نادي أنجي: لماذا تراجع الأثرياء الروس عن الإنفاق بسخاء؟

النتائج المخيبة للآمال رغم الرواتب الباهظة وسياسة الاعتماد على الناشئين.. تأتي ضمن الأسباب

TT

عندما تم تداول الأخبار بأن نادي أنجي الروسي سوف يقلص ميزانيته بشكل كبير ويبيع نجومه البارزين، اعتقد الكثير من الصحافيين والنقاد الرياضيين أن هذه الأخبار ما هي إلى «كذبة أبريل» التي جاءت متأخرة بعض الشيء، ولكن اتضح فيما بعد أن هذه الأخبار صحيحة، حيث تم الإدلاء بالكثير من التصريحات التي تحمل ألغازا بين طياتها، والتي تؤكد في نهاية الأمر أن «مشروع نادي أنجي» كما كان يطلق عليه في السابق قد انتهى. ولم يعد الملياردير الروسي سليمان كريموف، الذي ينفق على النادي بسخاء منذ يناير (كانون الثاني) 2011، سعيدا بالإنفاق على ناد لا يحقق إنجازات تذكر.

وسوف يتم تقليص ميزانية النادي التي تصل إلى 116 مليون جنيه إسترليني (ثاني أكبر ميزانية بعد نادي زينيت بطرسبورغ في روسيا) إلى ما يتراوح بين 32 مليون جنيه إسترليني و45 مليون جنيه إسترليني. وقد فقد المدير الفني للفريق رينيه ميولينستين، وهو المساعد السابق للسير أليكس فيرغسون في مانشستر يونايتد والذي تم اختياره لقيادة الفريق من قبل خليفته جوس هيدنيك، فقد منصبه بعد 16 يوما فقط، ومن المقرر أن يتم بيع اللاعبين المحليين والأجانب الذين تعاقد معهم النادي بمبالغ خيالية خلال العامين ونصف العام الماضيين.

وطبقا لجيمس بيل الناقد الرياضي في «بي بي سي» تبحث وسائل الإعلام المتخصصة في عالم كرة القدم عن الأسباب التي دفعت مالك النادي لاتخاذ هذا القرار المفاجئ، وفي الحقيقة - ووفقا لجيمس بيل - ما أكثر هذه الأسباب، حيث احتل الفريق المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري الموسم الماضي، وكان عشاق النادي يمنون النفس بانطلاقة قوية خلال الموسم الحالي، ولكن البداية كانت مخيبة للآمال، حيث خسر الفريق مباراتين وتعادل في مثليهما في أول أربع مباريات في بداية الموسم الجديد وقيل قرار تقليص الميزانية. وأصدر النادي بيانا رسميا قال فيه: «بعد تحليل النتائج التي حققها الفريق في الآونة الأخيرة، تم اتخاذ قرار بالعمل على استراتيجية جديدة وطويلة الأمد داخل النادي».

وانتشرت الإشاعات بقوة داخل أروقة النادي منذ تولي المدير الفني الهولندي ميولينستين لمقاليد الأمور قبل نحو أسبوعين، حيث تشير بعض التقارير إلى وجود خلافات حادة بينه وبين قائد المنتخب الروسي إيجور دينيسوف المنضم حديثا للفريق والنجم الكاميروني صامويل إيتو الذي يتقاضى 130.000 جنيه إسترليني في الأسبوع. ويعد الأداء المخيب للآمال للفريق داخل المستطيل الأخضر مجرد سبب من الأسباب التي أدت إلى هذا القرار المفاجئ، فهناك سبب آخر وهو الحياة الشخصية لمالك النادي والتي بدأت تحتل صدارة عناوين الصحف الروسية في الأيام الأخيرة. وعلى الرغم من نفي الإشاعات بأن الملياردير الروسي البالغ من العمر 47 عاما يعاني من مشكلات صحية، فإن الشيء المؤكد هو أن شركته «أرالكالي» تعاني من صعوبات كثيرة في الفترة الأخيرة. وخلال الأيام الماضية، ألغت الشركة اتفاقا مع إحدى الشركات البيلاروسية، وهو الاتفاق الذي كان يحدد الأسعار بشكل كبير ويضمن دخلا ثابتا للشركة ولكريموف.

وعقب الإعلان عن إلغاء الاتفاق، هبطت قيمة الشركة السوقية بنحو 5.5 مليار جنيه إسترليني، وهو ما أدى إلى خسارة كريموف لـ325 مليون جنيه إسترليني، على الرغم من تعافي سعر السهم منذ ذلك الحين. وينفي وكلاء كريموف وجود أي علاقة بين خسائر الشركة وبين ما يحدث في نادي أنجي، ولكن تزامن المشكلات في الجهتين يبدو مدمرا بالنسبة للملياردير الروسي. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف سيكون وضع النادي فيما تبقى من الموسم الحالي وما بعد ذلك؟ وفي الوقت الذي يكتب فيه كثيرون عن انتهاء «مشروع أنجي»، يؤكد رئيس النادي كونستانتين ريمتشكوف على أن كريموف «ما زال يسيطر على النادي» وسيظل هو الداعم المالي الرئيس له.

وعلى الجانب الآخر، استقبل عدد من المحللين وجمهور النادي خبر اعتماد الفريق على استراتيجية جديدة تعتمد على الناشئين بفرح شديد. وقال العضو السابق بمجلس إدارة الاتحاد الروسي لكرة القدم أليشر أمينوف: «أنفق كريموف 290 مليون جنيه إسترليني على الفريق ولم ينجح في تحقيق أي شيء سوى إثارة قدر أكبر من التكهنات». واستقبل عشاق النادي الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة بسعادة عارمة، وقال الموقع الرسمي لجمهور النادي: «ينتظر كثيرون منا هذه اللحظة منذ وقت طويل. ما الفرق الذي سيشهده الفريق من خلال التعاقد مع لاعبين جدد؟ الشيء الأهم هو أنهم يرتدون قميص الفريق ونحن نشجعهم».

والشيء المؤكد الآن هو أن النادي سيعتمد على ناشئيه خلال الفترة المقبلة، وقد يعود الفريق إلى داغستان، حيث يعيش اللاعبون ويتدربون حاليا في موسكو، ويقطعون 800 ميلا لماخاتشكالا لخوض المباريات التي تقام على ملعب الفريق. وحتى عندما يتم تقليص ميزانية النادي إلى ما يتراوح بين 32 و45 مليون جنيه إسترليني، سيصبح الفريق قادرا على المنافسة على أحد المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، ولكن أيام التعاقد بأسعار خرافية مع لاعبين مثل صامويل إيتو وإهداء سيارة من طراز «بوغاتي فيرون» لنجم الفريق السابق روبرتو كارلوس والدخول في سباق محموم للتعاقد مع كريستوفر سامبا مقابل 24 مليون جنيه إسترليني ستذهب بلا عودة.