روسيا تتأهب لاستقبال مونديال القوى وسط هاجس المنشطات

إخضاع 44 عداء من منتخب جامايكا للفحص من بينهم البطل الخارق بولت

TT

تستعد العاصمة الروسية موسكو لاستضافة بطولة العالم لألعاب القوى السبت المقبل على ملعب لوجنيكي الدولي وسط هاجس المنشطات الذي أطاح بالكثير من النجوم قبل انطلاق المنافسات بأيام. وجرت العادة في الأعوام الأخيرة أن يتم اكتشاف حالات المنشطات بعد انطلاق العرس العالمي إلا أن الأمر اختلف هذه المرة حيث شهدت الأسابيع الثلاثة الأخيرة ضربات قوية لرياضة أم الألعاب باكتشاف حالات كبيرة لعدائين وعداءات تناولوا مواد محظورة. ولم تسلم ألعاب القوى الروسية من الظاهرة التي أدت إلى استبعاد 40 عداء وعداءة بينهم بطلة أولمبياد أثينا 2004 في رمي المطرقة أولغا كوزينكوفا وصاحبة فضية رمي القرص في أولمبياد لندن 2012 داريا بيشتشالنيكوفا ما تسبب في ارتفاع أصوات كثيرة تطالب بسحب الاستضافة من الروس. يذكر أنها المرة الأولى التي تستضيف فيها روسيا مونديال ألعاب القوى في الهواء الطلق بعدما كانت لها تجربة تنظيم مونديال داخل صالة عام 2006.

وقامت لجنة من الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بزيارة مفاجئة لمعسكر الفريق الجامايكي في موسكو أمس وأخضعت 44 عداء وعداءة من بينهم البطل أوسين بولت، لفحوص منشطات.

وأكد مسؤولون في الفريق الكاريبي أن موظفين في الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات وصلوا إلى معسكر جامايكا حيث سحبت عينات من الدم من جميع الرياضيين في عملية خاطفة.

ولم يتضح ما إذا كانت المرة الأولى التي يطلب من منتخب وطني بالكامل إجراء فحوص منشطات على جميع لاعبيه قبل مناسبة كبرى.

وتعيش ألعاب القوى الجامايكية فترة سوداء بعد إثبات تعاطي اسافا باول حامل الرقم القياسي العالمي السابق في 100م وزميلته في التمارين شيرون سيمسون، وعدائين آخرين خلال بطولة جامايكا في يونيو (حزيران) الماضي.

وجاءت فضيحة باول وسيمسون لتعاطي مادة أوكسيلوفرين المنشطة، بعد إثبات تعاطي البطلة الأولمبية مرتين في سباق 200 متر فيرونيكا كامبل براون في مايو (أيار) الماضي.

لكن الحالات الأبرز والتي زعزعت رياضة أم الألعاب تلك التي شملت عداءي السرعة الأميركي تايسون غاي والجامايكي اسافا باول صاحبي ثاني ورابع أفضل رقم في التاريخ في سباق 100 متر على التوالي واللذين كانا يعتبران المنافسين الكبيرين لبولت. وخضع غاي، 30 عاما، صاحب أفضل توقيت في سباق 100 متر هذا العام (75.‏9 ثانية)، لفحص الكشف عن المنشطات جاءت نتيجته إيجابية. وواجه غاي، بطل العالم في 100 و200 والتتابع 4 مرات 100 متر عام 2007 في بطولة العالم 2009 منافسة شديدة من بولت الذي تمكن من تحطيم الرقم القياسي للأميركي (9.69 ثانية) مسجلا رقما عالميا جديد هو 58.‏9 ثانية وخاطفا الذهبية تاركا له الفضية. وفي بطولة 2011 لم يستطع غاي الثأر من الجامايكي بسبب إصابة في الخاصرة. وكانت بداية الموسم الحالي تؤشر إلى أنه سيثأر لنفسه بعد فشله في السنوات السابقة. وحقق غاي هذا الموسم أفضل ثلاثة أزمنة في سباق 100 متر مسجلا 75.‏9 ثانية في 21 يونيو، و9.79 ثانية في 4 يوليو، و86.‏9 ثانية في 4 مايو، وثاني أفضل توقيت في سباق 200 متر هو 74.‏19 ثانية بفارق جزء واحد في المائة من الثانية عن رقم بولت.

من جهته كشف باول، 30 عاما، الحاصل على ذهبية أولمبياد بكين 2008 في سباق التتابع 4 مرات 100 متر مع منتخب بلاده، أن نتيجة الفحص الذي خضع له جاءت إيجابية، مشيرا إلى أنه تناول المادة المحظورة عن غير عمد. وقال رابع أسرع رجل في العالم: «لست غشاشا ولم أكن يوما كذلك. خطأي لم يكن في الغش وإنما في أني لم أكن أكثر يقظة».

وانضم غاي وباول إلى قافلة كبيرة من 100 اسم في رياضة ألعاب القوى تناولوا مواد منشطة في طليعتهم الكندي بن جونسون (في أولمبياد سيول 1988)، ثم كرت السبحة لتشمل الأميركيين تيم مونتغومري وجاستن غاتلين وماريون جونز والبريطاني لينفورد كريستي والجامايكي يوهان بلايك، وجميعهم ممن احتلوا القمة وسجلوا أرقاما قياسية وحصدوا ميداليات أولمبية.

وإذا كانت هناك شكوك كبيرة وكثيرة تحيط بالعدائين الجامايكيين من الجنسين، فإن هناك من يفصل بين هؤلاء والفذ بولت الذي استمر تطوره باطراد منذ أن كان ينافس في فئة الشباب. وبعد مونديال 2011 في دايغو الكورية، كشف فيكتور كونتي المدير السابق لمختبر «بالكو» الأميركي الذي كان وراء فضيحة عام 2004 لصحيفة «لاغازيتا ديللو سبورت» الإيطالية أن الجامايكيين استخدموا وصفته قبل أولمبياد 2008 بمن فيهم بولت الذي أحرز أولى ثلاثياته الذهبية في العاصمة الصينية. وقال «لا أملك البراهين القاطعة، لكن لدي شكوك كبيرة حول بولت والآخرين». وفي أوساط ألعاب القوى، كان النجم الأميركي السابق كارل لويس الوحيد الذي تجرأ على توجيه شكوك مباشرة لـ«الصاعقة الجامايكية» بولت، وقال خلال أولمبياد لندن 2012 «هناك أسئلة كثيرة تطرح حول عداء يسجل 03.‏10 ثانية في عام و9.69 ثانية في العام التالي». ورد الأيقونة الجامايكية الذي اعتبر نفسه مستهدفا بشكل مباشر، بطريقة جافة: «لقد فقدت كل احترام نحو كارل لويس». واعتبر الاتحاد الدولي لألعاب القوى أن مصداقية أم الألعاب «تتعزز» في كل مرة يتم فيها اكتشاف حالة جديدة من حالات تناول المنشطات.

وأوضح المتحدث باسم الاتحاد الدولي نيك ديفيس: «التزام الاتحاد الدولي في مجال مكافحة المنشطات في ألعاب القوى لا يتزعزع، مصداقية برنامجنا لمكافحة المنشطات ورياضتنا ألعاب القوى تتعزز في كل مرة نكون فيها قادرين على اكتشاف حالات جديدة».

واعتبر رئيس الاتحاد الدولي السنغالي لامين دياك، أن حالات المنشطات التي كشفت مؤخرا «شديدة الضرر برياضتنا». وقال «بدأت الناس بالتشكيك. إننا نكافح هذا الآفة منذ 30 عاما. أنا سعيد بأمر واحد هو أن وكالات مكافحة المنشطات هي التي تكشف الرياضيين المتنشطين من خلال آلاف وآلاف الفحوص التي تجريها في المسابقات الرسمية وخارجها». وأضاف «أنا شخصيا تأثرت وحزنت جدا. إني أعرف تماما هذين العداءين خصوصا تايسون غاي حيث كنا سويا في رحلة العودة من أوساكا (اليابانية) بعد مونديال 2007».

من جهته، عبر الأوكراني سيرغي بوبكا، صاحب الأرقام القياسية في مسابقة القفز بالزانة (آخرها 14.‏6 متر) والمرشح لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية، عن رغبته في إطالة فترة إيقاف اللاعبين المتنشطين لتصل إلى 4 أعوام. وقال بوبكا (49 عاما): «يجب عدم إيجاد الأعذار للذين يتناولون المنشطات. يجب رفع فترة الإيقاف من سنتين إلى 4 سنوات، كما يجب حماية الرياضيين الشرفاء باستبعاد الغشاشين».

وستكون النسخة الرابعة عشرة لبطولة العالم لألعاب القوى في موسكو آخر حدث رياضي يستضيفه ملعب لوجنيكي الذي سيغلق أبوابه بعد ذلك لتجديد مرافقه في أفق استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2018.

وقام منظمو بطولة العالم لألعاب القوى بتجديد بعض مرافق هذا الملعب الذي بإمكانه استيعاب 84745 متفرجا، خاصة المضمار وأماكن الوثب. لكن هذه الترميمات ليست سوى مرحلة أولى من تجديد كلي للملعب الذي كان مسرحا لدورة الألعاب الأولمبية عام 1980.

وقال المهندس المسؤول عن تجديد الملعب سيرغي كوزنتسوف: «الملعب معلمة تاريخية، لن يتم هدمه. ولكن من المستحيل تركه في وضعه الحالي لأنه لا يتناسب مع المعايير التي فرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بخصوص الملاعب التي ستستضيف نهائيات كأس العالم».

وأضاف «لن يتم إدخال تغييرات جذرية على المظهر العام للملعب وذلك من أجل الحفاظ على الذكرى التاريخية التي تنتمي إلى الأمة».

ورأى ملعب لوجنيكي والمجمع الرياضي المحيط به النور في عهد الاتحاد السوفياتي في 31 يوليو (تموز) 1956، وكان رمزا للبناء الشعبي حيث ساهمت الكثير من الأيدي العاملة من سكان العاصمة موسكو في بنائه وبالمجان. لم يستغرق بناؤه سوى 450 يوما.