موناكو يواجه صدامات وعقوبات قبل عودته لدوري الأضواء بسبب حجم الإنفاقات

الاتحاد الأوروبي يطالب الأندية بالتوقف عن الاعتماد على أموال الأثرياء

TT

يعيش نادي موناكو واسع الإنفاق على شهرة الإمارة الثرية التي ينتمي إليها مع تأهبه للعودة إلى دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم الموسم المقبل. وبأموال الملياردير الروسي ديمتري ريبولوفليف مالك النادي تعاقد موناكو مع المهاجم الكولومبي الرائع رادامل فالكاو ضمن استثمارات بقيمة 120 مليون يورو (160 مليون دولار) في محاولة من النادي الفرنسي لاستعادة موقعه بين أندية الصفوة في أوروبا رغم أن جماهيره لا تتجاوز عدة آلاف.

لكن هذا الإنفاق الكبير وضع النادي في موقف تصادمي مع مسؤولي كرة القدم في فرنسا الذين أبدوا غضبهم من الطريقة التي يتم بها استغلال القوانين المحلية لجذب أفضل لاعبين في العالم من خلال دفع رواتب معفاة من الضرائب. ويواجه موناكو أيضا خطر الصدام مع قوانين اللعب المالي النظيف التي وضعها الاتحاد الأوروبي التي تجبر الأندية الأوروبية الكبرى على تحجيم خسائرها أو مواجهة خطر الاستبعاد من المسابقات الأوروبية.

وكشف ريبولوفليف الذي عاش في موناكو لسنوات قبل شراء النادي في 2011 عن رغبته في العودة سريعا إلى دوري أبطال أوروبا وهي مسابقة حصل موناكو على لقب الوصيف فيها عام 2004. وقال متحدث باسم النادي: «يواصل موناكو العمل على تعزيز صفوفه بهدف تشكيل فريق ينافس على أعلى مستوى في دوري الدرجة الأولى الفرنسي ويقدم كرة قدم جميلة». وأضاف: «أعلن رئيس النادي (ريبولوفليف) رغبته في التأهل لدوري أبطال أوروبا».

ورغم حصوله على لقب الدوري الفرنسي سبع مرات واجه موناكو الكثير من الأوقات الصعبة وكان يعاني في الدرجة الثانية حينما اشترى ريبولوفليف النادي في أواخر 2011. وأنفق المالك الروسي أموالا طائلة في محاولة للسير على خطى مواطنه رومان أبراموفيتش مالك تشيلسي الذي أنعش حظوظ النادي اللندني بعد أن استحوذ عليه في 2003. وتولى كلاوديو رانييري مدرب تشيلسي السابق الذي أقاله الفريق الإنجليزي بعد عام من استحواذ أبراموفيتش على النادي قيادة موناكو في مايو (أيار) 2012 وقاده للترقي الموسم الماضي.

لكن كرة القدم تغيرت على مدار العقد الأخير ويحرص الاتحاد الأوروبي للعبة حاليا على ضمان التزام الأندية التي تنفق بسخاء بالمعايير المالية السليمة وأن تتوقف عن الاعتماد على أموال الملاك الأثرياء. وقال المتحدث باسم موناكو ردا على سؤال عن تأثير قواعد اللعب المالي النظيف على النادي الفرنسي: «يعرف موناكو جيدا ما له وما عليه وسيحترم القواعد». وأظهر الاتحاد الأوروبي العين الحمراء بحرمان ملقة الإسباني المملوك لجهات قطرية من المنافسة في كأس الأندية الأوروبية الموسم المقبل لتأخره عن سداد مستحقات مالية لدائنين. لكن مثل الأندية الأخرى التي تستمتع بدعم مالي سخي من مالكيها الأثرياء يجادل موناكو بأن الأموال التي ينفقها تعد من قبيل الاستثمارات التي ستزيد إيراداته مع تحقيقه لمزيد من النجاح وارتفاع شعبيته حول العالم.

وقبل بداية الموسم الجديد في أغسطس (آب) المقبل، خسر موناكو دعوى قضائية في فرنسا للاحتفاظ بمقره الرئيس في موقعه من أجل الاستفادة من المزايا الضريبية. ورفضت المحكمة العليا في موناكو طلبا من نادي موناكو بتأجيل نقل مقر النادي من إمارة موناكو إلى فرنسا. وكان الاتحاد الفرنسي لكرة القدم قد أصدر قرارا في مارس (آذار) يفرض على جميع أندية دوري الدرجة الأولى أن يقع مقرها الرئيس في فرنسا بحلول يونيو (حزيران) 2014. وإذا قرر نادي موناكو عدم نقل مقره من إمارة موناكو إلى فرنسا فإنه سيكون مضطرا لدفع تعويض قدره 200 مليون يورو (262 مليون دولار).

ويختبئ رجل وراء شره نادي موناكو في مطاردة أبرز نجوم كرة القدم العالم مستخدما مغريات الملياردير الروسي ريبولوفليف. إنه وكيل اللاعبين البرتغالي جورج منديش الذي استهل عملياته الرنانة باستقدام مواطنه موتينيو والكولومبي جايمس رودريغيز من بورتو مقابل 70 مليون يورو، ثم المدافع المخضرم ريكاردو كارفاليو.

ثم كانت الصفقة الكبرى بتعاقد موناكو مع المهاجم الكولومبي الرائع فالكاو مهاجم أتليتكو مدريد الإسباني مقابل 60 مليون يورو (72.2 مليون دولار). وأصبح منديش (47 عاما)، اللاعب نصف المحترف سابقا، أحد أكثر الوكلاء تأثيرا في العالم خلال السنوات الماضية، إذ يتصدر قائمة «مقتنياته» المدرب الأشهر في العالم جوزيه مورينهو ومواطنه الآخر كريستيانو رونالدو هداف ريال مدريد الإسباني الذي انتقل من مانشستر يونايتد عام 2009 مقابل 93 مليون يورو وهو رقم قياسي لا يزال صامدا حتى اليوم.

وأصبح منديش اليوم إمبراطورا على رأس فريق يتضمن نحو 50 لاعبا، مع تخصص في الكرتين البرتغالية والأميركية الجنوبية، لكنه بدأ من نقطة الصفر بعيدا عن العقود المليونية التي يرسمها كل موسم. بداياته الاحترافية كانت في الحانات والملاهي الليلية، حتى إنه أدار سابقا ناديا لتأجير أشرطة الفيديو. بدايته في عالم كرة القدم انطلقت صدفة مع نونو، حارس مرمى فيتوريا غيمارايش السابق. انتقال الأخير إلى ديبورتيفو لاكورونيا عام 1996 شكل بداية مسيرة منديش.

لكن مع مورينهو حلق الوكيل البرتغالي فعليا. بعد تتويجه مع بورتو في دوري أبطال أوروبا عام 2004، فسخ المدرب، الذي لم يكن بعد «المميز»، عقده مع وكيل أعماله القديم جوزيه بايديك للانضمام إلى فريق منديش. فاوض منديش قدوم مورينهو إلى تشيلسي، ثم جلب إلى ملعب «ستامفورد بريدج» الأسطول البرتغالي كارفاليو وباولو فيريرا وتياغو ومانيش. ولدى منحه جائزة أفضل وكيل أعمال في 2010 وصف نفسه بـ«أفضل رجل أعمال في العالم»، ما يفسر تفاهمه الكامل مع مورينهو! بعد تشيلسي، أعاد مورينهو ومنديش رسم فريق ريال مدريد، حيث جلب الوكيل كارفاليو أيضا ومواطنه فابيو كوينتراو والأرجنتيني أنخل دي ماريا، لينضموا إلى رونالدو وبيبي الذين كانوا أصلا في الفريق الملكي. منديش، وهو وكيل أعمال فالكاو أيضا، يتميز بعلاقات صلبة مع أتليتكو مدريد، وبنصائحه انضم «النمر» إلى كولتشونيروس قبل عامين من بورتو، عندما كان الجميع ينتظره في فريق مشارك في دوري الأبطال. بالإضافة إلى الكولومبي، يدير منديش أعمال لاعبين آخرين من أتليتكو مثل أدريان لوبيز والبرازيلي دييغو كوستا وتياغو، كما اهتم بحارس مانشستر يونايتد الإنجليزي ديفيد دي خيا ومواطنه سيماو عندما كانوا في صفوف فريق العاصمة.

يفسر نجاح منديش وشركته «جستيفوت» بنتائج الأندية التي تخضغ لنفوذه. نجح بورتو وأتليتكو، صاحبا الميزانيات العادية مقارنة مع عمالقة القارة العجوز، بإحراز 3 ألقاب في الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» في آخر 4 سنوات، كما خطف أتليتكو كأس الملك الإسبانية من أنياب جاره اللدود ريال مدريد لأول مرة بعد 17 سنة من دون لقب محلي. اليوم، يمارس منديش هوايته المفضلة في بناء نموذج ناري مع موناكو، ولا شك أن ريبولوفليف يتوقع الكثير منه.