موجة ترحيل النجوم من أنديتهم.. ظاهرها «التجديد» وباطنها «التأديب»

«الشرق الأوسط» تستطلع آراء الخبراء الرياضيين حول انتقالات النجوم الأخيرة

TT

قبل فترة زمنية قصيرة لم تعتد الجماهير الرياضية سماع خبر عن رحيل أحد نجومها المصنفين من فئة الخمسة نجوم، إلا أن الحال تبدلت اليوم وطرأت على السطح مثل هذه الأخبار، واشتدت في هذا الموسم الذي عمل فيه فريق الاتحاد ممثلا بإدارة ناديه الحالية برئاسة محمد الفايز على رحيل الكثير من نجوم الفريق يأتي في مقدمتهم القائد التاريخي محمد نور وهو القرار الذي أحدث ضجة كبيرة على صعيد جماهير وأنصار الفريق قبل أن تتحول هذه الانتقادات لتصفيقات مساندة بعدما حقق الاتحاد بنجوم واعدين لقب كأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال.

قبل سنوات طرق فريق الأهلي هذا الباب فتخلى عن بعض نجومه وأبرزهم القائد حسين عبد الغني، ولكن ليس بصورة مباشرة، حيث رحل عبد الغني قاصدا الاحتراف الخارجي وتحقق له ذلك لمدة موسم واحد مع فريق نيوشاتل السويسري قبل أن يعود حازما حقائبه نحو الدوري السعودي مجددا عبر بوابة أخرى وهو فريق النصر، كما هو ذات الحال الذي سار عليه مدافع الهلال أسامة هوساوي الذي قصد الاحتراف الخارجي رافضا تجديد عقده بحجة طموحاته الكبيرة وفعلا انضم لصفوف فريق إندرلخت البلجيكي وما هي إلا ستة أشهر حتى عاد مجددا للكرة السعودية عبر بوابة فريق الأهلي.

ينضم لهذه الكوكبة التي انتقلت من ناد لآخر أحمد الفريدي الذي انتقل من الهلال إلى الاتحاد بصفقة فاقت قيمتها الخمسة والثلاثين مليون ريال سعودي دون أن يحقق فريق الهلال أي فائدة مادية من خلف هذه الصفقة وذلك بعدما رفض الفريدي العروض التي قدمتها الإدارات الزرقاء مطالبا بعرض مادي أكبر وهو الأمر الذي لم يتحقق.

مؤخرا نشطت هذه النوعية من الانتقالات فرحل ناصر الشمراني هداف فريق الشباب في المواسم الأخيرة نحو صفوف فريق الهلال، ليتبعه بأيام قليلة مهاجم نادي الاتحاد نايف هزازي الذي خطفه فريق الشباب ليكون بديلا لناصر الشمراني، خلف هذه الصفقات خرجت على الساحة الإعلامية الكثير من الأنباء التي تؤكد رحيل محمد السهلاوي عن فريقه النصر وذات الحال لأسامة المولد عن فريقه الاتحاد إلا أن شيئا من هذه الأنباء لم يتحقق بعد.

هذه الصفقات والتي سبقتها قادتنا في «الشرق الأوسط» لنفتح باب الحوار مع نخبة من الخبراء الرياضيين ونبحث معهم، هل هذه الصفقات تأتي في باب تدوير النجوم؟ أم تأديبهم؟ أم هي خطوة احترافية من شأنها فتح آفاق جديدة في عالم الاحتراف لدينا.

*عايض الحربي: انتهى زمن الانتماء.. والهلال عراب هذه المرحلة البداية كانت مع عايض الحربي رئيس القسم الرياضي بجريدة «الرياض» الذي يرى أن الأندية السعودية بدأت في الدخول لباب جديد من مرحلة الاحتراف لم تكن تعرفه من قبل، حيث يقول الحربي: «نحن دخلنا مرحلة جديدة من الاحترافية، وأنا أعتقد أن فصول هذه المرحلة بدأت بسماح الهلال لقائده ياسر القحطاني بالتوجه للاحتراف في صفوف العين الإماراتي، ربما قبل هذه الحادثة كان ذهاب نجم من نجوم الفريق مصيبة من المصائب، ويمكن بهذه الخطوة أن تضع الإدارة نفسها على صفيح ساخن وتجد الجماهير تطالبها بالرحيل، إلا أن هذه الخطوة وصلت معها الأندية السعودية لمرحلة متطورة من الاحترافية»، مضيفا: «إدارة الهلال وبين قوسين (راغبة أم مكرهة) سمحت بمغادرة نجميها أسامة هوساوي وأحمد الفريدي لفريقي الأهلي والاتحاد، فهذه الخطوة أيضا كانت تقودنا نحو الدخول لحقبة جديدة من عالم الاحتراف فلم يعد الانتماء أو النجومية شرطا لبقاء هذا اللاعب في صفوف أي فريق».

ويواصل الحربي حديثه عن هذه الخطوة الجديدة في عالم الاحتراف حيث يقول: «إدارات الأندية أجبرها تواضع مستويات لاعبيها وتحكمهم بالأمور الإدارية للاستغناء عنهم، إضافة لذلك كانت للجوانب المادية دور في ذلك كإدارة الاتفاق وإدارة الاتحاد عندما تخلت عن مهاجمها نايف هزازي»، مضيفا: «أنا أتوقع في المستقبل القريب أو خلال فترة التسجيل الثانية أن هناك الكثير من النجوم سيجبرون أنديتهم للتخلي عنهم والرحيل من أجل المال والبحث عن الذات أحيانا، هي مرحلة جديدة دخلها النادي واللاعب السعودي كما هو الوضع في الدول المتقدمة في أوروبا وكبار أندية العالم كريال مدريد الإسباني عندما يتخلى عن لاعبيه لأي فريق أو يوفنتوس الإيطالي وآرسنال الإنجليزي ومواطنيه مانشستر يونايتد وليفربول وميلان الإيطالي فهي عملية تدوير للاعبين من أجل تصديق رائع لمعنى الاحتراف».

وهل تكون هذه الخطوة هي نهاية زمن النجم الأوحد في الأندية وأن النظام فوق الجميع ويجسد ذلك بيع الأندية لأبرز نجومها في الفترة الحالية قال الحربي: «هي نهاية زمن ترديد نغمة الانتماء مقابل لاعب يتمنى زيادة مداخيله أو حتى النادي يتمنى زيادة موارده أو حتى حل مشكلاته وكذلك اللاعب أحيانا يريد البحث عن نفسه في ناد آخر، هكذا أشاهد الموقف حاليا».

وعن لجوء الأندية بصورة سريعة لبيع اللاعبين عند حدوث أي مشكلة أو اختلاف في وجهات النظر وهل ذلك سيقودنا لمرحلة قادمة نشاهد فيها التفكير السريع عند الأندية للإقدام على هذه الخطوة قال الحربي: «إذا كان ذلك يسمح، أعتقد أنه عند الوصول لطريق مسدود مع وجود مرجعية لفك هذا الارتباط سيسلك النادي هذا الطريق بكل تأكيد، وأعتقد أن الطرفين مستفيدان كما حدث في انتقال ناصر الشمراني للهلال أو نايف هزازي للشباب، فما دامت الأطراف الثلاثة تحصل على الفائدة المرجوة فهذا أمر جيد».

*صالح المطلق: انتهى عصر الإدارات الموهوبة.. وما يحدث الآن هو تكديس! من جانبه، يرى المدرب الوطني صالح المطلق أن هذه النوعية من الانتقالات بعيدة عن الاحترافية تماما، وقال المطلق: «هي خطوات ليست مدروسة، والكلام هنا لجميع الأندية، فما حدث هو نتيجة خلاف بين النادي ولاعبه، وبعدها أعلن النادي رحيل هذا اللاعب فالقرار وليد اللحظة ولذلك فهو ليس احترافيا، إن ما يحدث هو مجرد تسابق من الأندية الأخرى لهذه الأسماء ومحاولة خطفها قبل أن ينجح النادي الآخر أو المنافس من تحقيق ذلك».

وأضاف المطلق: «عندما يكون لديك خانة مهمة كالهجوم مثلا وقمت بالتعاقد مع لاعب أجنبي فهذه خطوة إيجابية لتعزيز هذه الخانة، ويفترض أن يكون لديك لاعب دولي وهداف معروف وصاحب خبرة في ذات المركز، وبالتالي يصبح لديك لاعبان في هذه الخانة (الهجوم)، وهنا يفترض أن يكون اللاعب الثالث من فئة الأولمبي لأجل أن تمنحه فرصة لإبراز نفسه وتقديمها للجمهور والتعلم ممن هم أقدم منه، ولكن عندما يتم تجميع ثلاثة لاعبين في ذات الخانة فهذا بالتأكيد أمر ليس احترافيا»، مضيفا: «فأنت كناد أيا كان إذا لم يكن في خطتك الاستراتيجية تصعيد لاعب أولمبي وقمت بشراء وتجميع ثلاثة أو أربعة لاعبين بنفس الخانة فأنت لم تستفد من اللاعب وفي الوقت نفسه لن تقدم لفريقك مهاجما صغيرا وواعدا، فهذه أراها تخبطات بعيدة عن الاحترافية».

ويرفض المطلق أن يكون زمن النجم الأوحد في الأندية قد انتهى، مشيرا إلى أن زمن الإدارات الموهوبة هو الذي انتهى بعدما ظلت عاجزة عن حل المشكلات التي تواجه اللاعبين، وقال المطلق: «إذا النادي لم يتمكن من حل المشكلة مع لاعبه فهذه مشكلة، وأتساءل هل أي مشكلة مستقبلية ستقود أي نجم أو لاعب للخروج من فريقه، ألا يوجد تفكير استباقي للمحافظة على اللاعبين، أنا أعتقد ما يحدث أخطاء إدارية يدفع ثمنها اللاعبون، فكل لاعب لديه مشكلة يحاول الخروج من ناديه».

وعاد المدرب الوطني صالح المطلق للحديث عن قضية تجميع اللاعبين، حيث قال: «تجميع النجوم هو أمر غير صحيح، ولكن تنويع النجوم أمر مطلوب بكل تأكيد، فنتذكر ريال مدريد في فترة زمنية مضت عندما قام بتجميع الكثير من الأسماء الكبيرة، وبالتالي لم يحقق الفائدة الكبيرة منهم»، مضيفا : «لو كان لدينا لاعبون بذات المستوى وذات الخانة أتساءل ما عدد الدقائق التي سيلعبها هذا اللاعب؟ بالتأكيد ستكون قليلة، وهذا يدخلنا في صراع نفسي للاعبين، أعتقد أن الأندية تقع في أخطاء كثيرة وسببها أمر واحد أن لديها مادة فقط، ولم يعلموا أن القضية قضية تفكير».

ويختتم المطلق حديثه بهذا الشأن، حيث يؤكد أن مثل هذه التعاقدات تعود لقرارات إدارية بعيدة عن الجوانب الفنية، حيث قال: «عندما تحضر ثلاثة لاعبين في خانة واحدة وتتحدث بأن هذا قرار فني فأنا أقول هذا غير صحيح ومستعد لمناقشة صاحب هذا القرار وعلى ماذا تم بناؤه، ولكن أنا أجزم بأنه قرار إداري للتسابق ولتجميع اللاعبين فقط لا غير».

*حمد الصنيع: ظاهرة غير طبيعية ولن تستمر طويلا أخيرا يرى حمد الصنيع، مدير الكرة بنادي الاتحاد سابقا، أن هذه الانتقالات بعيدة عن المسار الطبيعي والمنطقية، حيث يقول الصنيع: «ليس من الطبيعي أو المنطق أن تحدث هذه الانتقالات، فنحن هنا نتكلم عن نجوم كبار، والمعيار بكل تأكيد ليس فنيا، فلا أتوقع أن هناك ناديا تخلص من أحد نجومه لأمور فنية، لكن قد تكون هناك ناحية إيجابية في مثل هذه القرارات وهي أن النجم يستمر في الملاعب دون انقطاع عن ممارسة كرة القدم»، مضيفا: «دائما تصل العلاقة بين النجم وناديه إلى طريق مسدود، فمن الممكن أن ينتقل أو لا يجدد عقده عند نهايته، فمثل هذه الانتقالات التي طرأت على السطح مفيدة من الناحية المادية والفنية». ويواصل الصنيع حديثه: «دائما أعتقد أن أغلب النجوم الذين برزوا في أنديتهم لفترة طويلة عندما ينتقلون لأندية أخرى تغيب نجوميتهم، فالانتقال لمجرد الانتقال أمر ليس إيجابيا، لكن أعتقد أن مثل هذه الظاهرة لن تستمر على مستوى الأندية الكبيرة بالمادة والجماهير فمن الصعب أن تستمر في خسارة النجوم».

وعن كون هذه الانتقالات التي طرأت على السطح تعني نهاية زمن النجم الأوحد في كل فريق وأن الكلمة الأعلى تكون للجهاز الفني، قال الصنيع: «هذا ما يحصل الآن بشكل كبير، وهنا تختلف قدرة وقوة الإدارات، فمثلا نشاهد اليوم إدارة تقوم بهذا العمل، ولكن السؤال هل هي قادرة على تعويض رحيل هذا النجم في فترة قريبة»، مضيفا: «بكل تأكيد أن الأندية هي من تصنع النجوم وليس العكس، ولكن تركيبة كل ناد تختلف عن النادي الآخر، أعود وأقول هي مخرج احترافي عند وصول العلاقة بين النجم والنادي لنفق مظلم ولكن كنت أتمنى وجود حلول أفضل من هذا الحل».

وفيما يخص هل إدارات الأندية تتسرع في اللجوء لمثل هذا القرار واتخاذه أم أنها خطوة احترافية لبيع اللاعب والكسب المادي منه قال الصنيع: «هي بكل تأكيد خطوة احترافية، ولكن يجب أن لا يكون الحل الأول، بمعنى أنا مع هذا الحل ولكن يجب أن يكون آخر الخيارات وليس أولها».