مانشستر سيتي خيب التوقعات وأثبت أنه ما زال بعيدا عن منافسة يونايتد

بعد 10 أشهر من توقع الإعلام الرياضي البريطاني هيمنته على كرة القدم الإنجليزية

TT

عندما اقتنص مانشستر سيتي لقب الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، خرجت عناوين الصحف البريطانية تتغنى بقوة الفريق وقدرته على الهيمنة على كرة القدم الإنجليزية خلال السنوات المقبلة؛ فكتبت إحدى الصحف تقول: «مانشستر سيتي على وشك إحداث تغيير في ميزان القوى، سواء في مدينة مانشستر أو في الدوري الإنجليزي الممتاز»، في حين كتبت أخرى تقول: «يمثل التتويج الدرامي لمانشستر سيتي باللقب تحولا خطيرا في ميزان القوى في اللعبة - ما لم يفتح مالكو مانشستر يونايتد خزائنهم للسير أليكس فيرغسون لبناء فريقه مرة أخرى».

لكن لم يكن هناك أي شيء يدل على ذلك هذا الموسم؛ فقد خرج مانشستر سيتي على الرغم من إنفاقه الكبير في سوق اللاعبين من دوري أبطال أوروبا مبكرا، وتراجع خلف غريمة مانشستر يونايتد بفارق 15 نقطة في الدوري الإنجليزي، مما يدل على أن تكهنات الصحف لم تضع في حساباتها كيفية عمل الفرق العريقة مثل يونايتد.

وحول ذلك يقول نجم يونايتد السابق والمحلل الرياضي لشبكة «سكاي سبورت» حاليا: «أقوم في كثير من الأحيان بالتفكير في عناوين الصحف الصادرة قبل 10 أشهر من الآن؛ عندما حصل مانشستر سيتي على اللقب، وإذا كنت قد قرأت عبارة (تغيير في ميزان القوى) مرة، فقد سمعتها آلاف المرات، حيث كان كثيرون يرون في نهاية الموسم الماضي أن مانشستر يونايتد سوف يواجه مشكلات كبيرة للبقاء في المنافسة في ظل الإنفاق السخي من جانب إدارة مانشستر سيتي، وأن هناك فرصة كبيرة للأخير للسيطرة على كرة القدم الإنجليزية خلال السنوات المقبلة، وذهب البعض لوصف مانشستر يونايتد بأنه فريق يعاني من الشيخوخة، وأنه لا يملك خط وسط قادرا على الصعود به إلى منصات التتويج مرة أخرى».

ويضيف: «في الواقع، لم يفهم كل من يفكر بهذه الطريقة نادي مانشستر يونايتد أو مديره الفني القدير السير أليكس فيرغسون، كما لم يقرأوا التاريخ جيدا ويدركوا أن مانشستر يونايتد ربما يمرض ولكنه لا يموت، ربما يترك منصات التتويج لفترة قصيرة ولكنه سرعان ما يعود بصورة أقوى؛ ففي عام 1995، خسر بطولة الدوري الإنجليزي لصالح نادي بلاكبيرن، كما خسر بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لصالح نادي إيفرتون، وفي عام 1998 حصل نادي آرسنال على الثنائية، قبل أن يعود المدفعجية من جديد بفريق «لا يقهر» عام 2004، ثم لمع نجم تشيلسي اللندني تحت قيادة المدير الفني «الاستثنائي» جوزيه مورينهو عامي 2005 و2006، ولكن السير أليكس فيرغسون أثبت للجميع أن تلك الإخفاقات تزيد من قوته وقوة فريقه.

ويقول سايمون مولك المحرر الرياضي بجريد «دايلي ميرور»: «صحيح أن يونايتد عانى من بعض الإخفاقات خلال الموسم الحالي، مثل الهزيمة أمام تشيلسي في كأس الاتحاد الإنجليزي، الأسبوع الماضي، والخروج من دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أين يوجد النادي الآن؟ إنه يغرد منفردا في صدارة ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، وعلى وشك أن يحسم البطولة بصورة رسمية في منتصف شهر أبريل (نيسان). سوف يلتقي يونايتد مع مانشستر سيتي (اليوم) في المباراة التي كان من المفترض أن تحسم اللقب، وهو يحتل المركز الأول بفارق 15 نقطة كاملة. ليس هذا فحسب، ولكنه بات يملك كثيرا من اللاعبين الشباب الرائعين، مثل الحارس ديفيد دي خيا وفيل جونز وجوني إيفانز ورفائيل وكريس سمولينغ وتوم كليفرلي وداني ويلبيك وشينجي كاجاوا وتشيتشاريتو وأندرسون وناني».

وأضاف: «أتذكر أنه عقب خسارة مانشستر يونايتد اللقب الموسم الماضي، قام فيرغسون بتهنئة مانشستر سيتي، ثم قال: أعرف جيدا أن اللاعبين الشباب في فريقي سوف يتعلمون كثيرا مما حدث، وسوف يحصلون على الألقاب في السنوات المقبلة».

وعندما تنظر إلى الحيوية والاستقرار اللذين يتمتع بهما هؤلاء اللاعبون تدرك على الفور أن فيرغسون كان لديه كل الحق في أن يكون واثقا من عودة فريقه إلى منصات التتويج مرة أخرى، لا سيما أن هؤلاء الشباب يكتسبون خبرة هائلة من الحرس القديم، مثل نيمانيا فيديتش وريو فرديناند ومايكل كاريك وواين روني وروبن فان بيرسي وريان غيغز وباتريس إيفرا.

أما بالنسبة لمانشستر سيتي، فما زال لديه القدرة على المنافسة الموسم المقبل، ولكن الشيء الملاحظ هو أن الفريق يعاني من حالة من التوتر في بعض الفترات، ولا سيما بين لاعبيه البارزين، علاوة على توتر العلاقة بين المدير الفني للفريق روبرتو مانشيني وبعض اللاعبين، مثل جو هارت وفينسنت كومباني وسمير نصري في بعض الأحيان. ربما يكون سبب الفجوة الكبيرة بين نتائج مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي هو نجاح الأول في التعاقد مع النجم الهولندي الكبير روبن فان بيرسي، الذي كان بمثابة نقطة التحول في أداء الشياطين الحمر، ولذا فإنه من حق مانشيني أن يلوم إدارة ناديه بشدة على عدم إقناع فان بيرسي بتغيير مساره والانتقال إلى ملعب «الاتحاد».

وكان التأثير الأكبر لفان بيرسي خلال النصف الأول من الموسم، عندما ساعد فريقه على الفوز في كثير من المباريات على الرغم من أن الفريق لم يكن في أفضل حالاته، وهو ما ساعد يونايتد على مواصلة الانتصارات وتوسيع فارق النقاط بينه وبين أقرب منافسيه بالشكل الذي نراه الآن. ومع ذلك، لم يكن الفشل في التعاقد مع فان بيرسي هو السبب الوحيد للمستوى الهزيل الذي ظهر عليه مانشستر سيتي خلال الموسم الحالي، ولكن هناك أسبابا أخرى، مثل تعاقد النادي مع لاعبين لم يتمكنوا من إثبات أنفسهم بالشكل المتوقع، مثل سكوت سينكلر وجافي غارسيا ومايكون وجاك رودويل. لقد أنفق مانشستر سيتي 54 مليون جنيه إسترليني خلال الصيف الماضي للتعاقد مع لاعبين جدد، مقابل 48 مليون جنيه إسترليني لمانشستر يونايتد، وهو ما يعني أن مانشستر سيتي كان من المفترض أن يكون منافسا شرسا للشياطين الحمر على لقب الدوري الأقوى في العالم، لكن ليس بكثرة الإنفاق تصبح فريقا عظيما.

لقد فشل مانشستر سيتي في التعاقد مع لاعبين من العيار الثقيل خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، ولذا لم يعد أداء الفريق ممتعا من الناحية الفنية بسبب افتقاده الإبداع والسرعة، على عكس الموسم الماضي، عندما كان الفريق يلعب كرة قدم ممتعة بفضل الإضافات الهائلة، مثل النجم الفرنسي سمير نصري، والماتادور الإسباني ديفيد سيلفا، وراقص التانغو الأرجنتيني سيرخيو أغويرو، والنجم الإيطالي المثير للشغب ماريو بالوتيللي، علاوة على القوة الدافعة لهم من الفيل الإيفواري يايا توريه، والنجم البلجيكي فينست كومباني، الذي كان في أوج تألقه الموسم الماضي.

لقد نجح مانشستر سيتي في الفوز بلقب الدوري الموسم الماضي، ولكنه لم ينجح في مواصلة الانتصارات والحصول على البطولات، وهذا هو الفارق الواضح بين مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، الذي لا يتوقف قطار طموحاته مطلقا، والذي ينتهي من تحدٍّ ليدخل في تحدٍّ جديد بعزيمة كبيرة نجح المدير الفني الاسكوتلندي القدير بغرسها في نفوس لاعبيه على مر السنين.