الأحداث المثيرة واعتزال النجوم غطت على ضعف مستوى الدوري الإنجليزي

تقاعد فيرغسون وإقالة مانشيني والتفاوض مع مورينهو صرف الأنظار عن حقيقة التراجع أمام الكرة الألمانية

TT

لم يكن الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الموسم الذي انتهى منذ أيام مثيرا وقويا كعادته، ولكن الشيء الذي منحه بعض الإثارة التي افتقد غالبتها التي اعتاد عليها في المواسم الماضية هو تلك الأخبار المثيرة مثل رحيل مديرين فنيين واعتزال لاعبين بارزين والتعاقد مع لاعبين جدد، حيث توارت الإثارة الكروية داخل المستطيل الأخضر تحت وطأة الأخبار العاجلة مثل: رحيل السير أليكس فيرغسون عن مانشستر يونايتد بعد 27 عاما، وإقالة روبرتو مانشيني من قيادة مانشستر سيتي وقدوم مانويل بلغريني بدلا له،، وبينيتيز يجبر جمهور تشيلسي على التصفيق له عقب قيادته الفريق للحصول على الدوري الأوروبي وتمهيده الطريق لعودة جوزيه مورينهو مرة أخرى، واعتزال النجم السابق لمانشستر يونايتد ديفيد بيكام بنهاية الموسم الحالي.

في الحقيقة، تتساءل الأوساط الرياضية في إنجلترا عما إذا كانت صناعة تلك الأخبار المثيرة شيئا صحيا لكرة القدم الإنجليزية أم وبالا عليها؟ ومع ذلك، فإن الشيء المؤكد هو أن هذه الأخبار المثيرة قد أخفت حقيقة هامة للغاية وهي أن الدوري الإنجليزي كان ضعيفا من الناحية الفنية خلال الموسم الحالي، وهو ما ألقى بظلاله على المنتخب الإنجليزي الذي يلعب في التصفيات المؤهلة لكأس العالم القادمة بالبرازيل للدرجة التي جعلت المدير الفني للمنتخب الإنجليزي روي هودجسون يعتمد على لاعبين ليسوا في مستوى اللاعبين الأساسيين في المباريات الودية بسبب النقص الحاد في اللاعبين الجاهزين.

وإذا ما ألقينا نظرة سريعة على أكاديمية الناشئين بنادي أياكس أمستردام الهولندي لاكتشفنا على الفور أنه لا يزال يتعين على الإنجليز القيام بقفزة ثقافية هائلة، لأننا نرفض أن نعترف بأن كرة القدم باتت شيئا يجب تعليمه للصغار حتى يتمكنوا من اللعب بشكل مناسب بعد ذلك، ولكننا بدلا من ذلك نتركهم على افتراض أنهم سيتعلمون مهارات كرة القدم بمفردهم، وكأنك تترك طفلا عمره ثماني سنوات وبيديه مطرقة أمام بيانو وتتوقع منه أن يعزف مقطوعة للموسيقار البولندي فريدريك شوبان! وبناء على ذلك، يتعين على الأندية الإنجليزية العمل بكل قوة من أجل تقديم مستوى جيد الموسم المقبل، وإلا سنتغاضى عن قوة وإثارة البطولة وننتظر الإثارة في شكل أخبار انتقالات اللاعبين والمديرين الفنيين. وثمة إحساس بأن الدوري الإنجليزي يشبه العربة التي تنقل أموالا طائلة وبها كرة صغيرة، في إشارة إلى أن الأموال هي التي باتت تتحكم في كرة القدم الإنجليزية بشكل هائل، وخير مثال على ذلك المبالغ الطائلة التي ينفقها تشيلسي ومانشستر سيتي.

وقد انتهى الموسم الحالي بتتويج مانشستر يونايتد من دون منافسة تذكر من باقي الأندية، في الوقت الذي تألق فيه نجوم مثل غاريث بيل وروبين فان بيرسي وخوان ماتا ولويس سواريز، ولكن الحقيقة هي أن معدل الإثارة قد انخفض بشكل ملحوظ منذ رحيل الفرنسي تيري هنري والبرتغالي كريستيانو رونالدو. ونجح الدوري الإنجليزي الممتاز في سد هذه الفجوة من خلال مجموعة من الأخبار المثيرة، مثل تعيين نادي ساندرلاند لمدير فني كان يتعاطف في الماضي مع الفاشية، ورحيل ديفيد مويس عن إيفرتون بعد 11 عاما لقيادة مانشستر يونايتد خلفا للسير أليكس فيرغسون، ودخول كوينز بارك رينجرز في حالة من الفوضى، وقدوم الربيع بموجة من الاعتزالات مثل مايكل أوين وفيرغسون وبول سكولز وجيمي كاراغار وريو فرديناند (من المنتخب الإنجليزي)، وأخيرا ديفيد بيكام.

ثمة حالة من الارتباك أصابت كرة القدم الإنجليزية لعدم وجود بدائل لهذه الأسماء الكبيرة، علاوة على أن هناك أسماء أخرى على وشك الاعتزال مثل فرانك لامبارد وستيفين جيرارد، مع عدم وجود رؤية للجيل الذي سيحمل راية الكرة الإنجليزية، ولا سيما في ضوء السيطرة الكبيرة للاعبين والمديرين الفنيين غير الإنجليز على الدوري الإنجليزي. وحتى عندما حصل نادي تشيلسي على دوري أوروبا على حساب بنفيكا البرتغالي - وهي البطولة الوحيدة التي حصل عليها فريق إنجليزي في المسابقات الأوروبية - جاء ذلك بعدما قام المدير الفني «الإسباني» رفائيل بينيتيز بتقديم تعليماته للفنان «الإسباني» خوان ماتا بإرسال كرة طويلة من الركلة الركنية إلى «الصربي» برانسلاف إيفانوفيتش. والشيء اللافت للنظر هو أن هذا العدد الهائل من اللاعبين الأجانب هو سبب قوة الدوري الإنجليزي الممتاز بوجه عام وضعف المنتخب الإنجليزي.

وإذا كان هناك شيء جيد خلال العام الحالي فهو حصول نادي سوانزي سيتي على كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وحصول نادي ويغان أتلتيك على كأس الاتحاد الإنجليزي، حتى وإن كان السبب وراء تألق سوانزي سيتي هو «الإسباني» روبرتو مارتينيز و«الدنماركي» مايكل لاودروب. ويعني هذا في نظر الكثيرين أن كرة القدم الإنجليزية تعتمد بشكل كبير على «الزائرين» الأجانب داخل المستطيل الأخضر. وحتى نادي مانشستر يونايتد، الذي يقود كرة القدم الإنجليزية، سيظل بمثابة صورة مصغرة للاقتصاد الإنجليزي، حيث يتسم بعدم النظام وعدم التوازن، وعلى أولئك الذين يحبون الفريق بشكله الحالي أن يتذكروا ناديي بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند عندما حضرا إلى لندن للعب المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، وهي المباراة التي لا بد أن تدعو مسؤولي الكرة الإنجليزية إلى تأمل حقيقة الأمر وإدراك الفارق بين مستوى الكرة في إنجلترا ومستواها في ألمانيا والتي أعرب عنه بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند أفضل تعبير بالمستوى الفني العالي الذي قدماه.

يمكن للإنجليز السخرية كما يشاءون من المدح الهائل الذي يكال هذه الأيام على الدوري الألماني، ولكن الشيء المؤكد هو أن الألمان قد استطاعوا، على الأقل، رؤية ما هو أبعد من الأموال الطائلة التي ينفقها الإنجليز على شراء اللاعبين الأجانب، والأخبار المثيرة التي تملأ الصحف الإنجليزية والتي تصرف الانتباه عن ضعف الكرة في إنجلترا.