كأس القارات.. مستويات متذبذة للعرب ومفاجآت وهزائم تاريخية

السعودية والإمارات ومصر والعراق شاركت في ثاني أهم مسابقة كروية

TT

وضع العرب بصمتهم على بطولة الفيفا للقارات في كرة القدم منذ انطلاقتها قبل نحو 17 عاما، ذلك لأن الفكرة كانت سعودية على وجه التحديد.

ولم تغِب المنتخبات العربية عن المشاركة في البطولة سوى مرتين رغم خروجها من المنطقة العربية ابتداء من الدورة الرابعة.

وعلى الرغم من أن البطولتين الأولى والثانية في الرياض شهدتا فقط مشاركة المنتخب السعودي، فإن تلك المشاركة توسعت في ما بعد لتشمل منتخبين عربيين كما حدث في البطولة الثالثة عام 1997 (السعودية والإمارات)، والرابعة التي أقيمت في المكسيك عام 1999 (السعودية ومصر)، والبطولة الثامنة في جنوب أفريقيا (مصر والعراق).

وتعود فكرة البطولة إلى الأمير الراحل فيصل بن فهد بن عبد العزيز الذي اقترح إقامة بطولة تجمع أفضل منتخبات القارات الخمس بالتنسيق مع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وبموافقة من الاتحاد الدولي (فيفا).

وسرعان ما أبصرت الفكرة النور وتحولت إلى بطولة حملت أكثر من اسم، فكانت البطولة الأولى تحت مسمى «بطولة القارات»، وأطلق على البطولة الثانية اسم «بطولة الاتحادات القارية على كأس الملك فهد»، إلى أن استقرت التسمية على بطولة الفيفا للقارات على كأس الملك فهد بعدما قام الملك الراحل فهد بن العزيز آل سعود بإهداء كأس ذهبية للتنافس عليها بين المنتخبات في البطولة كهدية شخصية منه مساهمة في دعم البطولة.

ونتيجة للنجاح الكبير الذي حققته البطولة في النسختين الأولى (1992) والثانية (1995) اللتين أقيمتا في الرياض، قرر الفيفا تبني هذه المسابقة لتكتسب صفة العالمية.

بدأ الاتحاد الدولي إشرافه على البطولة اعتبارا من النسخة الثالثة عام 1997 وقرر رئيسه السابق البرازيلي جواو هافيلانج إقامتها في السعودية مكافأة لها على النجاح الذي تحقق في النسختين الأوليين.

وشارك المنتخب السعودي في البطولة الأولى في الرياض عام 1992 إلى جانب منتخبات الأرجنتين والولايات المتحدة الأميركية وساحل العاج.

وأوقعت القرعة المنتخب السعودية في مواجهة مع المنتخب الأميركي فتغلب عليه بثلاثة أهداف دون مقابل سجلها فهد الهريفي (48) ويوسف الثنيان (74) وخالد مسعد (84)، وتأهل إلى المباراة النهائية لملاقاة الأرجنتين الفائزة على ساحل العاج 4 / 0.

وأمام 75 ألف متفرج في استاد الملك فهد الدولي، لم يجد راقصو التانغو صعوبة في الفوز على المنتخب السعودي بثلاثة أهداف لليوناردو رودريغيز (18) وكلاوديو كانيجيا (24) ودييغو سيميوني (64) مقابل هدف واحد كان عبر سعيد العويران (65).

وبقيت البطولة الثانية عام 1995 في الرياض، ولكن هذه المرة بمشاركة ست منتخبات وزعت على مجموعتين، ضمت الأولى المكسيك والدنمارك والسعودية، والثانية الأرجنتين ونيجيريا واليابان. ولم يستطع المنتخب السعودي تكرار ما فعله في البطولة الأولى فخسر أمام المكسيك والدنمارك بنتيجة واحدة قوامها هدفان نظيفان للويس غارسيا بوستيغو (65 و82) في الأولى، ولبراين لاودروب (43) ومورتن فيغورست (90) في الثانية.

وكانت البطولة الثالثة الأخيرة التي تقام على أرض عربية بعد أن احتضنتها الرياض أيضا عام 1997 بمشاركة ثمانية منتخبات. ووقع المضيف في مجموعة صعبة ضمته والبرازيل بطلة العالم والمكسيك وأستراليا، في حين ضمت الثانية المنتخب الإماراتي (وصيف السعودية بطلة آسيا) والأوروغواي وتشيكيا (وصيفة بطلة أوروبا بعد اعتذار ألمانيا)، وجنوب أفريقيا.

وصدم السعوديون في الافتتاح أمام المنتخب البرازيلي الذي فاز بثلاثة أهداف صريحة لسيزار سامبايو (65) وروماريو (73 و80) وسامبايو، لكن المحطة الثانية كانت الأقسى بسقوط أصحاب الأرض امام المنتخب المكسيكي بخمسة أهداف نظيفة لفرانشيسكو بالنسيا (20 و62) وكواتيموك بلانكو (68 و76) وبراوليو لونا (75) أنهت الآمال بالعبور إلى الدور نصف النهائي، فجاءت المواجهة الأخيرة أمام أستراليا بمثابة الوداع وانتهت سعودية بهدف سجله محمد الخليوي (40).

أما المنتخب الإماراتي فخسر المواجهة الأولى أمام الأوروغواي بهدفين نظيفين لنيكولا أوليفيرا (45+2) وأنطونيو باتشيكو (90+2)، وعدل أوضاعه في الثانية وتغلب على جنوب أفريقيا بهدف لحمد مبارك (5)، قبل أن يسقط بقوة في الثالثة أمام تشيكيا بستة أهداف لمحمد عبيد (11 خطأ في مرمى فريقه) وبافل ندفيد (22 و31) وفلاديمير سميتشر (42 و68 و71) مقابل هدف لعدنان الطلياني (78).

وشارك منتخبان عربيان في البطولة الرابعة في المكسيك عام 1999 هما السعودي والمصري، ووضعتهما القرعة في مجموعة واحدة إلى جانب المكسيك وبوليفيا.

واستهل الفراعنة مشوارهم بلقاء منتخب بوليفيا، فحققوا نتيجة إيجابية بتعادلهم (2 / 2) بعدما كان المنتخب البوليفي متقدما بهدفين لليمبرغ غوتييريز (21) وريني ريبيرا (40) مقابل هدف لعبد الستار صبري (8) قبل أن يدرك ياسر رضوان التعادل في الدقيقة الـ69 من عمر المباراة.

وكان قدر السعوديين أن يواجهوا المنتخب المكسيكي للمرة الثانية، فتكرر المشهد المأساوي وخسر الأخضر بخمسة أهداف لكواتيموك بلانكو (12 و19 و68 و77) وخوسيه مانويل ابونديس (21) مقابل هدف لنواف التمياط (62 من ركلة جزاء).

واستعاد المنتخب السعودي توازنه وتعادل سلبا مع نظيره البوليفي، بينما كان المنتخب المصري يخطف تعادلا ثمينا من المكسيكيين أشبه بطعم الفوز، فعلى الرغم من تقدم المكسيك بهدفين نظيفين لبافل باردو (15) وابونديس (26) لم يدخل اليأس إلى نفوس المصريين، لا سيما بعد تسجيل سمير كمونة الهدف الأول في الدقيقة الـ79، وبينما كان الجميع يستعد لسماع صافرة الحكم هز إبراهيم حسن الشباك المكسيكية بهدف التعادل قبل النهاية بثلاث دقائق.

واتجهت الأنظار إلى المواجهة الخاصة بين المنتخبين المصري والسعودي كون نتيجتها ستمنح أحدهما تأشيرة العبور للدور نصف النهائي، لا سيما المنتخب المصري الذي كان يكفيه التعادل لتحقيق هذا الأمر.

وفوجئ أبطال أفريقيا بهدف سعودي مبكر يهز شباكهم في الدقيقة الثامنة عن طريق مرزوق العتيبي، الذي عاد وهز الشباك مرة ثانية في الدقيقة الـ34.

حاول المصريون الخروج من صدمتهم في الشوط الثاني، لكن إبراهيم سويد أضاف الهدف الثالث (64)، قبل أن يرد سمير كمونة (70 من ركلة جزاء). ومرة أخرى فرض مرزوق العتيبي نجوميته وسجل هدفين في ربع الساعة الأخير (78 و85) ليخرج المنتخب السعودي فائزا بخمسة أهداف مقابل هدف وسط ذهول المصريين الذين لن ينسوا تلك الهزيمة التي أخرجتهم من البطولة.

واستعاد السعوديون مشهد افتتاح بطولة القارات الثالثة، لا سيما مع المواجهة المتجددة أمام البرازيل، لكن الخسارة هذه المرة كانت أبلغ من الوصف، إذ أمطر أبطال السامبا الشباك السعودية بثمانية أهداف لجواو كارلوس (8) ورونالدينيو (11 و65 و90) وزي روبرتو (33) وأليكس (36 و86) وروني (62)، واكتفى الأخضر بتسجيل هدفين عن طريق مرزوق العتيبي (22 و31) الذي توج هدافا لبطولة القارات برصيد 6 أهداف.

وفي مباراة المركزين الثالث والرابع، خسر المنتخب السعودي أمام نظيره الأميركي بهدفين نظيفين سجلهما بول برافو (27) وبراين ماكبرايد (78) ليحل رابعا على الرغم من تلقي شباكه 16 هدفا.

وعاد العرب للمشاركة بعد غياب عن الدورتين الخامسة والسادسة في كوريا الجنوبية وفرنسا، ومثله المنتخب التونسي في البطولة السابعة في ألمانيا عام 2005 حيث أوقعته القرعة في المجموعة الأولى إلى جانب ألمانيا والأرجنتين وأستراليا.

وخسر نسور قرطاج مباراتهم الأولى أمام الأرجنتين بهدف لهيكل قمامدية (75 من ركلة جزاء) مقابل هدفين لخوان رومان ريكيلمي (33 من ركلة جزاء) وخافيير سافيولا (57)، ثم تلقوا الضربة الثانية أمام ألمانيا بثلاثية نظيفة تناوب على تسجيلها ميكايل بالاك (74 من ركلة جزاء) وباستيان شفاينشتايغر (80) ومايك هانكه (88)، وودعوا البطولة بفوز معنوي على أستراليا بهدفين سجلهما فرانسيلودو دوس سانتوس سيلفا ليما في الدقيقتين الـ26 والـ70.

وشارك منتخبان عربيان في البطولة الثامنة في جنوب أفريقيا عام 2009 هما المصري بطل أفريقيا والعراقي بطل آسيا، ووضعت القرعة الأول في المجموعة الثانية إلى جانب البرازيل بطلة أميركا الجنوبية والولايات المتحدة بطلة الكونكاكاف وإيطاليا بطلة العالم، والثاني في المجموعة الأولى إلى جانب جنوب أفريقيا الدولة المضيفة ونيوزيلندا بطلة أوقيانيا وإسبانيا بطلة أوروبا.

وقدم المنتخبان العربيان عروضا جيدة وكانا قاب قوسين أو أدنى من بلوغ الدور نصف النهائي لولا تعثرهما في الجولة الثالثة الأخيرة من الدور الأول.

واستهل العراق مشواره في البطولة بتعادل سلبي مع جنوب أفريقيا، وخسر بصعوبة أمام إسبانيا بطلة القارة العجوز بهدف وحيد سجله ديفيد فيا في الدقيقة الـ55، قبل أن يسقط في فخ التعادل في الجولة الأخيرة أمام جنوب أفريقيا ويودع البطولة.

في المقابل، بدأ المنتخب المصري مشواره بمباراة بطولية أمام البرازيل وخسرها بشق النفس 3 / 4 في الوقت القاتل. وبكرت البرازيل بالتسجيل عبر ريكاردو كاكا في الدقيقة الخامسة، ورد محمد زيدان بعد أربع دقائق، قبل أن ترد البرازيل بهدفين للويس فابيانو (12) وجوان (37) لتنهي الشوط الأول في صالحها 3 / 1. وفي الوقت الذي ظن فيه الجميع أن أبطال العالم خمس مرات سيحسمون اللقاء بنتيجة كبيرة، كشر الفراعنة عن أنيابهم في الشوط الثاني وسجلوا هدفين مبكرين عبر محمد شوقي (54) وزيدان (55)، وانتظرت البرازيل الدقيقة الأخيرة لتحصل على ركلة جزاء انبرى لها كاكا بنجاح مانحا فوزا صعبا للسيليساو.

وفجر الفراعنة مفاجأة من العيار الثقيل في الجولة الثانية عندما تغلبوا على إيطاليا بطلة العالم بهدف وحيد سجله محمد حمص في الدقيقة الـ40، ليصبح المنتخب المصري أول منتخب من القارة السمراء في التاريخ يلحق الهزيمة بنظيره الإيطالي بطل العالم.

لكن المنتخب المصري مني بخسارة قاسية أمام الولايات المتحدة في الجولة الأخيرة وبثلاثية نظيفة تناوب على تسجيلها تشارلي ديفيس (21) وميكايل برادلي (63) وكلينت ديمبسي (71).