كأس القارات تعيد البريق لمنتخب البرازيل وتنهي السيطرة الإسبانية

سكولاري رجل المناسبات الكبرى ينجح في اختباره الأول ويفتتح حقبة انتصاراته الجديدة مع فريق «السامبا»

TT

عاشت البرازيل أجواء احتفالية، بعد أن نحت الجماهير التظاهرات الغاضبة ضد الفساد الحكومي جانبا، لتشارك منتخبها فرحة الفوز ببطولة كأس القارات للمرة الرابعة إثر الانتصار الكبير على نظيره الإسباني بطل العالم وأوروبا 3/صفر في النهائي.

ومع بدء العد العكسي لاستضافة مونديال 2014 بعد 12 شهرا على الأراضي البرازيلية، أعطت النتيجة الكبيرة التي تحققت أمام أبطال العالم وأوروبا الأمل للبرازيليين في إمكانية رفع كأس العالم للمرة السادسة إذا جرت الأمور كما يتمنون.

ورغم الفوز الكبير الذي صدم المعسكر الإسباني فإن مدرب المنتخب البرازيلي، لويز فيليبي سكولاري، أكد على أن فريقه ما زال في بداية المشوار نحو تسطير حقبة جديدة تعيد إليه مكانته بين عمالقة الكرة.

وكان سكولاري، مهندس التتويج الأخير للبرازيل على صعيد المسابقة الأهم على الإطلاق أي كأس العالم وذلك عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، الشخص الأكثر اعتزازا وفخرا بما تحقق قبل فجر أمس على ملعب «ماراكانا» الأسطوري بحلته الجديدة. لكن سكولاري الذي تسلم الإشراف على منتخب بلاده مجددا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي خلفا لمانو مينيزيس، كان واقعيا في ما يخص تقييمه لما تحقق أمام إسبانيا، قائلا «لم نصل إلى مرحلة الفريق المتكامل بعد، نعلم أننا نملك مجموعة جيدة (من اللاعبين)، لكن علينا أن نتحسن بشكل أكبر. هذا الانتصار يشير إلى أننا بدأنا حقبة جديدة نحو 2014».

وواصل مدرب البرتغال وتشيلسي الإنجليزي السابق «كان من المذهل أن نسمع الجمهور يغني: الأبطال قد عادوا.. لكن الطريق ما زال طويلا أمامنا. أنا متأكد من أن المنتخب البرازيلي سيحظى الآن بالمزيد من الاحترام. في الأيام الثلاثين الأخيرة فزنا على أربعة أبطال عالم سابقين، فرنسا (مباراة ودية قبل البطولة)، إيطاليا (الدور الأول)، الأوروغواي (نصف النهائي) وأخيرا إسبانيا».

وبدأ المنتخب البرازيلي البطولة وسط التشكيك في قدرته على الارتقاء إلى مستوى المسؤولية أمام جماهيره، وكان الأسطورة بيليه أول من طرح علامات استفهام على وضع الفريق الذي فقد في الأعوام الأخيرة ثقة الجمهور فيه بعد أن فشل في الذهاب أبعد من الدور ربع النهائي في مونديالي 2006 و2010 وفي كوبا أميركا 2011. وجاء تتويج البرازيل بكأس القارات منطقيا بعد الأداء الرائع والسيطرة على معظم مجريات اللقاء أمام الإسبان، فترجم كل من فريد ونيمار حالة التألق بثلاثة أهداف، سجل الأول هدفين في الدقيقتين 2 و47، ونيمار هدفا في الدقيقة 44.

واللقب هو الثالث على التوالي في هذه المسابقة والرابع بعد 1997 و2005 و2009، في حين أخفقت إسبانيا في إحراز الكأس التي تنقص خزائنها، وانقطع مسلسل المباريات التي لم تعرف فيها طعم الهزيمة عند 29 مباراة.

وأمام نحو 79 ألف متفرج دك المنتخب البرازيلي الموجود تحت ضغط متعدد الوجوه، نفسيا وشعبيا واجتماعيا، جراء المظاهرات الاحتجاجية العارمة، مرمى أبطال العالم وأوروبا بهدف سريع بعد ركلة حرة وتمرير في الجهة اليمنى ثم عرضية إلى أمام المرمى حيث يوجد المهاجمان فريد ونيمار والمدافعان جيرار بيكيه وألفارو أربيلوا والحارس إيكر كاسياس، أحدثت دربكة وسقط فريد وكاسياس ثم تابعها الأول من فوق الثاني وكلاهما على الأرض في الشباك رافعا رصيده إلى 3 أهداف بالبطولة. وكاد أوسكار يضاعف النتيجة لكنه سدد بعيدا في الدقيقة الثامنة عندما هيأ له فريد الكرة بكعب القدم، بينما أهدر باولينهو فرصة وهو منفردا في الدقيقة 14 حين سدد في جسد حارس إسبانيا إيكر كاسياس.

وأظهرت إسبانيا بعضا من أسلوبها الذي يعتمد على التمريرات الدقيقة، وكاد بيدرو يسجل هدف التعادل عندما سدد في المرمى لحظة خروج الحارس البرازيلي خوليو سيزار لملاقاته، لكن ديفيد لويز أبعد الكرة بأعجوبة من على خط المرمى. وبدلا من أن تجد إسبانيا النتيجة 1/1 خطف نيمار هف التعزيز 2/صفر إثر تمريرة من أوسكار تابعها بقوة بقدمه اليسرى لتمر من كاسياس إلى سقف الشبكة قبل دقيقة من نهاية الشوط.

ومع بداية الشوط الثاني جاء الهدف الثالث بعد تحرك رائع آخر، إذ مرر باولينهو الكرة إلى فريد في اليسار فحولها الأخير ببراعة على يسار كاسياس. وتضاعفت معاناة إسبانيا إذ أهدر سيرجيو راموس ركلة جزاء، ثم طرد جيرار بيكيه بسبب مخالفة ضد نيمار في الدقيقة 68.وكانت إسبانيا تسعى لأن تصبح أول فريق منذ أوروغواي في المباراة الحاسمة بكأس العالم 1950 يهزم البرازيل في لقاء رسمي باستاد ماراكانا، لكن بعد تأخرها مبكرا جدا لم يظهر مطلقا أن باستطاعتها ذلك. وبدلا من ذلك أصبح مشجعو البرازيل يؤمنون بأن المدرب سكولاري - الذي فاز بكأس العالم مع البرازيل يوم 30 يونيو (حزيران) 2002 - يستطيع إحراز لقب سادس في استاد ماراكانا في غضون عام من الآن.

وقد رأى سكولاري التتويج بكأس القارات في «ماراكانا» فرصة لاستعادة ثقة الجماهير قائلا «فريقي يلعب من صميم قلبه. سنتمكن الآن من العمل بمزيد من الثقة بعدما علمنا أننا نملك الإمكانيات التي تخولنا أن نرتقي إلى مستوى أفضل حتى من الذي قدمناه في مباراة النهائي». وأضاف «كل ما أريده هو بناء فريق منافس قادر على الفوز بكأس العالم. أعتقد أننا نتحسن، هناك المزيد من الثقة والجمهور يساندنا، وأنا أرى أن هذا أمر جميل. عندما نتحد نصبح أقوياء. بعيدا عن القدرات التي يتمتع بها جميع لاعبينا، نحن استفدنا من مساندة الجمهور لنا، وأعتقد أن هذه الوحدة وهذه الروحية أمران مهمان جدا».

ومن المؤكد أن سكولاري يملك الأسلحة اللازمة لكي يعوض على بلاده ما فاتها عام 1950 حين استضافت نهائيات كأس العالم للمرة الأولى ووصلت إلى النهائي قبل أن تخسر أمام الأوروغواي، ويبدو أن استراتيجيته تعتمد على عنصر الشباب الذي يجسده بشكل خاص نيمار (21 عاما)، وذلك استنادا إلى التشكيلة التي خاض بها كأس القارات والتي استبعد عنها كاكا ورونالدينهو. وكان رونالدينهو (32 عاما)، الذي يدافع حاليا عن ألوان فريق أتليتكو مينيرو، عاد إلى تشكيلة البرازيل قبل ثلاثة أشهر للمشاركة في المباراة الأولى لسكولاري بعد عودته إلى منصبه القديم، وكانت ودية أمام إنجلترا (2/1) في 6 فبراير (شباط)، لكن مدرب البرتغال وتشيلسي السابق استبعده مجددا من مباراتي مارس (آذار) الماضي الوديتين أمام إيطاليا وروسيا. أما بالنسبة لكاكا الذي يعاني من جلوسه على مقاعد الاحتياط في فريقه ريال مدريد فكان استدعي إلى مباراتي إيطاليا وروسيا وبالتالي يعتبر استبعاده عن كأس القارات مفاجأة لم تكن في الحسبان.

وقبل عام من استضافة البرازيل لمونديال 2014 لجأ سكولاري إلى تشكيلة طغى عليها طابع الشباب، وضمت في صفوفها وخلافا لما جرت العادة 11 لاعبا يلعبون في الدوري المحلي، مقابل 22 يلعبون في أوروبا. أما بالنسبة للاعبين الآخرين الذين تضمنتهم تشكيلة الفريق فلم يكن مفاجئا أن يضم خط الوسط لاعب تشيلسي أوسكار الذي فرض نفسه بقوة إن كان مع المنتخب أو فريقه اللندني، كما حال الدفاع الذي اعتمد على لاعبي باريس سان جيرمان الفرنسي وتشيلسي تياغو سيلفا وديفيد لويز.

ومن المؤكد أن أبطال العالم خمس مرات قدموا في كأس القارات مستوى أفضل من ذلك الذي ظهروا به في المباريات التي خاضوها منذ عودة سكولاري، حيث خسروا أمام الإنجليز (2/1) وتعادلوا مع إيطاليا (2/2) وروسيا (1/1) وتشيلي (2/2) ولم يحققوا سوى فوز واحد كان على بوليفيا (4/صفر).