غضب بريطاني خشية عودة ظاهرة «الهوليجانز» للملاعب الإنجليزية

بعد عنف جماهير ميلوال في مباراة نصف نهائي الكأس والشغب عقب ديربي نيوكاسل وسندرلاند

TT

خلفت أعمال العنف التي شهدتها مباراة نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي من جماهير ميلوال ضد رجال الشرطة وجماهير ويغان في استاد ويمبلي وخارجه، وكذلك ما حدث من أعمال عنف في مباراة الدوري الإنجليزي من جماهير نيوكاسل في المباراة أمام الجار سندرلاند، ردود فعل غاضبة في بريطانيا خشية من عودة ظاهرة «الهوليجانز» التي كانت الملاعب الإنجليزية قد قضت عليها مع نهاية عقد الثمانينات بالقرن الماضي.

وكانت جماهير ميلوال وعلى مشهد أمام كل المتابعين بالتليفزيون قد قاموا بالالتحام والاعتداء على رجال الشرطة والأمن في استاد ويمبلي عقب تسجيل ويغان للهدف الثاني في مباراة نصف نهائي الكأس، وامتد الشغب إلى الشارع. أما في نيوكاسل فقد خرج جمهور الفريق ليصب جام غضبه من الهزيمة التي تعرض لها أمام سندرلاند صفر / 3 في الدوري بالصدام والشغب مع الجمهور المنافس.

وأعلنت شرطة أسكوتلنديارد أنها وجهت الاتهام إلى ريتشارد فريمان، 53 عاما، مشجع فريق ميلوال بانتهاك شروط الكفالة، بعد أن قامت باعتقاله. كما سيمثل تيرانس كابي، 43 عاما، الذي اتهم بالسلوك العنصري بموجب البند الرابع من قانون النظام العام، أمام محكمة هيندون في الأول من مايو (أيار) .

وذكرت الشرطة أنها اعتقلت 12 من مشجعي ميلوال واثنين من مشجعي ويغان. وقال كبير المحققين آندي بارنيس: «العنف الذي شهدناه في مباراة الكأس بين ميلوال ويغان غير مقبول تماما» مؤكدا أن شرطة «متروبوليتان» ملتزمة بالعمل مع شركائها في تقديم المسؤولين إلى العدالة. وتجري الآن تحقيقا موسعا لتحديد كل الأشخاص الذين شاركوا في أحداث العنف وتقديمهم إلى العدالة بأسلوب سريع وقوي».

وقالت شرطة أسكوتلنديارد إن شخصا يبلغ من العمر 24 عاما من منطقة كامبرويل جنوب لندن أفرج عنه بكفالة ليعاد إلى قسم شرطة غرب لندن بعد اعتقاله على خلفية الشكوك بالسرقة، وحيازته على مخدرات من الفئة B وحيازته سلاحا هجوميا.

كما اعتقل صبي يبلغ من العمر 15 عاما، من منطقة كوريدون، جنوب لندن، على خلفية الشكوك بترويج التذاكر، وأفرج عنه بكفالة للعودة إلى الاستجواب الشرطة في بداية مايو . وقال ضباط في أسكوتلنديارد إنهم يتابعون كثيرا من المباريات باعتبار ذلك جزءا من تقييمهم لما بعد المباراة وسيواصلون متابعة تحقيقهم لتحديد الأشخاص المتورطين.

ويرتبط تاريخ ميلوال بأعمال العنف مما جعله مصنفا ضمن أسوأ جماهير الأندية الإنجليزية سلوكا.

وارتبطت السمعة السيئة بميلوال منذ الستينات حيث ألقت جماهيره قنبلة على الملعب خلال مباراة مع فريق برنتفورد عام 1965 ولحسن الحظ نجا اللاعبون من كارثة محققة.

وفى عام 1978 حاول جمهور ميلوال اقتحام الملعب خلال مباراة ربع نهائي كأس إنجلترا التي خسرها فريقهم بستة أهداف مقابل هدف أمام أبسويتش تاون. وفي عام 1985 دخل جمهور ميلوال المشاغب في صدام مع رجال الشرطة واقتحموا أرضية الملعب خلال مباراة مع فريق لوتون بالكأس أيضا. ورغم انحسار ظاهرة الشغب في ملاعب إنجلترا خلال السنوات العشرين الأخيرة إلا أن جماهير ميلوال كانت الاستثناء الأسوأ حيث تكرر شغبهم في مباراة أمام برمنغهام عام 2002 بإصابة 50 شرطيا، وكذلك في مباراة أمام ليفربول عام 2004، وأخرى أمام وستهام عام 2009.

وكان عنف مباراة ميلوال وويغان، الذي شهد هجوم مشجعي الأول للشرطة والقتال مع بعضهم بعضا داخل وخارج أرض الملعب، قد تبعه مزيد من المشكلات في ديربي سندرلاند ونيوكاسل التي انتهت بفوز الأول 3 - 0 على ملعب الأخير. وأصيب أربعة رجال شرطة عندما اندلعت المتاعب من جمهور نيوكاسل الغاضب إثر إلقاء زجاجات وإشعال النار في صفائح القمامة بينما كانت الشرطة تحاول إفساح المجال لرحيل مشجعي سندرلاند.

وتراجع شرطة نورثومبريا أشرطة الدوائر التلفزيونية المغلقة بعد نزول جماهير نيوكاسل إلى الشوارع خارج ملعب سان جيمس بارك ليتم اعتقال تسعة وعشرين شخصا، ويتوقع أن يرتفع العدد، إذ لا تزال الشرطة تجري تحقيقاتها.

وأعرب نادي نيوكاسل عن «استيائه» و«خجله» لأعمال الشغب التي قام بها مشجعوه عقب الهزيمة، وأعلن أنه سيواصل التعاون مع السلطات من أجل تحديد هوية المشجعين المتسببين في أعمال الشغب.

وقال النادي: «هؤلاء الأشخاص البائسون ليس لهم مكان في نيوكاسل يونايتد».

في الوقت ذاته أجرت شرطة المواصلات البريطانية 33 عملية اعتقال أخرى متعلقة بأحداث شغب كرة القدم.

وشملت الاضطرابات انتهاكات عنصرية وأحداث عنف طالت جماهير تشيلسي ومانشستر سيتي الذين كانوا في طريق عودتهم من مباراة نصف نهائي الكأس. ووصف وزير الرياضة البريطاني هيو روبرتسون، أعمال العنف التي شهدتها مباريات كرة القدم مؤخرا بالتي لا تغتفر، لكنه أصر على أنها ظواهر فردية لا تشكل عودة إلى الأيام العصيبة السابقة للبلطجة.

لكن مسؤول شرطة المواصلات أندرو تروتر حذر من أن: «مشاهد العنف في استاد ويمبلي وفي نيوكاسل تمثل تذكيرا بليغا وقويا وأنه لا يزال هناك كثير مما يمكن القيام به للتعامل مع الاضطرابات المتعلقة بكرة القدم».

وطالبت الشرطة بمضاعفة الجهود من أجل وضع نهاية لتجاوزات الجماهير العنيفة.

وقد أخضعت مشاهد العنف القبيحة في ويمبلي ونيوكاسل مرة أخرى الكرة الإنجليزية للنقد، بيد أن من يتحلون بعقلانية ونظرة رصينة يبحثون فيما هو خلف العناوين الهستيرية المحذرة من عودة الهوليجانز. ويرى النقاد أن الكرة الإنجليزية ليست في مأزق كما تبدو في بعض الوقائع، فهي ليست مكانا للمتشاكسين، لكن هناك قضية هامة، إن لم تكن نذير شؤم ينبغي التعامل معها وتتمثل في أن هناك البعض ممن يتسمون بالبلطجة سواء أكانت لفظية أو جسدية.

وذكر هنري وينتر الناقد الرياضي بصحيفة «دالي تلغراف» بأن بعض الأفراد يستمتعون باللذة العابرة في الانخراط في مناوشات مع بعضهم البعض، من الاستهزاء بمشجعي الفريق المنافس أو السلطات. وقال: «بعض ضيقي الأفق يحاولون إثارة الضحك بخطف خوذة شرطي، وبعضهم معدوم من الأخلاق يلجأ إلى لكم حصان الشرطة. الحقيقة أن بعض هؤلاء الأفراد لا يصلحهم التقويم».

وكل من لديه معرفة بالتاريخ يعلم أن الحياة في إنجلترا كانت أكثر شراسة في العصر الفيكتوري. فكانت كرة القدم في ذاتها بها كثير من العنف آنذاك، وكانت المباريات خلال السبعينات والثمانينات تحاط بالأسوار. وكل من يحاول تكوين وجهة نظر عقلانية لما حدث في مباراة نصف نهائي الكأس وملعب نيوكاسل وأنها شوهت الكرة الإنجليزية بحاجة في البداية إلى تخفيف الواقع. فقد شهدت أماكن أخرى من كرة القدم في العالم مشكلات خلال نفس الفترة.

ففي ألمانيا، اشتبك مشجعو بايرن ميونيخ مع مشجعي نادي نورمبرغ، حيث اعتقل 60 شخصا وأصيب 16 شرطيا. وفي البرازيل قتل اثنان من مشجعي نادي سييرا في ملعب فورتاليزا، الذي سيكون أحد الملاعب التي تستقبل مباريات كأس العالم.

لكن الشرطة البريطانية تعهدت بفرض حظر مدى الحياة على المشجعين الذين يدانون بارتكاب العنف ومنعهم نهائيا من دخول الملاعب.