فوز بايرن ميونيخ الساحق ينذر بنهاية حقبة برشلونة الذهبية

رباعية الفريق الألماني تضعه على مشارف نهائي دوري أبطال أوروبا.. وحداد يسيطر على أجواء المدينة الكتالونية

TT

ابتلع بايرن ميونيخ الألماني ضيفه برشلونة الإسباني برباعية نظيفة في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، ووضعه في مأزق لم يعتد عليه في السنوات الأخيرة، مما طرح تساؤلات عدة حول إمكانية انتهاء حقبته الذهبية.

ولم يتعرض الفريق الكتالوني لخسارة قاسية مثل هذه في دوري أبطال أوروبا منذ موسم 1997 - 1998، حينما سقط بنفس النتيجة أمام دينامو كييف الأوكراني في الدور الأول، والسقوط التاريخي في نهائي 1994 أمام ميلان الإيطالي عندما كان برشلونة تحت إشراف الهولندي يوهان كرويف.

برشلونة حامل اللقب أعوام 1992 و2006 و2009 و2011 الذي يخوض نصف النهائي للعام السادس على التوالي (رقم قياسي)، عانى هذا الموسم خارج قواعده حيث خسر في الدور الأول أمام سلتيك الأسكوتلندي (1 - 2) وفي ذهاب الدور الثاني أمام ميلان الإيطالي (صفر - 2 قبل أن يفوز إيابا 4 - صفر)، كما بلغ دور الأربعة دون أن يفوز على باريس سان جيرمان الفرنسي (2 - 2 ذهابا في باريس و1 - 1 إيابا في برشلونة)، وجاءت خسارته أمام بايرن بمثابة الإعلان الصريح عن قرب انتهاء موسمه الأوروبي ليكتفي بلقب الليغا الإسباني الذي بات تقريبا في خزائنه.

واستحوذ برشلونة على الكرة أكثر من بايرن لكن دون نجاعة، كان هشا في الكرات العالية وظهر عليه التعب البدني وتأثر بشكل صارخ لعدم استعادة نجمه ليونيل ميسي اللياقة البدنية بعد عودته من الإصابة.

وأصابت الهزيمة الثقيلة ردود فعل صادمة في إسبانيا وأخرى احتفالية بشكل جنوني في ألمانيا.

في إسبانيا استيقظت مدينة برشلونة على حالة حداد بعدما أصبح الفريق الكتالوني بحاجة لمعجزة كروية في مباراة العودة التي تقام بملعب «كامب نو» في أول مايو (أيار) المقبل لكي يصل إلى ثالث نهائي له بدوري الأبطال خلال المواسم الخمسة الأخيرة.

ولم يسبق طوال تاريخ البطولة الأوروبية أن نجح فريق في مباراة العودة في تعويض هزيمته صفر / 4.

وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة «موندو ديبورتيفو» الكتالونية أمس: «كارثة في ميونيخ» بينما اختارت صحيفة «ماركا» عبارة «هزيمة بفضيحة» عنوانا لها.

وكان جيرارد بيكيه مدافع برشلونة صريحا بالقدر الكافي ليعترف: «إنهم أقوى وأسرع منا، ويلعبون أفضل. لقد وجهوا لنا ضربة قاسية».

وأضاف بيكيه أن الفوز بهذه المواجهة «بات شبه مستحيل الآن. ولكننا سيكون علينا بذل قصارى جهدنا في مباراة العودة وسنحاول تحقيق الفوز من أجل جماهيرنا».

وبعكس كثير من زملائه وقطاعات إعلامية كبيرة، رفض بيكيه انتقاد الحكم المجري فيكتور كاساي الذي أدار المباراة وقال: «لم يكن للحكم تأثير على النتيجة. كانوا متفوقين علينا، وهذا كل ما في الأمر».

ولكن «موندو ديبورتيفو» وصفت أداء كاساي بأنه «كارثي» زاعمة أن أهداف بايرن الثلاثة الأولى «لم يكن يجب احتسابها» لأخطاء مع اللاعبين أو للتسلل.

وإن كانت الصحيفة الكتالونية اعترفت على الجانب الآخر بأن بايرن أيضا كان من حقه الحصول على ضربتي جزاء.

وأشارت محطة «راك - 1» الإذاعية إلى احتساب أهداف مشكوك في صحتها خلال مباريات برشلونة الثلاث التي لعبها خارج أرضه بأدوار خروج المغلوب في دوري الأبطال هذا الموسم، أمام بايرن وباريس سان جيرمان الفرنسي وإيه سي ميلان الإيطالي.

بينما قال جوردي رورا مساعد مدرب برشلونة: «يجب تهنئة بايرن. كانوا أقوياء للغاية، وتمتعوا بلياقة بدنية عالية. لم نلعب بمستوى بالغ السوء خلال شوط المباراة الأول ولكنهم بدأوا التسجيل في بداية الشوط الثاني من حركة استراتيجية، وبدأت الأمور تزداد صعوبة من هذه اللحظة».

وأضاف رورا: «قدم بايرن مباراة رائعة في الوقت الذي افتقدنا فيه النضارة لننافسهم وهذا الأمر نحتاج لمعالجته. لم نر المواقف التي كان بإمكاننا تغيير الأمور من خلالها في الشوط الثاني. نعرف أن الموقف بالغ الصعوبة ولكن بما أننا فريق برشلونة فسيكون علينا أن ننافس بقوة في مباراة العودة وأن نحاول تحقيق الفوز. سنبذل قصارى جهدنا».

ووصفت محطة «رايو ماركا» الإذاعية أداء ميسي بأنه كان «أحد أسوأ عروض النجم الأرجنتيني على الإطلاق» فيما وصفته صحيفة «آس» بأنه كان أشبه «بظل ميسي الذي نعرفه».

ولكن ميسي قال: «كان بايرن متفوقا من الناحية البدنية علينا، وكانت جميع الكرات المشتركة من نصيبهم». وأضاف اللاعب الأرجنتيني تعليقا على حالته البدنية قائلا: «إنها مباراتي الأولى منذ الإصابة، ولكنني شعرت أن حالتي تسمح لي باللعب».

واعترف ميسي بأنه «سيكون من الصعب تعويض تخلفنا صفر / 4 ولكننا سنحاول بكل تأكيد».

وأظهر استطلاع للرأي أجرته موندو ديبورتيفو بموقعها على الإنترنت أن 19% فقط من قراء الصحيفة يعتقدون أن برشلونة سيتمكن من تحويل النتيجة لمصلحته في مباراة العودة.

وواجه رورا ومدرب برشلونة تيتو فيلانوفا انتقادات شديدة لإجراء تبديل واحد فقط بصفوف الفريق طوال المباراة والذي نزل من خلاله المهاجم ديفيد فيا الملعب قبل نهاية المباراة بثماني دقائق.

واتفق الإعلام الإسباني على أن مشكلتي برشلونة في ميونيخ كانتا تراجع الحالة البدنية لأفضل لاعب في العالم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي عاد لتوه إلى الملاعب بعد ابتعاد دام لمدة أسبوعين بسبب الإصابة، وبعض الأخطاء الدفاعية المروعة للفريق.

وقال صانع الألعاب المخضرم تشافي: «نشعر بالحزن ولكن علينا أن نعترف بأنهم كانوا أفضل منا. ربما كانت النتيجة مبالغا فيها، ولكنهم كانوا متفوقين علينا. علينا أن نهنئهم».

وأضاف تشافي: «كانت نسبة استحواذنا على الكرة (64%) غير مثمرة. عانينا كثيرا من ضرباتهم الركنية، فهم أفضل منا من الناحية البدنية.. علينا أن نحاول قلب هذه النتيجة حفاظا على كرامتنا، علينا أن نحاول تحقيق معجزة حتى لو كنا نعرف استحالة ذلك من الناحية العملية».

أما داني ألفيش الظهير الأيمن لبرشلونة فقال: «كانوا ينافسون بمستوى أفضل منا، خصوصا في الكرات العالية، علينا أن نهنئهم على ذلك، ولكننا ما زال أمامنا 90 دقيقة أخرى وبوسعنا أن نجعلهم يعانون خلالها».

وفي الجانب الألماني أغدقت الصحف الصادرة أمس الثناء على بايرن ميونيخ وفوزه الكاسح على برشلونة بنتيجة لا تصدق، وكتبت صحيفة بيلد: «نتيجة هائلة، والأمر لا يصدق!»، وعنونت تحت صورة لتوماس مولر الذي كان يحتفل بتسجيله هدفه الأول في الدقيقة 25 مع ماريو غوميز والفرنسي فرانك ريبيري وقبل أن يسجل هدفه الثاني في الدقيقة 82 «بايرن تمكن من تحجيم برشلونة». في حين رأت صحيفة سودوتشه تسايتونغ أن «بايرن ميونيخ نجح في ترويض أفضل لاعب (في إشارة إلى أداء ميسي الباهت)».

وبرزت الصورة ذاتها لمولر في صحيفة ميركور مونشنر البافارية التي اعتبرت أن الفريق البافاري «لن يتمكن أحد من الصمود أمامه بعد هذا الفوز التاريخي على النادي الكتالوني».

وتكلل تعليق مجلة «كيكرز» المتخصصة بإشادة كبيرة بفريق المدرب يوب هاينكيس «الذي وجه صفعة قوية لبرشلونة» وشق طريقه نحو النهائي المقرر في لندن 25 مايو المقبل، وبتواضع البطل أكد المدرب هاينكيس على أن تعطش فريقه للنجاح والخطة التي تعامل بها مع اللقاء كانا السبب وراء الفوز الكبير على برشلونة، لكن النتيجة الكبيرة لا تعني أن برشلونة فقد بريقه فما زال الفريق الإسباني من أفضل الفرق في العالم.

وقال هاينكس «ما زال برشلونة واحدا من أفضل الفرق في العالم. قد يكون هكذا مع ريال مدريد الإسباني وبروسيا دورتموند الألماني. الفرق الثلاثة التي وصلت المربع الذهبي لدوري الأبطال معنا جميعهم فرق قوية».

وأوضح هاينيكس، الذي قاد فريقه لحسم لقب الدوري الألماني (بوندسليغا) في وقت مبكر للغاية وبعد 28 مرحلة فقط (رقم قياسي) من المسابقة، «قدمنا عروضا استثنائية ورائعة على مدار الموسم. لدينا فريق فائق المستوى، التعطش للنجاح سمة للفريق منذ عامين».

وأوضح هاينكيس أن نجاح الفريق اعتمد على تنفيذ الخطة التي وضعناها للحد من خطورة المنافس.

وأشار هاينكس إلى أن التأهل للمباراة النهائية لم يحسم بعد وعلينا الاستعداد للقاء الإياب في برشلونة.

من جهته علق الهولندي آريين روبن نجم فريق بايرن ميونيخ على الفوز الساحق 4 لفريقه قائلا: «كان ضربا من الجنون».

وأوضح روبن «لم نعتقد أبدا أننا سنفوز بهذا الشكل على برشلونة.. منافسنا أحكم قبضته على ساحة كرة القدم في السنوات الخمس الماضية، علينا أن نفتخر بما حققناه».

وأضاف: «بدأنا اللقاء بشكل رائع وانتابني سريعا شعور بأن الفريق سيفوز».

كما أشاد فيليب لام قائد بايرن بالأداء الراقي لفريقه ووصفه بأنه «فريق لديه قدرات رائعة».

ورغم هذا، أكد لام أن الفوز الساحق على برشلونة يجب ألا يدفع اللاعبين للتراخي في مباراة الإياب ويجب أن نكون على نفس القدر من التركيز الأسبوع المقبل».

ووصف كارل هاينز رومينيغه نائب رئيس نادي بايرن ميونيخ فوز فريقه بـ«الحلم» وقال: «الفريق كان رائعا، الفوز 4 / صفر على أفضل فريق في العالم يمثل حلما».