لماذا أضاع عرب آسيا بوصلة الطريق نحو كأس العالم؟!

«الشرق الأوسط» تفتح الملف الساخن مع نخبة من الخبراء والنقاد الرياضيين

TT

كشفت مواجهات التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014 في البرازيل، عن ضياع البوصلة العربية - الآسيوية المؤدية للمحفل العالمي، وفي كل فإن غياب العرب الآسيويين عنها قصة عرفت البداية ولم تعرف النهاية، فحضور العرب الآسيويين كان خجولا جدا، وحدها السعودية حضرت في المحفل العالمي أربع مرات ابتداء من مونديال كأس العالم 94، مرورا بنسختي 98 و2002، وانتهاء بمونديال ألمانيا في 2006، لتقف عند هذا الحد وتنضم للركب العربي الآسيوي الذي بات يقبع في غياهب النسيان على الخريطة الدولية رغم ملايين الريالات التي تصرف على تلك المنتخبات.

في التصفيات الحالية المؤهلة لمونديال 2014 المقرر إقامته صيف العام المقبل في البرازيل، ابتعدت المنتخبات العربية عن التأهل كما هو الحال في تصفيات 2010 للكأس التي أقيمت في جنوب أفريقيا باستثناء المنتخب العماني الذي يملك حظوظا قائمة على خسارة منتخب أستراليا في الجولة القادمة، أما البقية فتذيّلت ترتيب المجموعتين كقطر ولبنان في المجموعة الأولى والأردن والعراق في المجموعة الثانية ومن قبلهما سقطت السعودية والبحرين وسوريا والكويت واليمن والإمارات سريعا من الأدوار الأولية.

«الشرق الأوسط» تفتح هذا الملف بصحبة عدد من النقاد والخبراء الفنيين، حيث تعددت الأسباب بوجهة نظرهم التي حرمت تلك المنتخبات العربية من الوصول لكأس العالم ليتضح أن الخلل عميق وبحاجة لمن يضع يده عليه بصورة حقيقية لا إعلامية.

من جهته، يرى اللاعب الدولي السابق في منتخب البحرين والخبير الفني، فؤاد بو شقر، أن الأسباب التي تمنع العرب من الوجود في مونديال كأس العالم متعددة ونحتاج معها لإعادة صياغة أنفسنا بصورة أفضل حتى نتمكن من الحضور في المحفل الدولي. وقال بو شقر: «في كل مرة تظهر القرعة نسمع أصوات الترشيح تذهب لمنتخبات محددة بغض النظر عن مستوياتها، فمثلا اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا هم مرشحون دائمون للتأهل»، مضيفا: «غياب السعودية في السنوات الأخيرة أعتقد أنه فتح بابا لبعض المنتخبات للتنافس على البطاقة الرابعة، في ظل أن منتخب إيران بات ليس كما نعرفه بمستواه السابق، مشيرا إلى الطريقة التي تلعب بها التصفيات وأنها أحد الأسباب، حيث لا يوجد فيها إنصاف للفرق عموما، فالوقت الذي نلعب فيه التصفيات حاليا بالنسبة لغرب آسيا هو نهاية الموسم، بينما في شرق القارة في منتصف الموسم؛ كون منافساتهم تنطلق في مارس (آذار) أو فبراير (شباط) من كل عام، أما الأمر الثاني فاللاعبون المحترفون في أوروبا؛ كل الدوريات هناك متوقفة وعندما ينضمون لمنتخباتهم كاليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا نجدهم يأخذون وقتا كافيا للتدريب مع بعضهم والانسجام، ولو نلاحظ لعبنا في شهر يونيو (حزيران) العام الماضي ثلاث مباريات وذات الأمر العام الحالي، ولو شاهدنا أيضا منتخب أستراليا أعتقد أنه أنهى الدور الأول بنقاط قليلة، لكنه الآن بدأ يجمع عددا كبيرا من النقاط حتى باتت حظوظه بالتأهل قائمة وكبيرة، وبالتالي الفرق معتادة على هذا الوضع عكس الفرق العربية.

ويرى المحلل التلفزيوني أن تذبذب المستويات للمنتخبات العربية يعتبر من أحد الأسباب، فالمنتخب الأردني فاز على اليابان وعاد ليلعب مع أستراليا وينهزم بنتيجة ثقيلة، رافضا تحديد الأسباب التي تقف خلف هذا التذبذب، حيث قال: «منتخب اليابان جميع لاعبيه محترفون في أوروبا باستثناء ثلاثة لاعبين ربما، وهنا تكون سهولة توظيف اللاعبين في أيام معدودة؛ لأن إعداد اللاعبين تم مع فرق متقدمة وليس كما يحدث لدينا».

وعرج بو شقر على حال المنتخبات العربية مع التجمعات التي تسبق المباريات بأيام قليلة وأنها غير كافية. وقال: «في آسيا باستثناء اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا لن يستطيع كل فريق التجمع بأيام قليلة ويخوض مباريات، أعتقد أننا بحاجة لأسبوعين ربما على أقل تقدير»، مضيفا: «أتذكر في آسيا 2011 حضر منتخب اليابان للدوحة وهو لم يلعب أي مباراة معتبرا مباريات المجموعة بمثابة الإعداد وبالنهاية توج بالبطولة لكن ليس كل منتخب هو اليابان.

وعن غياب الموهبة في المنتخبات العربية يأتي في معيتها عدم احتراف اللاعبين العرب في أوروبا، وهل يقف ذلك خلف هذه المشكلة وعدم تأهل المنتخبات العربية في آسيا لكأس العالم، قال: لا أعتقد، فالسعودية عندما وصلت لكأس العالم 94 كم كان لديها من لاعب محترف خارجيا؟ هذا الأمر ليس أحد الأسباب بالتأكيد، وحتى لو افترضنا سيحترف بعض اللاعبين في أوروبا كم سيكون عددهم؟ اثنان أم ثلاثة ومع أي فريق سينضمون وهل سيوجدون في القوائم الأساسية لهذا الفريق في المباريات، أعتقد أن الموهبة هي الأساس وقادرة على صنع الفارق.

وعاد البحريني بو شقر للحديث عن قضية التجمع التي تقتصر على أيام قليلة قبل خوض المباريات، معتبرا أنها أحد الأسباب الجوهرية، حيث قال: الآن لدينا ثلاث مباريات خلال أسبوعين نعرف مواعيدها منذ فترة طويلة وأتساءل هنا لماذا لا نستعد لها منذ شهر مايو (أيار) ونخوضها على أنها بطولة ونجمع اللاعبين قبل فترة طويلة لخوض هذه التصفيات فهذه كأس العالم، مضيفا: النظام الآن تغير عن السابق وأصبحت حظوظ التأهل قائمة، فكل مجموعة تضم خمسة منتخبات منها ثلاثة لديها حظوظ بالتأهل بنسبة 60 في المائة، فاثنان يتأهلان مباشرة وواحد للملحق الآسيوي من أصل المجموعتين.

وطالب بو شقر مسؤولي المنتخبات العربية في آسيا بالاهتمام بالمباريات الأخيرة في التصفيات، ففيها تسع نقاط قادرة على صنع الفارق. وقال: يجب أن أعد المنتخب من شهر مايو بأي صورة كانت، فأنت تتحدث عن كأس العالم ومواعيد المباريات معروفة قبل أن يبدأ الموسم لديك وبالتالي أبرمج نفسي على ذلك.

واختتم بو شقر رأيه بالحديث عن الأفكار السلبية التي زرعت في عقلية المنتخبات العربية كون هذه المباريات تأتي في نهاية الموسم واللاعب يكون فيها مرهقا. وقال: لدينا دوامة سلبية وهي قضية أننا في نهاية الموسم ومرهقون وبصراحة يجب أن نعد لذلك منذ وقت مبكر، وحتى بعض المدربين الذين يدربون ويعملون في كل مكان بالعالم عندما يأتي إلينا تجده يصرح بأن اللاعب لا يتحمل المنافسة أو أنه مرهق رغم أنه يدرب في جميع دوريات العالم ويعرف أن اللاعب بصورة علمية قادر على اللعب لمدة عشرة أشهر في السنة بغض النظر عن الكلام الفارغ بأنه لا يستطيع ذلك، وهذا ما يجعل اللاعب محبطا نفسيا، مضيفا: في النهاية أستطيع أن أحضر طاقما طبيا وفنيا ولياقيا لإعداد فريق يستمر نفسه حتى نهاية التصفيات، أيضا لو افترضنا أو تجاوزنا أن اللاعبين لا يتحملون ذلك فهنا يمكن أن أجعل الدوري المحلي ينطلق في شهر سبتمبر (أيلول) وليس أغسطس (آب)، فهذه أمور بسيطة فقط تحتاج لتنظيم وليس إلى فلسفة وعبقرية.

من جانبه، يرى اللاعب الدولي السابق في المنتخب السعودي أمين دابو، أن الأسباب تتمحور حول نقاط عدة، أولها فترة الإعداد الأولية للمنتخبات العربية في آسيا والتي تعتبر ضعيفة، إضافة إلى قضية تغير المدربين بصورة متكررة مما يبعثر أوراق تلك المنتخب وهويتها الفنية، أما السبب الثالث فهو يعود إلى عدم وجود تشكيلة وأسماء ثابتة في معظم قوائم المنتخبات العربية. ونشير هنا في «الشرق الأوسط» إلى أنه سبق أن تم نشر إحصائية متعلقة بعدد اللاعبين السعوديين المنضمين في عهد المدرب الهولندي فرانك ريكارد، حيث اقترب عددهم من الثمانين لاعبا في الفترة القصيرة التي أمضاها في الإشراف على المنتخب السعودي.

وعن غياب المواهب العربية وعدم احتراف اللاعبين العرب في أوروبا قال: بالتأكيد نتفق على غياب وقلة ظهور المواهب في المنتخبات العربية وليس كما في السابق، أما عن الاحتراف فعندما تشاهد منتخبات شرق آسيا كاليابان وكوريا الجنوبية نجد معظم اللاعبين محترفين في أوروبا، لكن الحقيقة أن الاحتراف عرض وطلب وهناك لاعبون كثر يستحقون الوجود في أوروبا، وحتى منتخبات أفريقيا فالجزائر وتونس والمغرب لديهم لاعبون محترفون في أوروبا وهذا يعود لاحترافهم منذ الصغر، لكن اللاعب الخليجي ربما يملك الموهبة إلا أن العادات والتقاليد تمنعه من الاحتراف الخارجي في سن صغيرة، لكن إذا ما أردنا الحل وظهور منتخبات قوية فيجب أن نسعى لتحقيق هذه النقطة.

واختتم دابو حديثه: بعض المنتخبات لا يحضرون الرجل المناسب في المكان المناسب والرجل الخبير وأقصد هنا في الجانب الإداري في المنتخبات، فمن هذه النقطة تكون البداية القوية والتي تمكنك من صناعة منتخب قوي، فالإداري القوي يفرض عملا منظما ومنتخبا قويا ويزرع أساسا لعمل احترافي.

من جهته، قال الإعلامي الأردني صالح داود الراشد: على مدى سنوات طوال لم تظهر الكرة العربية في نهائيات كأس العالم بكرة القدم، وإن ظهرت فإنها تلعب دورا ثانويا وتخرج من الأدوار المبكرة، وتراجعت قوة ظهور الكرة العربية بعد الإبداع السعودي في نهائيات كأس العالم في الولايات المتحدة عام 1994، وهنا فإن الكثيرين يتساءلون عن أسباب التراجع رغم ظهورها بشكل واضح، وفي مقدمته وجود الرجل المناسب في المكان غير المناسب، فمن يشرفون على كرة القدم العربية في غالبيتهم العظمى غير مؤهلين لهذا الدور، وقيادتهم لهذه الألعاب تأتي من خلال مناصبهم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، ولا ضير في بعض الأحيان من وجود خبرات من خارج البيت الرياضي لإدارة اللعبة بشرط أن تكون هناك منظومة واضحة من المعايير والمقاييس في العمل الرياضي، مضيفا: الأمر الآخر هو الأندية التي أصبحت غير قادرة على تخريج لاعبين على مستوى عال يسهمون في قيادة المنتخبات إلى طموح شعوبها وإلى مراكز متقدمة في كأس العالم والبطولات القارية، وأصبحت الأندية في غالبيتها تعتمد على استيراد اللاعب الجاهز، وبالتالي تاهت عن دورها الرئيس بصناعة اللاعبين ورفد المنتخبات.

ويرى الراشد أن الاحتراف أضاع هوية اللاعبين العرب، حيث قال: أما لاعبونا العرب فقد تاهوا أيضا في دوامة الاحتراف والهواية، فالاتحادات سارعت إلى تطبيق الاحتراف المنقوص، ليصبح اللاعب محترفا في أجزاء وهاويا في أشياء أخرى، وبالتالي أصبح ضائعا وغير قادر على مواكبة تطورات اللعبة فنيا وبدنيا.

وأشار الراشد إلى أن السبب الأهم هو البنية التكاملية في منظومة كرة القدم، وهي توفير الانسجام والتداخل الطبيعي بين مكونات كرة القدم من إداريين ولاعبين ومدربين وبنية تحتية، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى عمل احترافي ليس من السهل تجاوزه، بل إن بعض الدول مثل اليابان احتاجت إلى أكثر من 20 عاما لتتجاوز هذه المرحلة، فيما نحن في الدول العربية ما زلنا نبحث عن آلية لجمع هذه المكونات في بوتقة واحدة، وهذا العمل أسهم في رفع مستوى اللاعبين بشكل فردي ونقلهم إلى مستوى يصل إلى الحد الأوروبي؛ كون مستوى البطولات المحلية ارتفع محليا فيما البطولات العربية ليست بذات القوة التنافسية.

وأوضح الراشد أن الوصول إلى كأس العالم ليس نهاية الطريق، بل البداية لأي منتخب يريد أن يظل بين كوكبة الكبار. وقال: حتى نتحدث بشكل أكثر دقة ففي القارة الآسيوية تغيّبت الفرق عن كأس العالم وذهبت بطاقات التأهل إلى الدول في شرق القارة وأستراليا طبعا، وهي الضيف ثقيل الدم الذي جاء ليخطف مقعدا دائما من فرق القارة ببركات وتهليل الاتحاد الآسيوي، وكان هذا المقعد في العادة عربيا، لذا فإن القرار كان ضد مصلحة العرب فقط، رافق هذا الأمر تطور كبير لفرق شرق القارة ووسطها على حساب غربها التي بقيت مكانك سر.

وأضاف: الغريب أن فارق القدرات الفردية ليس شاسعا بين لاعبي شرق القارة وغربها، لكن الفارق في القدرة على التنظيم داخل الملعب، وهذا أمر ينتج عن التعود على تطبيق التعليمات في البطولات المحلية القوية، وبالتالي تضيع المواهب العربية هدرا كون كرة القدم حاليا لا تعتمد على واحد بل على الأداء الجماعي.

وأشار الراشد إلى أن حجم الإنفاق المالي سبب في تطور اللعبة، لكن هذا الإنفاق يجب أن يكون منظما، ففي دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية يتم الإنفاق الكبير على الأندية، وهذا يعني أن المستفيد من حجم الإنفاق الشريحة الأكبر من اللاعبين، وهذا يخلق جوا تنافسيا بين اللاعبين والأندية، وهذا أمر شعرنا به في الأردن حين تساوت مدخلات الأندية لنجد أن الأندية الكبيرة أصبحت خارج حسابات المنافسات، ولو أن حجم الإنفاق مرتفع بذات الطريقة لوجدنا أن كرة القدم في الأردن أصبحت أكثر تطورا، لكن المعضلة تصبح كبيرة حين تتم زيادة حجم إنفاق المال على إعداد المنتخبات دون الالتفات للأندية، فهذا يعني التركيز على عدد محدود من اللاعبين وبالتالي الإسراع في تدمير مستقبل اللعبة، وهذا ما عانته عديد من الدول الخليجية ونحن في الأردن خلال بداية العقد الماضي.

وواصل الراشد حديثه في هذه النقطة: في المحصلة فإن الاهتمام بعدد محدد من اللاعبين يفقد الغالبية الطموح ونجد أن الاحتراف خارج الوطن يصبح صعبا، فيما شرق القارة ترسل لاعبيها إلى أفضل الدول ليصنعوا الفرق في المباريات ويمنحوا بلادهم الفوز والتألق والظهور في نهائيات كأس العالم، مختتما حديثه بأن الوقت لم يفت لكن نحتاج إلى الوقت من أجل إعادة صناعة اللاعب العربي المحلي وفق معطيات علمية مع الاهتمام بالبطولات المحلية التي تحتاج إلى خبراء بالمعنى الحقيقي في قيادتها وعندها نقول سنصل إلى كأس العالم.

من جهته، قال القطري عبيد جمعة، المدرب السابق والخبير الفني حاليا: نحن دائما نتكلم عن شرق آسيا التي بدأت الاحترافية بحذافيرها ودخول أستراليا في المعمعة أعطى كرة القدم الآسيوية قوة، لكن مشكلتنا في غرب آسيا أن الاحترافية لدينا هي نصف احتراف، فالذي ننشده ليس لدينا مع الأسف رغم أننا نشاهد الدول المتقدمة وما تفعله، لكن لا نطبق ذلك، مضيفا أن الأمر الثاني أن اللاعبين كانت لديهم روح الانتماء عالية وقوية أما اليوم فالمال أفسد ذلك فأصبح اللاعب يغير فريقه وينتقل بحسب المال.

وأشار عبيد جمعة إلى أن المنتخب السعودي الذي وصل لكأس العالم أربع مرات وآخر فريق عربي تأهل لمونديال كأس العالم والذي يعتبر ممثلا للعرب في المحفل العالمي، أصبح يعاني اليوم، وأعتقد أن المشكلة ربما في قلة الموارد البشرية لبعض الفرق، وربما السعودية هي المنبع الوحيد بالنسبة لعدد السكان، إضافة لذلك عدم وجود استراتيجية لكل منتخب عن التأهل لكأس العالم.

وعن عدم احتراف اللاعبين العرب في أوروبا قال: هذا واحد من الأسباب، فنشاهد فرق شرق آسيا كاليابان وكوريا الجنوبية إضافة إلى أستراليا معظم لاعبيهم يحترفون ويلعبون في أوروبا، أما نحن فيغيب لدينا حتى احتراف اللاعبين في الدول العربية في آسيا، فمحترفونا الأجانب نحضرهم من دول متفرقة باستثناء الأردن والعراق، لكن دولا خليجية لا يوجد وربما ندر أن تشاهد لاعبا سعوديا في قطر أو العكس، فطالما لا يوجد لدينا لاعبون مهيأون لأن يكونوا محترفين في دوريات خليجية فما بالك بدوريات أوروبية.

واختتم عبيد جمعة حديثه بأن المال ليس هو كل شيء، وذلك في ظل الصرف الباذخ من قبل بعض المنتخبات الخليجية، حيث قال: العلم والمال إذا وجدا مع بعضهما البعض وصلت لكأس العالم وحققت ما تريد، فدولة كاليابان ربما تصرف أقل من صرفنا لكن لديها استراتيجية طويلة المدى، فاليابان تطمح في 2050 لتحقيق كأس العالم، أما نحن فالوصول لكأس العالم طموح لنا حتى لو خسرنا بعشرة أهداف، ففي النهاية كرة القدم تشمل أمورا كثيرة ونحن نفتقدها جدا، إذا حصلنا عليها ربما نصل لكأس العالم ونستمر لسنوات كثيرة ونصدر لاعبينا لأوروبا، لكن تظل القاعدة المال ليس كل شيء، فنحن في ظل ما نصرفه وانعدام الفائدة يعتبر ذلك هدرا أو مالا ضائعا، فحتى المدربون واللاعبون الذي يحضرون للعمل لدينا يخرجون دون أن نستفيد منهم، وحتى اللاعبون الأجانب الذين يحضرون لا توجد لديهم إمكانية لتطوير اللاعب الخليجي.

من جانبه، برر الإماراتي عامر راشد، مدرب منتخب بلاده للناشئين المشارك في كأس العالم 2013 المقبلة، بأن السبب الرئيس يعود إلى الخبرة الكبيرة التي تملكها منتخبات شرق القارة والاهتمام الأكبر بالنسبة لهذه المنتخبات بكأس العالم دون التركيز الكبير على بطولة كأس أمم آسيا، وهو ما يفعله المنتخب الكوري الجنوبي الذي لا يركز على هذه البطولة لكنه يعتبر كأس العالم هو الأهم وهو ما جعله حاضرا منذ سنوات في المونديال فيما لم يحقق كأس آسيا منذ عقود.

وأشار إلى أن احتراف لاعبي شرق آسيا وتحديدا اليابانيين والكوريين الجنوبيين والأستراليين، أسهم وبشكل واضح في تفوق منتخباتهم على منتخبات عرب آسيا التي لم تنجح في تصدير لاعبيها لأوروبا.

وكشف عن أن التخطيط والاستراتيجية في التعامل مع قطاع الناشئين غير موجود على الصعيد العربي الآسيوي، فيجب أن يكون هناك تخطيط على مستوى عال خاصة مع قطاع الناشئين والقطاعات العمرية. وأكد أهمية متابعة اللاعب وتكوينه ومدى إمكاناته التي يتمتع بها وأن نهيئ اللاعب في سن مبكرة كي يكون متميزا وقادرا على العطاء.

من جانبه، اعتبر الإماراتي فهد علي، أحد نجوم منتخب بلاده والعين سابقا، أن سبب تذبذب مستويات المنتخبات العربية الآسيوية في تصفيات كأس العالم وخروج غالبيتها من سباق المنافسة؛ يعود إلى عدم الثبات على الأجهزة الفنية وكثرة تغيير المدربين، فضلا عن غياب الاستقرار على مستوى التشكيلة الدولية وغياب الخطط الاستراتيجية التطويرية للمنتخبات العربية.

وأكد أهمية وضع خطط طويلة لأن تصفيات كأس العالم مسابقة ليست قصيرة والتحدي والمنافسة فيها ليس بالأمر الهين؛ لأن المنتخبات العربية تواجه منتخبات قوية مثل كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا، كما أن سوء التخطيط يؤدي إلى سوء النتائج، إضافة إلى أن عدم احتراف اللاعب العربي بوجه عام واللاعب الخليجي بوجه خاص يؤثر على النتائج؛ لأن اللاعب يظل كما هو دون أي تطوير أو اكتساب خبرات عن طريق اللعب في أندية أوروبية تسهم في صناعة لاعب قادر على خوض أكبر المسابقات.

كما أكد أن احتراف اللاعب العربي في نفس المنطقة العربية لا يسهم في تطوير اللاعب ولا يجني منه أي فائدة على الإطلاق، سواء اللاعب أو منتخب بلاده، فيما يشكل احتراف اللاعب الياباني والكوري الجنوبي والأسترالي في أوروبا نقلة نوعية على مستوى الكرة في بلاد كل منهم، وهو ما انعكس على البلدان المذكورة من تألق متواصل وحضور دائم في المحافل العالمية.

وتطرق في حديثه إلى نقطة الرواتب والمردود الذي يعود على اللاعب في الخليج وأنه أعلى بكثير من المردود الذي سيحصل عليه في حالة احترافه خارجيا، وللأسف عقلية وثقافة اللاعب الخليجي والعربي محدودة جدا تجعله لا يطمح كثيرا للاحتراف خارجيا بسبب الجانب المادي الذي يتحصل عليه في بلاده أو في منطقته.

أما عيد باروت، مدرب نادي الإمارات، فشدد على أن اقتصار احتراف اللاعب الخليجي في بلاده أو في منطقته هو السبب في هبوط مستوى المنتخبات العربية الآسيوية، فيما العكس في المنتخبات الآسيوية أمثال اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا التي تصدر لاعبيها إلى أوروبا وتستفيد في النهاية.

وطالب باروت بضرورة أن لا يكون هناك تعارض في جدولة مباريات المسابقات المحلية مع المسابقات الآسيوية والدولية حتى لا يكون هناك توقف لمباريات الدوري المحلي وهو ما تعانيه غالبية المسابقات العربية الآسيوية.

وأشار في حديثه إلى أن غالبية المنتخبات تتبع أسلوب الصرف الهائل مع التأكيد على أهمية التخطيط في صرف المال ووضع خطط طويلة الأجل.

وألقى عبد الوهاب عبد القادر، مدرب نادي عجمان، باللائمة على برمجة المباريات وجدولتها بالشكل الذي يتعارض مع المسابقات الآسيوية والدولية وغياب المباريات الودية الدولية التي تخوضها المنتخبات العربية في أيام فيفا الودية.

وقال محمد عبيد حماد، المشرف على الفريق الأول لكرة القدم بنادي العين الإماراتي، إنهم كعرب يشعرون بخيبة أمل لعدم التأهل لكأس العالم منذ عام 1990.

كما أشار إلى أن الاستقرار على مدرب للمنتخب أصبح أمرا معدوما في منتخبات الخليج، حيث إنها تعاني كثرة تغيير المدربين وعدم الثبات على مدرب واحد، وهذا سبب رئيس في عدم استقرار اللاعبين على كافة المستويات.