هواة تاهيتي متسلقو الأشجار وسائقو الشاحنات.. يتحدون النجوم

ممثلو منطقة أوقيانيا يخوضون كأس القارات لإثبات الوجود وتجنب السخرية

TT

من الوهلة الأولى لوصول منتخب تاهيتي المغمور إلى البرازيل للمشاركة في بطولة كأس القارات لأول مرة في تاريخه ممثلا لمنطقة أوقيانيا، شعر لاعبوه بالصدمة من أجواء الشهرة والنجومية ومتابعة الإعلام التي لم يعتادوا عليها.

إيدي إيتايتا مدرب منتخب تاهيتي أعرب في أول تصريح له بعد وصوله للبرازيل قائلا: «عندما وصلنا شعرنا بالخوف لما رأيناه من نافذة الطائرة، الكثير من رجال الشرطة، أمن وصحافيون في انتظارنا، لم نعش هذه الأجواء من قبل، إنها كلها جديدة».

وينظر المراقبون إلى منتخب تاهيتي مجهول الهوية على أنه الحلقة الأضعف في منافسات كأس القارات، لأنه لا يملك نجوما كبارا من طراز الموجودين في الدول المتطورة كرويا وربما لم يسمع بهم أحد من قبل وجميعهم هواة يعملون في وظائف مختلفة منها تسلق أشجار جوز الهند لكسب عيشهم في بلد لا يهتم كثيرا بكرة القدم.

وباستثناء ماراما فاهيروا لاعب نانت الفرنسي السابق والذي لعب في الماضي للمنتخب الفرنسي للشباب تحت 21 عاما، قبل الانتقال لباناثينايكوس اليوناني في الموسم الماضي، فجميع لاعبي تاهيتي هم من الهواة.

وستلعب نيجيريا بطلة أفريقيا وإسبانيا بطلة أوروبا والعالم وأوروغواي بطلة أميركا الجنوبية ضد مدافع تاهيتي تيهيفاري لوديفيون الذي يستيقظ كل يوم في الساعة 30:‏4 صباحا ليتسلق الجبال وأشجار جوز الهند لضمان قوت يومه قبل العودة للمران.

ويقول إيدي إيتايتا مدرب تاهيتي: «هناك لاعبون في الفريق يؤدون وظائف مختلفة.. لكن تسعة من التشكيلة عاطلون عن العمل. بعضهم يعمل في التوصيل للمنازل.. وهناك سائق شاحنة.. وبعضهم محاسبون، ونمتلك أيضا لاعبا هو تيهيفاري لوديفيون الذي يتسلق الجبال وأشجار جوز الهند.. يتسلق كل أنواع الأشياء ثم يأتي للمران. هذه هي حياته اليومية».

ويجني لوديفيون ماله من عمله ضمن برنامج للحفاظ على البيئة في تاهيتي التي يعد لاعبوها جميعا هواة باستثناء القائد ماراما فاهيروا الذي يلعب في فرنسا.

وقال إيتايتا: «هذه هي الخبرة الثرية والمختلفة جدا للاعبي فريقي لكنهم سيتعلمون من هذه التجربة».

وتأهلت تاهيتي إلى كأس القارات كبطلة لأوقيانيا ومن الأسباب الرئيسة لتحقيقها ذلك هو انتقال أستراليا من الاتحاد الأوقياني إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2006 وهو ما سمح للدول الأصغر في هذه المنطقة الضخمة بالتنافس على الألقاب الكبرى.

وقال إيتايتا الذي يناديه لاعبوه بـ«أبي» لأن أغلبهم يعرفه منذ كان عمره 12 أو 13 عاما: «هناك فجوة كبيرة بين اللاعبين الهواة والمحترفين، لكن فنيا وبدنيا نحن نبذل جهدا شاقا ورغم أنه من المستبعد أن نستطيع مجاراة منافسينا في كأس القارات فإننا على استعداد للقتال مثل الأسود وسنفعل أي شيء لتمثيل بلدنا بأفضل طريقة ممكنة».

وتابع: «لو كانت أستراليا قد استمرت في الاتحاد الأوقياني ما استطعنا أبدا رؤية جزيرة صغيرة مثلنا تشترك في بطولة مثل كأس القارات، لكن تاهيتي موجودة في البرازيل بالفعل وتسعى لأن تجلب لنفسها شعورا بالفخر».

وقال إيتايتا: «بعد رحيل أستراليا أصبحت نيوزيلندا أفضل دولة في الاتحاد والآن مجموعة من الجزر الصغيرة في المحيط الهادي يبلغ تعداد سكانها 270 ألف نسمة فقط ستشارك وتكتب صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم».

وبقول فاهيروا إنه عندما بدأ ممارسة كرة القدم لم يكن ليتصور حتى في أكثر أحلامه خيالا أن تاهيتي ستشترك في بطولة مثل هذه.

وقال اللاعب البالغ عمره 32 عاما: «نظرت حول الاستاد.. كنت في حالة رهبة. لا نمتلك مثل هذه الملاعب في تاهيتي.. لكن الآن يجب أن نبذل قصارى جهدنا، الأمر مثل الفيلم الذي يتم عرضه في ذهني.. إنه إنجاز غير عادي لنا. إنها هدية لكل شيء تم استثماره في الفريق».

وأشار فاهيروا إلى أن فريقه يسعى لتجنب «السخرية» في مشاركته مع الكبار في كأس القارات. وتاهيتي هي ثاني دولة في جزر المحيط الهادي بعد فيجي تشارك في التصفيات النهائية لكأس العالم وتحديدا في عام 1992 لكنها لم تستطع بلوغ النهائيات، ومونديال البرازيل 2014 لن يكون استثناء حيث بدأت تصفيات الدور النهائي في أوقيانيا بأربع هزائم متتالية.

في المقابل، قد تستفيد تاهيتي خلال مشاركتها في كأس القارات من عامل واحد وهو أنها الدولة الوحيدة بين المشاركين التي لا تملك أحلاما كبيرة في هذه البطولة، وإذا كان وضعها كهاو يبدو غير عادي في كرة القدم الحديثة، فلن يفتقد رجالها روح المنتخب، ويلخص حارس المرمى مايكل روش ذلك بقوله: «إذا لم تكن تملك دبابة، تقوم حينها بما تستطيع فعله بسكينك»، في إشارة إلى تصميم زملائه اللاعبين على التحدي مهما كان الثمن.