هل ما زالت كرة القدم لعبة شعبية تجذب الطبقات العاملة؟

بعد أن أصبح المال مسيطرا على كل عناصر اللعبة

TT

في الوقت الذي يحصل فيه لاعب كرة القدم الآن على راتب أسبوعي يصل لنحو 200.000 جنيه إسترليني، كما تعدت صفقات انتقال اللاعبين حاجز الـ50 مليون جنيه إسترليني، ووصلت قيمة تذكرة المباراة الواحدة لأكثر من 126 جنيها إسترلينيا، يطرح سؤال الآن.. هو: هل ما زالت كرة القدم لعبة شعبية تهم في المقام الأول الطبقات العاملة؟

المدير الفني لمنتخب ويلز كريس كولمان يقول إن الفجوة اتسعت بين لاعبي كرة القدم ومشجعي وعشاق اللعبة بسبب الفرق الشاسع في المقابل المادي الذي تحصل عليه كل فئة. آراء أطراف وشخصيات أخرى في عالم كرة القدم تم استعراضها لمعرفة السبل التي تجعل الطبقات العاملة قادرة على متابعة اللعبة الشعبية الأولى في العالم.

الجمهور تيم هارتلي يشجع نادي كارديف سيتي منذ 38 عاما، ولكنه لم يعد قادرا على متابعة جميع مباريات فريقه من الملعب بسبب أسعار التذاكر الباهظة، ويشعر بأن الأمر قد بات صعبا على عشاق ومحبي اللعبة لمتابعة أنديتهم المفضلة. ويقول هارتلي: «أعتقد أن الأسعار لم تعد في متناول الطبقات العاملة، وأن الأمر سيصبح مثيرا للشفقة لو استمر الوضع على ذلك. لن تكون كرة القدم ممتعة دون حضور كبير من جمهور متحمس لفريقه. ولو تحولت كرة القدم إلى ما يشبه السينما أو الأوبرا دون جمهور متحمس، فلن تكون اللعبة التي عشقناها».

وعلى الرغم من تأهل كارديف سيتي للدوري الإنجليزي الممتاز، فإن هارتلي سيكون قادرا على حضور مباريات فريقه للموسم المقبل بأسعار القسم الثاني نفسها نظرا لأنه سبق أن قام بشراء تذكرة موسمية. ويقول هارتلي: «إنه لشيء جيد أن تحضر مباريات فريقك طوال الموسم بتذكرة موسمية تصل قيمتها إلى 349 جنيها إسترلينيا، أي ما يعادل 18 جنيها إسترلينيا للمباراة الواحدة، ولكن المشكلة تكمن في المباريات الخارجية التي تصل قيمة التذكرة بها إلى أكثر من 50 جنيها إسترلينيا. ونظرا لذلك، فإننا لا نتمكن من الذهاب لجميع المباريات الخارجية أنا وعائلتي، ونختار بعض المباريات فقط».

ويطالب هارتلي، وهو رئيس مجلس أمناء مشجعي نادي كارديف سيتي، بتخفيض تذاكر المباريات الخارجية، قائلا: «أعتقد أن تخفيض قيمة تذكرة المباراة الخارجية لنحو 20 جنيها إسترلينيا سوف يزيد أعداد المشجعين. أنصح بأن تخفيض قيمة التذاكر الخارجية سوف يجعل الناس تكتظ في السيارات هم وأصدقاؤهم ومعهم المأكولات والمشروبات لمشاهدة مباريات فرقهم المفضلة».

مؤسس الموقع الجماهيري ويرى مات كوك، وهو مؤسس موقع «فيرست ريت فوتبول» المتخصص في إرشاد الجمهور إلى مكان ملاعب كرة القدم، أن الطبقات العاملة ما زالت قادرة على متابعة كرة القدم، ولكنه يشير في الوقت نفسه إلى ضرورة تركيز الأندية على مراعاة ظروف فئات المجتمع كافة. وقال كوك إن التحدي الأكبر يتمثل في تكلفة المواصلات والتنقل، مضيفا: «بصفتي مشجعا لنادي برايتون هوف آلبيون ولكن أعيش في لندن، فإنه يتعين علي السفر بالقطار لمشاهدة المباريات كافة المقامة على ملعب الفريق».

يذكر أن الموسم الحالي سيشهد تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف التي أقرها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والتي تهدف إلى الحد من المشكلات المالية التي تواجهها الأندية. ويرى كوك أن هذه القواعد ستصب في مصلحة الجمهور، مضيفا: «بصفتي عاشقا لكرة القدم، أرى أن السواد الأعظم من أموال الأندية تذهب للاعبين، وأتمنى أن تلعب القواعد الجديدة دورا في تخفيف العبء عن كاهل الجمهور. إنها لفكرة جيدة أن يتم منع الأندية من الإنفاق بسخاء والتأثير على علاقتها بالجمهور على المدى الطويل».

خبير مالي ويقول الدكتور جون بيتش من جامعة كوفنتري إن «كرة القدم الآن باتت تروق لطبقات أوسع من المجتمع ولا تقتصر على الطبقات العاملة فقط، وحتى رؤساء الوزراء وأفراد العائلة المالكة باتوا يذهبون للملاعب لمشاهدة المباريات، مع العلم بأن الأمير ويليام أحد مشجعي نادي آستون فيلا». ويخشى بيتش من انقلاب الجمهور على أنديته في المستقبل بعدما بات الهم الأكبر لتلك الأندية هو تحقيق المكاسب المالية، مضيفا: «الأندية تعاني من ضغوط هائلة لتحقيق مكاسب مالية تمكنها من المنافسة على أعلى المستويات. الأندية تفعل كل شيء ممكن من أجل الحصول على المال، ولا أدري إلى أي مدى ستذهب في هذا الإطار».

من أجل اللعبة أصبحت الجوانب المالية مسيطرة على كرة القدم أكثر من أي وقت مضى. وبعدما كان الجمهور لا يفكر كثيرا في تكلفة حضور المباريات ويركز في الأساس على المتعة، بات الآن يختار بعض المباريات فقط لحضورها بسبب ارتفاع قيمة التذاكر.