رباعية دورتموند في شباك ريال مدريد تؤكد تفوق الكرة الألمانية على الإسبانية

الفريق الملكي الإسباني يتعرض لهزيمة قاسية بعد 24 ساعة من السقوط المدوي لبرشلونة في نصف نهائي دوري الأبطال

TT

تواجه كرة القدم الإسبانية فترة عصيبة للارتداد بعد انهيار قطبيها ريال مدريد وبرشلونة أوروبيا في الدور قبل النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا بعدما سقط الأول خاسرا 1 / 4 أمام مضيفه الألماني بوروسيا دورتموند بعد يوم واحد من هزيمة برشلونة الساحقة صفر / 4 أمام بايرن ميونيخ.

وبعد أن كان الإعلام الإسباني وكثير من الإعلام العالمي مقتنعا بأن النهائي سيكون إسبانيا، بات ذلك حلما بعيد المنال للغاية الآن، لأن قطبي إسبانيا مطالبان بنتائج تعجيزية في مباراتي الإياب أمام ممثلي ألمانيا.

ولن تبدأ فترة الارتداد بشكل جدي قبل مباراتي العودة الأسبوع المقبل، لأن أمرا مشابها حدث في الموسم الماضي، عندما توقعت غالبية وسائل الإعلام الإسبانية لقاء ريال مدريد مع برشلونة في نهائي دوري الأبطال. ولكن كلا الفريقين لم يصل إلى النهائي لخروجهما من المربع الذهبي للبطولة على يد بايرن ميونيخ وتشيلسي الإنجليزي على الترتيب.

وعلقت محطة «راديو ماركا» الإذاعية على الأمر قائلة: «ربما لا تكون الكرة الإسبانية بمستوى القوة الذي كنا نعتقده.. ولكن الأمر الواضح تماما هو أن الفرق الألمانية ازدادت قوة عبر العام في الوقت الذي يعاني فيه عملاقا الكرة الإسبانية من الركود».

وركزت قطاعات كبيرة من الإعلام الإسباني أمس على أن ريال مدريد وبرشلونة أثبتا أنهما أقل مستوى بكثير من الفرق الألمانية على المستوى البدني، فقد كان الإسبان ضعفاء في الالتحامات وبطيئين في الانطلاقات وقوة احتمالهم متواضعة في الشوط الثاني.

وقد يصبح هذا الموسم الثالث على التوالي الذي يودع فيه ريال مدريد منافسات دوري الأبطال من الدور قبل النهائي. وقد واجه الفريق انتقادات شديدة بعدما بدا غير مبالٍ في الدفاع وثقيل الحركة في خط الوسط ومتبلد الذهن في الهجوم أمس.

وأشارت صحيفة «إل بايس» إلى أن الهزيمة بنتيجة 1 / 4 «قد تكون حتى جاملت ريال مدريد، فقد كان دورتموند متفوقا تماما وخلق لنفسه الكثير من فرص التهديف».

وجاء العنوان الرئيس لصحيفة «ماركا» المدريدية: «كارثة حقيقية لريال مدريد»، بينما اختارت صحيفة «آس» عنوانا أكثر تفاؤلا بقولها: «العملية 3 / صفر»، في إشارة إلى النتيجة التي يحتاج ريال مدريد إلى تحقيقها في مباراة العودة لكي يضمن التأهل للنهائي.

ولم تستطع صحيفتا «موندو ديبورتيفو» و«سبورت» الكاتالونيتان مقاومة إغراء التهكم على ريال مدريد بعد 24 ساعة فقط من سخرية صحافة العاصمة الإسبانية من هزيمة برشلونة في ميونيخ. وجاء العنوان الرئيس لموندو ديبورتيفو: «هزيمة كاملة في دورتموند»، بينما أظهر استطلاع للرأي أجرته الصحيفة بموقعها على الإنترنت أن 76% من قرائها يتوقعون عدم وصول ريال مدريد للنهائي الأوروبي.

من جانبه صرح البرتغالي جوزيه مورينهو مدرب ريال مدريد عقب المباراة قائلا: «لقد فاز الفريق الأفضل، فقد كانوا أقوى منا على المستويين الفردي والجماعي واستحقوا الفوز». وأضاف مورينهو: «لقد تفوقوا في جميع المواجهات الفردية خلال المباراة، ولعبوا بوتيرة أفضل منا. لقد قدموا عرضا متكاملا ولم نتمكن من الرد سواء فرديا أو جماعيا». وحاول مورينهو إنهاء تصريحاته بنبرة تفاؤلية حيث قال: «هذه النتيجة يمكن قلبها. فلا يوجد شيء مستحيل في كرة القدم».

وانتقدت بعض وسائل الإعلام إصرار مورينهو على الدفع بالحارس دييغو لوبيز بدلا من إعادة حارس منتخب إسبانيا إيكر كاسياس لمكانه الأساسي، وذلك بعد استعادة هذا الأخير لياقته البدنية بشكل كامل بعد ابتعاده عن الملاعب طيلة شهرين بسبب الإصابة بكسر في إحدى أصابعه.

وقال مدافع ريال مدريد المخضرم سيرخيو راموس: «كنا مقصرين للغاية، بداية مني شخصيا. كانوا أفضل منا بكثير. ولكننا علينا أن نتحلى بالثقة في قدرتنا على تغيير هذه النتيجة في مباراة العودة، رغم صعوبة هذا الأمر دائما أمام الفرق الألمانية».

واختتم راموس حديثه بالإشارة إلى حاجة فريقه الآن إلى رد فعل قوي، وقال: «علينا جميعا أن نصدر رد فعل قويا تجاه هذا الأمر، كل فرد بيننا. علينا استخراج نتائج من هذه الهزيمة».

وجاء الفوز الكبير لدورتموند على الريال بأربعة أهداف مقابل هدف واحد ليؤكد علو كعب الأندية الألمانية على نظيرتها الإسبانية. وأكد أبناء المدرب يورغن كلوب رغبتهم في أن يشهد استاد ويمبلي العريق في لندن يوم 25 مايو (أيار) المقبل، نهائيا ألمانيا خالصا على غرار إنجاز إنجلترا في 2008 عندما فاز مانشستر يونايتد على تشيلسي بضربات الترجيح في استاد لوجنيكي بالعاصمة الروسية موسكو.

ويدين دورتموند بهذا الانتصار لهدافه البولندي الدولي روبرت ليفاندوفسكي الذي سجل أهداف فريقه الأربعة (سوبر هاتريك)، في إذلال لم يتعرض له ريال مدريد من قبل في بطولته المفضلة قاريا، حيث توج بلقبها تسع مرات وانتكست كثيرا أحلامه في العاشرة، ليقترب وصيف الدوري الألماني من العودة إلى نهائي دوري الأبطال، بعد 16 عاما من لقبه الوحيد في البطولة.

ويخوض الريال فعاليات المربع الذهبي للموسم الثالث على التوالي بينما عاد دورتموند للمنافسة على اللقب الأوروبي بقوة هذا الموسم وعبر المربع الذهبي بفضل هدفين في الوقت الضائع من مباراته أمام ملقة الإسباني في إياب دور الثمانية للبطولة.

وسبق لدورتموند، الفائز بلقب البطولة عام 1997، أن تغلب على الريال 2 / 1 في دورتموند وتعادل معه 2 / 2 في مدريد ضمن فعاليات دور المجموعات هذا الموسم. كما التقى الفريقان في المربع الذهبي للبطولة قبل 15 عاما وفاز الريال 2 / صفر في مجموع المباراتين.

وأصبح ليفاندوفسكي خامس لاعب يسجل رباعية في مباراة ما بعد الدور ربع النهائي من المسابقة بصيغتيها السابقة (كأس الأندية الأوروبية البطلة) والحالية بعد أسطورتي ريال مدريد ألفريدو دي ستيفانو والمجري فيرينيك بوشكاش ولاعب برشلونة السابق المجري الآخر ساندرو كوسيتش واللاعب الحالي الأرجنتيني ليونيل ميسي، علما بأن بوشكاش اللاعب الوحيد الذي سجل رباعية في النهائي (1960).

وهناك 11 لاعبا سجلوا خماسية في مباراة واحدة لكن في الدورين الأول والثاني وبينهم ميسي موسم 2011 - 2012 ضد باير ليفركوزن الألماني (7 - 1). وكاد ليفاندوفسكي أن يصبح أول لاعب يسجل خماسية في مباراة ما بعد الدور ربع النهائي عندما أطلق كرة صاروخية من حدود المنطقة لكن الحارس لوبيز تعملق وأنقذ فريقه في الدقيقة الـ78.

وأصبح ليفاندوفسكي أول لاعب يسجل 4 أهداف في مرمى الريال عبر تاريخ مشاركة الأخير في دوري الأبطال. ورغم الأجواء الاحتفالية التي خلفها الانتصار الكبير لدورتموند على ريال مدريد، فإن الإعلان الصادم عن انتقال النجم الصاعد بقوة الصاروخ ماريو غوتزه إلى صفوف بايرن ميونيخ أصاب الجماهير بالحيرة والقلق على مستقبل الفريق، خصوصا بعد تردد أن نجوما آخرين سيرحلون مع نهاية الموسم وأبرز الأسماء المطروحة هو الهداف ليفاندوفسكي. وكان يورغن كلوب المدير الفني لدورتموند وإدارة النادي يعلمون برغبة غوتزه، 20 عاما، في استغلال الشرط الجزائي في عقده، الذي كان من المفترض أن يمتد حتى 2016، للانتقال إلى بايرن ميونيخ، بعد أن لعب في صفوف دورتموند منذ عام 2001، وقال: «الوقت لا يداوي كل الجراح، ولكنه يساعد على التعافي بالتأكيد».

واعتاد كلوب على فقدان لاعبيه الكبار، مثلما حدث مع التركي نوري شاهين الذي رحل عن الفريق في 2011 منتقلا إلى ريال مدريد وكذلك شينجي كاغاوا الذي يلعب حاليا في مانشستر يونايتد الإنجليزي.

ولكن رحيل غوتزه ترك جرحا أكبر في صفوف بوروسيا دورتموند لأنه لم يكن مجرد وجه لعنصر الشباب في صفوف الفريق، بل كان نموذجا للمستقبل. واستغل غوتزه الشرط الجزائي بعقده الممدد حديثا مع دورتموند لينضم إلى بايرن بداية من أول يوليو (تموز) المقبل مقابل نحو 37 مليون يورو (48 مليون دولار).

وجاءت أنباء صفقة الانتقال الكبيرة في أسوأ توقيت ممكن بالنسبة لدورتموند، عشية مباراة ذهاب الدور قبل النهائي لدوري الأبطال أمام ريال مدريد، ولكن بطل ألمانيا تعافى سريعا من هذه الصدمة وسحق الريال بأربعة أهداف مقابل هدف واحد.

ورددت وسائل الإعلام أن كيفين دي بروين لاعب فيردر بريمن وهيونغ مين سون لاعب هامبورغ وكريستيان اريكسن لاعب أياكس أمستردام، وكريستيان بينتيكي لاعب استون فيلا، وباتريك هيرمان لاعب بوروسيا مونشنغلادباخ، هي الأسماء الأبرز لخلافة غوتزه.

وتردد أن دورتموند دخل في مفاوضات منذ أسابيع مع المهاجم البوسني إدين دزيكو نجم مانشستر سيتي تداركا لأي احتمال لفقد ليفاندوفسكي. وبات في حكم المؤكد أن يرحل المهاجم ليفاندوفسكي أيضا في نهاية الموسم، وقد ترددت أنباء بالفعل عن قرب انضمامه إلى بايرن ميونيخ أيضا رغم أن الرئيس التنفيذي للنادي هانز يواخيم فاتسكه أعلن رفضه التخلي عن اللاعب.

وتردد أن برشلونة الإسباني يرغب أيضا في ضم ثنائي دورتموند، ماتس هوميلس وايلكاي جوندوجان، لكي يحل الأول في قلب الدفاع محل المدافع المخضرم كارليس بويول، 35 عاما، والثاني محل تشافي، 33 عاما.