فيرغسون الأسطورة يعتزل.. وديفيد مويز مرشح لخلافته

27 عاما قاد فيها مانشستر يونايتد إلى 26 لقبا وصنع منه أهم ناد في العالم

TT

لأنه مدرب أسطورة، فقد أبى السير أليكس فيرغسون مغادرة مانشستر يونايتد إلا وهو على القمة، وقرر المدير الفني إسدال الستار على مسيرته الرائعة الممتدة لنحو 27 عاما أمس وهو متوج بطلا للدوري الإنجليزي الممتاز.

وجاء إعلان فيرغسون الاعتزال في نهاية الموسم الحالي بعد 27 عاما أمضاها في أولد ترافورد حقق خلالها 26 بطولة صادما لكل المحيطين به وأيضا للعاملين في كرة القدم حول العالم.

وأكد مانشستر يونايتد أن فيرغسون البالغ من العمر 71 عاما سينهي مسيرته الرائعة بعد مباراة الفريق أمام وست بروميتش البيون في 19 مايو (أيار) الحالي.

وكان فيرغسون استلم منصبه في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1986 وقاد الفريق إلى إحراز لقب الدوري المحلي 13 مرة ودوري أبطال أوروبا مرتين وخمسة ألقاب بمسابقة كأس الاتحاد الإنجليزي وأربعة ألقاب بمسابقة كأس رابطة المحترفين الإنجليزي، هذا بخلاف أن مانشستر يونايتد صار، تحت قيادة فيرغسون، أنجح فريق في تاريخ الكرة الإنجليزية.

وقال فيرغسون: «قرار الاعتزال اتخذته بعد تفكير مليء ولم أقدم عليه بسهولة. إنه الوقت المناسب للانسحاب».

وأضاف: «كان من المهم جدا بالنسبة إلى أن أترك مؤسسة في أقوى وضعية لها وأعتقد بأنني قمت بذلك».

وتابع: «نوعية الفريق الفائز باللقب المحلي هذا الموسم، والتوازن في إعمار اللاعبين يبشران بالخير لتحقيق نجاحات في المستقبل على أعلى المستويات، كما أن هيكلية الفئات العمرية تؤكد أن مستقبل النادي سيكون مشرقا».

وأشاد فيرغسون بالأشخاص الذين ساندوه طوال مسيرته في بناء الفريق الذي لم يكن قد فاز باللقب المحلي على مدى 26 عاما عندما تولى المهمة وجعل منه أحد أفضل الأندية في العالم.

وقال فيرغسون: « بالنسبة للاعبي الفريق وأجهزته الفنية، سواء في الماضي أو الحاضر، فأود أن أشكرهم جميعا على المستوى المذهل من السلوك الاحترافي والتفاني اللذين ساعدا على تحقيق الكثير من الانتصارات التي لا تنسى. فمن دون إسهاماتهم، لم يكن تاريخ هذا النادي العريق ليكون بهذا الثراء». وأضاف: «يتعين علي توجيه الشكر والامتنان إلى عائلتي، لأن حبهم ومساندتهم لي كانت في غاية الأهمية».

وأوضح: «زوجتي كاثي كانت عنصرا أساسيا في مسيرتي وقامت بتشجيعي على الدوام.. ولا أستطيع أن أشكرها بكلامات لكي أعبر لها عن مدى امتناني لها».

وتابع: «في سنواتي الأولى في الفريق، كانت مساندة مجلس الإدارة وتحديدا بوبي تشارلتون أيضا سندا كبيرا لي. لقد منحوني الوقت الكافي لكي أبني ناديا لكرة القدم وليس مجرد فريق».

ولم يشر النادي على الإطلاق إلى خليفة فيرغسون وسط شائعات في الصحف والإذاعات المحلية تحدثت عن إمكانية تولي مواطنه ديفيد مويز (مدرب إيفرتون حاليا) أو البرتغالي جوزيه مورينهو (مدرب ريال مدريد الحالي) لتولي المهمة خلفا له، وان كان الاول هو الاقرب للفوز بالمنصب.

ولكن أيا كان من سيخلف فيرغسون في قيادة مانشستر يونايتد، فإنه سيرث فريقا يافعا زاخرا بالإمكانيات. وأشار النادي إلى أن فيرغسون سيبقى في مانشستر يونايتد كمدير وسفير رسمي له. أما آخر مباراة رسمية له فستكون في مواجهة وست بروميتش يوم 19 الحالي.

وجاء قرار فيرغسون مفاجئا كونه صرح قبل أيام قليلة بأنه سيبقى في منصبه طالما سمحت صحته بذلك، قبل أن يأتي خبر اعتزاله في نهاية الموسم كوقع الصاعقة على أنصاره وعلى المشهد الكروي العالمي.

وترددت أنباء في وقت سابق هذا الأسبوع أن المدرب الاسكتلندي يحتاج لإجراء عملية جراحية في فخذه هذا الصيف مما يعني وجود احتمال قوي بغيابه عن بداية الموسم المقبل.

ولا شك في أن الكثيرين سيربطون بين قرار فيرغسون وبين رحيل ديفيد جيل الرئيس التنفيذي لمانشستر، وأحد أكبر حلفاء المدرب الاسكتلندي بالنادي، عن منصبه في يونيو (حزيران) المقبل.

كما أن الإشراف على عملية تعيين خليفة لفيرغسون سيكون بمثابة اختبار كبير لعائلة غليزر التي تمتلك مانشستر يونايتد ولا تتمتع بأي شعبية وسط جماهير النادي. وقال جويل غليزر رئيس مجلس إدارة النادي: «لقد أثبت أليكس مرارا وتكرارا أنه مدير فني رائع ولكنه في الوقت نفسه شخص رائع أيضا». وأضاف: «أن حرصه على تحقيق النجاح وتفانيه لمصلحة النادي جديران بالاهتمام حقا. سأظل أستعيد دائما كل الذكريات الرائعة التي منحها لنا مثل تلك الليلة الساحرة في موسكو (عندما أحرز يونايتد لقب دوري الأبطال عام 2008) ». وانطلقت قصة عشق فيرغسون مع كرة القدم الأوروبية عندما كان مراهقا بين 135 ألف متفرج تكدسوا على ملعب هامبدن بارك في اسكتلندا، لمتابعة نهائي المسابقة القارية عندما سحق ريال مدريد الإسباني اينتراخت فرانكفورت الألماني (7 – 3) عام 1960. وتركت مشاهدة الأسطورتين ألفريدو دي ستيفانو والمجري فيرينك بوشكاش يمزقان شباك فرانكفورت أثرا عميقا لدى الاسكتلندي الشاب الذي قال، إن المباراة «جسدت جميع أحلام كرة القدم الأوروبية». وأصبح فيرغسون أسيرا للبطولات الأوروبية منذ ذاك الوقت، ثم جاء فوز سلتيك الاسكتلندي عام 1967 ومانشستر يونايتد الإنجليزي عام 1968 على ملعب ويمبلي في لندن.

ويتذكر فيرغسون المولود في الحادي والثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) 1941 في غلاسجو: «عندما أحرز سلتيك اللقب عام 1967 كنت مع منتخب اسكتلندا في جولة في هونغ كونغ. لكن على رغم ميلي إلى رينجرز (كان يلعب مع الأخير آنذاك)، إلا أن الكل كان مع سلتيك في تلك الليلة».

ويتابع فيرغسون: «كان الإنجاز كبيرا للمدرب جوك ستين لأنه بنى فريقا من لاعبين يبعدون 20 ميلا عن النادي، وكلهم اسكتلنديون من غلاسجو، ثم أحرزوا بطولة أوروبا».

في العام التالي، اتحدت بريطانيا وراء مانشستر يونايتد ومدربه السير مات بوسبي الذي أعاد بناء الفريق الأحمر بعد كارثة تحطم طائرة ميونيخ قبل نحو عقد من الزمن.

ويقول فيرغسون: «أتذكر أنه خاب أملي في تلك المباراة، لأن دنيس لو لم يلعب. كان في المستشفى يخضع لجراحة في ركبته. أعتقد أن الكل في البلاد، وخصوصا في اسكتلندا، نظرا لجذور السير مات، كان يشجع الفريق، وأنا كنت من بينهم». ويتابع المدرب الخبير: «لقد كان الأمر رائعا، لأن السير فقد معظم لاعبيه عام 1958. وأن يعيد بناء الفريق ويحرز اللقب الأوروبي بعد 10 أعوام كان أمرا لا يصدق.. بالإضافة إلى ذلك، كان معظمهم لاعبون محليون. أعتقد أن لاعبين اثنين فقط استقدما إلى الفريق. كان الإنجاز رائعا».

وتأثر فيرغسون أيضا بنجاحات ليفربول الأوروبية في سبعينات القرن الماضي، وعندما كان مدربا لسانت ميرين عام1977 وقف بين المشجعين الذي تجمهروا في أنفيلد لمشاهدة ربع النهائي بين ليفربول وسانت اتيان الفرنسي، عندما قلب فريق كيني دالغليش تأخره في الذهاب إلى فوز (3 - 1) إيابا.

وأقر فيرغسون بأنه تأثر كثيرا بتلك التجربة وقال: «لم أترك الملعب بعد المباراة.. كنت أحلق».

وعندما أشرف فيرغسون على أبردين، حصل أخيرا على تجربته الأوروبية الأولى بعد فوز الفريق بالدوري الاسكوتلندي عام 1980.

واكتسب خبرة كبيرة من المواجهة الأولى مع ليفربول الذي أحرز اللقب لاحقا، إذ خسر (1 – صفر) ذهابا في بيتودري قبل أن يتعرض لخسارة ساحقة (4 – صفر) إيابا في أنفيلد.

وعلق فيرغسون على المواجهة لاحقا بقوله: «حقا.. لقد أبادونا». ومع ذلك، كان فيرغسون سريع التعلم، وخلال ثلاثة أعوام كان أبردين يتغلب على ريال مدريد في نهائي مسابقة كأس الكؤوس الأوروبية. ومع الحظر الذي تعرضت له الكرة الإنجليزية إثر كارثة ملعب هيسيل عام 1985 جاءت غزوة فيرغسون الأولى في أوروبا عام 1991 مع مانشستر يونايتد وانتهت بنجاح بإحرازه لقب كأس الكؤوس على حساب برشلونة الإسباني (2 – 1).

ومنذ ذاك الوقت، أحرز السير لقب دوري الأبطال مرتين عامي 1999 و2008 الأولى عندما صعق بايرن ميونيخ الألماني (2 – 1) بعدما كان متأخرا (1 – صفر) لغاية الثواني الأخيرة من اللقاء، والثانية بركلات الترجيح على مواطنه تشيلسي في موسكو. فيرغسون يعتقد أن يونايتد كان ينبغي أن يفوز بألقاب أكثر من انتصارات أعوام 1968 و1999 و2008: «التوقعات من وجهة نظري كانت دوما مرتفعة في أوروبا، لأنك تغار من الفرق الكبرى، ريال مدريد وميلان وبايرن ميونيخ وليفربول وأياكس. ونريد أن نتساوى مع تلك الأندية. يجب أن نكون إلى جانبهم».

كانت مسيرة السير فيرغسون مع «الشياطين الحمر» أكثر من رائعة منذ أن استلم تدريب الفريق في السادس من نوفمبر 1986 إذ نجح في قيادته إلى لقب الدوري المحلي 13 مرة! آخرها الموسم الحالي وذلك بعد أن أصبح مانشستر الموسم قبل الماضي أكثر الفرق فوزا بالدوري الإنجليزي (19 مرة).

واستلم السير الفريق في وضع مهترئ، إذ لم يتوج بلقب الدوري في فترة 20 عاما وكان يحتل المركز التاسع عشر من أصل 22 آنذاك.

واحتاج للوقت لبناء الفريق، وانتظرت إدارته حتى عام 1990 ليحرز لقب الكأس وتكرر بعد ذلك سبحة المجد. لطالما ردد صاحب اللكنة الاسكتلندية القاسية: «كنت محظوظا جدا لحصولي على بعض أفضل اللاعبين في كرة القدم، عندما أتذكر هؤلاء أقول لنفسي كم أنا محظوظ، إنه أمر مذهل. إذا نظرت إلى لائحة اللاعبين الذين كانوا موجودين عندما وصلت - براين روبسون ونورمان وايتسايد، ثم براين ماكلير، ومارك هيوز، بول انس، وروي كين، واريك كانتونا.. يا إلهي، يا لها من مجموعة».

وواصل «كانوا لاعبين رائعين. ومن الصعب التفكير بأني كنت أسيطر على كل هؤلاء اللاعبين لفترة طويلة. إن الحقبة الحالية من اللاعبين تتمايز بشخصيات وثقافات مختلفة. كانت فعلا فترة رائعة بالنسبة لي. إنه أمر لا تفكر بإمكانية حصوله، إنها قصة خرافية نوعا ما أن أصمد طيلة هذه الفترة. التدريب تغير كثيرا مع الوقت. الأمور تتغير مع تقدم الأعوام. طريقة التدريب الحالية تختلف عما كانت عليه قبل 7 أو 8 أعوام. لقد تغيرت».

فكر فيرغسون بالاعتزال عام 2001 لكنه عاد عن قراره، وعزز سمعته كمكتشف للمواهب وعرف بقدرته على التعامل مع خطة الخصم واتخاذ قرارات جريئة، لكن يبدو أن اعتزال 2013 سيكون ثابتا لرجل أبدى دوما تخوفه من التوقف عن العمل خشية من المصير المحتوم.