنت من النادي حاليا؟

- أنا قريب من النادي، وفي الفترة الأخيرة كانت لي تحركات مع عدد من القدساويين المخلصين؛ من أجل ثبات الإدارة الحالية برئاسة داود القصيبي حتى نهاية الموسم؛ حفاظا على الاستقرار، وكون هذا الرجل من عائلة قدساوية عرف عنها الدعم للنادي منذ عقود، وهو رجل مخلص، وأتمنى أن يحالف الفريق التوفيق في العودة إلى دوري الكبار.

* لا أحد يختلف على أنك «الرئيس الذهبي»، هل تلقيت الدعم المالي الكافي أثناء توليك الرئاسة، خصوصا أنك حققت العديد من الإنجازات التاريخية؟

- لم يدعمني إلا القليل جدا، والدعم لم يكفِ لتسديد التزامات كثيرة على النادي، والقناعة بأن النادي لا يستحق أن يدفع له؛ كونه محرقة للأموال، وهذه رؤية كثير من المقتدرين ماديا؛ لذا لا شيء يشجع على رئاسة النادي، وبهذه المناسبة يجب شكر كل من يعمل في الأندية متطوعا.