حامد مؤذن لـ «الشرق الأوسط»: بالأرقام نادي «حراء» الأغلى في السعودية.. وسنستثمر أرضه بربع مليار ريال

قال إنهم استغنوا عن «أعضاء الشرف» حتى لا يقعوا تحت ضغوط «الوصاية»

TT

رغم أن نادي حراء في مكة المكرمة يعد من أندية الدرجة الثالثة في السعودية، فإنه بدأ بلفت الأنظار إليه من خلال المعسكرات التي دأب على إقامتها في البلدان الأوروبية، ومنها إسبانيا وبريطانيا، على الرغم من قلة الدعم الذي يجده النادي الذي يعتبر معدوما إلى حد ما. رئيس النادي حامد مؤذن شرح في حديث مطول لـ«الشرق الأوسط» خفايا سياسة ناديه المثيرة، وكيف استطاعوا التغلب على ضيق ذات اليد وقلة الموارد، والنهوض بالنادي على النحو الذي بات فيه يبيع لاعبي فريقه للأندية الكبرى بمبالغ مرتفعة، فضلا عن إنتاج المواهب الكروية على مدار الوقت وعلى طريقة الأكاديميات الكروية الشهيرة.

* ما ترتيباتكم للموسم الجديد؟

- لدينا معسكر إعدادي في مدينة مانشستر البريطانية، وستكون تدريباتنا على ملاعب نادي مانشستر سيتي، واتفقنا مع إدارة النادي الإنجليزي بعد أن تسلموا المبلغ المالي مقابل إجراء تدريباتنا هناك.

* وهل ترى أن مشاركتكم في دوري الدرجة الثالثة تستدعي إقامة معسكر بهذا المستوى الرفيع والمكلف في الوقت نفسه؟

- نحن لا ننظر لإقامة مثل هذا المعسكر على أنه إعداد فقط، بل استثمار في اللاعبين، فنحن بمثل هذه المعسكرات نطورهم ليس على الجانب المهاري فقط وإنما على الجانب الروحي والنفسي والذهني أيضا، وأقول مثل هذه المعلومات عن تجارب، فعدد من اللاعبين الذين نجلبهم بعد مثل هذه المعسكرات يتضاعف عطاؤهم من كل النواحي ويزداد حماسهم، وعندها إما ينتقل اللاعب إلى ناد آخر مباشرة، أو أنه يبقى في النادي وينضم لصفوف المنتخب، وهذا يعني أن سعر انتقاله بعد انضمامه للمنتخب يتضاعف، فعندما ينتقل لاعبان أو ثلاثة يكون هناك مردود جيد لنا ولله الحمد، وبالمناسبة الأندية الكبيرة تبحث عن لاعبين بجودة لاعبيهم أو أفضل، ولكي أساعد لاعبي حراء على الوصول إلى هذا المستوى يجب أن أجهز لهم معسكرات وإعدادا على مستوى أندية كالأهلي والاتحاد والبقية.

* ألم يكن من الأنسب والأيسر لكم إقامة المعسكر في إحدى الدول العربية؟

- هذا صحيح، ومن الممكن أن أقيم معسكرا في أي مدينة سعودية وبكل المواصفات، ومنها مدن مرتفعة كأبها والطائف والباحة، ومنخفضة كينبع وغيرها، لكن مثلما ذكرت لك ننظر إلى جوانب أخرى، منها أننا عندما نعسكر في إنجلترا فإن قيمة وسمعة النادي تزداد وتكبر في نظر المفاوض الذي يرغب في نجومنا، حتى سمعة النادي في الرئاسة العامة لرعاية الشباب جيدة، وستكون في الوسط الرياضي عامة بإذن الله. وكوننا نعسكر في مثل هذه المناطق فأنا لا أرى أنه خسارة فيهم، بل على العكس سيعود على النادي بالكسب، فالتواجد في معسكرات عالمية ومتابعة النجوم العالميين عن قرب له تأثيره بلا شك، ومثل هذه المعسكرات من وجهة نظري هي الصناعة الحقيقية لهم، وهو ما يجعل الأندية الأخرى تتنافس للظفر بهم، كما أن وجود لاعبينا في المنتخبات دليل آخر.

* كم تكلف مثل هذه المعسكرات ماليا؟

- في الموسم الماضي أقمنا معسكرا في برشلونة وواصلنا عملية البناء، حيث منحنا لاعبينا فرصة حضور عدد من اللقاءات، من ضمنها لقاء برشلونة، وكلفنا المعسكر 420 ألف ريال، وستكون تكلفة معسكر الموسم الحالي نصف مليون ريال. في العام الماضي خسرنا 400 ألف وكسبنا مليونا و300 ألف، من خلال انتقال لاعبينا لأندية أخرى، فنحن نصرف عليهم لكنهم يمنحونا الربح، وعموما بالتجربة خسائرنا نعوضها مضاعفة، ولو شعرنا أن أي مبلغ نصرفه لن يعود علينا بربح واضح ومضمون بإذن الله، فإننا لن ندفعه.

* من الذي يتكفل بقيمة هذه المعسكرات؟

- كما أسلفت لكم سابقا النادي يصرف على نفسه.

* كيف كانت ردود الفعل بعد عودتكم من برشلونة؟

- كانت جيدة ولله الحمد، وأتذكر أننا التقينا الموسم الماضي الأمير نواف بن فيصل مرتين، وكان أمرا غريبا بالنسبة له أن يتوجه ناد من الدرجة الثالثة إلى برشلونة لإقامة معسكر تدريبي، لكن عقب أن شرحت له بالتفصيل فكرنا الاستثماري في النادي سعد كثيرا، وكان نقاشنا الغالب مع الأمير نواف عن الاستثمار في النادي حتى جاءت الموافقة الرسمية من قبل الرئاسة لاستثمار موقع النادي، خصوصا عندما شرحنا توجهنا في استثمار النادي والفكرة الكاملة التي نريد تطبيقها، وهذا يعني أن فوائدنا كثيرة ولله الحمد من مثل هذه الاستراتيجية.

* وما أصداء مثل هذه الاستراتيجية بين أبناء مكة الرياضيين؟

- كانت إيجابية جدا، بل أصبح كثير من اللاعبين الصغار والمواهب في مكة يتوجهون لنادي حراء بسبب مثل هذه الميزات التي يجدونها لدينا، حتى أولياء الأمور باتوا يميلون لنادي حراء بسبب ما يسمعونه عنا ولله الحمد، ونحن لا ننسى أن لدينا في مكة ناديا آخر هو نادي الوحدة، بل إن بعض أولياء الأمور في مكة يفضلوننا على ناديي الأهلي والاتحاد، وحصل ذلك مؤخرا، حيث كسبنا ثلاثة لاعبين، بإذن الله سيكونون حديث الوسط الرياضي، وكان السبب في اختيارهم لنا أننا من المدينة نفسها، فنكفيهم عناء الانتقال إلى جدة، وكذلك لأننا متوجهون لإقامة معسكرنا في برشلونة، والعجيب أن لاعبا يدعى يحيى المالكي سجل معنا قبل معسكر برشلونة وعقب عودته من المعسكر تم اختياره للمنتخب الأولمبي، وهذا مكسب ويرغب الأندية الأخرى بنا.

* كيف تتعاملون مع المواهب التي تنضم للنادي؟

- نحاول أن نطورها بأقصى ما لدينا، وليس على الجانب الرياضي فقط، وعلى سبيل المثال لدينا 25 لاعبا أشركناهم في مدارس خاصة ونصرف عليهم سنويا 150 ألف ريال من أجل تهيئتهم على أفضل ما يكون، وطبعا نحن لا نستطيع أن نشرك جميع اللاعبين، لكن أفضلهم، وجميع لاعبينا يعرفون هذه السياسة جيدا، فنحن نختار الأفضل، ونسمي هذا النوع من اللاعبين اللاعب الاستثماري، ولذلك نجلب اللاعبين من سن درجة البراعم ونهتم بهم ونطورهم، بعد ذلك ننقلهم لأندية أخرى ونستفيد من بيع عقودهم في تيسير دخل للنادي، ونجحنا نجاحا كبيرا جدا في هذا ولله الحمد.

* هل تضعون تسعيرة معينة لانتقال اللاعب؟

- نعم.. اللاعب في سن مرحلة البراعم نبيع عقده بقيمة 350 ألفا، 300 ألف للنادي و50 ألفا للاعب، وإذا ما استمر لدينا أكثر وانضم لصفوف المنتخب، فإن عقده سيكون أعلى، وقد يصل إلى مليون ريال فقط للاعب في مرحلة البراعم.

* تفكرون بطريقة مختلفة في الاستثمار بالنادي.. ما سبب ذلك؟

- حقيقة تأثرت كثيرا بأحد المعلمين لي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز، وهو الدكتور فريد قرشي، وهو في الوقت نفسه أمين عام هيئة الإغاثة العالمية، فقد كان دائما ما يشرح لنا طريقة تكوين رأس المال من المقدرات التي تملك، وقد نجح في ذلك، وأشعر أننا نسير على ذلك النهج في نادي حراء، على سبيل المثال يزورنا بشكل دوري موظفون مختصون من رعاية الشباب لمناقشة الأوضاع المادية للنادي، ولم يجدوا لدينا ديونا، وعندما زارونا العام الذي يليه وكنا قد توجهنا فيه إلى معسكر برشلونة توقعوا أن تكون لدينا ديون بسبب تكاليف المعسكر، لكنهم فوجئوا بعدم وجود الديون، وأكدوا لنا أننا النادي الوحيد الذي لا يجدون لديه ديونا على مدار ثلاث سنوات متتالية.

* ماذا عن دخل النادي؟

- لدينا أطقم تدريبية من دول عربية، وهم يشرفون فنيا على 160 لاعبا، فلدينا البراعم عبارة عن ستة فرق من 9 سنوات إلى 12 سنة، ونادي حراء كإدارة كاملة 11 عضوا، وهم فاعلون ولله الحمد، وكل عضو متكفل ماديا وإداريا بلعبة في النادي، وطبعا أكثر ما يصرف في النادي هو كرة القدم، وأنا متكفل به ماديا ومعنويا.

* هل من الممكن أن تفصل لنا أكثر بشأن المداخيل المالية؟

- دخلنا السنوي من جراء انتقال لاعبينا للأندية الأخرى أكثر من مليون و300 ألف ريال، إضافة إلى إعانة الرئاسة العامة لرعاية الشباب 170 ألف ريال، وهذا يعني أن دخلنا في السنة الواحدة قرابة المليون ونصف المليون ريال، وحسابيا أغلب دخل النادي هو تنقلات اللاعبين، إذ هم المكسب الحقيقي للنادي، والمفترض أن يكون الاستثمار الحقيقي فيهم.

* ألا يوجد لديكم أيضا أعضاء شرف يدعمونكم؟

- نحن نعتمد على أنفسنا والحمد لله، ولا أحب استجداء بعض الناس على مبلغ خمسة وعشرة آلاف كربح، فهي من جهة فيها عدم احترام لأنفسنا، وفي الوقت نفسه ستكون هناك وصاية من قبل من يدفع المال، كما أن هناك من أعضاء الشرف من يسببون المشكلات للأندية، فمن يدفع حتى ولو 20 ألفا يريد تنصيب ابنه رئيسا للنادي، ويريد أن يتحكم في أمور أخرى، ويرى نفسه أحق من الغير، ونحن في حراء استغنينا عن مسمى عضو شرف تماما، وأحيانا أعضاء الشرف يكونون عبئا على الأندية، فمن الأفضل أن نستثمر نادينا بقدر ما نستطيع، وكما يقول المثل المصري «نصنع من الفسيخ شربات».

* ماذا عن الأرض التي سيقام عليها مقر النادي.. وكم قيمتها؟

- قمنا وبحسب طلب من رعاية الشباب، بتثمين قيمة الأرض من قبل ثلاثة مكاتب عقارية، وقد جاء التقييم على أن سعر المتر بـ5 آلاف ريال، ومساحة الأرض 100 ألف، وهذا يعني أن قيمة الأرض 500 مليون ريال، وبالأرقام نادينا أغلى ناد في السعودية، وعلى هذا الأساس خاطبنا رعاية الشباب بشأن فكرة الاستثمار في النادي.

* وماذا حصل عقب ذلك؟

- وافقت رعاية الشباب على استثمار نصف الأرض وقيمتها 250 مليون ريال، وسيتم إنشاء مقر للنادي بقيمة 60 مليون ريال، وعرضنا الأرض للمنافسة، وتم الإعلان عن ذلك في الصحف، وسيتم الإعلان عن المستثمر خلال شهر أغسطس (آب) المقبل، وبالمناسبة مبنى النادي سيكون أفضل منشأة في السعودية؛ لأن الأمير نواف أقر لنا مبنى «نموذج أ» بالشكل الجديد الذي يتسع لـ10 آلاف متفرج، في المقابل أندية الأهلي والاتحاد والهلال والنصر هم «فئة أ» على طريقة النموذج القديم الذي يتسع لـ5 آلاف متفرج.

* وكيف سيكون تقسيم الأرض؟

- نصف لمبنى النادي، والنصف الآخر سيستثمر لمدة 20 سنة، والإضافة الجديدة التي أسعدت الأمير نواف أن المستثمر سيبني في جزء من المساحة المحددة له مجمعا تعليميا للثلاث مراحل (ابتدائي ومتوسط وثانوي)، وسيسلمها لنا في النادي لنؤجرها بطريقتنا، وهذا يعني دخلا إضافيا آخر بخلاف عقد الإيجار بيننا وبين المستثمر الذي يتجاوز خمسة ملايين ريال سنويا، وهذا شيء جيد ولله الحمد، فعملنا سيكون أيضا للإدارات المقبلة التي ستشرف على النادي، حيث سيتوافر لها هذا المبلغ سنويا، ونعمل في إدارة النادي على أن يكون الدخل السنوي مبلغ 25 مليون ريال. وبالمناسبة نحن اشترطنا على المستثمر أن يقوم ببناء المدارس بهدف تنمية لاعبينا أيضا، على أن يدرسوا بها من الأول ابتدائي حتى الثانوي، على أن يكون هناك تعاون بين المدرسة والنادي كونهما في المقر نفسه، على أمل أن يكون نادينا نموذجيا على غرار ما يحدث في الأندية العالمية المتطورة، خاصة في بعض الأندية الأميركية التي تضم كليات.

* أخيرا ماذا تقول؟

- نحن مؤمنون بنادي حراء، ومنذ فترة طويلة بمبدأ الاهتمام بالفئات السنية؛ لأنها الأصل والقاعدة، حيث نستقبل اللاعبين من سن مرحلة البراعم ونهتم بتطويرهم المستمر، وهذا يكون محاذيا لاهتمامنا الآخر بالفريق الأول لكرة القدم الذي لا نغفل فكرة صعوده إلى درجات أعلى، لكن بالتدريج، حيث إننا لا ندخل أنفسنا في حسابات معقدة، لا سيما على الصعيد المالي؛ لأنه إذا كان الوصول للدرجة الأولى أو حتى الممتازة مهما، فالأهم كيف تدير نفسك وأنت في تلك المرحلة، وكثير من الأندية أدخلت نفسها في دائرة الديون؛ لأنها لم تحسب خطواتها جيدا، وأنا لا أرى ضيرا في أن أركز جهدنا في حراء على إنتاج المواهب، وهو دور مكمل لأندية أخرى ليس عندها هذا الجانب، وفي الآخر الحصيلة لمصلحة الرياضة السعودية، وكل الأطراف مستفيدة، سواء نحن أو غيرنا.