الأندية تلتفت لـ«الانضباط».. وتبعد نجومها على طريقة إيتو وإبراهيموفيتش

الشمراني أعاد مجددا سيناريو نور وعبد الغني وعزيز وعطيف

TT

كان المهاجم الكاميروني صامويل إيتو يقدم أجمل مواسمه مع برشلونة الإسباني، إذ وصل رصيده التهديفي ذلك الموسم إلى 38 هدفا، بعد أن منحه مدربه الجديد (آنذاك) بيب غوارديولا الثقة عقب إعلان الأخير في مؤتمره الصحافي الأول أن المهاجم الكاميروني معروض للبيع، إلا أن حماسه وإصراره أثبتا للمدير الفني الشاب أن صامويل يستحق فرصة أخرى بعد موسمين من الضياع تحت قيادة فرانك ريكارد.

جماهير برشلونة كانت تعشق الأسد الكاميروني بشكل لا يوصف، زاد العشق بعد رحيل الساحر رونالدينهو إلى ميلان وابتعاد أفضل لاعب أفريقي عن إثارة المشكلات، والمهاجم الكاميروني لا يخذل تلك الثقة التي وضعتها كاتالونيا فيه ويندر أن تمضي مباراة ما دون أن يضع بصمته فيها.

ولأن الأمور لا تبقى على حال واحد، ويصعب على الفريق التأقلم بوجود لاعب يثير الإشكاليات بين الفترة والأخرى، فقد قرر غوارديولا أن يتخلى عن أحد أسلحته المهمة بعدما رفض إيتو الانصياع لتعليمات مدربه الذي طالبه باللعب على الجناح لتوفير مساحة أوسع لزميله ليونيل ميسي، وتبعها غضب الكاميروني على زميله إيدور جوديونسون الذي لم يمرر له الكرة بإحدى المباريات التي كان يبحث إيتو فيها عن لقب الهداف، ليتم القرار بمبادلته بالسويدي زالاتان إبراهيموفيتش المقبل من إنترميلان.

إبراهيموفيتش لم يكن ذا سمعة سيئة مسبقا في برشلونة مثل زميله الأسمر، لكن المشكلة ظهرت سريعا للسبب ذاته، لتمركز ميسي في وسط العمق الهجومي، مما يعني أن السويدي سيكون لاعبا ذا تأثير محدود مقارنة بوضعه السابق في إنتر الإيطالي.. القرار لم يكن صعبا بعد مجموعة من الصدامات المباشرة مع أنجح مدربي برشلونة على مر التاريخ، وتم بيعه لميلان الإيطالي بخسارة تبلغ 51 مليون يورو بعد موسم وحيد.. لكن الحفاظ على الانضباط داخل غرفة الملابس كان لا يعوض بثمن لدى غوارديولا.

يقول فينس لومباردي، أحد أعظم مدربي كرة القدم الأميركية على مر تاريخها: «كرة القدم مثل الحياة، إنها تتطلب التفاني ونكران الذات والانضباط واحترام المسؤول»، لذا التفتت إدارة الأندية السعودية مؤخرا لجزئية الانضباط وإنكار الذات لمحاربتها داخل اللاعبين لتأكيد ما يسمى بالفريق الواحد، وإجهاض أي فكرة تتكون لدى لاعب أو آخر تحط من قدر البقية من زملائه.

اليوم، تبرز قضية ناصر الشمراني هداف الدوري السعودي مع الشباب أربع مرات على السطح كأحدث القصص التي تدور في هذا الإطار. بعد سنوات من كونه اللاعب الأكثر أهمية في صفوف الفريق العاصمي، ولكن بعد تصريحات فضائية تم إبعاده من قائمة الفريق، حتى نهائي كأس الملك عندما استمع ميشال برودوم لنداء قلبه متجاهلا العقل الذي كان يدعم فكرة الحفاظ على الانضباط وإزالة ما يسمى بالنجم الأوحد، لكن الشمراني لم يستغل تلك الفرصة، وأشار بإشارات تجاه الحارس البلجيكي الشهير جعلت الأخير يخرجه من حساباته للموسم المقبل، وهو ما حصل أول من أمس عندما أعلن الشباب أنه تلقى عرضا هلاليا لشراء عقد الشمراني بعد سنوات من المجد مع الفريق، وعلى الرغم من المعاناة التي قد يواجهها الشباب بعد فقدان مهاجمه الأهم، فإن الإدارة الشبابية تدعم توجه المدير الفني بإبعاد الشمراني حفاظا على غرفة الملابس.

أشهر قصة محلية يمكن سردها بهذا الصدد، هي قصة أسطورة الاتحاد محمد نور التي تعتبر أبرز ما قد يقال عن قضايا إبعاد اللاعبين غير المنضبطين، على الرغم من أن تأثيرها المعنوي على الجماهير واللاعبين يفوق قصتي إبراهيموفيتش وإيتو، لكن إدارة الاتحاد التي عرفت بأن وجود نور في صفوف الفريق سيخلق إشكالات كبيرة في غرفة الملابس والقضايا التي تدور حول هذا الأمر كثيرة، منها ما تعلق بلاعبين ومدربين، وأنهت عقده على الرغم من الغضب الجماهيري والإعلامي الذي توجه مباشرة نحو الرئيس محمد فائز، ونائبه عادل جمجوم.

الشباب أيضا له سابقة لا تقل أهمية عن قضية الشمراني، وهي قضية عبده عطيف، عندما أبعد عن الفريق لمدة تزيد عن نصف موسم قبل عامين، بعد تصريحات متبادلة بين صانع الألعاب الماهر وإدارة ناديه حول مستحقات متبقية، ومع ذلك لم يتأثر الشباب وحصل على الدوري من دون أي هزيمة.

وخالد عزيز الذي يعتبره كثير من النقاد والمتابعين أحد أبرز من مر خانة المحور في كرة القدم السعودية خلال السنوات الأخيرة، لم يستطع أن يكمل مشواره الكروي لقضايا تتعلق بالانضباط، حيث تخلى عنه الهلال لمصلحة الشباب بعد فترة من الغياب المتكرر دون أعذار، وكذلك فعل الشباب الذي باع عقده للنصر لكن الأخير لم يستفد من خدمات عزيز سوى لمباريات معدودة قبل أن يعيد هوايته من جديد ويتغيب عن تمارين الفريق، الأمر الذي جعل إدارة النصر تتخذ قراراها بإنهاء عقده على الرغم من إمكانية عزيز خدمة الفريق لعامين على الأقل.

نايف هزازي أحد الأسماء التي باتت مهددة بالإبعاد عن أنديتها، بعد سلسلة من قضايا الغياب والتصريحات الفضائية والسفر خارج البلاد وسط منافسات الدوري، وهو الأمر الذي تنبه له الإسباني بينانت سان خوسيه المدرب الذي خلف مواطنه كانيدا، وأبقاه على دكة البدلاء ومنح لاعبي الشباب فرصة للبروز، وحصل على لقب كأس الملك من الطريق الأصعب.

ولا يمكن تجاهل إبعاد إدارة الأهلي لنجمها وقائد فريقها حسين عبد الغني عن الفريق قبل نحو أربعة مواسم، بعد تجربته الاحترافية مع نيوشاتل زاماكس السويسري، وهو القرار الذي استند على رغبة بتجديد الدماء داخل الفريق، وشمل أيضا المدافع وليد عبد ربه، وتصنع إدارة الأهلي فريقا جديدا بعيدا كل البعد عن المشكلات التي كان الثنائي بطلين لها.