كرة آسيا تترقب رئيسها الجديد: آل خليفة واثق.. والسركال يحذر من التلاعب.. والرشى تثير الجدل

بن همام يهاجم المدلج.. والاتحاد الكويتي يشكك في «النزاهة»

TT

تُحسم اليوم الخميس في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وتحديدا عند الثامنة صباحا بتوقيت السعودية؛ انتخابات الرئاسة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، التي يتنافس عليها الثلاثي الإماراتي يوسف السركال والبحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة والتايلاندي ماكودي واروري. فيما ستجرى في الوقت ذاته انتخابات المقعد التنفيذي لقارة آسيا في الاتحاد الدولي لكرة القدم والذي يتنافس عليه القطري حسن الذوادي والبحريني الشيخ سلمان آل خليفة. ويشارك في هذه العملية الديمقراطية ممثلو 47 اتحادا وطنيا، حيث سيتم شغل مجموعة من المناصب في المكتب التنفيذي.

وشكلت اجتماعات الجمعية العمومية غير العادية لحظات مهمة في تاريخ كرة القدم الآسيوية، حيث كان آخر هذه الاجتماعات غير العادية في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، على هامش نهائيات كأس العالم 2010، حيث تم آنذاك اعتماد مجموعة من التعديلات على النظام الأساسي في الاتحاد.

وقال داتو أليكس سوساي، أمين عام الاتحاد الآسيوي لكرة القدم «الاتحاد الآسيوي يمتلك تاريخا غنيا في الديمقراطية، وهذا ما سيتجدد من خلال قيام ممثلي الاتحادات الوطنية الأعضاء بانتخاب مجموعة جديدة من أعضاء المكتب التنفيذي». وأضاف «بعد هذه الانتخابات سينعقد في اليوم التالي اجتماع الجمعية العمومية العادي تحت رئاسة الرئيس المنتخب الجديد لمراجعة الوضع الراهن في الاتحاد وإعداد خريطة المستقبل». وأوضح «هذه هي المرة الأولى التي يتم خلالها عقد اجتماعين متتاليين غير عادي ثم عادي للجمعية العمومية، وقد عملت إدارة الاتحاد بجهد كبير من أجل ضمان استكمال الاستعدادات لهذا الحدث المهم».

وشهدت اللحظات الأخيرة من سباق الترشح لمنصب الرئيس الآسيوي انسحاب المرشح السعودي الدكتور حافظ المدلج من منصبه بسبب فشل خطة التوافق التي سعى إليها اتحاد الكرة السعودي بسبب إصرار المرشحين البحريني آل خليفة والإماراتي يوسف السركال على عدم الانسحاب وفتح المجال لأي منهما في التقدم وحيدا أو التوافق على السعودي المدلج. وقال المدلج في خطاب وزعه على وسائل الإعلام أمس «تشرفت منذ مطلع العام الحالي بترشيحي من قبل الاتحاد السعودي لكرة القدم للمنافسة على كرسي رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والذي توجه دعم مادي ومعنوي من الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب، مع كثير من المشاعر الطيبة من الوسط الرياضي في السعودية ودعم مشكور من الإخوة الإعلاميين كأول مرشح سعودي لرئاسة الاتحاد الآسيوي. ولأن ترشيحي كان خيارا توافقيا مطروحا لضمان توحد الجهود العربية، وبما أن الأخوين الشيخ سلمان آل خليفة ويوسف السركال قد أصرا على إكمال مشوارهما الانتخابي رغم عرض الحل التوافقي أكثر من مرة بحيث يتنازل جميع المرشحين لمرشح واحد تتوحد وراءه الجهود العربية، ولأني مفوض من الاتحاد السعودي بتقييم وضعي الانتخابي والعمل على تحقيق أكبر المكاسب للاتحاد في المستقبل المنظور في منظومة الاتحاد الآسيوي، وعليه فقد قررت أن أطلب من الاتحاد السعودي لكرة القدم سحب ترشيحي لرئاسة الاتحاد الآسيوي بعد أن حققت تجربة أعتز بها، وتم ضمان وجود أكبر للشباب السعودي في الاتحادين الآسيوي والدولي في المستقبل القريب، وتعزيز الثقل الانتخابي السعودي، مع تقديم خالص الشكر للجميع وبالأخص سمو الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب، وأخي أحمد عيد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، وأعضاء الاتحاد فردا فردا».

وبعد هذا القرار بلحظات انتقد القطري محمد بن همام، الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قيام المرشح السعودي بهذه الخطوة، مشيرا من خلال تغريدات على حسابه الرسمي في «تويتر» إلى أن «انسحاب المدلج وضع حدا لطموحات الشباب السعودي في المنافسة على أهم منصب رياضي آسيوي». وقال إن «المناصب الرياضية الشرفية التي يتبوأها السعوديون تليق أبدا بمكانة السعودية الإقليمية والقارية والدولية، وإن السعودية تستحق أكثر». وأردف «السعودية التي صنعت أحمد الفهد ووضعته مع حسين المسلم في هذه المناصب التي من خلالها حاربا المدلج، تستطيع بإمكاناتها أن تقود آسيا».

من جهته، أكد الفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، أن الأجواء التي تحيط بانتخابات اتحاد الكرة الآسيوي والشد والجذب المتواصلين بين المرشحين، تعد أمرا عاديا في أي انتخابات حتى في أكثر الدول ديمقراطية بما في ذلك أوروبا، مؤكدا أن صندوق الاقتراع هو الذي سيحسم الجدل. وذكر بلاتيني خلال وجوده في العاصمة الماليزية كوالالمبور التي تشهد انعقاد الجمعية العمومية لاتحاد الكرة الآسيوي، أنه سيكون هناك تنسيق بين اتحاد الكرة الأوروبي ونظيره الآسيوي من أجل تطوير الكرة الآسيوية بمجرد الإعلان عن اسم الرئيس الجديد للأخير. وقال بلاتيني «من المهم أن تعرف قارة آسيا رئيسها الجديد، وما أراه حاليا من حشد إعلامي كبير واهتمام يؤكد أهمية هذا الحدث وقيمته على مستوى القارة. سنعمل على التنسيق بين الاتحادين القاريين لخدمة الكرة الآسيوية في الفترة المقبلة».

وتعليقا على الاتهامات الصادرة في الساعات الماضية حول وجود رشى في العملية الانتخابية الحالية، قال بلاتيني «على من يتحدث عن وجود رشوة في الانتخابات أن يقدم الدليل إلى لجنة الأخلاق التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وستقوم هي بمهامها في هذا الصدد. وأرى أنه أينما كانت الانتخابات يوجد مثل هذا اللغط ونسمع عن هذه الاتهامات». وأضاف «لا يمكنني شخصيا الخوض في هذه المسألة ما دام ما يقال غير مرفق بأي إثباتات، ويكفيني ما أعيشه في أوروبا من مجادلات. وبالتالي لا أريد أن أثقل كاهلي بمشاكل أخرى».

وأوضح بلاتيني أنه موجود حاليا في كوالالمبور من أجل «المشاركة في فعاليات هذا الملتقى المهم. وأظن أن حضوري منطقي، وكما يحضر رئيس اتحاد الكرة الآسيوي أو نظيره الأفريقي ملتقيات اتحاد الكرة الأوروبي فإن رئيس هذا الأخير يحضر بدوره الانتخابات الآسيوية».

وعن رأيه في المرشحين الإماراتي يوسف السركال والبحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم، المتنافسين على رئاسة اتحاد الكرة الآسيوي، وفرص كل منهما في الفوز من وجهة نظره، قال بلاتيني «أعرف الشيخ سلمان بن إبراهيم بشكل شخصي، في حين أنه لم يكن لي لقاء سابق مع يوسف السركال. لكن المهم هو أن يكون الرئيس الجديد قادرا على مجابهة المشاكل الكبيرة التي تعرفها الكرة الآسيوية وحلها من أجل مصلحة الكرة في هذه القارة وتطويرها في المقام الأول».

ومنطقيا سيذهب الصوت السعودي في انتخابات الرئاسة الآسيوية إلى الإماراتي يوسف السركال؛ نظرا للمصلحة السعودية الكامنة في ارتقاء المدلج إلى منصب نائب الرئيس كونه الأقدم عضوية في المكتب التنفيذي في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فضلا عن أفضلية سعودية سيقدمها السركال بتنظيم السعودية كأس أمم آسيا لعام 2019 رغم تنافس نحو 11 دولة على التنظيم، من بينها الإمارات، حيث سيعكف السركال لاحقا في حال فاز بالكرسي على إقناع أعضاء المكتب التنفيذي بمنح السعودية التنظيم؛ كونها لم يسبق لها أن فازت بذلك، بعكس الدول المتقدمة وأفضليتها في تحقيق النجاح للبطولة إعلاميا وتنظيميا. أما فوز البحريني بكرسي الرئاسة فيعني انقطاع الأمل السعودي في تحقق المطلوب.

وشهدت أروقة فندق «ماندرين أورينتال» أمس حضورا مثيرا للوفود الآسيوية التي حضرت لاجتماع الجمعية العمومية المقررة اليوم الخميس، والذي سيحسم سباق الرئاسة الآسيوية. وبدا الشيخ أحمد الفهد حاضرا في مقر الوفود، وشهد الدور الـ29 الذي يقطنه كبار المسؤولين الآسيويين والدوليين يتقدمهم السويسري جوزيف سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم والفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والشيخ أحمد الفهد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي والمرشحون الأربعة للسباق الآسيوي، فضلا عن رؤساء اتحادات أهلية، ترتيبات خاصة بالانتخابات الآسيوية، خاصة من جانب الشيخ أحمد الفهد والشيخ سلمان آل خليفة، علما بأن منافسين عبروا عن غضبهم تجاه ذلك.

ورفض البحريني الشيخ سلمان آل خليفة الإدلاء بأي تصريحات إعلامية عن الانتخابات، مشددا على أن ساعة الحسم اقتربت وأنه واثق تماما من الفوز؛ كونه الأقدر على ملء الكرسي الحساس. وفي المقابل جدد الإماراتي يوسف السركال المرشح للرئاسة الآسيوية رغبته في أن تتم عملية التصويت بعيدا عن أي محظورات قد تتم أو خروقات يعاقب عليها القانون، مشيرا إلى أنه واثق جدا في الانتصار في سباق الرئاسة ما لم يكنتهناك أي ملاحظات على العملية الانتخابية.

وكان السركال قد أكد أنه سيقوم بالطعن في فوز آل خليفة في حال انتصر في سباق الترشح للرئاسة، وذلك على خلفية ما نشر عنه من وجود شبهات رشى في انتخابات المقعد التنفيذي الدولي التي جرت في مايو (أيار) 2009 الماضي حينما كان ينافس القطري محمد بن همام.

وعلى صعيد انتخابات مقعد الاتحاد الدولي لكرة القدم التنفيذي الخاص بقارة آسيا والذي يتنافس عليه القطري حسن الذوادي والبحريني الشيخ سلمان آل خليفة، فقد كشف مصدر موثوق ومقرب من حسن الذوادي أن الأخير اجتمع قبل يومين مع قانونيين في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للنظر في اختراق سلمان آل خليفة للقانون؛ كون ترشحه لمنصب المقعد التنفيذي يخالف اللائحة القانونية الآسيوية التي تنص على أنه لا يحق لمسؤولين من دولة واحدة الوجود في منصب تنفيذي باعتبار أن الشيخ علي آل خليفة يشغل منصب عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وهو ما يرفضه القانون بوجود مواطنه سلمان آل خليفة. وبحسب المصدر ذاته فإن فوز سلمان آل خليفة بالمقعد التنفيذي على حساب القطري الذوادي سيضطر الأخير إلى الطعن في صحة فوز البحريني كون ذلك مخالفا للنظام.

بقيت الإشارة إلى أن أروقة فندق «ماندرين» شهدت أمس نقاشا حادا من جانب مسؤولين آسيويين سابقين وحاليين حول وجود خروقات قانونية في الانتخابات الحالية من دون أن تكلف اللجنة القانونية الآسيوية نفسها التحقق من الخروقات التي ذكرت سابقا من جانب بعض المرشحين، فضلا عن عدم قيامها بالتحقق من صحة ما نشرته تقارير أسترالية عبر موقع «انسايد وورلد فوتبول» حول وجود رشى في انتخابات 2009 طرفها المجلس الأولمبي الآسيوي.

وفي تطورات مفاجئة، أعلن اتحاد شرق آسيا لكرة القدم في اجتماع المكتب التنفيذي أمس ترشيح كل الأعضاء التسعة للشيخ سلمان بن إبراهيم المرشح البحريني ضد المرشح الإماراتي يوسف السركال الذي ينافسه على الرئاسة الآسيوية. ولم يقتصر دعم اتحاد شرق آسيا لكرة القدم على دعم البحريني سلمان آل خليفة في الرئاسة الآسيوية، بل امتد إلى دعمه ضد القطري حسن الذوادي الذي ينافسه على مقعد المكتب التنفيذي التابع للاتحاد الدولي لكرة القدم.

من جانب آخر، قال مصدر آسيوي موثوق، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتحاد الدولي لكرة القدم أحال شكوى المرشح الإماراتي يوسف السركال بشأن تدخلات المجلس الأولمبي الآسيوي في انتخابات اتحاد القارة إلى لجنة الأخلاق والقيم للتحقيق فيها. وشهدت أروقة الانتخابات الآسيوية أمس في العاصمة الماليزية كوالالمبور حديثا متناقلا عن شكوى رسمية تقدم بها الاتحاد الكويتي لكرة القدم إلى فيفا قال فيها إن مسؤولين آسيويين سابقين وحاليين كانوا بمعية رئيس الاتحاد الآسيوي السابق القطري محمد بن همام كانوا موجودين في حملة الإماراتي يوسف السركال، وأن ذلك يثير شبهات حول نزاهة المرشح الإماراتي.

وبحسب مصدر، فإن الأمانة العامة في اتحاد الكرة الدولي ردت على الاتحاد الكويتي بأنها ستبلغ الاتحادات الآسيوية بعدم التعامل مع الثلاثي العربي المشكوك بهم وتحتفظ «الشرق الأوسط» بأسمائهم.