دراسة تكشف عن برنامج ممنهج لتنشيط الرياضيين اعتمدته ألمانيا الغربية السابقة

من بينها منتخب كرة القدم الذي فاز بمونديال 1974 والمتسابقون في أولمبياد 72

TT

كشفت دراسة أجرتها جامعة «هومبولدت» في العاصمة الألمانية برلين، عن وجود عملية ممنهجة ومنظمة لاستخدام المنشطات في الرياضة بألمانيا الغربية منذ أوائل السبعينات على الأقل.

وتتكون الدراسة التي جلبت ضجة في ألمانيا والعالم من 800 صفحة وذلك تحت عنوان «المنشطات في ألمانيا من 1950 حتى الآن» وتتعلق بالمنشطات في الرياضة الألمانية التي مولتها الدولة منذ فترة الحرب الباردة.

وطالب سياسيون المعارضة الألمانية بالكشف عن التقارير التي تقول إن الرياضيين في ألمانيا الغربية كانوا يتناولون المنشطات، بما في ذلك هرمون التستوستيرون وهرمون الاستروجين على مدى فترة من الزمن، وإن هذه الممارسات كانت تتم في إطار برنامج ممول من قبل الدولة عن طريق الضرائب، وفقا لمقال نشر في صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية أول من أمس، ثم تداولته جميع الصحف العالمية أمس.

ولم يتم تحديد تكاليف هذا البرنامج حتى الآن، غير أن باحثين قد أشاروا إلى أنه كان من المعلوم أن المعهد الاتحادي للعلوم الرياضية، الذي يعمل الآن تحت إشراف وزارة الداخلية، قد أنفق 10 ملايين مارك ألماني (نحو 4.5 مليون جنيه إسترليني) في مرافق للطب الرياضي في فرايبورغ وكولون وساربروكن.

وكان من المعروف أيضا أن ألمانيا الشرقية تقوم بإعطاء رياضييها منشطات بشكل منتظم، ولكن باحثين قالوا إن ألمانيا الغربية لم تطلق هذا البرنامج ردا على ما كانت تقوم به ألمانيا الشرقية، ولكن كان ذلك يتم خلال الفترة نفسها.

ونقلت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» عن شاهد يصف تصريحات مسؤول بوزارة الداخلية في تلك الفترة، رفض الكشف عن هويته، قوله: «كان ينبغي على رياضيينا أن يعملوا في الظروف نفسها ويحصلوا على الخدمات المتاحة للرياضيين في ألمانيا الشرقية».

ويشير التقرير أيضا إلى لاعبي كرة القدم الذين كانوا يتناولون المنشطات قبل فترة السبعينات من القرن الماضي، بما في ذلك ثلاثة لاعبين شاركوا في المباراة النهائية لكأس العالم عام 1966 التي انتهت بفوز المنتخب الإنجليزي على نظيره الألماني بأربعة أهداف مقابل هدفين، وكذلك الفريق الفائز بمونديال 1974. وقال الباحثون إنه تم العثور على رسالة يقول فيها مسؤولون من الاتحاد الدولي لكرة القدم إنه قد تم العثور على آثار مادة الايفيدرين المنشطة المحظورة.

ورغم إعداد التقرير في شهر أبريل (نيسان) الماضي، فإنه لم يتم الكشف عنه بسبب المخاوف من الكشف عن أسماء الرياضيين والأطباء والمسؤولين المتورطين. وأصدر القيادي في الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني توماس أوبيرمان بيانا قال فيه: «لا أفهم السبب وراء الإبقاء على دراسة المنشطات طي الكتمان». وأشار أوبيرمان إلى وجود ادعاءات بأن وزارة الداخلية كانت تمول برنامجا ممنهجا للمنشطات على مدى عقود، مطالبا وزير الداخلية هانز بيتر فريدريش بالكشف عن الدراسة.

وكانت شائعات تناول لاعبي ألمانيا الغربية منشطات في المباراة النهائية لكأس العالم عام 1966 قد ظهرت إلى السطح عام 2011 عندما أثار اللاعب الألماني السابق ويلي شولز هذه النقطة قائلا: «لقد خضت الكثير من التجارب بالفعل، ولكن كل ما يقال بهذا الشأن مجرد هراء».

ومن جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية الفيدرالية المسؤولة عن الرياضة في ألمانيا: «الهدف من هذا المشروع هو إلقاء نظرة غير مشروطة ومتعمقة على تاريخ المنشطات في ألمانيا خلال فترة تصل إلى نحو 60 عاما، بغض النظر عن الأشخاص والمؤسسات المعنية، كما أنه يهدف إلى دراسة ظاهرة تعاطي المنشطات في ألمانيا خلال الحرب الباردة وخلال مرحلة توحيد ألمانيا وحتى يومنا هذا».

وأشار شولز إلى أن الوزارة ستعمل جاهدة على ضمان نشر التقرير «في أسرع وقت ممكن».

ورحب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ بالكشف عن التقرير، قائلا: «الكشف عما حدث في تاريخنا شيء مهم للغاية في سياستنا التي تهدف للقضاء على ظاهرة المنشطات تماما».

وستقوم اللجنة الأولمبية الألمانية بتحليل التقرير من خلال لجنة مستقلة، حسبما ذكر رئيسها توماس باخ.

وقال باخ، المرشح الأقوى لخلافة البلجيكي جاك روغ في رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية، لقناة «زد دي إف»: «لقد عينا لجنة مستقلة برئاسة أودو شتاينر القاضي القديم في المحكمة الدستورية الفيدرالية».

وأضاف باخ، نائب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية راهنا والذي وضع محاربة المنشطات في صلب ملف ترشحه للرئاسة، أن اللجنة المستقلة «يجب أن تقدم توصيات عن كيفية رد الفعل على هذه الدراسة».

وعلى غرار سياسة المنشطات الرسمية في ألمانيا الشرقية، لم تكن ألمانيا الغربية متفرجة، بحسب فريق من الباحثين في جامعة هومبولد، قام بأبحاث على مدى 3 سنوات في المحفوظات، وأجرى مقابلات مع خمسين شاهدا. وبحسب التقرير المذكور، تم تطبيق سياسة منشطات منظمة من خلال إنشاء المعهد الاتحادي للبحث الرياضي في أكتوبر (تشرين الأول) 1970.

وقام هذا المعهد تحت إشراف وزارة الداخلية «بتجميع النخبة من أصحاب المناهج العلمية في الرياضة والاتحادات الرياضية»، ونسق «خلال عشرات السنين سلسلة واسعة من التجارب على مواد مشجعة على تقديم الأداء العالي»، على غرار المواد المنشطة ومادة EPO المحظورة. وكان عالم السياسة على بينة من هذا البرنامج، بحسب الصحيفة التي أوردت مشادة ذكرها التقرير بين موظف في المعهد ومسؤول حكومي رياضي قبل أشهر قليلة من ألعاب ميونيخ 1972، حيث قال الرجل السياسي: «مطلوب منكم بصفتكم أطباء رياضة أمر واحد: الميداليات في ميونيخ».

ورد الموظف: «سيدي الوزير، قبل سنة فقط من الألعاب ماذا يمكن أن نفعل كي ننتزع الميداليات؟». وتابع السياسي محدثه قائلا: «لا يهمني». وأرفق تقرير الصحيفة صورة لبطل التجديف الألماني الغربي بيتر – ميكايل كولبي، بطل العالم خمس مرات، الذي حقن في ألعاب مونتريال 1976 الأولمبية بمزيج من العقاقير. عرف بحقنة كولبي، فتم منح هذا العقار 1200 مرة إلى عدة رياضيين مشاركين في مونتريال.

وسلطت الصحيفة الضوء على دور في البرنامج المذكور لعبه شخصان لم يعودا اليوم على قيد الحياة: الباحث جوزف كويل الذي توفي عام 2000 وهو البروفسور المسؤول عن الطاقم الطبي للفرق الأولمبية الألمانية الغربية منذ عام 1960، ورئيس اللجنة الأولمبية السابق بين 1961 و1992 فيلي داوم الذي توفي عام 1996.