بينيتيز: تشيلسي يقدم موسما رائعا.. والقادم أفضل

بعد الفوز على مانشستر يونايتد والتأهل لربع نهائي كأس إنجلترا

TT

ربما بالغ المدير الفني «المؤقت» لنادي تشيلسي الإنجليزي رفائيل بينيتيز عندما صرح بأن فريقه يقدم موسما «رائعا»، ولكن في الحقيقة لم تكن الأمور داخل النادي اللندني بالسوء الذي يصوره منتقدو المدير الفني الإسباني، فحتى هؤلاء النقاد لا يمكنهم إلقاء اللوم على بينيتيز بسبب خروج الفريق من بطولة دوري أبطال أوروبا، لأنه قد تولى قيادة الفريق وهو فاقد الأمل تماما في مواصلة المشوار بهذه البطولة العريقة. وعلى هذا الأساس، كانت مهمة بينيتيز تكمن في احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى بجدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز حتى يتأهل لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، علاوة على المنافسة على كأس الاتحاد الإنجليزي والدوري الأوروبي وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة.

وبعد الفوز المستحق على مانشستر يونايتد في الدور ربع النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي، لا تزال ثلاثة من هذه الأهداف في متناول تشيلسي وبينيتيز. وكان المدير الفني الإسباني قد طالب بنوع من التوازن والعقلانية في الحكم على مستوى الفريق خلال الموسم الحالي، قائلا: «بعد اقتناص التعادل أمام مانشستر يونايتد في المباراة الأولى لكأس الاتحاد الإنجليزي وفوزنا على ستيوا بوخارست وويستهام، صورنا البعض على أننا أفضل فريق في العالم. وعندما خسرنا أمام ساوثهامبتون كنا الفريق الأسوأ في العالم، والآن وبعد الفوز على مانشستر يونايتد أصبحنا الفريق الأفضل في العالم مرة أخرى! في الحقيقة، يجب أن يكون هناك نوع من التوازن والعقلانية».

والآن، ما زال تشيلسي في المراكز الأربعة الأولى للدوري الإنجليزي الممتاز، ووصل إلى الدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي ليواجه مانشستر سيتي ليلتقي الفائز من تلك المواجهة الكبرى بالفائز من لقاء ويغان وميلوال في المباراة النهائية للبطولة، كما وصل تشيلسي للدور ربع النهائي لدوري أوروبا وسوف يلعب مباراة سهلة أمام نادي روبن كازان الروسي. ومع ذلك، لا يمكن لأحد أن يدعي أن بينيتيز يقود تشيلسي نحو المجد، لأن عدم التأهل للنسخة المقبلة من دوري أبطال أوروبا سوف يمحو أي إنجاز آخر ويكون بمثابة جرح عميق لا يمكن علاجه حتى لو حصل الفريق على أي لقب من الألقاب التي ينافس عليها، على الرغم من أن ذلك لن يضر كثيرا بالسيرة الذاتية للمدير الفني الإسباني وهو يبحث عن وجهته المقبلة.

وسيكون التأهل للنسخة المقبلة من دوري أبطال أوروبا هو المعيار الأساسي للحكم على مستوى تشيلسي خلال الموسم الحالي، ولكن سيكون بينيتيز مطالبا أيضا بالحصول على شيء ملموس واعتلاء منصات التتويج للاحتفال بأحد الألقاب التي ينافس عليها. لقد تمكن المدير الفني الإسباني من كسر حاجز الصمت الذي يسيطر على «ستامفورد بريدج» من خلال التغلب على منافسه القديم السير أليكس فيرغسون والإطاحة بمانشستر يونايتد من كأس الاتحاد الإنجليزي ليقتصر تركيز الشياطين الحمر على الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة العشرين في تاريخهم.

وعلى الرغم من أن بينيتيز لم يحصل على أية إشادة من جمهور ناديه بعد ذلك الفوز، إلا أن هذا الجمهور لم يحمل اللافتات التي تهاجمه ولم تكن هناك هتافات عدائية ضده أثناء تلك المباراة. بعبارة أخرى، كلما اقترب وقت رحيل بينيتيز عن «ستامفورد بريدج»، كلما تحسنت علاقته بجمهور النادي. لقد أثبت بينيتيز، من خلال انفعالاته خلال المباراة، ولا سيما خلال الشوط الثاني، عدم صحة ما يدعيه البعض بأنه يدير مباريات الفريق بحالة من اللامبالاة لأنه سوف يرحل عن النادي بعد فترة قصيرة.

قد يتسم بينيتيز ببعض الخصال السيئة، ولكنه ليس أحمقا أو غبيا، فقد كان يعرف جيدا ما ينتظره إذا لم يحقق الفوز على مانشستر يونايتد في تلك المباراة، وخصوصا بعدما دفع بتشكيل ضعيف، حيث أبقي جون تيري وفرانك لامبارد وفرناندو توريس على مقاعد البدلاء. وبدأ الشوط الأول لتلك المباراة الهامة وكأنه امتداد لمباراة أخرى خاضها اللاعبون قبل 48 ساعة، أو أقل بالنسبة للاعبي تشيلسي، حيث اتسم الأداء بالبطء الشديد، ولم يرق لمرحلة المتعة الكروية إلا في الشوط الثاني الذي شهد بعض اللمحات الرائعة ضمت هدف اللقاء الوحيد الذي جاء بعد أربع دقائق من انطلاق الشوط الثاني بعد تمريرة سحرية من الماتادور الإسباني خوان ماتا إلى النجم السنغالي ديمبا با الذي هرب من رقابة ريو فرديناند ووضع الكرة بشكل رائع على يمين الحارس ديفيد دي خيا الذي وقف ينظر إليها وهي تهز الشباك، كما كانت هناك لمحة جميلة أخرى من نصيب حارس تشيلسي العملاق بيتر تشيك الذي أنقذ كرة لا تصد ولا ترد من رأسية خافير هرنانديز الذي وجه الكرة برأسه بعد تلقيه تمريرة رائعة من داني ويلبيك. لقد تحدى تشيك كل القواعد التي تعرفها كرة القدم في هذه اللعبة وأخرج لنا مشهدا كرويا قلما نراه في عالم الساحرة المستديرة؛ إنه مشهد تعجز الكلمات عن وصفه، وعن الحديث عن هذا الإبداع، الذي دفع هرنانديز للابتسام ولسان حاله يقول: «ما الذي يمكنني أن أفعله أكثر من ذلك؟» لقد ذكرنا هذا المشهد الرائع بإنقاذ تشيك لفرصة أندي كارول الخطيرة في مباراة فريقه أمام ليفربول في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي الموسم الماضي، إن لم يكن هذا الإنقاذ أفضل! وبعيدا عن المهارات الفردية للاعبين، فقد تعامل بينيتيز مع المباراة بذكاء شديد من الناحية التكتيكية، وقد ظهر هذا جليا من خلال التمريرات القصيرة بين نجوم الفريق، والتعليمات التي كان يعطيها للاعبيه والتغييرات الإيجابية في الرمق الأخير من المباراة، وكذلك الإشارات، التي ربما لم تكن تعني شيئا للاعبين ولكنها كانت تساعده هو شخصيا على الهدوء. في الواقع، يعني الفوز على مانشستر يونايتد ومديره الفني القدير السير أليكس فيرغسون كثيرا وكثيرا بالنسبة لبينيتيز، الذي يدرك أنه لم يعد أمامه سوى مباريات معدودات في «ستامفورد بريدج». لقد كانت هذه مباراة رائعة لتشيلسي، وقد تكون هناك مباريات أروع في المستقبل القريب.