روابط المشجعين الإنجليز تتهم أندية الممتاز بالجشع وتدعو للتظاهر ضد ارتفاع تذاكر المباريات

القيمة ارتفعت لضعف مثيلاتها في الدوري الألماني والإسباني رغم توقيع صفقة البث التلفزيوني بقيمة 5.5 مليار جنيه إسترليني

TT

أعربت روابط المشجعين لأندية الدوري الممتاز الإنجليزي عن غضبها من خطط رفع أسعار تذاكر المباريات في الموسم المقبل، متهمه الأندية ومسؤولي الدوري الممتاز بالجشع بعد توقيع صفقة البث التلفزيوني خلال الفترة بين عامي 2013 و2016 والبالغ قيمتها 5.5 مليار جنيه إسترليني لثلاث سنوات.

وكانت روابط الأندية تنتظر أن يكون لصفقة البث تأثير إيجابي على خفض تذاكر المباريات للدوري الممتاز وليس العكس، لأن خزائن الأندية ستنتعش بزيادة نصيبها عما كانت عليه خلال الفترة بين عامي 2010 و2013 بملياري جنيه إسترليني (كانت صفقة البث 3.4 مليار إسترليني).

وتقول روابط الجماهير: «الأندية تعرف أن الجمهور يعاني كثيرا، كنا ننتظر أن يكون هناك جزء من فارق الربح بين الصفقة القديمة والجديدة (2.1 مليار إسترليني) سيكون لدعم تخفيض قيمة تذاكر المباريات».

ومع انتظار إعلان جدول مباريات موسم 2013-2014 الأربعاء المقبل، أعلنت مجموعات من الجماهير نيتها في التظاهر أمام مقر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لتقديم قائمة من الطلبات، أهمها بالطبع تخفيض قيمة تذاكر المباريات.

ويذكر أن تذاكر الدوري الممتاز الإنجليزي هي الأعلى سعرا بين بطولات أوروبا الأخرى، حيث يصل متوسط التذكرة الواحدة 50 جنيها إسترلينيا، فيما يصل متوسط التذاكر في ألمانيا وإسبانيا إلى 20 جنيها فقط، وأقل قليلا في إيطاليا.

وقال جيمس ماكينا، وهو عضو برابطة مشجعي نادي ليفربول لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية: «الأندية تعلم أن لديها مشجعين، وعندما تحقق هذه الأندية عائدات أكثر من ذي قبل، فإننا نريد أن يعود ذلك بالفائدة علينا».

وقال ماكينا إن الرابطة عقدت لقاءات حضرها بعض من أنصار أندية مانشستر يونايتد وإيفرتون وترانمير روفرز، كما تعهد أنصار آرسنال وتوتنهام بالانضمام إلينا، وأنهم يطالبون بنفس المطالب. وأضاف ماكينا: «التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها، ولكن يتعين علينا أن نحاول».

وأضاف: «صحيح أن المطالب بتخفيض قيمة تذاكر المباريات ليس شيئا جديدا، ولكن ما الضرر في أن نذكر الجميع بحقيقة هامة للغاية، وهي أن الأندية تحتاج الجمهور بقدر احتياج الجمهور إليها. في الواقع، تتسم العلاقة بين الأندية والجمهور بأنها علاقة تكافلية، ولكنها ليست عادلة، لأن الأندية تستفيد بصورة أكبر من الجمهور للدرجة التي تجعل هذه العلاقة تصل في بعض الأحيان إلى حد التطفل. ويجب أن نعرف أن غياب الجمهور عن المدرجات سوف يحرم كرة القدم من أحد أهم مقوماتها ومميزاتها».

وأشار ماكيتا إلى أنه يتعين علينا أن نعلم أن يوم الأربعاء القادم لن يشهد مظاهرات بالآلاف وأن البعض سيتهم الجمهور قائلا: «هل هذا هو كل ما استطعتم القيام به؟». يتعين على الجمهور أن يتعلم من جمهور نادي بوروسيا دورتموند الألماني الذي قاطع مباراة فريقه أمام شالكه بسبب ارتفاع قيمة تذاكر المباراة رغم أنها لا تصل لقيمة تذاكر الدوري الإنجليزي.

وقال الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إنه سوف يدعو مجموعة من المتظاهرين الأسبوع المقبل لمقره «إذا كانوا يرغبون في ذلك»، ثم يقوم بنقل مطالبهم إلى الأندية. ويذكر أنه رغم الاعتراضات الكبيرة من جانب جمهور مانشستر سيتي بعد ارتفاع تذكرة المباراة إلى 62 جنيها إسترلينيا في يناير (كانون الثاني) الماضي وفي ظل أقسى فترات الركود الاقتصادي في الآونة الأخيرة، ارتفع متوسط الحضور الجماهيري في المباريات بنسبة 3.6% موسم 2012-2013 ليصل إلى 35.906 – وهو ثاني أعلى معدل في تاريخ الدوري الإنجليزي.

وعندما أعلن الدوري الإنجليزي عن توقيع صفقة للبث التلفزيوني بقيمة 5.5 مليار جنيه إسترليني خلال السنوات الثلاث المقبلة، انبهر الجميع بهذا المبلغ الخرافي، الذي كان بمثابة دليل قاطع على قدرة الدوري الإنجليزي الممتاز على تحقيق مكاسب مالية هائلة من تسويق مبارياته في جميع أنحاء العالم. وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يهنئون بعضهم البعض بهذه الصفقة، تجاهل البعض صرخة الجماهير وأندية الدرجة الأولى من عدم عدالة توزيع قيمة هذه الصفقة.

ويرى المراقبون أن الصفقات الكبيرة ستزيد من غنى الأندية الغنية وتضعف الأندية الفقيرة، والأرقام التي ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية تحمل رسالة مشئومة للفرق الإنجليزية الأضعف، ففي الوقت الذي تمكنت فيه أندية الدوري الممتاز من التوصل لصفقة للبث التلفزيوني بقيمة 5.5 مليار جنيه إسترليني، سوف يحصل دوري الدرجة الأولى الإنجليزي على 195 مليون جنيه إسترليني مع عقد البث التلفزيوني مع شبكة «سكاي»، علاوة على حصوله على 240 مليون جنيه إسترليني سنويا من الدوري الإنجليزي الممتاز – بزيادة سنوية قدرها 40 مليون جنيه إسترليني أو 20% – ولكن من بين هذه الـ240 مليون جنيه إسترليني، سوف يذهب 177 مليون جنيه إسترليني للأندية الهابطة من الدوري الإنجليزي الممتاز، مقابل 144 مليون جنيه بموجب العقد الحالي.

وترى أندية الدرجة الأولى أن الاتفاق الجديد يتسم بأنه غير عادل، حيث يحصل الدوري الإنجليزي الممتاز على 93.27% من قيمة الصفقة، إذا ما تم احتساب الأموال التي يتم منحها للأندية الهابطة من الدوري الممتاز، مقابل 6.73% لباقي أندية الدرجة الأولى وهو ما يعني أن ذلك سوف يجعل الأندية الثرية أكثر ثراء والأندية الفقيرة أكثر فقرا.

وخلال المواسم الماضية، طالب أحد رؤساء الأندية بغرابة شديدة بإلغاء الهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز، في دلالة على حالة الجشع التي تسيطر على أندية الدوري، وهو ما سيكون له تأثيرات كارثية على الأندية الأضعف والأفقر.

وتشير جريدة «ديلي ميل» إلى أن كرة القدم الإنجليزية دائما ما كانت تستمد قوتها من التنوع الصحي الموجود بها، حيث كانت الأندية الجماهيرية الكبرى قادرة على تسوية أمورها والاعتناء بنفسها، في حين كانت الفرق الأصغر تنظم نفسها جيدا وتنفق بصورة مدروسة حتى ترتقي إلى مستوى أفضل قبل انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد عام 1992.

قبل هذا التاريخ كانت عائدات البث التلفزيوني متواضعة بالمقاييس الحالية، ولكن كان يتم توزيعها بشكل أقرب ما يكون إلى العدالة وكانت الفرق الفقيرة تحلم بالقدرة على مقارعة الكبار، ولكن بعد أن انهالت الأموال من عائدات البث التلفزيوني على الدوري الإنجليزي الممتاز الآن، فلن يكون هناك وجود لمثل هذه الأحلام.

وكان أحد رؤساء الأندية قد طرح عليه سؤال عن الأسباب التي تجعله يدخل في منافسة محمومة للتواجد بين الصفوة، ورد قائلا: الأمر واضح، أليس كذلك؟ في إشارة إلى المال.

عندما تصل الفرق الفقيرة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، فإنها تشعر بالقلق والخوف من الهبوط مرة أخرى، وعندما تهبط فإنها تحصل على مساعدات مالية من الدوري الإنجليزي بهدف تدعيم صفوفها، حيث يحصل الفريق الهابط على 23 مليون جنيه إسترليني في الموسم الأول و18 مليون جنيه إسترليني في الموسم الثاني و9 ملايين جنيه إسترليني في الموسمين الثالث والرابع، أي ما مجموعه 59 مليون جنيه إسترليني.

وبموجب هذه القواعد، سوف يحصل نادي ريدينغ – الذي هبط إلى القسم الثاني بعد موسم وحيد في الدوري الإنجليزي – على 23 مليون جنيه إسترليني الموسم القادم، في حين أن نادي ميلوال الذي لم يلعب في الدوري الإنجليزي خلال السنوات الأخيرة، سوف يحصل على 1.8 مليون جنيه إسترليني من البث التلفزيوني لدوري كرة القدم الإنجليزي، علاوة على مليوني جنيه إسترليني من الدوري الإنجليزي الممتاز رغم أن الفريقين سيتنافسان الموسم المقبل على الصعود. وهنا يأتي السؤال عن عدالة التوزيع؟ فأحدهما يحصل على 23 مليون جنيه إسترليني، في حين يحصل الآخر على 3.8 مليون جنيه إسترليني؟

وأمام المطالبة بإعادة تنظيم عملية التوزيع لتكون بعدالة على جميع فرق الدرجة الأولى، هدد المدير الفني لنادي كوينز بارك رينجرز هاري ريدناب باللجوء للقضاء عقب انتهاء الموسم الكروي وهبوط ناديه من الممتاز، حيث قال: «لا يمكنكم أن تدعوا أناسا آخرين يتخذون القرار. أنا كروي، ولدي طاقم فني لديه خبرات كروية كبيرة، ويتعين علينا اتخاذ القرار». وتقول صحيفة «الديلي ميل»: «يمكننا تفهم هذه التصريحات لو جاءت من السير أليكس فيرغسون وهو في أوج تألقه مع مانشستر يونايتد، أو من جوزبيب غوارديولا عندما كان يقود برشلونة الإسباني ويقدم أداء استثنائيا، أما أن تأتي من ريدناب الذي تولي قيادة كوينز بارك رينجرز وهو في المركز الأخير بعد مرور 12 مباراة من الدوري الإنجليزي، ولم يقدم له أي شيء وأنهى الفريق المسابقة في المركز الأخير بعد 26 مباراة، فهذا شيء غريب. ربما يدعي ريدناب أنه تولي قيادة فريق مهلل، ولكن الحقيقة هي أنه أنفق أموالا هائلة وكسر الرقم القياسي لأعلى الصفقات في تاريخ النادي عندما أنفق 20 مليون جنيه إسترليني في فترة الانتقالات الشتوية الماضية، إنه فقط يخشى من فقدان النصيب الأكبر من صفقة العائدات التي تمنع للهابطين. وتدرك الأندية والجماهير أن أموال عائدات البث التلفزيوني تذهب معظمها إلى جيوب اللاعبين، ويكفي أن نعرف أن التقرير الصادر عن مؤسسة «ديلويت» عن موسم 2011-2012 الأسبوع الماضي، قد أكد أن رواتب لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز تلتهم 70% من العائدات، مقابل 51% في الدوري الألماني.

ولا يمكن بالطبع إلقاء اللوم على اللاعبين الذين يتقاضون أجورا كبيرة، ولكن لا بد من العمل على وضع سقف للأجور الخيالية.