عودة مورينهو لتشيلسي ترفع من أسهم الدوري الإنجليزي في منافسة الإسبان والألمان

جماهير الفريق ترحب بـ«الاستثنائي» وتنتظر حقبة جديدة من الانتصارات

TT

ثمة علاقة عاطفية شديدة بين المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينهو ونادي تشيلسي الإنجليزي، حيث نجح المدير الفني «الاستثنائي» في قيادة الفريق إلى منصات التتويج، قبل أن يرحل وسط حالة من الغضب الشديد بين عشاق وأنصار النادي الذي تعاقد مع الكثير من المديرين الفنيين ما بين نجاح وإخفاق، والآن يعود مورينهو إلى معقل «البلوز» مرة أخرى.

إنها علاقة خاصة للغاية بين مورينهو وجمهور تشيلسي، وهي العلاقة التي قد تؤدي إلى الكثير من المشكلات والمتاعب للآخرين. لقد شكك كثيرون في عودة مورينهو، وقالوا إنه لن يعود أبدا إلى النادي اللندني، وهو نفس ما قيل من قبل على يوب هاينكس، الذي عاد إلى بايرن ميونيخ كمدير فني مؤقت قبل أن يقود العملاق البافاري لثلاثية تاريخية بحصوله على لقبي الدوري والكأس في ألمانيا ودوري أبطال أوروبا.

سوف يبدأ مورينهو ولايته الثانية في «ستامفورد بريدج»، وسيكون أمامه الكثير من العمل في ظل الآمال العريضة المعلقة عليه، كما سيحتاج الفريق إلى مزيد من التدعيم والصبر.

شعرت جماهير تشيلسي بسعادة غامرة بعد الإعلان عن عودة المدرب البرتغالي جوزيه مورينهو لقيادة فريقها مرة ثانية عقب أشهر من التكهنات الإعلامية.

ونال الحزن من جماهير تشيلسي بعد رحيل مورينهو عن الفريق في 2007 لكنها كانت تمني النفس بعودة المدرب «الاستثنائي» مرة أخرى.

وتناوب الكثير من المدربين على تشيلسي منذ رحيل مورينهو وكان آخرهم الإسباني رافائيل بينيتز الذي تولى المسؤولية بشكل مؤقت بعد إقالة الإيطالي روبرتو دي ماتيو.

ورغم أن بينيتز قاد تشيلسي للفوز بلقب الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) وللتأهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم القادم إلا أن الجماهير لم تكن لتتقبل استمراره وخصوصا مع تعليقاته ضد النادي عندما كان يتولى قيادة الغريم المحلي ليفربول.

ولم تنس الجماهير الطريقة التي ارتقى بها مورينهو بالفريق في بداية مشواره عندما قاد تشيلسي للقب الدوري الإنجليزي في 2005 بعد غياب 50 عاما. وفي 2006 حافظ تشيلسي على اللقب بعد موسم من الأرقام القياسية تحت قيادة المدرب البرتغالي.

ونجح مورينهو في بناء فريق يضم الكثير من اللاعبين أصحاب الحضور القوي في الملعب مثل جون تيري وفرانك لامبارد وديدييه دروغبا وهيرنان كرسبو وارين روبن ومايكل بالاك.

وقال لاعب الوسط لامبارد هداف تشيلسي عبر تاريخه: «إنه رائع من الناحية الخططية وماكر للغاية. إنه يعد الفريق ببراعة لكن ما يفعله هو أنه يستخرج أفضل ما في اللاعبين». ومنذ استحواذ الملياردير الروسي رومان إبراموفيتش على تشيلسي في 2003 دعم النادي صفوفه بقوة دون النظر للأموال. واستغل مورينهو هذا لمصلحته ليصنع فريقا يملك عقلية الفوز.

وأمضى مورينهو أول عامين مع تشيلسي بشكل ممتاز لكن علاقته بإبراموفيتش بدأت في التحول للفتور قبل أن ينفصل المدرب البرتغالي عن النادي.

عندما وصل مورينهو إلى إنجلترا للمرة الأولى، كان تشيلسي ينفق بسخاء ويستعرض قدراته المالية، وكان هو النادي الوحيد القادر على القيام بذلك، أما الآن فهناك مانشستر سيتي، الذي سيحصل على دفعة هائلة مع قدوم المدير الفني القدير مانويل بلغريني وإنفاق أموال طائلة من جانب إدارة النادي. ولا يجب أن ننسى أيضا أن نادي مانشستر يونايتد قد تعاقد مع النجم الصاعد بسرعة الصاروخ ويلفريد زاها، كما أن المدير الفني الجديد ديفيد مويز يعتزم إنفاق الكثير من أجل تدعيم صفوف فريقه.

وسوف تشتعل المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، نظرا لأن آرسنال يسعى هو الآخر لتدعيم صفوفه، علاوة على تألق نجمه جاك ويلشير، كما أن توتنهام هوتسبر وليفربول يضمان الكثير من الشباب الرائعين الذين لم يشبعوا رغباتهم الكروية بعد ولديهم مستقبل واعد.

ولن يجد مورينهو المهمة بالسهولة التي كانت عليها عام 2004، وسيجد منافسة شرسة من الأندية الأخرى ومديريها الفنيين بدءا من أندريه فيلاس بواس وبريندان رودجرز وستيف كلارك ووصولا إلى منافسيه القدامى ديفيد مويز خليفة الأسطورة أليكس فيرغسون وبلغريني وأرسين فينغر. وحتى أول بطولة له – كأس السوبر الأوروبية – ستكون أمام منافسه السابق في الليغا الإسبانية جوزيب غوارديولا بعد قيادة الأخير لنادي بايرن ميونيخ الحائز على لقب دوري أبطال أوروبا، ولذا سيواجه مورينهو الكثير من التحديات والكثير من المديرين الفنيين الكبار.

بالطبع، ستكون عودة مورينهو شيئا رائعا للقائمين على إدارة الدوري الإنجليزي الممتاز، وإذا كان هناك اتفاق على أن كرة القدم باتت أكثر إمتاعا في الدوري الألماني والإسباني، إلا أن الشيء المؤكد هو أنه لا توجد بطولة أخرى في العالم تتسم بالدراما الكروية التي يشهدها الدوري الإنجليزي.

لقد عاد مورينهو وهو أكثر تهذبا وأقل غرورا من المرة الأولى التي جاء فيها إلى ستامفورد بريدج وهو يزهو بنفسه كالطاووس بعد حصوله على دوري أبطال أوروبا مع بورتو البرتغالي، أما الآن فقد اهتزت صورته كمدير فني قادر على حصد البطولات في أي مكان بعد الموسم المخيب للآمال الذي قضاه في ريال مدريد مع النادي الملكي، ولذا يتعين عليه أن يستمع إلى تحذيرات أولئك الذين يحترمونه وأن ينعم بحب عشاق وأنصار تشيلسي.

ويقول هنري وينتر الناقد الرياضي في صحيفة «ديلي تلغراف»: «يتعين على مورينهو، الذي يتميز بالذكاء والحنكة الكروية، أن يضع في اعتباره جميع ردود الفعل، ولا سيما وأنه لديه تاريخ طويل مع الحكام في الدوري الإنجليزي، كما لديه بعض المشكلات مع مالك النادي رومان إبراموفيتش، كما يتعين عليه أن يحقق التوازن بين رغبة إدارة النادي في تقديم كرة قدم جميلة تشبه تلك التي تقدمها فرق أميركا الجنوبية وبين رغبته في فرض أسلوب يتسم بالقوة والسرعة، وأن يعمل مع المدير الرياضي للنادي مايكل إيميلانو لا أن يعمل ضده».

وأضاف: «يجب على مورينهو أن يجد حلولا للمشكلة الدفاعية التي تواجه فريقه وتذبذب مستوى قائد الفريق جون تيري، وتقرير ما إذا كان ديفيد لويز سيكون له دور في الأسلوب التكتيكي الذي سيتبعه مع الفريق أم لا؟».

وهناك الكثير من الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة في النادي اللندني: هل أصبحت أيام النجم الإسباني فرنادو توريس معدودة مع الفريق؟ وهل سيغامر مورينهو ويراهن على روميلو لوكاكو؟ سيكون على مورينهو القيام الإجابة على ذلك رغم القناعة المبدئية بأن لوكاكو لديه الرغبة والقدرة على القيام بدور المهاجم الصريح في الفريق. ومن المتوقع أن يستعين تشيلسي بخدمات نجم بايرن ليفركوزن الألماني أندريه شورليه، ولكن ما هو المكان الذي سيشغله في الفريق؟ هناك الكثير من الأسئلة التي يتعين على مورينهو إيجاد حلول لها، وهو قادر على ذلك بفضل خبراته الكبيرة، التي ستجعله يترك لمساته على الفريق بصورة سريعة ويطور من أداء الفريق عقب رحيل المدير الفني المؤقت رافائيل بينيتيز.

لقد كان مورينهو ذكيا عندما وجه رسالة لجمهور النادي عبر شاشات التلفاز يقول فيه «أنا واحد منكم»، لأنه داعب شعور الجمهور القلق من المدير الفني السابق بينيتيز.

وجاء الإعلان عن تعاقد النادي مع مورينهو في اليوم الأخير لتجديد التذاكر الموسمية للجمهور، قبل أن يتم تمديد تلك المدة لأسبوع آخر حتى يتم تصوير مورينهو الأنيق وهو يحمل قميص النادي لأن ذلك سوف يثير بالطبع مزيدا من الاهتمام داخل النادي اللندني.

في الواقع، يستحق مورينهو أن يكون موضع ترحيب مرة أخرى، لأنه مدير فني قدير سوف يجعل تشيلسي منافسا حقيقيا على لقب الدوري الإنجليزي، وربما النادي الأوفر حظا للحصول على اللقب، ولكن يتعين عليه أن يضع في الاعتبار أن الصحف الإنجليزية لن ترحمه وستكون أقل تسامحا معه هذه المرة.