اللاعبون المحليون لا يستطيعون مواجهة الأجانب في الدوري الإنجليزي

المحترفون الأجانب كان عددهم 13 فقط عام 1992 وأصبحوا يشكلون الآن 62 في المائة من إجمالي لاعبي البطولة

TT

عندما انطلق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد عام 1992، لم يكن عدد اللاعبين الأجانب يزيد على 13 لاعبا، أما الآن فأصبح المحترفون الأجانب يشكلون 62 في المائة من إجمالي عدد لاعبي الدوري الإنجليزي، وهي زيادة كبيرة للغاية ساعدت دون أدنى شك على تحويل البطولة إلى الدوري الأقوى في العالم.

لكن أمام هذا الزحف الأجنبي يبقى السؤال.. ماذا لو أعددنا قائمة بأفضل 10 لاعبين في الدوري الإنجليزي على مدى العقدين الماضيين؟ وكم عدد اللاعبين الإنجليز الذين ستشملهم هذه القائمة؟

لقد تأثرت كرة القدم الإنجليزية كثيرا بهذه الزيادة الكبيرة في عدد اللاعبين الأجانب، وخير مثال على ذلك خروج المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاما من كأس الأمم الأوروبية من الدور الأول بعد الخسارة في الثلاث مباريات التي خاضها في البطولة.

وتأكيدا للتأثير السلبي على الزحف الأجنبي انتقد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم سيب بلاتر الأندية الإنجليزية لاعتمادها بصورة أساسية على اللاعبين الأجانب، ما يؤثر بالسلب على المنتخب الإنجليزي. وأوضح بلاتر إلى أنه معجب للغاية «بالتسويق الرائع» لمباريات الدوري الإنجليزي الممتاز في جميع أنحاء العالم، لكنه يرى أن هيمنة اللاعبين الأجانب على البطولة أضعف من المنتخب الإنجليزي بشكل واضح.

وقال بلاتر: «هناك لاعبون أجانب، وليسوا إنجليزيين، في المراكز المهمة في الفرق الإنجليزية، ولذا نرى أن المنتخب ليس على مستوى منتخبات إسبانيا وإيطاليا وألمانيا».

وخلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، تعاقدت الأندية الإنجليزية مع 22 لاعبا، من بينهم ثلاثة لاعبين إنجليز فقط، وهم أندية كارول الذي تعاقد معه نادي وستهام يونايتد مقابل 15 مليون جنيه إسترليني، وداني وايتهيد الذي انتقل أيضا لوستهام يونايتد من نادي ستوكبورت كاونتي، ودونكان واتمور، وهو مهاجم يبلغ من العمر 19 عاما انتقل لنادي سندرلاند. ومن غير المرجح أن تتغير هذه النسبة بشكل كبير مع غلق باب فترة الانتقالات.

ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا لا تزال الأندية الإنجليزية ترفض التعاقد مع لاعبين إنجليز؟ وهل تحول الدوري الإنجليزي إلى بطولة لا تناسب اللاعبين الإنجليز؟ أم أن اللاعبين الإنجليز لم يصبحوا جيدين بالشكل الذي يكفي للعب في هذه البطولة؟

قد نجد إجابات على بعض هذه الأسئلة إذا ما ألقينا نظرة على التعاقدات التي أبرمتها الأندية الإنجليزية خلال العامين الماضيين، حيث أنفق نادي ليفربول أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني على كارول وجو ألن وستيوارت داونينغ وغوردان هينديرسون ودانيل ستوريدج، ولم يقدم هؤلاء اللاعبون مستوى يتناسب مع الأموال التي دفعت في هذه الصفقات.

وبالمثل، أنفق نادي مانشستر سيتي 20 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع جاك رودويل وسكوت سنكلار الصيف الماضي، ولكن لم يقدم اللاعبان الأداء المنتظر منهما.

وعلى الجانب الآخر، تعاقد نادي سوانزي سيتي مع اللاعب الإسباني ميتشو مقابل مليوني جنيه إسترليني فقط وقدم اللاعب أداء مبهرا خلال أول مواسمه في الدوري الإنجليزي، ونفس الشيء ينطبق على سانتي كازورلا مع نادي آرسنال. ويجب أيضا أن نلقي الضوء على التألق اللافت للنظر للنجم الهولندي روبن فان بيرسي مع مانشستر يونايتد، وإدين هازارد مع تشيلسي وكريستيان بينتيكي مع أستون فيلا. وهناك قائمة طويلة باللاعبين الأجانب الذين يتألقون في الدوري الإنجليزي، مثل النجم الإسباني خوان ماتا، ولكن هناك أيضا لاعبين فشلوا في إثبات أنفسهم مثل البرازيلي مايكون. ويجب ألا ننسى أن أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي كان النجم الويلزي غاريث بال.

والشيء المؤكد هو أن هذا العدد الهائل للاعبين الأجانب يضر بكرة القدم الإنجليزية ويؤدي إلى ندرة المواهب بها والمبالغة في أسعار اللاعبين الإنجليز، كما كان الحال مع الصفقات التي عقدها نادي ليفربول. وسيوضع هذا في الحسبان بشكل كبير عندما يتم تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف وستفضل الأندية التعاقد مع لاعبين صغار في الفئة العمرية بين 14 و17 عاما من إنجلترا أو الاعتماد على اللاعبين الأجانب. ولماذا يلجأ نادي مثل نيوكاسل يونايتد على سبيل المثال للتعاقد مع لاعبين إنجليز بأسعار كبيرة في الوقت الذي يمكنه فيه استقدام لاعبين من الدوري الفرنسي بأسعار أقل، ولا سيما وأن هذه التجربة قد أثبتت نجاحها خلال السنوات القليلة الماضية؟

صحيح أن نادي مانشستر يونايتد قد تعاقد مع ويلفريد زاها وفيل جونز ونيك باول في الآونة الأخيرة، ولكن ما زال النادي يعتمد بصورة أكبر على اللاعبين الأجانب، حيث دخل في سباق محموم مع غريمه التقليدي مانشستر سيتي للفوز بخدمات النجم الفرنسي سمير نصري، كما تعاقد الموسم الماضي مع الهولندي روبن فان بيرسي. ودخل مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد في صراع كبير للظفر بخدمات النجم البلجيكي هازارد، الذي انتقل في نهاية المطاف إلى تشيلسي.

وخلال الموسم الحالي، تعاقد مانشستر سيتي مع البرازيلي فرناندينهو والإسباني جيسس نافاس، ويسعى للحصول على خدمات إسكو وإديسون كافاني، في حين يسعى آرسنال للتعاقد مع الأرجنتيني غونزالو هيغواين، في الوقت الذي يسعى فيه مانشستر يونايتد لاستعادة نجمه كريستيانو رونالدو، ونجح تشيلسي في التعاقد مع أندريه شورله من نادي بايرن ليفركوزن الألماني.

وفي نفس الوقت، يسعى ليفربول لاستعادة توم إينس من نادي بلاكبول، ولكنه بات مطالبا بدفع 8.5 مليون جنيه إسترليني لاستعادة اللاعب الذي تخلى عنه قبل عامين مقابل 500,000 جنيه إسترليني.

هذا العدد الهائل من اللاعبين الأجانب يحرم اللاعبين الإنجليز من فرصة اللعب في الدوري الإنجليزي، وخير مثال على ذلك جوش باركر البالغ من العمر 22 عاما والذي سينضم لنادي دومزالي السلوفيني يوم الجمعة، بعدما فشل في اللعب لأندية كوينز بارك رينجرز وأولدهام أتلتيك وأكسفورد يونايتد.

وينطبق نفس الأمر على لاعبي دوري الدرجة الأولى الإنجليزي (شامبيونشيب)، الذين يسعون للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. صحيح أن المدير الفني لنادي نوريتش سيتي كريس هاوتون قد استعان بلاعبين من دوري الدرجة الأولى مثل روبرت سنودغراس وجوني هاوسون ومارك بون العام الماضي، ولكن كم عدد المديرين الفنيين في الدوري الإنجليزي الممتاز الذين يتابعون مباريات دوري الدرجة الأولى والبحث عن وجوه جديدة؟ وأعتقد أنه من الصعب أن يقوم مانويل بلغريني بذلك مع نادي مانشستر سيتي! وعلى الرغم من انتقال ويلفريد زاها لمانشستر يونايتد، واحتمال انتقال لاعبين مثل اينس وجاكوب ميليز وتشارلي أوستن وأندي كينج إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، إلا أنه من المستبعد حدوث طفرة مفاجئة في اعتماد الدوري الإنجليزي الممتاز على لاعبي دوري الدرجة الأولى.

سوف يستمر المديرون الفنيون لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز في الاعتماد على اللاعبين الأجانب، وسيجد اللاعبون الإنجليزي من أمثال كارول ووايتهيد وواتمور أنفسهم أقلية في الدوري الإنجليزي، ومن الصعوبة بمكان تغيير ذلك في المستقبل القريب.