ريال مدريد في مواجهة التحدي الكبير لإزاحة دورتموند والوصول إلى نهائي أبطال أوروبا

تاريخ الفريق الملكي الإسباني يحمل أنجح قصص العودة وتعويض الهزائم الكبيرة في تاريخ الكرة الأوروبية

TT

تنتظر عملاقي كرة القدم الإسبانية برشلونة وريال مدريد مهام بالغة المشقة إذا ما كانا يريدان بلوغ نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا لهذا الموسم، ومع ذلك فقد شهدت الكرة الأوروبية على مدار تاريخها إنجازات شبه إعجازية للكثير من الفرق التي تمكنت من تحقيق عودات ناجحة رغم صعوبته الأمر. وكان من بين هذه الفرق أندية إسبانية.

ويحتاج ريال مدريد إلى تعويض هزيمته 1 / 4 في مباراة الذهاب عندما يستضيف بوروسيا دورتموند الألماني في إياب الدور قبل النهائي للبطولة الأوروبية اليوم، بينما برشلونة مطالب بتعويض هزيمته صفر / 4 أمام بايرن ميونيخ غدا.

ويحتاج ريال مدريد إلى خوض مباراة مثالية بجميع المعايير إذا أراد قلب تخلفه ذهابا أمام دورتموند 1 - 4 إلى فوز في مصلحته لبلوغ المباراة النهائية. والمعادلة بسيطة أمام الفريق الملكي الذي يحتاج إلى الفوز بثلاثة أهداف نظيفة ليبلغ النهائي للمرة الأولى منذ أن توج باللقب للمرة الأخيرة عام 2002 بقيادة النجم الفرنسي زين الدين زيدان صاحب هدف الفوز في تلك المباراة في مرمى باير ليفركوزن الألماني.

ويعتبر دورتموند مرشحا لبلوغ المباراة النهائية المقررة على ملعب ويمبلي في لندن بعد أن سجل له مهاجمه البولندي روبرت ليفاندوفسكي رباعية ذهابا ليخرج بفوز عريض ومطمئن. ودورتموند هو الفريق الوحيد بين رباعي نصف النهائي الذي لم يهزم حتى الآن في المسابقة خلال الموسم الحالي، علما بأنه التقى مع ريال مدريد في دور المجموعات أيضا فتعادل معه في العاصمة الإسبانية 2 - 2 وتغلب عليه 2 - 1 في دورتموند.

وأكد البرتغالي جوزيه مورينهو المدير الفني لريال مدريد ثقته في لاعبيه على تصحيح الأوضاع أمام دورتموند في لقاء الإياب إذا قدموا «مستواهم المعهود»، مشيرا إلى أنه سيتحمل كامل المسؤولية إذا سقط الفريق، وسيكون هذا بمثابة الفشل بالنسبة له.

وبدا مورينهو هادئا، في المؤتمر الصحافي أمس، على عكس المعتاد كما لو كانت الهزيمة في لقاء الذهاب لم تؤثر عليه، وتغيرت الحال فقط عندما وجه إليه سؤال عما إذا كان سقوط الفريق في مباراة الإياب (اليوم) يعني الفشل.

وقال مورينهو: «في جميع أندية كرة القدم وبشكل عملي، النجاح يعني النجاح للفريق بأكمله وللجميع، والفشل يعني فشلا للمدرب. هذا ينطبق على جميع الأندية تقريبا ما عدا بعض الأندية الاستثنائية».

وأضاف: «الإخفاق يكون فشلا للمدرب. ورغم ذلك كان الرقم القياسي بإحراز 100 نقطة (في الدوري الإسباني الموسم الماضي) نجاحا للفريق، وإذا لم نصل إلى نهائي دوري الأبطال سيكون فشلا لي». وحرص مورينهو على استدعاء سجله التدريبي للدفاع عن عمله، موضحا أن الكثير من المدربين الرائعين لم يحرزوا أي لقب مع الريال، بينما قاد هو الفريق للفوز بلقبين.

وحرص الريال خلال الأيام القليلة الماضية على توفير البيئة والأجواء المناسبة للفريق من أجل استعادة التوازن في لقاء الإياب أمام دورتموند.

وقال مورينهو: «أفضل وسيلة لتحفيز اللاعبين هي تحقيق نتيجة أفضل من التي حدثت دورتموند. اللاعبون متحفزون للعب بشكل جيد وتقديم كل ما بوسعهم. هناك أناس آخرون في مناطق أخرى يحفزون اللاعبين بأشياء أخرى. ولكنني لست سوى مدرب كرة قدم».

وحاول مورينهو أن لا يجيب على الأسئلة الحماسية، وقال: «بالنسبة لي، إنها كرة قدم. إنها مباراة من 90 دقيقة، خسرنا 1 / 4 ذهابا، وهو أمر ممكن في كرة القدم. ولكن المباراة التي قدمناها في دورتموند كانت سيئة للغاية، ويمكننا العبور إذا لعبنا بمستوانا المعهود».

وأشاد مورينهو بإخلاص لاعبي الفريق قائلا: «ما من لاعب قفز من السفينة، جميعهم على متن السفينة، الجميع يريدون المشاركة، وهو ما يمنحني الثقة والأمل في الفوز بهذه المباراة».

وتلقى مورينهو أنباء جيدة عن صحة مهاجمة كريستيانو رونالدو الذي حام الشك حول مشاركته أمام دورتموند، بعد أن غاب عن مباراة فريقه الأخيرة ضد أتلتيكو مدريد بداعي الإصابة في ساقه، وأكد الأطباء أنه أصبح لائقا لخوض مباراة الإياب أمام دورتموند.

ويتصدر رونالدو ترتيب الهدافين بالبطولة بتسجيله 12 هدفا في المسابقة القارية، أي ما نسبته 50 في المائة من أهداف فريقه. وقال مورينهو: «رونالدو على ما يرام وأصبح لائقا لخوض مباراة دورتموند».

وقال ريال في بيان بموقعه على الإنترنت إن اللاعبين العشرة الذين خاضوا مباراة أتلتيكو باستثناء حارس المرمى شكلوا مجموعة عمل للتعافي واستعادة اللياقة، أما المجموعة الثانية فقد تألفت من بقية اللاعبين.. الذين أدوا تدريبات أكثر قوة بما فيهم كريستيانو رونالدو.

وحتى وإن تعافى رونالدو فإن ريال سيواجه مهمة صعبة للغاية أمام الفريق الألماني إذا ما أراد الحفاظ على مساعيه لنيل اللقب الأوروبي العاشر والذي راوغه منذ عام 2002.

ويثق الجناح الأرجنتيني في ريال مدريد أنخل دي ماريا بقدرة فريقه على قلب الأمور في مصلحته في مباراة الإياب اليوم، وقال: «نملك فرصة لبلوغ المباراة النهائية. الموسم الماضي نجحنا في تسجيل هدفين مبكرين ضد بايرن ميونيخ، ونأمل أن نكرر هذا الأمر في مواجهة دورتموند. في كرة القدم كل شيء ممكن».

وكان دي ماريا مرشحا لخوض مباراة دورتموند ذهابا أساسيا لكن زوجته وضعت مولودا فحل مكانه الكرواتي لوكا مودريتش قبل أن يشارك الأرجنتيني في ربع الساعة الأخير.

في المقابل، يحوم الشك حول مشاركة الظهير الأيمن البولندي في صفوف دورتموند لوكاش بيشتشيك بعد تعرضه للإصابة في مباراة الذهاب.

وحذر قلب دفاع دورتموند مات هولمز زملاءه من مغبة اعتبار أن الفريق أنجز المهمة ذهابا بقوله: «لا نستطيع القول إننا وضعنا قدما في النهائي. إذا ذهبنا إلى مدريد وفي أذهاننا أنه لا يمكن أن نخسر صفر - 3 نكون قد أصبنا بالغرور». وأعرب سيباستيان كيل قائد فريق دورتموند عن اعتقاده بأن مباراة الإياب ستكون «معركة صعبة»، كما قال يورغن كلوب المدير الفني للفريق قبل السفر إلى مدريد: «الوضع أفضل مما كنا نحلم».

وقال إلكاي جيوندوجان لاعب خط وسط الفريق الألماني: «لدينا وضع رائع ولكن ريال مدريد فريق كبير يستطيع تحقيق الفوز 3 / صفر لكننا لن نمنحه الفرصة لتحقيق هذه النتيجة».

ويحلم مشجعو دورتموند بوصول الفريق المباراة النهائية التي تقام على استاد «ويمبلي» الشهير بالعاصمة البريطانية لندن، ليكون الظهور الأول للفريق في النهائي منذ فوزه بلقب البطولة عام 1997.

ورغم أن الهزيمة بفارق أربعة أهداف لم تعوض أبدا من قبل طوال تاريخ دوري الأبطال، فقد حدث مثل هذا التعويض في بطولات أخرى. ويوجد لريال مدريد تجربة سابقة في تحقيق عودات ناجحة شبه مستحيلة، ففي 1975 خسر الريال على ملعب فريق ديربي كاونتي الإنجليزي 1 / 4 ذهابا في الدور الثاني لمسابقة كأس الأندية الأوروبية البطلة (دوري الأبطال حاليا)، ولكنه قلب الطاولة على منافسه في لقاء الإياب على استاد «سانتياغو برنابيو» في مدريد، وفاز 5 / 1 لتبدأ أسطورة «العودة الناجحة».

وبعدها بخمس سنوات، قلب الريال تأخره صفر / 2 ذهابا أمام سلتيك الاسكوتلندي في دور الثمانية للبطولة إلى فوز ثمين 3 / صفر في لقاء الإياب بمدريد. وفي مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي (الدوري الأوروبي حاليا) عام 1984، خسر الريال صفر / 3 أمام أندرلخت البلجيكي في الدور الثالث للبطولة ولكنه فاز 6 / 1 في لقاء الإياب بمدريد. وفي الدور قبل النهائي للبطولة بالموسم نفسه، خسر الريال أمام إنتر ميلان الإيطالي صفر / 2، ثم فاز 3 / صفر في مدريد إيابا وواصل مسيرته ليتوج بلقب البطولة.

وفاز الريال بلقب كأس الاتحاد الأوروبي مجددا في العام التالي من خلال تقديمه أبرز «عودة ناجحة» في تاريخه حتى الآن، حيث خسر 1 / 5 ذهابا أمام بوروسيا مونشنغلادباخ ولكنه فجر المفاجأة وفاز 4 / صفر في لقاء الإياب.

وفي الدور قبل النهائي للمسابقة بنفس الموسم، كانت هناك «انتفاضة إياب» رائعة أخرى، حيث خسر 1 / 3 أمام إنتر ميلان على استاد «سان سيرو» ذهابا، ولكنه فاز 5 / 1 في لقاء الإياب بالبرنابيو.

وأظهر لاعب الوسط الألماني سامي خضيرة نجم الريال معرفة تامة بانتفاضات الإياب السابقة للفريق، وقال: «ريال مدريد استمتع بأكثر من ليلة ساحرة على استاد (سانتياغو برنابيو)، خصوصا في دوري الأبطال». وأوضح: «سنحاول إضافة انتفاضة إياب أخرى إلى القائمة»، مشيرا إلى أن دعم الجماهير سيكون مهما للغاية. وقال: «عليهم أن يساندونا تماما من البداية وبحرارة مثلما يفعلون دائما. في هذه المباريات، يكون دعم الجماهير مهما للغاية وقد يكون عاملا حاسما».

وأضاف: «سيكون أمرا مهما أن نسجل هدفا مبكرا، ولكن علينا أيضا أن نتحلى بالصبر ونبقي رؤوسنا مرفوعة... يجب أن نقدم ريال مدريد في الصورة التي يستحقها كنادٍ عظيم».