البرازيل تفتتح «كأس القارات» بمواجهة اليابان

البطولة تنطلق اليوم في أهم اختبار لقدرات بلاد السامبا قبل المونديال

TT

بعد أشهر من الأخذ والرد بين الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة المنظمة حول تأخير أعمال بناء الملاعب وتجهيزها، ستكون الدولة البرازيلية تحت المجهر لدى انطلاق كأس القارات التاسعة اليوم، التي تعتبر بروفة أساسية قبل عام من انطلاق كأس العالم.

وتقام البطولة المقررة من اليوم وحتى 30 الحالي، بمشاركة 8 منتخبات هي البرازيل المستضيفة، وتشارك إسبانيا بطلة أوروبا والعالم وإيطاليا وصيفتها في القارة العجوز، وأوروغواي والمكسيك ونيجيريا واليابان وتاهيتي.

وتلتقي البرازيل مع اليابان في المباراة الافتتاحية على ملعب ماني غارينشا في برازيليا العاصمة، وهو أحد الملاعب الستة التي ستستضيف مباريات البطولة مع استادات بيلو هوريزونتي، وفورتاليزا وريسيفي، وريو دي جانيرو وسالفادور.

ولا يدخل المنتخب البرازيلي صاحب الضيافة وحامل اللقب البطولة مرشحا كما جرت العادة خصوصا بعد تراجع تصنيفه العالمي إلى المرتبة الـ22، كما أن التشكيلة الحالية في حاجة إلى بعض الوقت لكي يتم الانسجام بين كامل أفرادها.

وستكون هذه البطولة فرصة أمام كتيبة المدرب فيليبي سكولاري الذي قاد منتخب بلاده إلى إحراز اللقب العالمي للمرة الخامسة عام 2002، إلى اكتساب الخبرة والاحتكاك ورفع المعنويات قبل البطولة الكبرى المقررة بعد عام من الآن.

وخاضت البرازيل تجربتين استعدادا لبطولة القارات، فتعادلت مع إنجلترا 2 - 2 على ملعب ماراكانا الشهير في ريو وفازت على فرنسا 3 - صفر في بورتو اليغري.

ووجود «بلد كرة القدم» في أسوأ تصنيف له في التاريخ بأقل من نصف رصيد إسبانيا متصدرة التصنيف يعطي إشارات غير مرضية عن مستقبل منتخب البرازيل.

وفضلا عن أنه بعيد عن «غريمه الأزلي» في كرة القدم اللاتينية، الأرجنتين، صاحبة المركز الثالث، تفوقت منتخبات أقل تاريخا على البرازيل، مثل كولومبيا والإكوادور والمكسيك وأوروغواي وساحل العاج.

ويبحث المحللون عن أسباب «انطفاء بريق» كرة السامبا. ويشير أحد أكثر الانتقادات تكرارا إلى أكثر من عامين «ضاعا» منذ مونديال جنوب أفريقيا، عندما خطط الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، لأسباب اقتصادية أكثر منها رياضية، لخوض كثير من المباريات الودية أمام فرق أقل في المستوى مثل الصين والعراق.

في تلك المباريات، جرب مدرب الفريق في ذلك الوقت مانو مينيزيس عشرات اللاعبين، دون أن يضع قاعدة لفريق يمكنه خوض المونديال.

لكن الذنب لا يقع كله على المسؤولين أو المدربين، فالمحللون الرياضيون يتفقون على أن عملية ظهور مواهب جديدة في الملاعب البرازيلية قد تراجعت خلال الأعوام الأخيرة. وأكد الناقد الرياضي أنتيرو جريكو بصحيفة (أو ستادو دي ساو باولو)، على أن البرازيل اليوم أصبحت تملك فريقا «عاديا، عاديا جدا».

لكن إلى جانب السؤال الذي يطرحه كثيرون حول قدرة المنتخب الحالي بقيادة النجم نيمار المنتقل حديثا إلى برشلونة الإسباني في إحراز لقب البطولة، فإن الأنظار ستكون مسلطة على قدرة البرازيل وجهوزيتها لاستضافة أفضل كأس عالم على الإطلاق العام المقبل. وكان ظهور الجوهرة السوداء بيليه خلال مراسم الكشف عن ساعة العد التنازلي للمونديال يوم الأربعاء الماضي في كوبا كابانا بريو دي جانيرو، دليل آخر على أن ترقب قدوم كأس العالم يزداد في الدولة الفائزة بلقب المونديال خمس مرات.

وشارك بيليه الفائز بلقب كأس العالم ثلاث مرات في مراسم الكشف عن ساعة العد التنازلي للمونديال، الذي يتبقى عليه عام واحد، حيث يعود إلى قارة أميركا الجنوبية بعد غياب 64 عاما.

وقال وزير الرياضة الدو ريبيلو: «ستساعدنا بطولة القارات على التحضير جيدا لكأس العالم. إذا سارت جميع الأمور بشكل جيد فيما يتعلق بالأمن، المواصلات، المطارات والمراقبة، فسأكون سعيدا».

أما أمين عام الاتحاد الدولي جيروم فالك، فقال: «بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها جميع الأطراف، سنكون على الموعد بالطبع، ربما مع بعض التأخير في التسليم». لكنه حذر من أن هذا التأخير لن يكون مسموحا فيما يتعلق بكأس العالم حيث يتعين أن تنجو أعمال البناء أو الترميم كحد أقصى في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وعلى الرغم من إنفاق الحكومة لمبلغ مقداره 15 مليار دولار من أجل كأس القارات وكأس العالم! فإن البلاد تعاني من الناحية اللوجيستية. وواجهت اللجنة المنظمة صعوبات في إنهاء أعمال البناء أو ترميم الملاعب الستة التي تستضيف منافسات كأس القارات، وذلك بسبب الإضرابات المتكررة للعمال.

وسلمت أربعة ملاعب من أصل ستة للاتحاد الدولي بعد الموعد المحدد، كما أدى خطأ بشري في مدينة سلفادور الشمالية الشهر الماضي إلى انهيار سقف الملعب الجديد ارينا فونتي بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت.

وقال رئيس فيفا جوزيف بلاتر في مؤتمر صحافي عقده في ريو دي جانيرو، أول من أمس، ردا على التأخير في الأعمال: «أعتقد أن بعض المشكلات ستحل في الدقيقة الأخيرة».

في المقابل، اعتبر وزير الرياضة أنه على الرغم من التأخير في تسليم الملاعب الأربعة، فإنها جاهزة وقد تم تجربتها للدورة. ومن المتوقع أن تصبح بطولة كأس القارات الحالية التي تضم ثمانية منتخبات، هي الأقوى في نسختها التاسعة، منذ انطلاق البطولة في عام 1992 تحت اسم كأس الملك فهد، ثم تم تبنيها من قبل «فيفا» كـ«احتفال للأبطال»، لأنها تضم 4 فائزين سابقين وحاليين بلقب كأس العالم، حيث جمعت هذه الفرق 12 لقبا في كأس العالم فيما بينها، وهي البرازيل، إسبانيا، إيطاليا وأوروغواي.

وبالعودة إلى المنتخب البرازيلي، فإن المدرب سكولاري وكتيبته يواجهان ضغوطات كبرى من الرأي العام المحلي لإحراز اللقب. ويستهل المنتخب البرازيلي مشواره ضد اليابان بطلة آسيا، وهو مرشح للفوز، خصوصا أن الفريقين التقيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفازت الدولة الأميركية الجنوبية برباعية نظيفة.

وللمفارقة، كانت تلك المباراة الأخيرة لمدرب البرازيل السابق مانو ميزينيزس قبل تولي سكولاري ومساعده كارلوس البرتو باريرا الذي قاد البرازيل بدوره إلى اللقب العالمي عام 1994 الإشراف على المنتخب. وللمفارقة فإن المنتخبين البرازيلي والياباني هما الوحيدان اللذان تأهلا إلى المونديال المقبل، الأول بصفته الدولة المضيفة والثاني عبر التصفيات.

واعتبر النجم البرازيلي نيمار أن فريقه لن يستخف بمنافسه الذي يضم لاعبين كبارا أثبتوا أنفسهم في أكبر الأندية الأوروبية وعلى رأسهم شينجي كاغاوا لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي، وقال في هذا الصدد: «اليابان منتخب قوي ولا يمكن الاستخفاف به. كيسوكي هوندا وكاغاوا لاعبان رائعان، كما أن الفريق يتمتع بتماسك كبير». ولمح نيمار (21 عاما) المنتشي بفرحة الانتقال إلى برشلونة لرغبته في ملاقاة المنتخب الإسباني في المباراة النهائية، حيث من المتوقع أن يقدم زميلاه في برشلونة تشافي هرنانديز وأندريس أنييستا للمنتخب الإسباني الإبداع، الذي هو نفسه تعهد بإعطائه للمنتخب البرازيلي خلال البطولة.

وقال نيمار: «لديهم (المنتخب الإسباني) لاعبون من طراز فريد وهم أحد المرشحين للقب، أود ملاقاة إسبانيا في النهائي، سيكون مصدر سعادة كبيرة. إنه حلم».

ولم يُعرف بعد ما إذا كان سكولاري سيعتمد على التشكيلة ذاتها التي فازت على فرنسا وديا الأسبوع الماضي، كما لمح إلى ذلك بعد المباراة لكن النقاد يشيرون إلى إمكانية قيامه بتغيير وحيد، هو الطلب من قلب الدفاع ديفيد لويز التقدم إلى الوسط على حساب باولينيو، وإشراك مدافع بايرن ميونيخ الألماني دانتي إلى جانب قائد الفريق وصخرة الدفاع تياغو سيلفا.

ويقود محاربو الساموراي المدرب الإيطالي ألبرتو زاكيروني الذي تولى المهمة الفنية للفريق عقب خروج اليابان من الدور الثاني لكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، ويأمل الفريق حاليا أن يقطع خطوة للأمام.

وأوضح زاكيروني مدرب ميلان ويوفنتوس سابقا أن اليابان ستفاجئ الجميع في البرازيل، وقال المدرب المعروف بتنظيمه الجيد على أرضية الملعب، الذي تسلم المهمة عقب مونديال 2010 في جنوب أفريقيا: «سنبذل كل ما في وسعنا من أجل مفاجأة الجميع». وأضاف زاكيروني: «من أجل الفوز يجب أن نلعب بقتالية وبكثافة عددية لغلق المنافذ والمساحات أمام المنتخبات المنافسة، نملك سجلا جيدا أمام المنتخبات الكبيرة». في إشارة إلى فوزيها التاريخيين على ضيفتها الأرجنتين (1 - صفر) في أول مباراة ودية للمدرب الإيطالي على رأس الجهاز الفني للساموراي، وفرنسا بالنتيجة ذاتها. لكن اليابان ستكون أمام فرصة لرد الاعتبار لخسارتها المذلة أمام البرازيل (صفر - 4) وديا في بولندا، وإن كانت المهمة مستحيلة كون البرازيل تلعب على أرضها وأمام جماهيرها هذه المرة.

لكن زاكيروني أوضح أنه لا مستحيل في كرة القدم، وأثبت المنتخب الياباني الذي خسر المباراة النهائية لكأس القارات عام 2001 على أرضه، أنه نضج وأصبح أكثر صلابة وطموح، بعدما انتشر لاعبوه في جميع أنحاء أوروبا ضمن الفرق الكبرى، مثل شينجي كاغاوا نجم مانشستر يونايتد ويوتو ناغاتومو.

واعتبر لاعب وسط اليابان ياسوهيتو ايندو أفضل لاعب في آسيا سابقا، أن فريقه جاهز لمواجهة البرازيل وقال: «نريد أن نترك انطباعا أفضل من مباراتنا الأخيرة ضد البرازيل. لا نريد أن تتكرر نتيجة المباراة الودية بيننا قبل عدة أشهر».