بروسيا دورتموند يحرم ريال مدريد من نهائي دوري الأبطال.. ومورينهو يفكر في الرحيل

فريق النادي الألماني أثبت أنه متخصص في الانتصارات الدرامية وخسارة اللقاءات السهلة

TT

تأهل بروسيا دورتموند الألماني إلى المباراة النهائية للمرة الثانية في تاريخه من مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم رغم خسارته أمام مضيفه ريال مدريد الإسباني صفر - 2 في إياب نصف النهائي مستفيدا من فوزه في مباراة الذهاب 4 / 1.

وجاء تأهل دورتموند للنهائي بعد عرض حبس أنفاس مسؤوليه وخصوصا في الدقائق الأخيرة حين استقبلت شباكه هدفين لتشتعل الأجواء في ملعب سانتياغو برنابيو الذي احتشد به 76 ألف متفرج حيث كان الفريق الإسباني بحاجة لهدف آخر ليضمن التأهل، لكن الفريق الألماني أفلت مستفيدا من فوزه الكبير ذهابا وصعد للنهائي لأول مرة منذ 1997. وبدا دورتموند واثقا من التأهل إلى النهائي خلال معظم فترات مباراة الإياب، لكن انتفاضة ريال مدريد المتأخرة العودة جعلت بعض مسؤولي الفريق الألماني يضعون أيديهم على قلوبهم. وقال هانز يواكيم فاتسكه رئيس دورتموند الذي أشرف على ضبط الأمور المالية للنادي وعودته إلى الكبار بعدما كان على حافة الانهيار في 2005: «نادينا متخصص فقط في المباريات التي تحبس الأنفاس، للمرة الأولى في حياتي، اضطررت لمغادرة مقعدي بسبب مشكلات في القلب. ذهبت إلى دورة المياه خلال الدقائق الأخيرة من المباراة وأغلقت الباب على نفسي وسددت أذني ونظرت إلى ساعتي. مرت بذهني كل الأفكار الممكنة».

وسبق لدورتموند أن حقق فوزا مثيرا في دور الثمانية على ملقة الإسباني حينما سجل مرتين في الوقت المحتسب بدل الضائع ليخرج منتصرا 3 - 2 في مجموع المباراتين.

وقال المدرب يورجن كلوب ردا على سؤال حول شعوره في الدقائق الأخيرة من المباراة: «فكرت في القيام بنفس الأمر الذي فعله فاتسكه مرتين خلال المباراة». وأضاف: «لا أريد القول إننا خفنا خلال المباراة لأننا نعرف أن ما حصل قد يحصل وأن ريال مدريد يعرف كيف يلعب وكيف يطلق العنان للاعبيه. الأمر الوحيد هو أننا لم نرد بأفضل ما لدينا، ريال مدريد ناد أكبر منا وأكثر شهرة ولديه أحد أفضل الفرق في العالم. هذا صحيح، لكن ذلك سيان بالنسبة إلينا لأننا بلغنا النهائي.

كانت الدقائق العشر الأخيرة قاسية وصعبة جدا علينا وقلت في نفسي إن شاء الله سنصل، لكن يجب الإقرار بأن المباراة كانت مجنونة من البداية وحتى النهاية. منذ الثانية الأولى قام لاعبو ريال مدريد بأشياء للتأثير على الحكم لصالحهم». وأضاف في إشارة إلى قدرة فريقه على تحقيق انتصارات درامية: «جعلنا الأمور أكثر صعوبة على أنفسنا في نهاية المباراة لكن كما تعرفون فريقنا يشتهر بتماسكه وتقديم كرة شاملة وجماعية».

واستعاد دورتموند الذي كان على حافة إشهار إفلاسه قبل تسع سنوات ذاكرة التألق ليفوز بلقب الدوري الألماني مرتين متتاليتين 2011 و2012، قبل أن يبدأ في العودة إلى الواجهة الأوروبية بقوة بآمال كبيرة لانتزاع لقب دوري الأبطال هذا الموسم مثلما حدث في عام 1997 عندما تغلب في النهائي على يوفنتوس الإيطالي في المباراة النهائية ليحرز لقبه الوحيد بالمسابقة الأكبر بالقارة.

ويدين دورتموند بالفضل في فوزه بنهائي 1997 إلى لاعبيه السابقين كارل هاينز ريدل الذي سجل هدفين ولارس ريكن الذي سجل هدفا.

وقال ماتس هوملز، قلب دفاع دورتموند: «أظهرنا للجميع أن الأمر لا يتعلق بالحظ فقط. نحظى بالاحترام كفريق.. ما زال من الصعب تصديق هذا، كنت في الثامنة من عمري وكنت مشجعا لبايرن ميونيخ عندما فاز دورتموند بلقبه الأوروبي عام 1997. الجميع في دورتموند يتذكرون هذه المباراة».

ولا يشعر كلوب بالقلق حاليا إلا لإصابة لاعبه المتألق ماريو غوتزه الذي خرج بعد أقل من ربع ساعة في مباراة الريال بسبب الإصابة بتمزق في عضلات الفخذ كما أصيب زميله زفن بيندر بكدمة في الكاحل في أواخر اللقاء.

وينتظر أن يغيب غوتزه عن صفوف دورتموند لعدة أسابيع وقد يغيب عن النهائي الأوروبي علما بأنه تعاقد مع بايرن ميونيخ مؤخرا حيث سيترك دورتموند مع نهاية الموسم الحالي إلى صفوف الفريق البافاري.

ورغم هذا، لم تفسد الإصابات احتفالات الفريق الألماني في دورتموند. وقال كلوب: «من المحتمل أن نخسر أمام بايرن (يوم السبت بالدوري الألماني) ولكن ذلك لن يؤثر على احتفالاتنا على الإطلاق.. سيكون أمرا سخيفا ألا نترك اللاعبين يحتفلون (ببلوغ النهائي الأوروبي)».

وكان خروج ريال مدريد بهذه الطريقة الدرامية مبعث أسف وحزن الصحافة الإسبانية أمس التي خرجت معظمها لتؤكد على «الحظ العاثر» الذي لازم الفريق و«الكبرياء» الذي اتسم به أداء اللاعبين أمام دورتموند.

وقالت صحيفة «آس» الإسبانية الرياضية: «للحظة، وبالنسبة لكثيرين، تولد شعور بأن ريال مدريد في طريقه لتحقيق المعجزة. المنافس اهتز، الاستاد تحول لساحة حرب. إنها طبيعة هذه الليالي. كانت هناك رغبة في الثقة بالفريق. ورغم هذا، غاب أهم العناصر أهمية وهو الحظ».

وذكرت صحيفة «ماركا» الإسبانية الرياضية: «ريال مدريد كان على وشك حسم العودة العظيمة». كما اهتمت الصحف في برشلونة وعلى صفحاتها الأولى بأنباء خروج الريال. وذكرت صحيفة «سبورت» الرياضية أن «مورينهو يمكنه حزم أمتعته لأن خسارة الدوري ودوري الأبطال هي جواز الخروج من البرنابيو».

في المقابل، ذكرت صحيفة «إلبايس» أن «الشعر الملحمي لا يكفي» للعبور إلى نهائي دوري الأبطال ووصف المباراة بأنها «ليلة مهتزة ولكنها مروعة» على استاد سانتياغو برنابيو. من جهته ألمح جوزيه مورينهو مدرب ريال مدريد إلى إمكانية تركه الفريق مع نهاية هذا الموسم وأنه يتمنى أن يكون العام المقبل «حيث يحبه الناس»، موضحا أنه لم يتخذ بعد قرارا حول مستقبله.

وقال مورينهو في مؤتمر صحافي بعد المباراة: «ربما لا أبقى. أريد الوجود في مكان أكون مرغوبا فيه. أعرف أنه في إنجلترا تحبني الجماهير ويعاملني الإعلام بطريقة عادلة. وأعرف أن بعض الأندية هناك تحبني، خصوصا ناد بعينه».

وأضاف: «أما في إسبانيا فالوضع مختلف لأن بعض الناس يكرهونني. وهذا الكلام ينطبق على كثيرين ممن هم بهذه القاعة. من الصعب أن أتخذ قرارا في هذا الشأن لأنني أحب هذا النادي وقد صنعنا فريقا رائعا يستطيع تحقيق كثير من الإنجازات: «لدي عقد مع ريال مدريد حتى 2016، ولا تفسخ العقود إلا في حال عدم التفاهم بين الأطراف، أريد أن أنهي الموسم في المركز الثاني خلف برشلونة في الدوري وأن أفكر بنهائي كأس إسبانيا ضد أتليتكو مدريد، وبعد انتهاء الموسم سنبحث كل ذلك مع رئيس النادي فلورنتينو بيريز صديقي، وتقرير الأفضل بالنسبة لي».

وما إن أطلق الحكم الإنجليزي هاوارد ويب صافرة نهاية المباراة، حتى بدأ مورينهو يتلقى النقد سواء على مدونات الجماهير أو المواقع الإلكترونية. وكانت غالبية جماهير النادي الملكي قد أعربت قبل المباراة عن رغبتها في رحيل مورينهو بعد الهزيمة المهينة 1 / 4 في دورتموند.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «ماركا» المدريدية بموقعها على الإنترنت أن 82% من قراء الصحيفة يعتقدون أن مورينهو لن يبقى في منصبه.

وذكرت تقارير إعلامية أن فلورنتينو بيريز رئيس النادي رشح بالفعل الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي لتولى تدريب الريال بداية من الموسم المقبل.

من جانبه، لم يربط النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو مصيره بمواطنه المدرب مورينهو وقال: «لا يهمني ما إذا كان مورينهو سيستمر أم لا، ما يهمني هو ريال مدريد وأنا شخصيا، لكنني لست قلقا على المدرب». وأضاف رونالدو الحاصل على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العام عام 2007: «يبقى لي عامان مع ريال مدريد حسب العقد، ولست قلقا بالنسبة إلى تمديده. ما أريده هو تحقيق الفوز أينما كنت».

وقال رونالدو: «من المؤسف أن يخرج ريال مدريد من جديد من الدور قبل النهائي وأعتذر للجماهير لأنها كانت ليلة رائعة حقا، كان بوسعنا التأهل للنهائي، فقد أثبتنا أننا فريق كبير. ولكننا نشعر بالحزن لأننا أخفقنا في الوصول للنهائي من جديد». وتابع اللاعب البرتغالي: «بدأنا المباراة جيدا، وكان أمامنا فرص لتسجيل خمسة أو ستة أهداف. ولكننا لم نحسن استغلال هذه الفرص».

وجاءت تعليقات سيرخيو راموس بعد المباراة مشابهة لما قاله رونالدو حيث قال المدافع المخضرم: «إنه أمر مخز. ولكنك أحيانا تخسر، فهكذا هي كرة القدم. كان علينا أن نلعب في دورتموند كما لعبنا في لقاء الإياب. نشعر بالأسف تجاه الجماهير. من المخزي أننا كنا قريبين للغاية من التأهل ولكننا أهدرنا كثيرا من الفرص في الشوط الأول مما كلفنا الكثير».

وكان ريال مدريد، صاحب 9 ألقاب (رقم قياسي) آخرها عام 2002 بحاجة إلى الفوز 3 - صفر لكي يعوض خسارته الكبيرة الأسبوع الماضي وينتزع البطاقة إلى النهائي، فيما مني بروسيا دورتموند بطل 1997 على حساب يوفنتوس الإيطالي بأول هزيمة بعد أن كان الفريق الوحيد بين رباعي نصف النهائي الذي لم يهزم قبل هذه الجولة في المسابقة هذا الموسم، علما بأنه التقى مع ريال مدريد في دور المجموعات أيضا فتعادل معه في العاصمة الإسبانية 2 - 2 إيابا وتغلب عليه 2 - 1في دورتموند ذهابا.