فيرغسون.. مدرب تربع على عرش الكرة البريطانية طوال 35 عاما

تسلم زمام الأمور في أبردين فقضى على سيطرة رينجرز وسيلتك.. ودرب يونايتد فأنهى سطوة ليفربول

TT

سيسجل الموسم المقبل شيئا لم يتم تجربته من قبل، كرة القدم من دون سير أليكس فيرغسون مدربا لمانشستر يونايتد بطل الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم. طوال 27 عاما ظل فيرغسون أيقونة لكرة القدم الإنجليزية، حيث حقق من النجاح على المستوى الفردي من حيث حصد ألقاب في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، ما لا يتفوق عليه من الأندية سوى مانشستر يونايتد وليفربول.

وقال دوايت يوركي اللاعب السابق لمانشستر: «إنها صدمة للمنظومة لأنه كان موجودا كل يوم، إنه الشخص الوحيد الذي تجده دائما داخل النادي، بالنسبة له فإن عدم وجوده في بداية الموسم لن يكون الأمر صائبا في النادي، وسيحتاج الأمر إلى بعض الوقت للاعتياد على ذلك». واستفاد فيرغسون من طول الفترة التي عمل بها، وهو ما قلص حجم المنافسة وجعل الثري يصبح أكثر ثراء، ولكن سجله كأنجح مدرب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، يظل استثنائيا.

وربما كان سيتم اعتبار فيرغسون أحد العظماء حتى إذا كان اعتزل كرة القدم قبل أن ينضم كمدرب إلى مانشستر يونايتد في عام 1986. ولم يكن فيرغسون أكثر من لاعب متوسط، حيث مثل فريق الهواة في نادي كوينز بارك رينجرز بينما كان يعمل صانع آلات في مصنع في غلاسغو، ثم انتقل إلى عالم المحترفين عبر بوابة سان جونسون ودونفيرملين ورينجرز وفالكيرك واير يونايتد، ولكن كمدرب كان استثنائيا بكل معنى الكلمة.

وجاء انضمام فيرغسون إلى عالم الكبار في عام 1978 عندما تم تعيينه مديرا فنيا لفريق أبردين، ليتسبب في سحب البساط من تحت رينجرز وسيلتك، وفرض سطوته على الكرة الاسكوتلندية حيث أحرز لقب الدوري ثلاث مرات وفاز بلقب الكأس أربع مرات، كما قاد أبردين للفوز على ريال مدريد الإسباني في نهائي بطولة أوروبا للأندية الأبطال عام 1983.

وبعد وفاة جوك ستين في نهاية التصفيات، قاد فيرغسون المنتخب الاسكوتلندي في كأس العالم 1986، ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه تولى تدريب مانشستر يونايتد خلفا لرون اتكينسون. لقد وجد فيرغسون ناديا لم يفز بلقب الدوري منذ عام 1967، وكانت تنتشر بين اللاعبين ثقافة شرب الكحوليات مما كان يؤثر كثيرا على لياقتهم البدنية. وفي عام 1989 خرجت مظاهرات من جماهير مانشستر ضد فيرغسون، وكان يتوقع بشكل كبير حينذاك أنه سيتعرض للإقالة إذا خسر مانشستر أمام نوتنغهام فورست في الدور الثالث من كأس الاتحاد الإنجليزي في عام 1990.

ولكنّ هدفا قاتلا من مارك روبينز في هذه المباراة أنقذ فيرغسون، ولم يكتفِ المدرب بذلك، بل قاد الفريق للفوز بلقب الكأس عبر الفوز في المباراة النهائية التي تمت إعادتها أمام كريستال بالاس.

هذا كان أول لقب لفيرغسون مع مانشستر يونايتد، ولكن منذ هذه اللحظة لم يتوقف الفريق عن الصعود إلى منصة التتويج. وأحرز فيرغسون لقب بطولة أوروبا للأندية الأبطال في العام التالي عبر الفوز على برشلونة 2 / 1 في النهائي. وبعد عامين آخرين توج فيرغسون بلقب الدوري الإنجليزي مع مانشستر للمرة الأولى، بعدما سجل ستيف بروس هدفا قاتلا في شباك شيفيلد في المباراة الأخيرة بالموسم. وبشكل إجمالي فاز فيرغسون بلقب الدوري الإنجليزي 13 مرة بجانب خمسة ألقاب في كأس الاتحاد الإنجليزي وأربعة ألقاب في كأس إنجلترا، ولقب وحيد في بطولة أوروبا للأندية الأبطال ولقبين في دوري أبطال أوروبا.

وكانت الإنجازات الأوروبية هي كلمة السر بالنسبة لفيرغسون، وأشهرها الفوز على بايرن ميونيخ في نهائي دوري الأبطال عام 1999، بعدما سجل تيدي شيرينغهام واولي جوناي سولسكاير هدفين في آخر أربع دقائق، ليكمل مانشستر بذلك الثلاثية.

وإذا كان هناك مجال لانتقاد فيرغسون فيأتي من خلال فوزه بلقب دوري الأبطال مرتين فقط، رغم أنه شارك في نهائي البطولة مرتين أخريين ولكنه خسر، ومن ثم لم ينجح في تحطيم الرقم القياسي لبوب بايسلي، المدرب الأكثر نجاحا على الصعيد الأوروبي، بإجمالي ثلاثة ألقاب أوروبية.

ويأتي مصدر قوة فيرغسون من خلال الفترة الطويلة التي قضاها على مقعد المدير الفني، حيث سيطر على عرش الكرة البريطانية طوال 35 عاما، وهو زمن لا يوجد مثيل له في كرة القدم العصرية. وقال ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا): «تفانيه، اهتمامه بالتفاصيل، ونظرته المثالية للمواهب، كمدرب لمانشستر يونايتد وأبردين، جعلته يربح كل الألقاب على مدار 30 عاما». وأضاف: «سيرته الذاتية تكاد تكون مثالية، من حيث النتائج التي عادة ما تركز على الفترات قصيرة الأجل بدلا من النظرة طويلة الأمد».

ودائما ما نجح فيرغسون في تغيير التقييم للعبة، لم يخَف أبدا من التفريط في اللاعبين الذين لا يطبقون فلسفته، لم ينجح أحد في إدارة الفترة الانتقالية من جيل إلى جيل بشكل أفضل منه، وربما لن يوجد شخص آخر يمتلك طاقته، ورغبته في الاستمرار، وعدم الهوادة والفوز.